للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ الشَّرِكَةِ) .

بِكَسْرِ الشِّين، وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِفَتْحِ الشِّينِ مَعَ كَسْرِ الرَّاءِ، وَإِسْكَانِهَا، وَهِيَ لُغَةً الِاخْتِلَاطُ وَشَرْعًا ثُبُوتُ الْحَقِّ فِي شَيْءٍ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى جِهَةِ الشُّيُوعِ هَذَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هِيَ عَقْدٌ يَقْتَضِي ثُبُوتَ ذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ «السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ كَانَ شَرِيكَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ الْمَبْعَثِ وَافْتَخَرَ بِشَرِكَتِهِ بَعْدَ الْمَبْعَثِ» وَخَبَرُ «يَقُولُ اللَّهُ أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ

ــ

[حاشية الجمل]

[كِتَابُ الشَّرِكَة]

هِيَ اسْمُ مَصْدَرٍ لِأَشْرَكَ، وَمَصْدَرُهُ الْإِشْرَاكُ، وَيُقَالُ لِمَنْ أَثْبَتَهَا مُشْرِكٌ وَشَرِيكٌ لَكِنْ الْعُرْفُ خَصَّصَ الْإِشْرَاكَ وَالْمُشْرِكَ بِمَنْ جَعَلَ لِلَّهِ شَرِيكًا فَتَأَمَّلْ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ شَرَكَهُ فِي الْأَمْرِ شَرِكَةً مِنْ بَابِ تَعِبَ شَرَكًا وَشَرِكَةً وِزَانُ كَلِمَ وَكَلِمَةً بِفَتْحِ الْأَوَّلِ، وَكَسْرِ الثَّانِي إذَا كَانَ لَهُ شَرِيكًا وَجَمْعُ الشَّرِيكِ شُرَكَاءُ، وَأَشْرَاكُ وَالشِّرْكُ النَّصِيبُ، وَمِنْهُ «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ» أَيْ نَصِيبًا وَالْجَمْعُ أَشْرَاكٌ مِثْلُ قِسْمٍ وَأَقْسَامٍ اهـ. وَفِي الْمُخْتَارِ وَشَرَّكَهُ فِي الْمَبِيعِ وَالْمِيرَاثِ يُشَرِّكُهُ مِثْلُ عَلَّمَهُ يُعَلِّمُهُ شِرْكَةً وَالِاسْمُ الشِّرْكُ وَجَمْعُهُ أَشْرَاكٌ كَشِبْرٍ، وَأَشْبَارٍ اهـ. (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الشِّينِ، وَإِسْكَانِ الرَّاءِ) وَعَلَى هَذَا الضَّبْطِ قَدْ تُحْذَفُ هَاؤُهَا فَيَصِيرُ اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الِاخْتِلَاطِ وَالنَّصِيبِ اهـ. حَجّ مَعَ بَعْضِ زِيَادَةٍ مِنْ حَوَاشِي م ر.

(قَوْلُهُ: هَذَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ يَصْدُقُ بِالْحَقِّ الْمَالِيِّ وَغَيْرِهِ كَالْقِصَاصِ وَبِالثُّبُوتِ الِاخْتِيَارِيِّ وَغَيْرِهِ كَالْإِرْثِ، وَهَذَا التَّعْمِيمُ لَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ الثُّبُوتُ اخْتِيَارًا فِي مَالٍ فَقَوْلُهُ: كِتَابُ الشَّرِكَةِ أَيْ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ فَالْبَقِيَّةُ زَائِدَةٌ عَلَى التَّرْجَمَةِ، وَإِنْ كَانَ التَّعْرِيفُ الْأَوَّلُ يَشْمَلُهَا، وَلَمْ يَقُلْ وَالصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَقْيِيدُ الْأَوَّلِ بِمَا يُرْجِعُهُ إلَى الثَّانِي اهـ. شَيْخُنَا. وَفِي ع ش قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَيْ فِي هَذَا الْمَقَامِ لَا مُطْلَقًا لِيُخْرِجَ التَّعْرِيفُ مَا لَوْ وَرِثَا شَيْئًا فَإِنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا عَلَى جِهَةِ الشُّيُوعِ، وَلَيْسَ مِنْ الشَّرِكَةِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا اهـ. قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ تُكْرَهُ الشَّرِكَةُ مَعَ الْكَافِرِ، وَمَنْ لَا يَحْتَرِزُ مِنْ الرِّبَا وَنَحْوِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا إنْ شَارَكَ لِنَفْسِهِ فَإِنْ شَارَكَ لِمَحْجُورِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكُ عَدْلًا يَجُوزُ إيدَاعُ مَالِ الْمَحْجُورِ عِنْدَهُ اهـ. وَمَحَلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ إذَا كَانَ الشَّرِيكُ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ دُونَ مَا إذَا كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فَتَأَمَّلْ، وَكَتَبَ أَيْضًا وَالشَّرِكَةُ لَيْسَتْ عَقْدًا مُسْتَقِلًّا بَلْ هِيَ، وَكَالَةٌ بِلَا عِوَضٍ اهـ. م ر اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: خَبَرُ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ) عِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْأَعْلَامِ نَصُّهَا «وَعَنْ السَّائِبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ صَيْفِيِّ بْنِ عَائِدٍ الْمَخْزُومِيِّ أَنَّهُ كَانَ شَرِيكَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ الْبَعْثَةِ فَجَاءَ إلَيْهِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ لَهُ مَرْحَبًا بِأَخِي وَشَرِيكِي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَفِيهِ جَوَازُ الشَّرِكَةِ وَالِافْتِخَارِ بِمُشَارَكَةِ أَهْلِ الْخَيْرِ ثُمَّ قَالَ وَوَهَمَ بَعْضُهُمْ فِي نِسْبَةِ السَّائِبِ فَقَالَ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ. اهـ بِحُرُوفِهِ.

