للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَيْسَ لَهُ رَأْسَانِ وَيَكُونُ رَأْسُهُ لَيِّنًا وَيَقْبِضُ عَلَيْهِ بِالْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ وَالْوُسْطَى وَلَا يَقْبِضُ عَلَيْهِ بِالسَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ، وَيُقَدِّمُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَيُؤَخِّرُ الْيُسْرَى وَيُوَالِي بَيْنَ الضَّرْبِ وَلَا يُفَرِّقُ عَلَى الْأَيَّامِ إلَّا أَنْ يُخْشَى مِنْ تَوَالِيهِ هَلَاكُ الْمَحْدُودِ هَذَا فِي غَيْرِ الرَّجْمِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ حَدُّهُ الرَّجْمَ رُجِمَ سَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالرَّجْمِ.

(وَلَا تُحَدُّ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ) وَتَجِدَ مَنْ يَقُومُ بِحَالِ الطِّفْلِ لِفِطَامِهِ لِحَدِيثِ الْغَامِدِيَّةِ (وَ) كَذَلِكَ (لَا) يُحَدُّ (مَرِيضٌ مُثَقَّلٌ حَتَّى يَبْرَأَ) لِخَوْفِ التَّلَفِ إذَا جُلِدَ (وَلَا يُقْتَلُ وَاطِئُ الْبَهِيمَةِ) ج: لَوْلَا قَوْلُهُ: (وَلْيُعَاقَبْ) لَاحْتَمَلَ أَنْ يُفْهَمَ مِنْهُ أَنَّهُ يُحَدُّ حَدَّ الْبِكْرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا يُحَدُّ وَاطِئُ الْبَهِيمَةِ وَلْيُعَاقَبْ لِارْتِكَابِهِ أَمْرًا مُحَرَّمًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمَا رُوِيَ «مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوهَا مَعَهُ» فَغَيْرُ ثَابِتٍ. .

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُدُودِ فَقَالَ: (وَمَنْ سَرَقَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ الذُّكُورِ أَوْ الْإِنَاثِ

ــ

[حاشية العدوي]

بِسَوْطٍ] وَلَا يُجْزِئُ قَضِيبٌ وَشِرَاكٌ وَلَا دِرَّةٌ، وَكَانَتْ دِرَّةُ عُمَرَ لِلْأَدَبِ.

[قَوْلُهُ: مِنْ جِلْدٍ] زَادَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: مِنْ جِلْدٍ وَاحِدٍ.

[قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ رَأْسَانِ] أَيْ لَا يَكُونُ لَهُ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا رَأْسَانِ بَلْ رَأْسٌ وَاحِدٌ.

[قَوْلُهُ: وَيَقْبِضُ عَلَيْهِ بِالْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ] أَيْ وَيَعْقِدُ عَلَيْهِ عَقْدَ التِّسْعِينَ وَصِفَةُ عَقْدِ التِّسْعِينَ أَنْ يَعْطِفَ السَّبَّابَةَ حَتَّى تَلْقَى الْكَفَّ وَيَضُمَّ الْإِبْهَامَ إلَيْهَا.

[قَوْلُهُ: وَيُقَدِّمُ إلَخْ] هَذَا مُوجِبٌ لِقُوَّةِ الضَّرْبِ عَكْسُ الَّذِي قَبْلَهُ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يُفَرَّقُ عَلَى الْأَيَّامِ] قَضِيَّتُهُ أَنَّ مِنْ أَفْرَادِ الْمُوَالَاةِ مَا إذَا فَعَلَ بَعْضَهُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَبَعْضَهُ الْآخَرَ فِي وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ. وَظَاهِرُهُ. أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ وَلَا يُفَرَّقُ عَلَى الْأَيَّامِ أَيْ مَثَلًا فَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ التَّفْرِقَةِ مَا إذَا فَعَلَ بَعْضَهُ فِي وَقْتٍ وَالْبَعْضَ الْآخَرَ فِي وَقْتٍ لِظَنِّ السَّلَامَةِ فِي ذَلِكَ دُونَ فِعْلِ الْجَمِيعِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَتَدَبَّرْ

[قَوْلُهُ: وَلَا تُحَدُّ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ] لِئَلَّا يَسْرِيَ إلَى مَا فِي بَطْنِهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مِنْ زِنًا وَلَا يُقْبَلُ دَعْوَاهَا الْحَمْلَ بَلْ يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ فَإِنْ شَكَكْنَ فِي حَمْلِهَا أُخِّرَتْ لِتَمَامِ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ وَطِئَهَا، وَهَذَا إذَا مَضَى لِزِنَاهَا نَحْوُ الْأَرْبَعِينَ وَإِلَّا جَازَ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهَا لِانْتِفَاءِ حُرْمَةِ الْحَمْلِ حِينَئِذٍ، وَهَذَا فِي غَيْرِ ذَاتِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ الْمُسْتَرْسِلِ عَلَى وَطْئِهَا وَإِلَّا أُخِّرَتْ لِحَيْضَةٍ.

