للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَتْلِ بِهَا شُرُوطٌ مِنْهَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (إذَا وَجَبَتْ) أَيْ الْقَسَامَةُ بِأَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ عَاقِلًا بَالِغًا مُكَافِئًا لِلْمَقْتُولِ فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ غَيْرَ أَبٍ، وَاتِّفَاقِ الْأَوْلِيَاءِ عَلَى الْقَتْلِ، وَأَنْ تَكُونَ وُلَاةُ الدَّمِ فِي الْعَمْدِ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا، وَأَنْ تَكُونَ الْأَوْلِيَاءُ رِجَالًا عُقَلَاءَ بَالِغِينَ، وَأَنْ يَكُونَ مَعَ الْأَوْلِيَاءِ لَوْثٌ يُقَوِّي دَعْوَاهُمْ وَهُوَ الشَّاهِدُ الْعَدْلُ عَلَى رُؤْيَةِ الْقَتْلِ أَوْ الْعَدْلُ يَرَى الْمَقْتُولَ يَتَخَبَّطُ فِي دَمِهِ وَالْمُتَّهَمُ بِحِذَائِهِ أَوْ قُرْبِهِ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْقَتْلِ عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ، أَوْ يَقُولُ الْمَقْتُولُ

ــ

[حاشية العدوي]

شَهَادَةُ الْآخَرِ لِاجْتِمَاعِ الْقَاتِلِ وَالْأَوْلِيَاءِ عَلَى تَكْذِيبِهَا.

[قَوْلُهُ: أَيْ إقْرَارٌ] مِنْ الْجَانِي الْمُكَلَّفِ عَلَى نَفْسِهِ فِي حَالِ اخْتِيَارِهِ لَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْإِقْرَارِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَإِقْرَارِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ.

تَنْبِيهٌ:

قَالَ عج: الْبَيِّنَةُ تَجْرِي فِي الْحُرِّ وَالْعَبْدِ بِلَا قَيْدٍ وَالِاعْتِرَافُ مِنْ الْبَالِغِ الْحُرِّ وَكَذَا الْعَبْدِ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ [قَوْلُهُ: الْأَيْمَانِ إلَخْ] أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هُنَا الْأَيْمَانُ وَإِلَّا فَهِيَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ أَقْسَمَ مَعْنَاهُ حَلَفَ حَلِفًا.

[أَحْكَام الْقَسَامَة]

[قَوْلُهُ: مِنْهَا مَا أَشَارَ إلَخْ] تَعْبِيرُهُ بِمِنْ يُفِيدُ أَنَّ بَقِيَّةَ الشُّرُوطِ لَمْ تُؤْخَذْ مِنْ الْمُصَنِّفِ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ لِكُلِّ الشُّرُوطِ وَهِيَ مَا أَفَادَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: بِأَنْ يَكُونَ إلَخْ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُسْقِطَ مِنْهَا، وَيَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ مِنْهَا وَهِيَ إلَخْ.

وَقَوْلُهُ: وَاتِّفَاقُ الْأَوْلِيَاءِ الْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ أَنْ يَقُولَ: وَأَنْ تَتَّفِقَ الْأَوْلِيَاءُ عَلَى الْقَتْلِ وَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ يَكُونُ إلَخْ. [قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ إلَخْ] احْتِرَازًا عَنْ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُمَا لِأَنَّ عَمْدَهُمَا وَخَطَأَهُمَا سَوَاءٌ فَلَا اخْتِصَاصَ لِلْقَسَامَةِ بِذَلِكَ إذْ شَرْطُ الْقِصَاصِ مُطْلَقًا الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ إلَّا مَا كَانَ مُخْتَصًّا بِهِ نَعَمْ دِيَةُ مَنْ جَنَيَا عَلَيْهِ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا وَهُمَا كَوَاحِدٍ مِنْهَا، وَكَذَا قَوْلُهُ: مُكَافِئًا إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُكَافِئًا لَهُ كَأَنْ قَتَلَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا فَلَا يُقْتَلُ بِهِ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَ حُرٌّ عَبْدًا وَكَذَا قَوْلُهُ: غَيْرُ أَبٍ شَرْطٌ فِي مُطْلَقِ الْقِصَاصِ أَيْ إذَا قَصَدَ الْأَبُ ضَرْبَ وَلَدِهِ فَمَاتَ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ، وَأَمَّا إذَا قَصَدَ إزْهَاقَ رُوحِهِ فَيُقْتَلُ بِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَاتِّفَاقُ الْأَوْلِيَاءِ عَلَى الْقَتْلِ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالْقَسَامَةِ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلدَّمِ إذَا كَانُوا رِجَالًا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَأَعْمَامٍ أَوْ إخْوَةٍ مَثَلًا فَعَفَا أَحَدُهُمْ فَإِنَّ الْقِصَاصَ يَسْقُطُ بِعَفْوِهِ لِأَنَّ عَفْوَهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْجَمِيعِ، وَأَحْرَى لَوْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ فِي الدَّرَجَةِ كَمَا لَوْ عَفَا الِابْنُ مَعَ وُجُودِ الْعَمِّ لَا إنْ عَفَا الْعَمُّ مَعَ وُجُودِ الْأَخِ.

[قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ وُلَاةُ الدَّمِ فِي الْعَمْدِ إلَخْ] أَيْ فَلَا يُقْتَلُ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ.

[قَوْلُهُ: فَصَاعِدًا] فَلَا حَدَّ لِلْأَكْثَرِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقَلَّ مَحْدُودٌ وَأَمَّا الْأَكْثَرُ فَلَا، وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: وَأَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُ الْوَلِيِّ، وَأَنَّ الَّذِي يُشْتَرَطُ هُوَ تَعَدُّدُ الْحَالِفِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ إلَّا عَاصِبٌ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ يَسْتَعِينُ بِعَاصِبِهِ فِي الْحَلِفِ مَعَهُ، وَيَسْتَحِقُّ الدَّمَ كَمَا إذَا قُتِلَتْ أُمُّهُ فَاسْتَعَانَ بِعَمِّهِ.

[قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ الْأَوْلِيَاءُ رِجَالًا] وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَا يَحْلِفْنَ فِي الْعَمْدِ لِعَدَمِ شَهَادَتِهِنَّ فِيهِ، وَإِنْ انْفَرَدْنَ صَارَ الْمَقْتُولُ بِمَثَابَةِ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ فَتُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِلَّا حُبِسَ. وَقَوْلُنَا: فِي الْعَمْدِ احْتِرَازٌ مِنْ الْخَطَأِ فَيَحْلِفُهَا مَنْ يَرِثُ وَلَوْ وَاحِدًا أَوْ امْرَأَةً وَيَسْتَحِقُّ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْخَطَأِ إلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ الْأَيْمَانَ كُلَّهَا وَتَأْخُذُ حَظَّهَا مِنْ الدِّيَةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي. وَقَوْلُهُ: عُقَلَاءَ بَالِغِينَ تَكَلَّمَ عج عَلَى مُحْتَرَزِ بَالِغِينَ فَقَالَ: وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَيُنْظَرُ لِبُلُوغِهِ وَهَلْ يُطْلَبُ مِنْ الْعَاقِلَةِ حِينَئِذٍ الْحَلِفُ لِاحْتِمَالِ نُكُولِهَا فَتَغْرَمُ أَوْ لَا، وَجَعَلَ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُسْتَفَادَ مِنْ كَلَامٍ ذَكَرَهُ عِنْدَ قَوْلِ خَلِيلٍ فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ وَالصَّغِيرُ مَعَهُ، وَسَكَتَ عَنْ مُحْتَرَزِ عُقَلَاءَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ إنْ كَانَتْ تُرْجَى وَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي الصَّبِيِّ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تُرْجَ فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي النِّسَاءِ.

[قَوْلُهُ: لَوْثٌ إلَخْ] اللَّوْثُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ وَثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ قَرِينَةٌ تُقَوِّي جَانِبَ الْمُدَّعِي وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ اللَّوْثِ وَهُوَ الْقُوَّةُ قَالَهُ فِي التَّنْبِيهِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَهُوَ الشَّاهِدُ أَيْ وَهُوَ رُؤْيَةُ الشَّاهِدِ. وَقَوْلُهُ: عَلَى رُؤْيَةِ مُتَعَلِّقُ الشَّاهِدِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ رُؤْيَةٍ.

[قَوْلُهُ: يَتَخَبَّطُ فِي دَمِهِ] أَيْ يَضْطَرِبُ فِي دَمِهِ، وَقَوْلُهُ: بِحِذَائِهِ أَيْ مُقَابِلِهِ هَذَا مَدْلُولُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ بِلَصْقِهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ أَوْ قُرْبِهِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْقَتْلِ] أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>