للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُنْسَبُ كِرَاؤُهُ مِنْ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ بَعْدَ طَرْحِ قِيمَةِ الْمُؤْنَةِ، وَالْعَمَلُ مِثَالُ ذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ: كَمْ قِيمَةُ ثَمَرَةِ هَذَا النَّخْلِ عَلَى مَا اُعْتِيدَ مِنْهَا؟ فَيُقَالُ: ثَلَاثُونَ دِينَارًا فَقَالَ: بِكَمْ يُؤَاجَرُ عَلَيْهَا مَنْ يَعْمَلُ فِيهَا إلَى الْجِدَادِ؟ فَيُقَالُ: بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَتَنْقُصُهَا مِنْ الثَّلَاثِينَ تَبْقَى عِشْرُونَ ثُمَّ يُقَالُ أَيْضًا: بِكَمْ يُكْرَى هَذَا الْبَيَاضُ لِمَنْ يَعْلَمُهُ؟ فَيُقَالُ: بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَتُضِيفُهَا إلَى الْعِشْرِينَ فَتَكُونُ ثَلَاثِينَ تُنْسِيهَا مِنْهَا فَتَجِدُهَا ثُلُثًا فَتَعْلَمُ أَنَّ الْبَيَاضَ يَسِيرٌ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبَيَاضِ عِشْرِينَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَدْخُلَ فِي مُسَاقَاةِ النَّخْلِ لِأَنَّ قِيمَتَهُ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ

، وَلَمَّا كَانَتْ الْمُغَارَسَةُ مَقِيسَةً عَلَى الْمُسَاقَاةِ عَقَّبَهَا بِهَا فَقَالَ: (وَالشَّرِكَةُ فِي الزَّرْعِ جَائِزَةٌ) وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ عَنْهَا بِالْمُزَارَعَةِ وَلِجَوَازِهَا شُرُوطٌ أَحَدُهَا: الْمُتَعَاقِدَانِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا أَهْلِيَّةُ الشَّرِكَةِ وَالْإِجَارَةِ.

ثَانِيهَا: السَّلَامَةُ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَمْتَنِعُ كِرَاؤُهَا بِهِ كَالطَّعَامِ.

ثَالِثُهَا: أَنْ يَقَعَ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ.

رَابِعُهَا: أَنْ يَتَسَاوَى الْعَاقِدَانِ فِي الرِّبْحِ عَلَى نِسْبَةِ مَا يَلْزَمُهُمَا.

خَامِسُهَا: خَلْطُ الْبَذْرِ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِهِمَا.

سَادِسُهَا: أَنْ يَكُونَ مُقَابِلُ الْأَرْضِ مِنْ بَقَرٍ وَعَمَلٍ مُسَاوِيًا لِأُجْرَةِ الْأَرْضِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ كِرَاءُ الْأَرْضِ مِائَةً وَالْعَمَلُ يُسَاوِي خَمْسِينَ وَالْبَقَرُ كَذَلِكَ لِأَنَّ سُنَّةَ الشَّرِكَةِ التَّسَاوِي

، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا الْفَصْلِ ثَمَانِيَةَ

ــ

[حاشية العدوي]

الْكَثِيرِ أَوْ اشْتِرَاطِهِ لِلْعَامِلِ أَوْ إلْغَائِهِ لَهُ بَلْ يَبْقَى لِرَبِّهِ، وَالْمُعْتَبَرُ يَسَارَتُهُ وَكَثْرَتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ الثَّمَرَةِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِحِصَّةِ الْعَامِلِ فَقَطْ.

[قَوْلُهُ: وَيُنْسَبُ كِرَاؤُهُ مِنْ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ] الضَّمِيرُ فِي كِرَاؤُهُ لِلْأَرْضِ بِمَعْنَى الْبَيَاضِ.

وَقَوْلُهُ: مِنْ قِيمَةِ بِمَعْنَى إلَى، أَيْ إلَى قِيمَةِ الثَّمَرَةِ وَالْمُطَابِقُ لِمِثَالِهِ أَنْ يَقُولَ: وَيَعْرِفُ الْيَسِيرَ مِنْ الْكَثِيرِ بِأَنْ يُقَوِّمَ الثَّمَرَ عَلَى انْفِرَادِهِ ثُمَّ يُسْقِطَ مِنْهُ مَا لِلْعَامِلِ، ثُمَّ يُقَالُ كَمْ يُكْرَى هَذَا الْبَيَاضُ لِمَنْ يَعْمَلُهُ ثُمَّ يُضِيفُهُ إلَى مَا بَقِيَ مِنْ قِيمَةِ الثَّمَرِ بَعْدَ مَا أَسْقَطَ مَا لِلْعَامِلِ، ثُمَّ يَنْسُبُ قِيمَةَ الْبَيَاضِ إلَى قِيمَةِ الثَّمَرِ وَمَا أُضِيفَ إلَيْهِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: فَيُقَالُ بِعَشْرَةٍ إلَخْ] وَهِيَ قِيمَةُ الْمُؤْنَةِ وَالْعَمَلِ

[الْمُزَارَعَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]

[قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَتْ الْمُغَارَسَةُ إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَئِمَّتِنَا فَرَّقُوا بَيْنَ الْمُغَارَسَةِ وَالْمُزَارَعَةِ فَجَعَلُوا الْمُغَارَسَةَ عَلَى حِدَةٍ وَالْمُزَارَعَةَ عَلَى حِدَةٍ، وَمُفَادُ عج اعْتِمَادُهُ وَفِيهَا رِسَالَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِبَعْضِ عُلَمَاءِ الْمَغْرِبِ وَنَظَمَهَا عج وَشَرَحَهَا قَالَ: إنَّ الْمُغَارَسَةَ زَائِدَةٌ عَلَى الْمُزَارَعَةِ الَّتِي فِي خَلِيلٍ وَإِنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الْمُغَارَسَةِ فَرَاجِعْهُ [قَوْلُهُ: وَالشَّرِكَةُ فِي الزَّرْعِ جَائِزَةٌ] وَعَقْدُهَا لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْبَذْرِ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَرْضِ وَلَوْ لَمْ يَنْضَمَّ لِلْبَذْرِ حَرْثٌ، وَأَمَّا الْحَرْثُ بِدُونِ بَذْرٍ فَلِكُلِّ مَنْ أَرَادَ الْفَسْخَ لَهُ ذَلِكَ وَمَنْ لَهُ عَمَلٌ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى صَاحِبِهِ أَوْ يَقْتَسِمَانِ الْأَرْضَ إنْ كَانَ الْعَمَلُ لَهُمَا وَالْأَرْضُ لَهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ تَلْزَمْ بِالْعَقْدِ كَشَرِكَةِ الْأَمْوَالِ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِالْمَنْعِ فِيهَا مُطْلَقًا فَضَعُفَ الْأَمْرُ فِيهَا فَلَا بُدَّ فِي لُزُومِهَا مِنْ أَمْرٍ قَوِيٍّ وَهُوَ الْبَذْرُ [قَوْلُهُ: أَهْلِيَّةُ الشَّرِكَةِ وَالْإِجَارَةِ] أَيْ لِأَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْهُمَا كَمَا أَفَادَهُ فِي التَّحْقِيقِ، فَأَهْلِيَّةُ الشَّرِكَةِ بِأَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ فَلَا تَصِحُّ بَيْنَ صَبِيَّيْنِ وَلَا سَفِيهَيْنِ وَلَا بَيْنَ صَبِيٍّ وَرَشِيدٍ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ وَالْإِجَارَةُ لَعَلَّ الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ فَإِنَّ اشْتِرَاطَ شُرُوطِ الْإِجَارَةِ يَقْتَضِي صِحَّةَ مَا ذُكِرَ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: كَالطَّعَامِ] وَلَوْ لَمْ تُنْبِتْهُ كَالْعَسَلِ أَوْ بِمَا تُنْبِتُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ طَعَامًا كَقُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ إلَّا الْخَشَبَ وَنَحْوَهُ [قَوْلُهُ: أَنْ يَقَعَ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ] ظَاهِرُهُ تَعَيُّنُ هَذَا اللَّفْظِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ فِي التَّحْقِيقِ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ لَا يَتَعَدَّى بِهَا عَنْ مَحَلِّهَا، قَالَ: فَلَوْ عَقَدَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لَمْ تَنْعَقِدْ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكَذَلِكَ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِلَفْظِ شَرِكَةٍ أَوْ إجَارَةٍ فَتَدَبَّرْ اهـ.

[قَوْلُهُ: خَلَطَ الْبَذْرَ إنْ كَانَ] وَلَوْ كَانَ الْخَلْطُ حُكْمًا بِأَنْ يُخْرِجَ كُلُّ وَاحِدٍ الْبَذْرَ مِنْ عِنْدِهِ وَلَمْ يَخْلِطَاهُ حَتَّى وَصَلَ إلَى الْفَدَّانِ، وَيَبْذُرُ كُلُّ وَاحِدٍ بَذْرَهُ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ عَنْ بَذْرِ صَاحِبِهِ فَإِنْ تَمَيَّزَ بِأَنْ بَذَرَ كُلٌّ فِي نَاحِيَةٍ فَلَا يَصِحُّ وَلِكُلٍّ مَا نَبَتَ حَبُّهُ هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونَ.

وَقَوْلُهُ الْآخَرُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْخَلْطِ لَا حِسًّا وَلَا حُكْمًا، وَعَلَيْهِ فَتَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ وَلَوْ كَانَ بَذْرُ كُلِّ وَاحِدٍ فِي نَاحِيَةٍ بِحَيْثُ صَارَ مُتَمَيِّزًا [قَوْلُهُ: سَادِسُهَا إلَخْ] هَذَا ظَاهِرٌ إذَا دَخَلَا عَلَى الْمُنَاصَفَةِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ أُجْرَةُ الْبَقَرِ وَالْعَمَلِ خَمْسِينَ مَثَلًا وَأُجْرَةُ الْأَرْضِ مِائَةً وَالْبَذْرُ عَلَى حَسَبِ كُلٍّ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ فَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>