للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَرُورَةٍ وَلَوْ جَهْلًا لِلْحَدِّ أَوْ الْحُرْمَةِ (خَمْرًا) وَهُوَ مَا عُصِرَ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ لِيُحَلَّى (أَوْ) شَرِبَ (نَبِيذًا) وَهُوَ مَا يُجْعَلُ فِي الْمَاءِ مِنْ التَّمْرِ أَوْ الزَّبِيبِ. ع قَوْلُهُ: (مُسْكِرًا) صِفَةٌ لِنَبِيذٍ لَا لِخَمْرٍ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ شَارِبَ الْخَمْرِ يُحَدُّ سَكِرَ أَوْ لَمْ يَسْكَرْ (حُدَّ ثَمَانِينَ) جَلْدَةً بَعْدَ صَحْوَةٍ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ إمَّا بِإِقْرَارٍ أَوْ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ أَوْ الشَّمِّ مِمَّنْ يَعْرِفُهَا قَالَهُ ع أَيْضًا. وَقَوْلُهُ: (سَكِرَ أَوْ لَمْ يَسْكَرْ) إشَارَةٌ إلَى الْمُخَالِفِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُحَدُّ فِي النَّبِيذِ إذَا سَكِرَ (وَلَا سِجْنَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ أَوْ النَّبِيذَ الْمُسْكِرَ، ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ مِنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُمْ سَجَنُوا فِيهِ. .

(فَرْعٌ) فِي أَكْلِ الْحَشِيشَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْحَدُّ وَالْأَدَبُ وَالْحَدُّ إنْ حُمِّصَتْ وَالْأَدَبُ إنْ لَمْ تُحَمَّصْ، وَكَذَلِكَ الثَّلَاثَةُ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ صَلَّى بِهَا. .

ثُمَّ شَرَعَ يُبَيِّنُ كَيْفِيَّةَ الْحَدِّ فَقَالَ: (وَيُجَرَّدُ الْمَحْدُودُ) الذَّكَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إلَّا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ (وَلَا تُجَرَّدُ الْمَرْأَةُ إلَّا مِمَّا يَقِيهَا) مِنْ (الضَّرْبِ) كَالْفَرْوِ لِتَتَأَلَّمَ بِالضَّرْبِ وَتَنْزَجِرَ عَنْ مِثْلِ مَا ارْتَكَبَتْهُ (وَيُحَدَّانِ قَاعِدَانِ) صَوَابُهُ قَاعِدَيْنِ بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ، وَوَجْهُ الرَّفْعِ بِأَنَّهُ خَبَرُ مُضْمِرٍ أَيْ وَهُمَا قَاعِدَانِ غَيْرَ مَرْبُوطَيْنِ، وَمَحَلُّ الضَّرْبِ الظَّهْرُ وَالْكَتِفَانِ دُونَ غَيْرِهِمَا، وَيُتَوَسَّطُ فِي الضَّرْبِ فِي الْحُدُودِ كُلِّهَا وَيُنْتَظَرُ لِلْحَدِّ اعْتِدَالُ الْهَوَاءِ، وَالضَّرْبُ يَكُونُ بِسَوْطٍ مِنْ جِلْدٍ

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَى لِسَانِهِ وَابْتَلَعَ رِيقَهُ. وَقَوْلُهُ: مِنْ الْمُسْلِمِينَ احْتِرَازٌ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمْ ذِمِّيِّينَ أَوْ حَرْبِيِّينَ. وَقَوْلُهُ: الْمُكَلَّفِينَ احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِهِمْ فَلَا حَدَّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَمَا لَا حَدَّ عَلَى الْغَالِطِ.

[قَوْلُهُ: مُخْتَارًا] أَيْ لَا مُكْرَهًا. وَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ أُخْرِجَ بِهِ صَاحِبُ الْغُصَّةِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً.

[قَوْلُهُ: وَلَوْ جَهْلًا لِلْحَدِّ أَوْ الْحُرْمَةِ] أَيْ كَقَرِيبِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ فَلَا عُذْرَ لِأَحَدٍ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ، فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَمْ يُعْذَرْ هُنَا وَعُذِرَ فِي الزِّنَا حَيْثُ كَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَفَاسِدَ الشُّرْبِ لَمَّا كَانَتْ أَشَدَّ مِنْ مَفَاسِدِ الزِّنَا لِكَثْرَتِهَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا زَنَى وَسَرَقَ وَقَتَلَ كَانَ أَشَدَّ مِنْ الزِّنَا، وَلِأَنَّ الشُّرْبَ أَكْثَرُ وُقُوعًا مِنْ غَيْرِهِ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا عُصِرَ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ لِيُحَلَّى] لَفْظَةُ لِيُحَلَّى لَيْسَتْ فِي التَّحْقِيقِ فَالْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهَا، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: وَهُوَ مَا دَخَلَتْهُ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ الَّذِي لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ بِحَيْثُ صَارَ شَأْنُهُ الْإِسْكَارَ أَسْكَرَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا.

