للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَسْتَحِقُّهُ بِالدُّخُولِ وَلَا بِالْمَوْتِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا تَوَارَثَا وَلَا صَدَاقَ إلَّا بِفَرْضٍ، وَأَثْبَتَهُ بَعْضُهُمْ بِالْمَوْتِ (فَإِنْ فَرَضَ) الزَّوْجُ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الْمَنْكُوحَةِ عَلَى التَّفْوِيضِ (صَدَاقَ الْمِثْلِ لَزِمَهَا) مَا فَرَضَ لَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ (وَإِنْ كَانَ) مَا فَرَضَ لَهَا (أَقَلَّ) مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا مِثْلَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا خَمْسِينَ دِينَارًا، وَصَدَاقُ مِثْلِهَا مِائَةٌ (فَهِيَ مُخَيَّرَةٌ) فِي الرِّضَا بِهِ وَرَدِّهِ (فَإِنْ) رَضِيَتْ بِهِ وَكَانَتْ ثَيِّبًا رَشِيدَةً لَزِمَهَا ذَلِكَ، مَا لَمْ يَنْقُصْ عَنْ رُبُعِ دِينَارٍ، وَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ بِأَنْ (كَرِهَتْهُ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ الدُّخُولِ.

وَأَمَّا ذَاتُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ فَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُمَا الرِّضَا بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ مَشْهُورُهَا الصِّحَّةُ مِنْ الْأَبِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ، وَمِنْ الْوَصِيِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَقَطْ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تُخَيَّرُ فِيهَا صُورَتَيْنِ فَقَالَ: (إلَّا أَنْ يُرْضِيَهَا) بِزِيَادَةِ شَيْءٍ عَلَى مَا سَمَّاهُ مَا لَمْ يَبْلُغْ صَدَاقَ الْمِثْلِ (أَوْ يَفْرِضَ لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا) بَعْدَ أَنْ فَرَضَ لَهَا دُونَهُ (فَيَلْزَمُهَا) مَا أَرْضَاهَا بِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَصَدَاقٌ لِلْمِثْلِ الَّذِي فَرَضَهُ ثَانِيًا فِي الثَّانِيَةِ.

(وَإِذَا ارْتَدَّ) أَيْ قَطَعَ (أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ) الْإِسْلَامَ وَدَخَلَ فِي دِينٍ غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَةَ مِنْ ذَلِكَ (انْفَسَخَ النِّكَاحُ) بَيْنَهُمَا سَاعَةَ ارْتِدَادِهِ (بِطَلَاقٍ) بَائِنٍ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إذْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا (وَقَدْ قِيلَ)

ــ

[حاشية العدوي]

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ، أَنَّ الصَّحِيحَ مُنْعَقِدٌ فَيَجِبُ الْعِوَضُ فِيهِ يَوْمَ الْعَقْدِ. وَالْفَاسِدُ مُنْحَلٌّ فَالْعِوَضُ فِيهِ بِالْقَبْضِ الَّذِي هُوَ الْوَطْءُ [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ] أَيْ الْعَقْدُ [قَوْلُهُ: مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ] أَيْ الْعَقْدِ فَفِي الْعِبَارَةِ إظْهَارٌ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ، وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِالنِّكَاحِ [قَوْلُهُ: وَأَثْبَتَهُ بَعْضُهُمْ بِالْمَوْتِ] ضَعِيفٌ [قَوْلُهُ: لَزِمَهَا مَا فَرَضَ لَهَا] أَيْ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَاهِبِ لِلثَّوَابِ، وَهُوَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الثَّوَابِ إنْ كَانَ قَدَّرَ الْقِيمَةَ، وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ أَنْ يَفْرِضَ الْمِثْلَ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ الْفَرْضُ أَصْلًا.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ] مُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا إلَّا أَنْ تَرْضَى ذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِي [قَوْلُهُ: وَكَانَتْ ثَيِّبًا رَشِيدَةً] ، وَأَمَّا غَيْرُ الرَّشِيدَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهَا الرِّضَا بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ [قَوْلُهُ: بِأَنْ كَرِهَتْهُ] أَيْ كَرِهَتْ الرَّشِيدَةُ الْأَقَلَّ أَوْ كَانَتْ الْمَنْكُوحَةُ تَفْوِيضًا غَيْرَ رَشِيدَةٍ، وَامْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ فَرْضِ الْمِثْلِ، وَقَوْلُهُ فَرَّقَ أَيْ إنْ شَاءَتْ الرَّشِيدَةُ أَوْ وَلِيُّ أَمْرِهَا. وَالْمُرَادُ بِالرَّشِيدَةِ أَيْ جِهَةُ أَبِيهَا أَوْ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ، بِأَنْ صَارَتْ مُحْسِنَةَ التَّصَرُّفِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِتَرْشِيدِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَمْ لَا [قَوْلُهُ: فَاخْتُلِفَ] حَاصِلُ الْأَقْوَالِ.

