للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ (جُعِلَ بَيْنَهُمَا) بِظَاهِرِ الْيَدِ فَيَنْتَفِعُ كُلٌّ بِهِ مِمَّا يَلِيهِ عَلَى الْعَادَةِ وَيَبْقَى الْخَشَبُ الْمَوْجُودُ عَلَى الْجِدَارِ بِحَالِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ وَتَتَّضِحُ مَسْأَلَةُ الْحَلِفِ بِمَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ أَنَّهُ إنْ حَلَفَ مَنْ بَدَأَ الْقَاضِي بِتَحْلِيفِهِ وَنَكَلَ الْآخَرُ بَعْدَهُ حَلَفَ الْأَوَّلُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ لِيَقْضِيَ لَهُ بِالْجَمِيعِ، وَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ وَرَغِبَ الثَّانِي فِي الْيَمِينِ فَقَدْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ يَمِينُ النَّفْيِ لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ صَاحِبُهُ وَيَمِينُ الْإِثْبَاتِ لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ هُوَ فَهَلْ يَكْفِيهِ الْآنَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ يَجْمَعُ فِيهَا النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ لِلنَّفْيِ وَأُخْرَى لِلْإِثْبَاتِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ فَيَحْلِفُ أَنَّ الْجَمِيعَ لَهُ لَا حَقَّ لِصَاحِبِهِ فِيهِ، أَوْ يَقُولُ: إنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي يَدَّعِيهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِي.

(بَابُ الْحَوَالَةِ)

هِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا لُغَةً: التَّحَوُّلُ وَالِانْتِقَالُ، وَشَرْعًا: عَقْدٌ يَقْتَضِي نَقْلَ دَيْنٍ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ، وَتُطْلَقُ عَلَى انْتِقَالِهِ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى أُخْرَى وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَإِذْ أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ

ــ

[حاشية الجمل]

الْكَامِلَةِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَتَضَمَّنَ يَمِينُهُ النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ كَمَا فَسَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَيْ أَوْ نَكَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْيَمِينِ فَالصُّوَرُ الَّتِي يُجْعَلُ فِيهَا بَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ مِنْ كُلٍّ وَحَلِفُ كُلٍّ وَنُكُولُ كُلٍّ (قَوْلُهُ وَيَبْقَى الْخَشَبُ الْمَوْجُودُ عَلَى الْجِدَارِ بِحَالِهِ) ، وَلَيْسَ لِغَيْرِ صَاحِبِهِ أَيْ الْخَشَبِ مَنْعُ صَاحِبِهِ مِنْ إعَادَتِهِ إذَا أُزِيلَ؛ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِأَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ وَشَكَكْنَا فِي الْمُجَوِّزِ، وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْحَائِطِ نَقْضَ الْجِدَارِ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ أَصْلُ وَضْعِ الْجُذُوعِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ مُتَهَدِّمًا جَازَ نَقْضُهُ وَحُكْمُ إعَادَةِ الْجُذُوعِ مَا سَبَقَ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ وَيَبْقَى الْخَشَبُ الْمَوْجُودُ إلَخْ) وَلِمَالِكِ الْجِدَارِ قَلْعُهَا بِالْأَرْشِ أَوْ إبْقَاؤُهَا بِالْأُجْرَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا قَلْعَ، وَلَا أُجْرَةَ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِمْ إبْقَاءَهَا بِحَالِهَا اهـ. ح ل

(قَوْلُهُ وَتَتَّضِحُ مَسْأَلَةُ الْحَلِفِ) أَيْ الْكَائِنِ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ حَلِفٍ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَنَكَلَ الْآخَرُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مُجْمَلٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ هَلْ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً أَوْ يَمِينَيْنِ وَالْجَوَابُ التَّفْصِيلُ الَّذِي قَالَهُ الشَّارِحُ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَالِفُ مَنْ بَدَأَ الْقَاضِي بِتَحْلِيفِهِ حَلَفَ يَمِينَيْنِ جَزْمًا الْأُولَى وَالْمَرْدُودَةُ بَعْدَ نُكُولِ الْخَصْمِ، وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ هُوَ الْآخَرُ بِأَنْ نَكَلَ مَنْ بَدَأَ الْقَاضِي بِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَإِذَا حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً تَجْمَعُهُمَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فَهَلْ يُقَدَّمُ النَّفْيُ أَوْ الْإِثْبَاتُ؟ كُلٌّ جَائِزٌ كَمَا قَالَ اهـ. (قَوْلُهُ لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ صَاحِبُهُ) فِيهِ أَنَّ صَاحِبَهُ لَمْ يَدَّعِ النِّصْفَ بَلْ ادَّعَى الْكُلَّ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِي الْجَمِيعَ لَا النِّصْفَ فَقَطْ إلَّا أَنْ يُقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِي النِّصْفَ فَقَطْ بِحَسَبِ ظَاهِرِ حَالِ الْيَدِ فَظَاهِرُ الْيَدِ يَقْتَضِي ادِّعَاءَ النِّصْفِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ يَدَّعِي الْجَمِيعَ تَأَمَّلْ.

