للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَجْنَبَ أَوْ عَكْسُهُ (كَفَاهُ غُسْلٌ) ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ مَعَهُ الْوُضُوءَ لِانْدِرَاجِ الْوُضُوءِ فِيهِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْغَيْنِ وَبِفَتْحَتَيْنِ فَصَارَتْ أَرْبَعَ لُغَاتٍ، وَالْجَمْعُ أَشْغَالٌ وَشَغَلَهُ مِنْ بَابِ قَطَعَ فَهُوَ شَاغِلٌ وَلَا يُقَالُ أَشْغَلَهُ؛ لِأَنَّهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ اهـ ع ش عَلَى م ر لَكِنْ فِي الْقَامُوسِ وَأَشْغَلَهُ لُغَةٌ جَيِّدَةٌ أَوْ قَلِيلَةٌ أَوْ رَدِيئَةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُرَتَّبًا) لَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، وَلَوْ مَعًا؛ لِأَنَّ الْمَعِيَّةَ هِيَ الَّتِي أَخَلَّ بِهَا الْأَصْلُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُغَيِّيَ بِهَا تَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر قُلْت، وَلَوْ أَحْدَثَ، ثُمَّ أَجْنَبَ أَوْ عَكْسُهُ أَيْ أَجْنَبَ، ثُمَّ أَحْدَثَ كَفَى الْغُسْلُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ نَوَى الْوُضُوءَ مَعَهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ غَسَلَ الْأَعْضَاءَ مُرَتَّبَةً أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُمَا طَهَارَتَانِ فَتَدَاخَلَتَا، وَقَدْ نَبَّهَ الرَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ الْجَنَابَةِ وَأَنَّ الْأَصْغَرَ يَضْمَحِلُّ مَعَهُ أَيْ لَا يَبْقَى لَهُ حُكْمٌ فَلِهَذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَفَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَكْفِي الْغُسْلُ، وَإِنْ نَوَى مَعَهُ الْوُضُوءَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْوُضُوءِ مَعَهُ. وَالثَّالِثُ إنْ نَوَى مَعَ الْغُسْلِ الْوُضُوءَ كَفَى وَإِلَّا فَلَا وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ طَرِيقٌ قَاطِعٌ بِالِاكْتِفَاءِ لِتَقَدُّمِ الْأَكْبَرِ فِيهَا فَلَا يُؤَثِّرُ بَعْدَهُ الْأَصْغَرُ، وَلَوْ وُجِدَ الْحَدَثَانِ مَعًا فَهُوَ كَمَا لَوْ تَقَدَّمَ الْأَصْغَرُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ كَفَاهُ غُسْلٌ) ، مِثْلُ الْغُسْلِ بَدَلَهُ وَهُوَ التَّيَمُّمُ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ لِانْدِرَاجِ الْوُضُوءِ) أَيْ لِانْدِرَاجِ مُوجِبِهِ فِيهِ أَيْ الْغُسْلِ أَيْ فِي مُوجِبِهِ اهـ عَشْمَاوِيٌّ.

