للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بَابٌ فِي الْإِيلَاءِ]

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْإِيلَاءِ، وَهُوَ لُغَةً الْيَمِينُ وَاصْطِلَاحًا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَكُلُّ حَالِفٍ) مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُكَلَّفِينَ الْأَحْرَارِ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْوِقَاعُ (عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ) ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَتَرْكِ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ مِنْ زَوْجَتِهِ الْكَبِيرَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُسْلِمَةً حُرَّةً، أَوْ كِتَابِيَّةً، أَوْ أَمَةً غَيْرَ مُرْضِعٍ قَاصِدًا بِذَلِكَ الضَّرَرَ (أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُولٍ) مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ، كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَنَحْوُهَا، وَمِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ، وَالْحُكْمِ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ مُحْتَمِلَةً لِأَقَلَّ مِنْ الْأَجَلِ كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ، أَوْ كَانَتْ عَلَى حِنْثٍ، كَقَوْلِهِ: إنْ لَمْ أَدْخُلْ دَارَ زَيْدٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا.

وَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا يَوْمًا، وَهُوَ كَذَلِكَ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَدُونَ لَا يَكُونُ مُولِيًا، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَيَّدْنَا كَلَامَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

[بَابٌ فِي الْإِيلَاءِ]

بَابُ الْإِيلَاءِ

[قَوْلُهُ: وَهُوَ لُغَةً الْيَمِينُ] زَادَ فِي التَّحْقِيقِ وَقِيلَ مُطْلَقُ الِامْتِنَاعِ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ بِيَمِينٍ [قَوْلُهُ: يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْوِقَاعُ] أَيْ، وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا أَوْ أَخْرَسَ إذَا فُهِمَ مِنْهُ بِإِشَارَةٍ وَنَحْوِهَا كَكِتَابَةٍ، وَالْأَعْجَمِيِّ بِلِسَانِهِ [قَوْلُهُ: كَتَرْكِ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ] هَلْ الْحَلِفُ الْمَذْكُورُ كِنَايَةً عَنْ تَرْكِ الْجِمَاعِ فَيَحْنَثُ بِالْوَطْءِ وَأَجَلُهُ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ، أَوْ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَكُونُ مُرَادُهُ نَفْيَ الْغُسْلِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا اسْتَلْزَمَ شَرْعًا نَفْيَ الْجِمَاعِ لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ فَيَحْنَثُ بِالْغُسْلِ، وَأَجَلُهُ مِنْ الرَّفْعِ تَأْوِيلَانِ وَمَحِلُّهُمَا إنْ لَمْ يَنْوِ الْحَالِفُ شَيْئًا بِعَيْنِهِ وَإِلَّا عَمِلَ عَلَى ذَلِكَ.

وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ فَاسِقًا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ اهـ. اُنْظُرْ شُرَّاحَ الْمُخْتَصَرِ [قَوْلُهُ: مِنْ زَوْجَتِهِ الْكَبِيرَةِ] الْمُرَادُ بِهَا مَنْ تُطِيقُ الْوَطْءَ [قَوْلُهُ: فَهُوَ مُولٍ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ] حَاصِلُهُ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْأَجَلِ الَّذِي لَهَا الْقِيَامُ بَعْدَ مُضِيِّهِ الَّذِي هُوَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ، إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ وَمِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ، وَالْحُكْمِ إنْ احْتَمَلَتْ الْمُدَّةُ الزِّيَادَةَ عَلَى الْمُقَرَّرِ وَعَدَمِهَا.

وَأَمَّا الْأَجَلُ الْمَحْلُوفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِيهِ فَإِنَّهُ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ وَجُمْلَةُ " فَهُوَ مُولٍ " خَبَرُ " كُلُّ " الْوَاقِعِ مُبْتَدَأً وَقَرَنَهُ بِالْفَاءِ لِمَا فِي الْمُبْتَدَأِ مِنْ الْعُمُومِ، فَهُوَ شَبِيهٌ بِالشَّرْطِ وَقَوْلُهُ " مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ " خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ، وَالْأَجَلُ مَحْدُودٌ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ [قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك إلَخْ] أَيْ أَوْ يَقُولُ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك وَأُطَلِّقُ أَوْ حَتَّى أَمُوتَ أَوْ تَمُوتِي؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ تَنَاوَلَتْ بَقِيَّةَ عُمُرِهِ أَوْ عُمُرِهَا وَكَأَنَّهُ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك وَأُطَلِّقُ، وَفَائِدَةُ كَوْنِ الْأَجَلِ فِي الصَّرِيحِ مِنْ الْيَمِينِ أَنَّهَا إذَا رَفَعَتْهُ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ أَوْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ لَا يَسْتَأْنِفُ الْأَجَلَ، وَإِنْ رَفَعَتْهُ قَبْلَ مُضِيِّ ذَلِكَ حَسَبَ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَجَلِ ثُمَّ طَلَّقَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعُدْ بِالْوَطْءِ عَلَى مَا يَأْتِي إيضَاحُهُ.

[قَوْلُهُ: حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ] الْمَذْهَبُ أَنَّ الْأَجَلَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ كَالصَّرِيحَةِ إلَّا أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا عَلِمَ تَأَخُّرَ قُدُومِهِ عَنْ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ، فَإِنْ شَكَّ فِي تَأَخُّرِ قُدُومِهِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَانْظُرْ إذَا حَلَفَ لَا يَطَأُ إلَى أَنْ يَقْدَمَ زَيْدٌ وَقَدْ عَلِمَ تَأَخُّرَ قُدُومِهِ عَنْ أَجَلِ الْإِيلَاءِ ثُمَّ قَدِمَ قَبْلَهُ، فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْإِيلَاءُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمُخْتَصَرِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ عَلَى حِنْثٍ] أَيْ وَاحْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ عَطْفِهِ بِأَوْ عَلَى مَا قَبْلَهُ [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>