للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَأَكْثَرَ.

الثَّانِي: لَوْ كَانَ فِي الْحَائِطِ صِنْفَانِ مَثَلًا كَبَرْنِيِّ وَصَيْحَانِيٍّ وَأُصِيبَ أَحَدُهُمَا اُعْتُبِرَ الثُّلُثُ مِنْ الْجَمِيعِ لَا مِنْ الْمُصَابِ فَقَطْ.

ثُمَّ شَرَعَ يُبَيِّنُ مَا لَا جَائِحَةَ فِيهِ فَقَالَ: (وَلَا جَائِحَةَ فِي الزَّرْعِ) لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ إلَّا بَعْدَ يُبْسِهِ (وَ) كَذَا (لَا) جَائِحَةَ (فِيمَا اُشْتُرِيَ بَعْدَ أَنْ يَبِسَ مِنْ الثِّمَارِ) (وَتُوضَعُ جَائِحَةُ الْبُقُولِ) كَالْبَصَلِ وَالسِّلْقِ (وَإِنْ قُلْت) عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ غَالِبَهَا مِنْ الْعَطَشِ (وَقِيلَ لَا يُوضَعُ إلَّا) إذَا كَانَتْ (قَدْرَ الثُّلُثِ)

ثُمَّ عَقَّبَ الْجَوَائِحَ بِالْعَرَايَا وَهِيَ آخِرُ مَا ذَكَرَهُ مِمَّا شَاكَلَ الْبُيُوعَ وَهِيَ جَمْعُ عَرِيَّةٍ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مُشْتَقَّةٌ مِنْ عَرَوْتُهُ أَعْرُوهُ إذَا طَلَبْت مَعْرُوفَهُ، فَهِيَ فَعْلِيَّةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ أَيْ عَطِيَّةٌ وَهِيَ فِي الِاصْطِلَاحِ أَنْ يَمْنَحَ الرَّجُلُ الْآخَرَ ثَمَرَ نَخْلَةٍ أَوْ نَخَلَاتِ الْعَامَ وَالْعَامَيْنِ يَأْكُلُهَا هُوَ وَعِيَالُهُ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا مِنْهُ،

ــ

[حاشية العدوي]

قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا] لِأَنَّ السَّقْيَ لَمَّا كَانَ عَلَى الْبَائِعِ أَشْبَهَ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ [قَوْلُهُ: وَأُصِيبَ أَحَدُهُمَا] أَيْ أَوْ أُجِيحَ بَعْضُ مَنْ كَانَ

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ إلَّا بَعْدَ يُبْسِهِ إلَخْ] فَتَأْخِيرُهُ مَحْضُ تَفْرِيطٍ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَا يُوضَعُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ [قَوْلُهُ: وَلَا جَائِحَةَ فِيمَا اُشْتُرِيَ بَعْدَ أَنْ يَبِسَ مِنْ الثِّمَارِ] قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا اُشْتُرِيَ قَبْلَ الْيُبْسِ فِيهِ الْجَائِحَةُ وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا اُشْتُرِيَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فِيهِ الْجَائِحَةُ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَفِيهِ الْجَائِحَةُ أَيَّامَ جِذَاذِهِ أَوْ تَأَخَّرَ لِعُذْرٍ لَا لِغَيْرِهِ، وَكَذَا مَا كَانَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فِيهِ الْجَائِحَةُ وَلَوْ تَنَاهَى طَيِّبُهُ وَجُذَّ فِي أَيَّامِهِ لَا إنْ تَأَخَّرَ هَذَا إذَا اشْتَرَى عَلَى التَّبْقِيَةِ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَى الْقَطْعِ فَفِيهِ الْجَائِحَةُ أَيَّامَ جِذَاذِهِ لَا إنْ بَقِيَ حَتَّى انْتَهَى طَيِّبُهُ [قَوْلُهُ: كَالْبَصَلِ وَالسِّلْقِ] الْحَاصِلُ أَنَّ الْبُقُولَ عِبَارَةٌ عَمَّا لَا تَطُولُ مُدَّتُهُ فِي الْأَرْضِ كَالْبَصَلِ وَالْخَسِّ وَالْجَزَرِ وَالسِّلْقِ وَالْكُزْبَرَةِ [قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْت] إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُجَاحُ شَيْئًا قَلِيلًا جِدًّا، وَإِنَّمَا وُضِعَتْ وَإِنْ قَلَّتْ لِعُسْرِ مَعْرِفَةِ ثُلُثِهَا لِأَنَّهَا تُقْطَعُ شَيْئًا فَشَيْئًا.

[قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يُوضَعُ إلَخْ] ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّهَا تُوضَعُ مُطْلَقًا.

