للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورُهُمَا وُجُوبُ الْإِحْدَادِ.

ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ مِنْ الْوَفَاةِ زِيَادَةُ إيضَاحٍ فَقَالَ: (وَلَيْسَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ) طَلَاقًا بَائِنًا، أَوْ رَجْعِيًّا (إحْدَادٌ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ احْتِيَاطًا لِلْأَنْسَابِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَاتَ وَلَا مُحَامِيَ لَهُ عَنْ نَسَبِهِ فَجُعِلَ الْإِحْدَادُ زَاجِرًا وَقَائِمًا مَقَامَ الْمُحَامِي عَنْ الْمَيِّتِ، بِخِلَافِ الْمُطَلِّقِ الْحَيِّ فَإِنَّهُ هُوَ الْمُحَامِي عَنْ نَسَبِهِ، وَالْمُحْتَاطُ لَهُ

(وَتُجْبَرُ الْحُرَّةُ الْكِتَابِيَّةُ عَلَى الْعِدَّةِ مِنْ الْمُسْلِمِ فِي الْوَفَاةِ) دَخَلَ بِهَا، أَوْ لَمْ يَدْخُلْ (وَ) فِي (الطَّلَاقِ) إذَا دَخَلَ بِهَا لِحَقِّ الزَّوْجِ وَلَا تُجْبَرُ إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا إذْ لَا عِدَّةَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ الْمُتَرْجَمِ لَهُ فَقَالَ: (وَعِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ وَفَاةِ سَيِّدِهَا) ، وَهِيَ الَّتِي وَلَدَتْ مِنْهُ (حَيْضَةٌ) فِي كَلَامِهِ إشْكَالٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَى الْحَيْضَةِ عِدَّةً، وَالْعِدَّةُ عِنْدَنَا إنَّمَا هِيَ الْأَقْرَاءُ، فَنَقُولُ: إنَّمَا أَرَادَ الِاسْتِبْرَاءَ، وَإِنَّمَا أَطْلَقَ عَلَيْهَا اسْمَ الْعِدَّةِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ الَّذِي فِيهَا.

، وَالِاسْتِبْرَاءُ شَرْعًا الْكَشْفُ عَنْ حَالِ الرَّحِمِ لِيُعْلَمَ هَلْ هِيَ بَرِيَّةٌ مِنْ الْحَمْلِ، أَوْ مَشْغُولَةٌ بِهِ مُرَاعَاةً لِحِفْظِ الْأَنْسَابِ، وَهُوَ وَاجِبٌ كَوُجُوبِ الْعِدَّةِ فِي الزَّوْجَاتِ، لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً» . (وَكَذَلِكَ) عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ حَيْضَةٌ (إذَا أَعْتَقَهَا) سَيِّدُهَا هَذَا حُكْمُ اسْتِبْرَاءِ أُمِّ الْوَلَدِ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ (وَ) أَمَّا (إنْ) كَانَتْ قَدْ (قَعَدَتْ عَنْ الْحَيْضِ) أَيْ يَئِسَتْ

ــ

[حاشية العدوي]

مُحَمَّدٍ وَلَا تَلْبَسُ حُلِيًّا، وَإِنْ كَانَ حَدِيدًا

[قَوْلُهُ: وَلَا مُحَامِيَ] أَيْ مُدَافِعَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ

[قَوْلُهُ: عَلَى الْعِدَّةِ مِنْ الْمُسْلِمِ فِي الْوَفَاةِ] مَفْهُومُ الْمُسْلِمِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ زَوْجُهَا كَافِرًا لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ مُسْلِمٌ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَلَوْ فِي الْوَفَاةِ، إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ أَوْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً هَذَا إذَا كَانَ دَخَلَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا [قَوْلُهُ: فِي الْوَفَاةِ، وَالطَّلَاقِ] فَفِي الْوَفَاةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً غَيْرَ مُطِيقَةٍ، وَالزَّوْجُ كَذَلِكَ، وَفِي الطَّلَاقِ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ

[أَحْكَام الِاسْتِبْرَاءِ]

[قَوْلُهُ: وَهِيَ الَّتِي وَلَدَتْ مِنْهُ] غَيْرُ مَانِعٍ لِصِدْقِهِ بِمَا لَيْسَ حُرٌّ حَمْلُهَا مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا، فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ هِيَ الْحُرُّ حَمْلُهَا مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا عَلَيْهِ جَبْرًا [قَوْلُهُ: حَيْضَةٌ] ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الْوَفَاةِ أَيْ وَالْعِتْقِ أَوْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْأَمَةُ الَّتِي لَيْسَتْ أُمَّ وَلَدٍ فَعِدَّتُهَا مِنْ وَفَاةِ سَيِّدِهَا كَذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ عَتَقَهُ فَإِنْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَهُ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهَا حَيْضَةٌ [قَوْلُهُ: لِقُوَّةِ الْخِلَافِ الَّذِي فِيهَا] ظَاهِرُهُ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ الَّذِي فِي تِلْكَ الْحَيْضَةِ بِمَعْنَى أَنَّ بَعْضَهُمْ يُطْلِقُ عَلَيْهَا عِدَّةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ بِقُوَّةِ الْخِلَافِ الَّذِي فِي أُمِّ الْوَلَدِ فَقَدْ قِيلَ عَلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَقِيلَ ثَلَاثُ حِيَضٍ، وَالرَّاجِحُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ [قَوْلُهُ:، وَالِاسْتِبْرَاءُ شَرْعًا] أَيْ وَأَمَّا لُغَةً فَهُوَ الِاسْتِقْصَاءُ، وَالْبَحْثُ، وَالْكَشْفُ عَنْ الْأَمْرِ الْغَامِضِ [قَوْلُهُ: لِيُعْلَمَ هَلْ هِيَ إلَخْ] أَيْ لِيُعْلَمَ جَوَابُ هَلْ هِيَ بَرِيَّةٌ، وَهَذَا بِاعْتِبَارِ الْأَغْلَبِ فَلَا تُرَدُّ الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا.

تَنْبِيهٌ:

لَوْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً بِالْغَيْرِ عِنْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا تِلْكَ الْحَيْضَةُ. [قَوْلُهُ: لَا تُوطَأُ إلَخْ] قَالَ تت وَأَصْلُهُ سَبَايَا أَوْطَاسَ حَيْثُ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلَا لَا تُوطَأْ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ.» وَأَوْطَاسُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا طَاءٌ وَسِينٌ مُهْمَلَتَانِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ، وَادٍ فِي دِيَارِ هَوَازِنَ وَسَكَتَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ [قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إذَا أَعْتَقَهَا إلَخْ] حَالَ حَيَاتِهِ وَأَرَادَ الْغَيْرُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا وَلَا مَفْهُومَ لِأُمِّ الْوَلَدِ بَلْ كُلُّ أَمَةٍ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا لَا تَتَزَوَّجُ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَمَةَ تَأْتَنِفُ حَيْضَةً بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا، وَلَوْ اُسْتُبْرِئَتْ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أُمَّ وَلَدٍ أَوْ غَيْرَهَا، وَأَمَّا لَوْ أُعْتِقَتْ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَسْتَأْنِفُ إنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَا إنْ كَانَتْ غَيْرَهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ أُمِّ الْوَلَدِ وَغَيْرِهَا شَبَّهَ أُمَّ الْوَلَدِ بِالْحُرَّةِ [قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ كَانَتْ قَدْ قَعَدَتْ] أَيْ أُمُّ الْوَلَدِ أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>