(خَاتِمَةٌ) يُبَاحُ لِلرِّجَالِ دُخُولُ الْحَمَّامِ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ غَضُّ الْبَصَرِ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُمْ نَظَرُهُ وَصَوْنُ عَوْرَاتِهِمْ عَنْ الْكَشْفِ بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا أَوْ فِي غَيْرِ وَقْتِ الِاغْتِسَالِ وَنَهْيُهُمْ الْغَيْرَ عَنْ كَشْفِ عَوْرَتِهِ، وَإِنْ ظَنُّوا أَنَّهُ لَا يَنْتَهِي، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا دَخَلَ الْحَمَّامَ عَارِيًّا لَعَنَهُ مَلَكَاهُ ذَكَرَ ذَلِكَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {كِرَامًا كَاتِبِينَ} [الانفطار: ١١] {يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار: ١٢] . وَرَوَى النَّسَائِيّ وَالْحَاكِمُ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ دُخُولُ الْحَمَّامِ إلَّا بِمِئْزَرٍ» . وَأَمَّا النِّسَاءُ فَيُكْرَهُ لَهُنَّ ذَلِكَ بِلَا عُذْرٍ لِخَبَرِ «مَا مِنْ امْرَأَةٍ تَخْلَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا إلَّا هَتَكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. وَالْخَنَاثَيْ كَالنِّسَاءِ وَيَجِبُ أَنْ لَا يَزِيدَ فِي الْمَاءِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ أَوْ الْعَادَةِ، وَآدَابُهُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا أَنْ يَقْصِدَ بِدُخُولِهِ التَّطْهِيرَ وَالتَّنْظِيفَ لَا التَّرَفُّهَ وَالتَّنَعُّمَ وَأَنْ يُسَلِّمَ الْأُجْرَةَ قَبْلَ دُخُولِهِ وَأَنْ يُسَمِّيَ لِدُخُولِهِ، ثُمَّ يَتَعَوَّذُ كَمَا فِي دُخُولِ الْخَلَاءِ وَذَلِكَ عِنْدَ الْبَابِ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ لِلْمَسْلَخِ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يُقَدِّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى دُخُولًا وَالْيُمْنَى خُرُوجًا وَأَنْ يَتَذَكَّرَ بِحَرَارَتِهِ نَارَ جَهَنَّمَ لِشَبَهِهِ بِهَا وَأَنْ لَا يَدْخُلَهُ إذَا رَأَى فِيهِ عُرْيَانًا وَأَنْ لَا يُعَجِّلَ بِدُخُولِ الْبَيْتِ الْحَارِّ حَتَّى يَعْرَقَ فِي الْأَوَّلِ وَأَنْ لَا يُكْثِرَ الْكَلَامَ فِيهِ لِمَا قِيلَ إنَّهُ يُوَرِّثُ الْجُنُونَ أَوْ الْوَسْوَسَةَ وَأَنْ يَدْخُلَهُ وَقْتَ الْخَلْوَةِ أَوْ يَتَكَلَّفَ إخْلَاءَهُ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا أَهْلُ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى الْأَبَدَانِ مَكْشُوفَةً فِيهِ شَوْبٌ مِنْ قِلَّةِ الْحَيَاءِ وَأَنْ يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ تَعَالَى قَبْلَ الْخُرُوجِ.

وَصِيغَةُ الِاسْتِغْفَارِ الْمَشْهُورَةُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إلَيْهِ، وَمَعَهَا غَيْرُهَا مِنْ كُلِّ مَا يُفِيدُ طَلَبَ الْمَغْفِرَةِ، نَحْوُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْخَلَاءِ مِنْ أَنَّهُ يَقُولُ عِنْدَ خُرُوجِهِ غُفْرَانَك الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا عَنْ الذِّكْرِ بِالتَّنْظِيفِ فَيُعَدُّ بِهِ مُعْرِضًا كَمَا عُدَّ بِاشْتِغَالِهِ بِتَفْرِيغِ نَفْسِهِ فِي الْخَلَاءِ كَذَلِكَ. وَيُسَنُّ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهُ فِي غَيْرِ مَسْلَخِهِ وَيَنْوِيَ بِهِمَا سُنَّةَ الْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ أَوْ يُطْلِقَ وَيُكْرَهُ دُخُولُهُ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ انْتِشَارِ الشَّيَاطِينِ وَيُكْرَهُ أَيْضًا دُخُولُهُ لِصَائِمٍ وَصَبُّ الْمَاءِ الْبَارِدِ عَلَى الرَّأْسِ وَالشُّرْبُ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ الطِّبُّ وَلَا بَأْسَ بِدَلْكِ غَيْرِهِ لَهُ إلَّا عَوْرَةً أَوْ مَظِنَّةَ شَهْوَةٍ وَلَا بَأْسَ بِقَوْلِ دَاخِلِهِ لِمَنْ فِيهِ عَافَاكَ اللَّهُ أَوْ نَعِيمًا أَوْ بِمِنًى أَوْ حَمَّامَ الْعُمْرَةِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَلَا بَأْسَ بِالْمُصَافَحَةِ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ مَطْلُوبَةً فَلَا لَوْمَ عَلَى تَرْكِهَا. وَيُسَنُّ لِمَنْ يُخَالِطُ النَّاسَ التَّنَظُّفُ بِالسِّوَاكِ وَإِزَالَةُ الشَّعْرِ وَالْأَوْسَاخِ وَالرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ وَيُنْدَبُ حُسْنُ الْأَدَبِ مَعَهُمْ وَمُلَاطَفَتُهُمْ وَغَيْرُ ذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وع ش عَلَى م ر

[بَابٌ فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا]

وَهِيَ مُوجِبٌ أَيْ سَبَبٌ وَإِزَالَتُهَا مَقْصِدٌ فَهُوَ الْمَقْصِدُ الثَّالِثُ وَالْوَاجِبُ فِيهَا فِي غَيْرِ نَحْوِ الْكَلْبِ مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا يَأْتِي فَمَا قِيلَ غَسْلُهَا كَانَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نُسِخَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَإِنْ قَالَ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لِعَدَمِ وُرُودِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>