للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤٠ - بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ] (بَابٌ) (فِي) بَيَانِ (أَحْكَامِ الدِّمَاءِ) مِنْ قَوَدٍ وَدِيَةٍ وَقِصَاصٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَ) فِي بَيَانِ أَسْبَابِ (الْحُدُودِ) وَلَوَازِمِهَا وَتَقَادِيرِهَا وَمَا يَثْبُتُ بِهِ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَمَا يَرْجِعُ إلَيْهِمَا مِنْ أَدَبٍ وَتَعْزِيرٍ وَكَفَّارَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَبَدَأَ بِبَيَانِ الْمُثْبِتِ لِلْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ فَقَالَ: (وَلَا تُقْتَلُ نَفْسٌ) مُكَافِئَةٌ (بِنَفْسٍ) مُكَافِئَةٍ لَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَالْعِصْمَةِ مَا لَمْ يَكُنْ قَتَلَهُ غِيلَةً (إلَّا) إذَا ثَبَتَ الْقَتْلُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: إمَّا (بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ أَوْ بِاعْتِرَافٍ) أَيْ إقْرَارٍ (أَوْ بِالْقَسَامَةِ) أَيْ الْأَيْمَانِ.

وَيُشْتَرَطُ فِي

ــ

[حاشية العدوي]

[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ وَالْحُدُود] [المثبت لِلْقِصَاصِ فِي النَّفْس]

بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ [قَوْلُهُ: مِنْ قَوَدٍ] أَيْ مِنْ ثُبُوتِ قَوَدٍ وَهُوَ بَيَانٌ لِأَحْكَامِ الدِّمَاءِ.

[قَوْلُهُ: وَقِصَاصٍ] أَرَادَ بِهِ الْقِصَاصَ فِي الْأَطْرَافِ، وَأَرَادَ بِالْقَوَدِ الْقِصَاصَ فِي النَّفْسِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُلْصِقَهُ بِالْقَوَدِ وَيَذْكُرَ الدِّيَةَ بَعْدَهُمَا.

[قَوْلُهُ: وَنَحْوِ ذَلِكَ] كَالْغُرَّةِ.

[قَوْلُهُ: وَفِي بَيَانِ أَسْبَابِ الْحُدُودِ] كَالزِّنَا وَالْقَذْفِ وَالشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ، وَالْحُدُودُ جَمْعُ حَدٍّ وَهُوَ لُغَةً الْمَنْعُ، وَشَرْعًا مَا وُضِعَ لِمَنْعِ الْجَانِي مِنْ عَوْدِهِ لِمِثْلِ فِعْلِهِ وَزَجْرِ غَيْرِهِ.

[قَوْلُهُ: وَلَوَازِمِهَا] أَرَادَ بِهَا تَوَابِعَهَا أَيْ مِنْ التَّغْرِيبِ مَثَلًا. وَقَوْلُهُ: وَتَقَادِيرِهَا أَيْ مِقْدَارِهَا. وَقَوْلُهُ: وَمَا يَثْبُتُ بِهِ ذَلِكَ كُلُّهُ أَيْ مَا يَثْبُتُ بِهِ أَسْبَابُ الْحُدُودِ وَأَحْكَامُ الدِّمَاءِ أَيْ مُوجِبُ أَحْكَامِ الدِّمَاءِ.

[قَوْلُهُ: وَمَا يَرْجِعُ إلَيْهِمَا] أَيْ إلَى أَحْكَامِ الدِّمَاءِ وَالْحُدُودِ وَالرُّجُوعُ مَعْنَاهُ الْمُشَابَهَةُ أَيْ فِي الزَّجْرِ.