[قَوْلُهُ: وَتُحَدُّ إلَخْ] أَيْ يُقَامُ عَلَيْهَا الْحَدُّ عَقِبَ الْوَضْعِ إنْ وَجَدَتْ مَنْ يَقُومُ بِالطِّفْلِ، هَذَا إذَا كَانَ حَدُّهَا الرَّجْمَ وَأَمَّا لَوْ كَانَ حَدُّهَا الْجَلْدَ أُخِّرَتْ حَتَّى تُتِمَّ نِفَاسَهَا وَتَجِدَ مَنْ يُرْضِعُ وَلَدَهَا.

[قَوْلُهُ: لِحَدِيثِ الْغَامِدِيَّةِ إلَخْ] أَيْ حَيْثُ «جَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ حَامِلٌ فَقَالَتْ لَهُ: طَهِّرْنِي. فَقَالَ لَهَا: اذْهَبِي حَتَّى تَضَعِي فَلَمَّا وَضَعَتْ أَتَتْ إلَيْهِ فَقَالَ لَهَا: اذْهَبِي حَتَّى تَفْطِمِيهِ أَوْ حَتَّى تُرْضِعِيهِ. فَلَمَّا أَرْضَعَتْهُ أَتَتْ إلَيْهِ فَقَالَ لَهَا: اذْهَبِي حَتَّى تَسْتَوْدِعِيهِ. فَلَمَّا اسْتَوْدَعَتْهُ أَتَتْ فَرَجَمَهَا» اهـ وَاسْمُهَا سُمَيَّةُ أَوْ أُمَيْمَةُ بِنْتُ فَرَجٍ.

[قَوْلُهُ: مُثَقَّلٌ] بِفَتْحِ الْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ اشْتَدَّ مَرَضُهُ حَتَّى يَبْرَأَ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَلَفِ نَفْسِهِ، وَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يُنْتَظَرَ بِالْجَلْدِ اعْتِدَالُ الْهَوَاءِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ حَدُّهُ الْقَتْلَ وَلَوْ بِالرَّجْمِ فَلَا يُنْتَظَرُ.

[قَوْلُهُ: وَلْيُعَاقَبْ إلَخْ] أَيْ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَالْبَهِيمَةُ كَغَيْرِهَا فِي الْمُسْتَقْبِلِ ذَبْحًا وَأَكْلًا.

[قَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَخْ] أَيْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلْيُعَاقَبْ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُقْتَلُ أَنَّهُ لَا حَدَّ. وَقَوْلُهُ: لِارْتِكَابِهِ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَلْيُعَاقَبْ. وَقَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يُحَدُّ وَاطِئُ فَإِنْ قُلْت: إذَا كَانَ الْمُرَادُ لَا حَدَّ عَلَى وَاطِئِ الْبَهِيمَةِ فَلِمَ عَدَلَ عَنْ صَرِيحِ اللَّفْظِ قُلْت: إشَارَةً إلَى أَنَّ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْقَتْلِ غَيْرُ صَوَابٍ.

[قَوْلُهُ: فَغَيْرُ ثَابِتٍ] زَادَ فِي التَّحْقِيقِ فَقَالَ: وَأَنْكَرَهُ مَالِكٌ

[حَدّ السَّرِقَة]

[قَوْلُهُ: وَمَنْ سَرَقَ بِفَتْحِ الرَّاءِ] أَيْ فِي الْمَاضِي وَمَكْسُورُهَا فِي الْمُضَارِعِ، تت: وَعَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ السَّرِقَةَ بِقَوْلِهِ: أَخْذُ مُكَلَّفٍ حُرًّا لَا يَعْقِلُ لِصِغَرِهِ أَوْ مَالًا مُحْتَرَمًا لِغَيْرِهِ نِصَابًا أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ بِقَصْدٍ وَاحِدٍ خُفْيَةً لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ فَلَا قَطْعَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ، وَلَا عَلَى مَنْ لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ النِّصَابِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَأَخْرَجَ النِّصَابَ عَلَى مَرَّاتٍ وَلَا عَلَى أَبٍ أَخَذَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ قَدْرَ نِصَابٍ. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: خِفْيَةً عَمَّا لَوْ خَرَجَ جِهَارًا فَهَذَا يُسَمَّى مُخْتَلِسًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>