تَنْبِيهٌ: فِيهِ إشَارَةٌ إلَى جَوَازِ بَيْعِ مُغَيَّبِ الْأَصْلِ كَالْجَزَرِ وَالْبَصَلِ، وَهَلْ يَكْفِي رُؤْيَةُ ظَاهِرِهِ لِأَنَّهُ بِرُؤْيَةِ وَرَقِهِ يُسْتَدَلُّ عَلَى مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ كِبَرٍ أَوْ صِغَرٍ عَلَى مَا هُوَ مَعْرُوفٌ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ النَّاصِرُ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ قَلْعِ شَيْءٍ مِنْهُ وَيَرَاهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ.

[الْعَرَايَا]

[قَوْلُهُ: بِالْعَرَايَا] أَيْ بِبَيْعِ الْعَرَايَا [قَوْلُهُ: مِمَّا شَاكَلَ الْبُيُوعَ] قَدْ يُقَالُ: إنَّ بَيْعَهَا بَيْعُ حَقِيقَةٍ لَا مِمَّا شَاكَلَ الْبُيُوعَ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى وَإِنْ أَرَادَ ذَاتَ الْعَرِيَّةِ، فَنَقُولُ: هِيَ عَطِيَّةٌ مِنْ الْعَطَايَا [قَوْلُهُ: مِنْ عَرَوْته] أَيْ مَصْدَرِ عَرَوْته أَيْ عَرْوًا إذْ هُوَ مِنْ بَابِ قَتَلَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ [قَوْلُهُ: أَيْ عَطِيَّةٌ] تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: عَرِيَّةٌ بِاللَّازِمِ لِأَنَّ الْمُنَاسِبَ لِقَوْلِهِ إذَا طَلَبْت مَعْرُوفَهُ حَيْثُ يُرِيدُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ أَنْ يَقُولَ أَيْ طَلِيبَةً بِمَعْنَى مَطْلُوبَةٍ، وَعَرِيَّةٌ أَصْلُهَا عَرْيِوَةٌ اجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَسُبِقَتْ إحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ فَتُقْلَبُ الْوَاوُ يَاءً وَتُدْغَمُ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ، وَمُفَادُهُ أَنَّ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيَّ مُطْلَقُ عَطِيَّةٍ وَالظَّاهِرُ عَطِيَّةٌ مَخْصُوصَةٌ.

فَفِي الْمِصْبَاحِ الْعَرِيَّةُ النَّخْلَةُ يُعْرِيهَا اصَاحِبُهَا غَيْرَهُ لِيَأْكُلَ ثَمَرَتَهَا فَيَعْرُوهَا أَيْ يَأْتِيهَا فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، وَدَخَلَتْ الْهَاءُ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا ذُهِبَ بِهَا مَذْهَبَ الْأَسْمَاءِ مِثْلَ النَّطِيحَةِ وَالْأَكِيلَةِ، فَإِذَا جِيءَ بِهَا مَعَ النَّخْلَةِ حُذِفَتْ الْهَاءُ، وَقِيلَ: نَخْلَةٌ عَرِيٌّ كَمَا يُقَالُ: امْرَأَةٌ قَتِيلٌ.

[قَوْلُهُ: أَنْ يَمْنَحَ الرَّجُلُ إلَخْ] مُفَادُهُ أَنَّ الْعَرِيَّةَ اصْطِلَاحًا نَفْسُ إعْطَاءِ الثَّمَرَةِ لَا نَفْسُ الثَّمَرَةِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْمَازِرِيِّ هَلْ هِيَ هِبَةُ الثَّمَرَةِ وَهُوَ خِلَافُ الصَّوَابِ، وَالصَّوَابُ مَا عَرَّفَهَا بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّهَا مَا مُنِحَ مِنْ ثَمَرٍ تَيَبَّسَ لِإِطْلَاقِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ بِإِضَافَةِ الْبَيْعِ لَهَا أَفَادَهُ الْأَبِيُّ [قَوْلُهُ: الرَّجُلُ] أَيْ مَثَلًا وَكَذَا مَا بَعْدَهُ [قَوْلُهُ: ثَمَرَ نَخْلَةٍ] أَيْ مِنْ جِنَانِهِ، وَأَمَّا لَوْ أَعْرَى رَجُلًا ثَمَرَ نَخْلٍ آخَرَ لَكَانَتْ عَرِيَّةً بَاطِلَةً لِأَنَّ تَبَرُّعَ الْإِنْسَانِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ بَاطِلٌ وَإِنْ أَجَازَ ذَلِكَ كَمَنْ ابْتَدَأَ عَطِيَّةً مِنْهُ بِخِلَافِ بَيْعِ مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيَمْضِي بِإِجَازَتِهِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ [قَوْلُهُ: ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>