[بَابُ الْحَوَالَةِ]

(بَابُ الْحَوَالَةِ) ذُكِرَتْ عَقِبَ الصُّلْحِ لِمَا فِيهَا مِنْ قَطْعِ النِّزَاعِ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ الْمُتَوَلِّي الْحَوَالَةُ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ، وَلَوْ فُسِخَتْ لَا تَنْفَسِخُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ نَقْلُ دَيْنٍ) أَيْ بِحُصُولِ مِثْلِهِ أَوْ بِانْتِقَالِ مِثْلِهِ لَا نَفْسِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَيْ يَصِيرُ نَظِيرُهُ إلَخْ. اهـ ع ش

(قَوْلُهُ وَتُطْلَقُ عَلَى انْتِقَالِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ نَاشِئٌ عَنْ الْعَقْدِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهَا إطْلَاقَانِ شَرْعًا تُطْلَقُ عَلَى نَفْسِ الْعَقْدِ وَعَلَى الْأَثَرِ النَّاشِئِ عَنْ ذَلِكَ. اهـ. ح ل، وَهَذَا الْمَعْنَى الثَّانِي هُوَ الَّذِي يَرِدُ عَلَيْهِ الْفَسْخُ وَالِانْفِسَاخُ اهـ. ع ش

(قَوْلُهُ مَطْلُ الْغَنِيِّ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ فَالْغَنِيُّ وَصْفٌ لِلْمَدِينِ وَأَغْرَبَ مَنْ قَالَ وَصْفٌ لِلدَّائِنِ فَهُوَ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ أَيْ مَطْلُ الْغَنِيِّ مِنْ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ فَمَا بَالُك بِمَطْلِ الْفَقِيرِ مِنْ الْغَنِيِّ وَفِيهِ مِنْ الرَّكَاكَةِ - وَإِنْ حَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ - مَا لَا يَخْفَى اهـ. إيعَابٌ. اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ ظُلْمٌ) أَيْ فِسْقٌ وَالْمَطْلُ إطَالَةُ الْمُدَافَعَةِ، وَالْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مَعْصِيَةٌ فَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِالظُّلْمِ أَيْ الْفِسْقُ مَنْ أَطَالَ الْمُدَافَعَةَ لَا مَنْ دَافَعَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا. اهـ. ح ل وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الضَّمَانِ لِلشَّوْبَرِيِّ مَا نَصُّهُ.

(تَنْبِيهٌ) يَجِبُ عَلَى الْغَنِيِّ أَدَاءُ الدَّيْنِ فَوْرًا إنْ خَافَ فَوْتَ أَدَائِهِ إلَى الْمُسْتَحِقِّ إمَّا بِمَوْتِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ بِذَهَابِ مَالِهِ أَوْ خَافَ مَوْتَ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ طَالَبَهُ رَبُّ الدَّيْنِ أَوْ عَلِمَ حَاجَتَهُ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ ذَكَرَ ذَلِكَ الْبَارِزِيُّ اهـ. حَجّ فِي الْفَتَاوَى فِي بَابِ الْحَوَالَةِ. اهـ. وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ ع ش عَلَى م ر فِي بَابِ أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ فَقَالَ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَدِينِ دَفْعُ دَيْنِ الْآدَمِيِّ إلَّا بِالطَّلَبِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَزِمَ ذِمَّةَ الْمَدِينِ بِاخْتِيَارِهِ وَرِضَاهُ فَتَوَقَّفَ وُجُوبُ دَفْعِهِ عَلَى طَلَبِهِ لَكِنَّ عِبَارَتَهُ قَاصِرَةٌ إذْ لَيْسَ فِيهَا مِنْ أَسْبَابِ الْوُجُوبِ إلَّا الطَّلَبَ دُونَ بَقِيَّةِ الْأَسْبَابِ السِّتَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ

(قَوْلُهُ وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ) أَيْ وَلَوْ بِلَفْظِ أَتْبَعْتُكَ عَلَيْهِ بِمَا لَك عَلَيَّ فَيُقَالُ اتَّبَعْت كَمَا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ صَرِيحٌ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ، وَأَمَّا قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بِشَرْطِ أَنْ يَعْرِفَا مَعْنَى ذَلِكَ فَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِذَلِكَ بَلْ يَجْرِي فِي سَائِرِ الصِّيَغِ فَمَنْ نَطَقَ بِصِيغَةٍ وَادَّعَى الْجَهْلَ بِمَعْنَاهَا فَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لِأَهْلِ لُغَتِهَا لَمْ يُقْبَلْ، وَإِلَّا قُبِلَ أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اهـ. إيعَابٌ بِاخْتِصَارٍ اهـ. شَوْبَرِيٌّ

(قَوْلُهُ عَلَى مَلِيءٍ) مِنْ الْمَلَاءَةِ، وَهِيَ الْيَسَارُ وَيَظْهَرُ ضَبْطُهَا بِمَنْ عِنْدَهُ فَاضِلًا عَمَّا يَتْرُكُ لِلْمُفْلِسِ مَا يُوفِي دَيْنَهُ اهـ. إيعَابٌ. اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ عَلَى مَلِيءٍ) هُوَ بِالْهَمْزِ مَأْخُوذٌ مِنْ الِامْتِلَاءِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَزْهَرِيُّ فِي شَرْحِهِ لِأَلْفَاظِ مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْمَطْلَ إطَالَةُ الْمُدَافَعَةِ اهـ. وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ أَنَّ الْمَحْكُومَ

<<  <  ج: ص:  >  >>