وَقَوْلُهُ: وَفِيهِ جَوَازُ الشَّرِكَةِ وَالِافْتِخَارِ بِمُشَارَكَةِ إلَخْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُفْتَخِرَ هُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَتَعَيَّنُ أَنَّ فِيمَا قَالَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - افْتِخَارًا بَلْ يَجُوزُ إنَّمَا قَالَهُ جَبْرًا لِلسَّائِبِ وَتَلَطُّفَا بِهِ، وَيَجُوزُ أَنَّ الِافْتِخَارَ، وَقَعَ مِنْ السَّائِبِ بِلَفْظٍ لَمْ يَحْكِهِ فِي الْحَدِيثِ اهـ. ع ش، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: فَفِي ذِكْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلشَّرِكَةِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهَا؛ لِأَنَّهُ تَقْرِيرٌ لِمَا وَقَعَ قَبْلَهُ، وَفِي ذِكْرِهَا أَيْضًا تَعْظِيمٌ لِلسَّائِبِ الْمَذْكُورِ خُصُوصًا مَعَ قَرْنِهَا بِالْأُخُوَّةِ وَالتَّرْحِيبِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ افْتِخَارٌ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشَّرِيكِ كَمَا تُوُهِّمَ، وَإِنْ كَانَ لَا مَانِعَ مِنْهُ، وَقِيلَ إنَّ قَائِلَ ذَلِكَ السَّائِبُ افْتِخَارًا بِشَرِكَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِيهِ دَلِيلٌ أَيْضًا لِإِقْرَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذِكْرِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَافْتَخَرَ) أَيْ السَّائِبُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا وَرَدَ اهـ. شَوْبَرِيٌّ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الدَّمِيرِيِّ عَلَى الْمِنْهَاجِ مَا نَصُّهُ «وَافْتَخَرَ السَّائِبُ بَعْدَ الْمَبْعَثِ بِشَرِكَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - شَرِيكِي يَا نِعْمَ شَرِيكٍ لَا يُدَارِي، وَلَا يُمَارِي، وَلَا يُشَارِي» الْمُشَارَاةُ الْمُلَاحَاةُ وَاللِّجَاجُ فِي الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ " يَقُولُ اللَّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ الْقُدْسِيُّ «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَالْمَعْنَى أَنَا مَعَهُمَا بِالْحِفْظِ وَالْإِعَانَةِ فَأَمُدُّهُمَا بِالْمُعَاوَنَةِ، وَفِي أَمْوَالِهِمَا وَأُنْزِلُ الْبَرَكَةَ فِي تِجَارَتِهِمَا فَإِذَا وَقَعَتْ الْخِيَانَةُ رَفَعْتُ الْبَرَكَةَ وَالْإِعَانَةَ عَنْهُمَا، وَهُوَ مَعْنَى خَرَجْت مِنْ بَيْنِهِمَا، وَمَقْصُودُ الْبَابِ شَرِكَةً تَحْدُثُ بِالِاخْتِيَارِ بِقَصْدِ التَّصَرُّفِ وَتَحْصِيلِ الرِّبْحِ، وَلَيْسَتْ عَقْدًا مُسْتَقِلًّا بَلْ هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ وَكَالَةٌ وَتَوْكِيلٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ: الْقُدْسِيُّ نِسْبَةً إلَى الْقُدْسِ بِمَعْنَى الطَّهَارَةِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِنِسْبَتِهَا لَهُ جَلَّ وَعَلَا حَيْثُ أَنْزَلَ أَلْفَاظَهَا كَالْقُرْآنِ لَكِنْ الْقُرْآنُ أُنْزِلَ لِلْإِعْجَازِ بِسُورَةٍ مِنْهُ وَالْأَحَادِيثُ الْقُدْسِيَّةُ لَيْسَ إنْزَالُهَا لِذَلِكَ، وَأَمَّا غَيْرُ الْقُدْسِيَّةِ فَأَوْحَى إلَيْهِ مَعَانِيَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>