للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَسَائِلَ مِنْ مَسَائِلِ الْوَكَالَةِ وَغَيْرِهَا فَقَالَ: (وَمَنْ قَالَ) لِمُوَكِّلِهِ (رَدَدْت لَك مَا وَكَّلْتنِي عَلَيْهِ أَوْ عَلَى بَيْعِهِ أَوْ) قَالَ لَهُ: (دَفَعْت إلَيْك ثَمَنَهُ أَوْ) قَالَ الْمُودَعُ لِمَنْ اسْتَوْدَعَهُ شَيْئًا (رَدَدْت عَلَيْك وَدِيعَتَك أَوْ) قَالَ الْعَامِلُ لِمَنْ دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا قِرَاضًا فَيَطْلُبُهُ فَيَقُولُ لَهُ: دَفَعْت إلَيْك (قِرَاضَك فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ قَوْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُودَعِ وَالْمُقَارَضِ. ك: يُرِيدُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ مُؤْتَمَنُونَ فَلِذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ، نَعَمْ لَوْ قَبَضَ أَحَدُهُمْ شَيْئًا بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَبْرَأْ فِي رَدِّهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ الدَّافِعَ إلَيْهِ حِينَ اسْتَوْثَقَ مَنّهُ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ لَمْ يَأْتَمِنْهُ بِخِلَافِ مَا قُبِضَ عَلَى جِهَةِ الْأَمَانَةِ. ج: وَالْمُرَادُ بِالْبَيِّنَةِ إذَا كَانَتْ مَقْصُودَةً لِلتَّوَثُّقِ.

وَأَمَّا إنْ كَانَتْ اتِّفَاقِيَّةً فَلَا. قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ

ــ

[حاشية العدوي]

الْحُكْمُ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ فِي رُجُوعِهِ وَإِنَّمَا أُغْرِمَ لِاعْتِرَافِهِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَيَسْتَحِقُّ الرَّاجِعُ عَنْ شَهَادَتِهِ الْعُقُوبَةَ بِمَا يَرَاهُ الْإِمَامُ وَلَا تُقْبَلُ لَهُ شَهَادَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ تَابَ وَحَسُنَتْ حَالَتُهُ عَلَى أَشْهَرِ الْقَوْلَيْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إذَا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَالِاسْتِيفَاءِ فَإِنَّ الْحُكْمَ لَا يُنْقَضُ سَوَاءٌ كَانَ الْحُكْمُ بِمَالٍ أَوْ نَفْسٍ سَوَاءٌ تَعَمَّدَ الزُّورَ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا رَجَعَا فِي طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ قِيمَةَ الْمُعْتَقِ وَأَمَّا فِي الطَّلَاقِ فَإِنْ دَخَلَ بِالزَّوْجَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ ضَمِنَا نِصْفَ الصَّدَاقِ وَيَضْمَنَانِ الدَّيْنَ وَيُضَمَّنَانِ الْعَقْلَ فِي الْقِصَاصِ فِي أَمْوَالِهِمَا.

وَقَالَ أَشْهَبُ: يُقْتَصُّ مِنْهُمَا فِي الْعَمْدِ وَاسْتَقَرَّ بِهِ خَلِيلٌ؛ لِأَنَّهُمْ قَتَلُوا نَفْسًا بِغَيْرِ شُبْهَةٍ وَإِنَّمَا غَرِمَا الدِّيَةَ وَإِنْ تَعَمَّدَا عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالتَّعَمُّدِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْعَقْلَ لِجَوَازِ الْعَفْوِ مَجَّانًا أَوْ صُلْحًا، فَاَلَّذِي أَوْجَبَ الْقَتْلَ إنَّمَا هُوَ الْحُكْمُ وَالرَّاجِحُ كَلَامُهُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَةِ الْقَتْلِ وَقَالَا غَلِطْنَا فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا.

تَنْبِيهٌ

مَا تَقَرَّرَ إذَا كَانَ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَالِاسْتِيفَاءِ كَمَا قُلْنَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ فَنَقُولُ فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ بِمَالٍ مَضَى اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ بِقِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَمْضِي كَمَا فِي الْحُكْمِ بِالْمَالِ.

وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَمْضِي وَلَا يَسْتَوْفِي الدَّمَ لِحُرْمَتِهِ وَتَجِبُ الدِّيَةُ، وَرَجَعَ إلَى هَذَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَاسْتَحْسَنَهُ وَالْقِيَاسُ الْأَوَّلُ. بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ مَا إذَا رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَلَمْ يَحْصُلْ إتْلَافٌ كَمَا لَوْ رَجَعَا عَنْ طَلَاقِ مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ عَنْ عِتْقِ أُمِّ وَلَدٍ أَوْ عَفْوٍ عَنْ قِصَاصٍ فَلَا غُرْمَ إذَا لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلَيْنِ إلَّا الِاسْتِمْتَاعَ وَقَدْ أَشَرْنَا إلَيْهِ.

[مَسَائِل فِي الْوَكَالَة]

[قَوْلُهُ: عَلَى مَسَائِلَ مِنْ مَسَائِلِ الْوَكَالَةِ إلَخْ] هِيَ نِيَابَةُ ذِي حَقٍّ غَيْرِ ذِي امْرَأَةٍ وَلَا عِبَادَةَ لِغَيْرِهِ فِيهِ غَيْرَ مَشْرُوطَةٍ بِمَوْتِهِ فَيَخْرُجُ نِيَابَةُ إمَامِ الطَّاعَةِ أَمِيرًا أَوْ قَاضِيًا.

وَقَوْلُهُ: وَلَا عِبَادَةَ أَخْرَجَ مَا إذَا أَنَابَ غَيْرَهُ فِي الصَّلَاةِ بَدَلَهُ. وَقَوْلُهُ: غَيْرَ مَشْرُوطَةٍ بِمَوْتِهِ خَرَجَتْ الْوَصِيَّةُ وَأَرْكَانُهَا الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ وَالْمُوَكَّلُ فِيهِ وَالصِّيغَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ، وَأَمَّا الْمُوَكَّلُ فِيهِ فَهُوَ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ مِنْ عَقْدٍ وَفَسْخٍ وَقَبْضِ حَقٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الصِّيغَةُ فَهِيَ كُلُّ مَا دَلَّ عُرْفًا عَلَى جَعْلِ التَّصَرُّفِ لِغَيْرِهِ مَعَ قَبُولِ الْمُفَوَّضِ لَهُ قِيلَ عَلَى الْفَوْرِ وَقِيلَ يُرْجَعُ فِيهِ لِلْعَادَةِ.

[قَوْلُهُ: رَدَدْت لَك مَا وَكَّلْتنِي إلَخْ] مِثَالُهُ أَنْ يُوَكِّلَهُ عَلَى دَفْعِ دَيْنٍ لِزَيْدٍ فَلَمْ يَجِدْهُ فَرَدَّهُ لِمُوَكِّلِهِ فَنَازَعَهُ الْمُوَكِّلُ فَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ فِي رَدِّهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ. وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلَى بَيْعِهِ أَيْ أَوْ قَالَ لِمَنْ وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ رَدَدْت إلَيْك مَا وَكَّلْتنِي عَلَى بَيْعِهِ لِتَعَذُّرِ بَيْعِهِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ قَالَ دَفَعْت أَيْ أَوْ قَالَ: بِعْته وَدَفَعْت إلَيْك ثَمَنَهُ.

[قَوْلُهُ: يُرِيدُ مَعَ يَمِينِهِ] يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ مَاشٍ عَلَى مَا قَالَهُ شُيُوخُ الْمُدَوَّنَةِ، أَنَّهُ إذَا قَالَ فِيهَا الْقَوْلُ قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ وَإِذَا قَالَ صُدِّقَ فَبِغَيْرِ يَمِينٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا إطْلَاقَ.

[قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ مَقْصُودَةً لِلتَّوَثُّقِ] هِيَ الَّتِي أَقَامَهَا خِيفَةَ دَعْوَى الرَّدِّ بِأَنْ يُشْهِدَهَا أَنَّهُ إذَا ادَّعَى رَدَّ الثَّمَنِ أَوْ السِّلْعَةِ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَكِيلَ فِي قَوْلِهِ رَدَدْت مَا قَبَضْته مِنْ مُوَكِّلِي لَهُ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ مُثَمَّنٍ يُصَدَّقُ بِيَمِينٍ إذَا قَبَضَ ذَلِكَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَأَمَّا بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ مِثْلُ الْوَدِيعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>