[قَوْلُهُ: التَّمْرِ أَوْ الزَّبِيبِ] أَيْ مَثَلًا لِيُدْخِلَ الْعَسَلَ وَغَيْرَهُ، أَيْ وَيَسْتَمِرُّ حَتَّى يَحْلُوَ وَيَصِلَ إلَى حَدِّ الْإِسْكَارِ، وَنَبِيذٌ بِمَعْنَى مَنْبُوذٍ وَالْعِبَارَةُ عَلَى حَذْفِ أَيْ مَاءٍ مَنْبُوذٍ لِأَنَّ الْمَشْرُوبَ الْمَاءُ الْمَنْبُوذُ فِيهِ نَحْوُ التَّمْرِ لَا نَفْسُ الْمَنْبُوذِ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُسْكِرًا مَعْنَاهُ شَأْنُهُ الْإِسْكَارُ أَسْكَرَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا [قَوْلُهُ: إمَّا بِإِقْرَارٍ] أَيْ ثَبَتَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بَعْدَ صَحْوِهِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ الشَّمِّ مِمَّنْ يَعْرِفُهَا] وَكَذَا لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى الشُّرْبِ وَالْآخَرُ عَلَى الرَّائِحَةِ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّ مَشْرُوبَهُ خَمْرٌ وَعَدْلَانِ أَنَّهُ عَسْلٌ مَثَلًا أَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّ رَائِحَةَ فَمِهِ خَمْرٌ وَآخَرَانِ رَائِحَتُهُ ثُومٌ مَثَلًا لِأَنَّ الْمُثْبِتَ يُقَدَّمُ عَلَى النَّافِي.

[قَوْلُهُ: وَالْأَدَبُ] أَيْ لِأَنَّهَا مُخَدِّرَةٌ كَمَا فِي تت أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ.

[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الثَّلَاثَةُ] الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: وَكَذَا ثَلَاثَةٌ أَيْ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي الْبُطْلَانِ أَيْ: فَمَنْ يَقُولُ بِالْحَدِّ يَقُولُ بِالْبُطْلَانِ مُطْلَقًا، وَمَنْ يَقُولُ بِالْأَدَبِ يَقُولُ بِعَدَمِهِ مُطْلَقًا وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَمَنْ يُفَصِّلُ فِي الْحَدِّ يُفَصِّلُ فِي الْبُطْلَانِ

[كَيْفِيَّة إقَامَة الْحَدّ]

[قَوْلُهُ: وَيُجَرَّدُ] ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ.

[قَوْلُهُ: وَلَا تُجَرَّدُ الْمَرْأَةُ إلَّا مِمَّا يَقِيهَا] وَيُنْدَبُ أَنْ تُجْعَلَ فِي قُفَّةٍ وَيُجْعَلَ تَحْتَهَا شَيْءٌ مِنْ تُرَابٍ وَيُبَلَّ بِالْمَاءِ لِأَجْلِ السَّتْرِ.

[قَوْلُهُ: قَاعِدَانِ] ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ.

[قَوْلُهُ: غَيْرَ مَرْبُوطَيْنِ] أَيْ وَمِنْ غَيْرِ شَدِيدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الضَّرْبُ لَا يَقَعُ مَوْقِعَهُ فَيَجُوزُ شَدُّهُ، وَيَكُونُ الْمُتَوَلِّي لِلضَّرْبِ شَخْصًا مُتَوَسِّطًا لَا فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ وَلَا فِي غَايَةِ الضَّعْفِ.

[قَوْلُهُ: الظَّهْرُ] هُوَ خِلَافُ الْبَطْنِ قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ. وَقَوْلُهُ: وَالْكَتِفَانِ وَالظَّاهِرُ وَمَا بَيْنَهُمَا مِثْلُهُمَا.

[قَوْلُهُ: وَيُنْتَظَرُ لِلْحَدِّ] الْأَوْلَى الْجَلْدِ.

[قَوْلُهُ: وَالضَّرْبُ يَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>