للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى حُكْمِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ إذَا وَقَعَتْ فَقَالَ: (وَكُلُّ بَيْعٍ فَاسِدٍ) كَالْبَيْعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ (فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ) عَبْدُ الْوَهَّابِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي (فَإِنْ قَبَضَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا (الْمُبْتَاعُ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ) عَلَى الْمَشْهُورِ عَبْدُ الْوَهَّابِ: لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ عَلَى جِهَةِ أَمَانَتِهِ، وَإِنَّمَا قَبَضَهُ عَلَى جِهَةِ التَّمْلِيكِ ك: قُلْت جَعْلُهُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فِيمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ نَاقِلٍ، وَفِي هَذِهِ جَعَلَهُ نَاقِلًا، وَهَذَا اضْطِرَابٌ فِي التَّعْلِيلِ فَتَأَمَّلْ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّهُ إذَا مَكَّنَهُ الْبَائِعُ مِنْ قَبْضِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَحَيْثُ قُلْنَا يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي

ــ

[حاشية العدوي]

ثَانِيهِ مَعَ الْمُثَلَّثَةِ فَقَطْ أَيْ يَنْبُتُ بَدَلَ رَوَاضِعِهِ بَعْدَ سُقُوطِهَا اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ الثَّانِيَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ الرَّاجِحُ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَجُوزُ التَّفْرِقَةُ إلَّا بَعْدَ نَبَاتِ مَا سَقَطَ مِنْ الرَّوَاضِعِ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ نَبَاتُهَا فِي زَمَنٍ مُعْتَادٍ فَإِنْ نَبَتَتْ فِي غَيْرِ زَمَنِ اعْتِيَادِ نَبَاتِهَا أَيْ سَقَطَتْ الرَّوَاضِعُ مِنْ قَبْلِ زَمَنِ سُقُوطِهَا عَادَةً وَنَبَتَ بِهَا حِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ التَّفْرِقَةُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: فَإِذَا أَثْغَرَ أَيْ: مُعْتَادًا. وَقَوْلُهُ: لِاسْتِغْنَائِهِ إلَخْ هَكَذَا فِي نُسْخَةٍ، وَفِي الْأُخْرَى جَازَتْ التَّفْرِقَةُ حَيْثُ اسْتَغْنَى عَنْ أُمِّهِ فِي أَكْلِهِ إلَخْ.

وَهِيَ تُفِيدُ قَيْدًا غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ: وَهُوَ أَنَّ مُجَرَّدَ إنْبَاتِهَا غَيْرُ كَافٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بُلُوغِهَا مَبْلَغًا يَأْكُلُ بِهِ تَأَمَّلْ. قَالَهُ عج: وَأَفَادَ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا أَثْغَرَ أَيْ سَقَطَتْ رَوَاضِعُهُ وَنَبَتَتْ كُلُّهَا لَا بَعْضُهَا، وَلَوْ الْمُعْظَمُ، وَلَوْ لَمْ يَتَكَامَلْ نَبَاتُهَا جَازَتْ التَّفْرِقَةُ، وَالْمُرَادُ الْإِثْغَارُ الْمُعْتَادُ وَيُكْتَفَى بِبُلُوغِهِ زَمَنَهُ الْمُعْتَادَ وَهُوَ بَعْدَ السَّبْعِ، وَلَوْ لَمْ يُثْغِرْ بِالْفِعْلِ إلَخْ.

تَنْبِيهٌ:

لَوْ حَصَلَتْ التَّفْرِقَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ فَيُفْسَخُ إنْ لَمْ يَجْمَعَاهُمَا فِي مِلْكٍ إلَّا أَنْ يَمْضِيَ زَمَنُ الْحُرْمَةِ بِأَنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى حَصَلَ الْإِثْغَارُ الْمُعْتَادُ، وَإِلَّا مَضَى وَيُضْرَبُ بَائِعُ التَّفْرِقَةِ وَمُبْتَاعُهَا كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ لَمْ يَعْتَادَاهُ، وَمَحَلُّ الضَّرْبِ إنْ عَلِمَا حُرْمَتَهُ وَإِلَّا عُذِرَا بِالْجَهْلِ.

[حُكْمِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ إذَا وَقَعَتْ]

[قَوْلُهُ: وَكُلُّ بَيْعٍ فَاسِدٍ] أَيْ لِعَقْدِهِ أَوْ ثَمَنِهِ أَوْ مَثْمُونِهِ أَوْ أَجَلِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بِمَا يَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ مِنْ فَقْدِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ كَالنَّسَاءِ، وَالتَّفَاضُلِ فِي الرِّبَوِيَّاتِ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ أَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَالْبَيْعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِمَّا فَسَدَ لِعَقْدِهِ [قَوْلُهُ: فَإِنْ قَبَضَهُ] أَيْ الْمَبِيعُ أَيْ قَبْضًا مُسْتَمِرًّا بَعْدَ بَتِّ الْبَيْعِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً شِرَاءً فَاسِدًا فَقَبَضَهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى الْبَائِعِ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَهَلَكَتْ، فَإِنَّ ضَمَانَهَا مِنْ بَائِعِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَبْضَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ بَعْدَ الْبَتِّ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ بَيْعِ الْخِيَارِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِنْ الْبَائِعِ، وَلَوْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ إذَا وَقَعَ عَلَى خِيَارِ الضَّمَانِ فِيهِ مِنْ الْبَائِعِ.

تَنْبِيهٌ:

هَذَا الضَّمَانُ ضَمَانُ أَصَالَةٍ لَا ضَمَانُ رِهَانٍ، فَلَا يَنْتَفِي بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ: أَيْ الْمَبِيعَ الْمَفْهُومَ مِنْ السِّيَاقِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ أَوْ الْمَفْهُومَ مِنْ بَيْعٍ.

[قَوْلُهُ: ك قُلْت جَعَلَهُ] أَيْ عَبْدُ الْوَهَّابِ [قَوْلُهُ: اضْطِرَابٌ فِي التَّعْلِيلِ] أَيْ فَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَبَضَهُ عَلَى جِهَةِ التَّمْلِيكِ يَقْتَضِي أَنَّهُ انْتَقَلَ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ فَيُنَافِي قَوْلَهُ سَابِقًا؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ إنَّمَا قَبَضَهُ عَلَى جِهَةِ التَّمْلِيكِ أَيْ بِحَسَبِ زَعْمِهِ أَيْ فَلَمَّا قَبَضَهُ عَلَى جِهَةِ التَّمْلِيكِ بِحَسَبِ زَعْمِهِ وَتَعَدَّى وَأَخَذَهُ ضَمِنَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ لَهُ الْمِلْكُ بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ. [قَوْلُهُ: وَحَيْثُ قُلْنَا يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي] أَيْ يَضْمَنُ الْمَبِيعَ فَاسِدًا أَشْعَرَ بِأَنَّهُ مِمَّا يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ احْتِرَازًا مِنْ نَحْوِ الْمَيْتَةِ، وَالزِّبْلِ، وَالْكَلْبِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ قَبَضَهُ وَأَدَّى ثَمَنَهُ، وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ.

تَنْبِيهٌ:

إذَا رُدَّتْ السِّلْعَةُ بِسَبَبِ الْفَسَادِ يَفُوزُ الْمُشْتَرِي بِغَلَّتِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْفَسَادِ وَبِوُجُوبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>