[قَوْلُهُ: وَتَعْزِيرٍ] هُوَ اسْمٌ لِنَوْعٍ مِنْ الْعَذَابِ مَوْكُولٍ قَدْرُهُ لِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ الْحُدُودِ، فَإِنَّ تَعْدَادَهَا مَحْدُودٌ مِنْ الشَّارِعِ وَعَطْفُ التَّعْزِيرِ عَلَى الْأَدَبِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ كَمَا سَيَأْتِي أَنَّ مَنْ وَطِئَ الْبَهِيمَةَ يُعَزَّرُ، وَهَلْ الْحُدُودُ زَوَاجِرُ عَنْ إتْلَافِ الْعُقُولِ وَالنُّفُوسِ وَالْأَدْيَانِ وَالْأَعْرَاضِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَنْسَابِ، فَفِي الْقِصَاصِ حِفْظُ النُّفُوسِ وَفِي الْقَطْعِ لِلسَّرِقَةِ حِفْظُ الْأَمْوَالِ وَفِي الْحَدِّ لِلزِّنَا حِفْظُ الْأَنْسَابِ، وَفِي الْحَدِّ لِلشُّرْبِ حِفْظُ الْعُقُولِ، وَفِي الْحَدِّ لِلْقَذْفِ حِفْظُ الْأَعْرَاضِ، وَفِي الْقَتْلِ لِلرِّدَّةِ حِفْظُ الدِّينِ، وَقِيلَ: إنَّ الْحُدُودَ جَوَابِرُ أَيْ كَفَّارَاتٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ عج: وَأَمَّا التَّعَازِيرُ فَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهَا هَذَا الْخِلَافَ وَلَعَلَّهُ يُتَّفَقُ عَلَى كَوْنِهَا زَوَاجِرَ.

[قَوْلُهُ: وَكَفَّارَةٌ وَاجِبَةٌ] أَيْ فِي الْخَطَأِ وَمَنْدُوبَةٌ فِي الْعَمْدِ، وَقَدْ يُقَالُ: هَلَّا جُعِلَتْ الْكَفَّارَةُ مِنْ أَحْكَامِ الدِّمَاءِ كَالدِّيَةِ بِدَلِيلِ عَطْفِهَا عَلَيْهَا فِي الْآيَةِ. وَقَوْلُهُ: وَغَيْرِ ذَلِكَ كَالْحُكُومَةِ وَمَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ الْحَجَّ فَاَللَّهُ حَسِيبُهُ فَهَذِهِ مِمَّا تَبَرَّعَ بِهِ.

[قَوْلُهُ: مُكَافِئَةٍ لَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ] فَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ. وَقَوْلُهُ: وَالْإِسْلَامِ فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ لِأَنَّ الْأَعْلَى لَا يُقْتَلُ بِالْأَدْنَى بِخِلَافِ الْعَكْسِ. وَقَوْلُهُ: وَالْعِصْمَةِ فَلَا قِصَاصَ عَلَى حَرْبِيٍّ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُسْلِمْ قُتِلَ وَإِنْ لَمْ يَقْتُل أَحَدًا إلَّا أَنَّ قَتْلَهُ لَيْسَ لِلْقِصَاصِ وَإِنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ عِصْمَتِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ عَصَمَ دَمَهُ. وَقَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ قَتْلُهُ غِيلَةً أَيْ فَيُقْتَلُ الْأَعْلَى بِالْأَدْنَى، وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ كَوْنِ الْجَانِي مُكَلَّفًا وَقَصْدُهُ الضَّرْبُ، وَعِصْمَةُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إمَّا بِالْإِيمَانِ أَوْ بِالْأَمَانِ أَوْ بِحَطِّ الْجِزْيَةِ فَلَا قِصَاصَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا عَلَى مَجْنُونٍ وَلَا عَلَى مُخْطِئٍ وَلَا عَلَى قَاتِلِ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعْصُومًا.

[قَوْلُهُ: إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ] أَقَلُّهَا رَجُلَانِ فَلَا يَثْبُتُ الْقَتْلُ الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَيَثْبُتُ بِذَلِكَ مُوجِبُ الدِّيَةِ كَمَا قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ. وَشَرْطُ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ الِاتِّفَاقُ عَلَى صِفَةِ الْقَتْلِ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِيهَا بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: ذَبَحَهُ وَالْآخَرُ أَحْرَقَهُ أَوْ جَرَحَهُ بِغَيْرِ ذَبْحٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرٌ لِقَوْلِهِمَا فَإِنْ قَامَ الْأَوْلِيَاءُ بِهِمَا بَطَلَ الدَّمُ، وَإِنْ قَامُوا بِأَحَدِهِمَا أَقْسَمُوا مَعَهُ وَاقْتَصُّوا وَسَقَطَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>