الْأَوَّلُ صِحَّةُ الرِّضَا مِنْهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَعَدَمُهَا مِنْهُمَا، وَصِحَّتُهُ فِي الْأَبِ بِدُونِهِ مُطْلَقًا أَيْ فِي مَحْجُورَتِهِ مُجْبَرَةً أَوْ لَا وَظَاهِرُ التَّوْضِيحِ أَنَّ مَحْجُورَتَهُ لِسَفَهٍ غَيْرُ مُجْبَرَةٍ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهَا مَعَهُ، وَمِنْ الْوَصِيِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَقَطْ أَيْ فِي السَّفِيهِ الْمُتَوَلِّي عَلَيْهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ أَيْ إذَا كَانَ ذَلِكَ نَظَرًا كَرَجَاءِ حُسْنِ عِشْرَةِ الزَّوْجِ لَهَا وَدَوَامِهَا لَا بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَلَوْ مُجْبَرَةً، وَأَمَّا الَّتِي لَا أَبَ لَهَا، وَلَا وَصِيَّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ يُعْتَبَرُ وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَشَهَرَ فِي الْمُخْتَصَرِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُرْضِيَهَا] أَيْ الرَّشِيدَةَ أَوْ وَلِيَّ غَيْرِهَا [قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهَا] ، وَلَا خِيَارَ لَهَا وَمِثْلُهَا وَلِيُّ غَيْرِ الرَّشِيدَةِ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ، فَإِنْ فَرَضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ لَزِمَهَا بِحَمْلِ مَا سَبَقَ عَلَى فَرْضِهِ لَهَا ابْتِدَاءً، وَهَذَا فِي حُكْمِ الْفَرْضِ بَعْدَ الِامْتِنَاعِ مِنْ الدُّونِ.

[اخْتِلَاف دِين الزَّوْجَيْنِ]

[قَوْلُهُ: قَطَعَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ] الْإِسْلَامَ أَيْ بِكَلِمَةٍ مُكَفِّرَةٍ أَوْ بِإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ فِي قَذِرٍ [قَوْلُهُ: الْإِسْلَامَ] مَفْعُولُ قَطَعَ لَا أَنَّهُ مَفْعُولُ ارْتَدَّ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ، وَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِ الْفِعْلِ لَازِمًا، وَيُفَسَّرُ بِمَعْنَى فَعَلَ مُتَعَدٍّ هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِتَفْسِيرِهِ، وَلَوْ فَسَّرَهُ بِمَا هُوَ مُوَافِقٌ لِلُّغَةِ، مِنْ أَنَّ مَعْنَى ارْتَدَّ الشَّخْصُ أَيْ رَجَعَ عَنْ الْإِسْلَامِ إلَى الْكُفْرِ لَمَا احْتَجْنَا لِمَا ذُكِرَ فَتَدَبَّرْ. [قَوْلُهُ: وَالْعَافِيَةَ] بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ [قَوْلُهُ: انْفَسَخَ النِّكَاحُ] ، وَلَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ الْمُسْلِمُ لِدِينِ زَوْجَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ الْيَهُودِيَّةِ وَمَحِلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْصِدْ الْمُرْتَدُّ مِنْهَا، بِرِدَّتِهِ فَسْخَ النِّكَاحِ، وَإِلَّا فَلَا فَسْخَ، وَعَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ فَالزَّوْجِيَّةُ بَاقِيَةٌ، وَلَا تَحْتَاجُ لِعَقْدٍ، وَلَا رَجْعِيَّةٍ لِبَقَاءِ الْعِصْمَةِ، وَإِنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَلَا يَرِثُ الْآخَرُ وَتُعْتَبَرُ رِدَّةُ غَيْرِ الْبَالِغِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَيُحَالُ بَيْنَهُمَا وَاتُّفِقَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهِ وَاسْتِتَابَتِهِ، وَيَنْبَنِي عَلَى أَنَّ رِدَّتَهُ مُعْتَبَرَةٌ أَنَّهُ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَالرِّدَّةُ بَعْدَ الدُّخُولِ الْأَمْرُ فِيهَا ظَاهِرٌ، وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ مِنْ الزَّوْجِ غَرِمَ لَهَا النِّصْفَ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الزَّوْجَةِ فَلَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>