للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ حُمِلَتْ الْأَخْبَارُ الْمُخْتَلِفَةُ الظَّاهِرِ كَخَبَرِ: خَيْرُ «الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى» أَيْ غِنَى النَّفْسِ وَصَبْرِهَا عَلَى الْفَقْرِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَخَبَرِ أَنَّ «أَبَا بَكْرٍ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ أَمَّا الصَّدَقَةُ بِبَعْضِ مَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ فَمَسْنُونٌ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْرًا يُقَارِبُ الْجَمِيعَ فَالْأَوْجَهُ جَرَيَانُ التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(كِتَابُ النِّكَاحِ)

ــ

[حاشية الجمل]

أَوْلَى مِنْهُ بِاعْتِبَارِهِ وَانْظُرْ لِمَ اعْتَبَرَ صَبْرَ نَفْسِهِ فِي سَنِّ التَّصَدُّقِ مَعَ الْفَضْلِ عَنْ حَاجَةِ مُمَوِّنِهِ وَلَمْ يَنْظُرْ لِلْمُمَوَّنِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم

(قَوْلُهُ: أَمَّا الصَّدَقَةُ بِبَعْضِ إلَخْ) أَيْ التَّصَدُّقِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

[كِتَابُ النِّكَاحِ]

(كِتَابُ النِّكَاحِ) قَدْ افْتَتَحَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ بِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ ذِكْرُهَا مُسْتَحَبٌّ لِئَلَّا يَرَاهَا جَاهِلٌ فَيَعْمَلَ بِهَا وَلْنَذْكُرْ طَرَفًا مِنْهَا عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّكِ فَنَقُولُ: هِيَ أَنْوَاعٌ أَحَدُهَا الْوَاجِبَاتُ كَالضُّحَى وَالْوِتْرِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَالسِّوَاكِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَالْمُشَاوَرَةِ وَتَغْيِيرِ مُنْكَرٍ رَآهُ وَإِنْ خَافَ أَوْ عَلِمَ أَنَّ فَاعِلَهُ يَزِيدُ فِيهِ عِنَادًا خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ وَمُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ وَإِنْ كَثُرَ وَقَضَاءِ دَيْنِ مُسْلِمٍ مَاتَ مُعْسِرًا وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ قَضَاؤُهُ مِنْ الْمَصَالِحِ وَتَخْيِيرِ نِسَائِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْجَوَابُ فَوْرًا فَلَوْ اخْتَارَتْهُ وَاحِدَةٌ لَمْ يَحْرُمْ طَلَاقُهَا أَوْ كَرِهَتْهُ تَوَقَّفَتْ الْفُرْقَةُ عَلَى الطَّلَاقِ وَقَوْلُهَا اخْتَرْتُ نَفْسِي لَيْسَ طَلَاقًا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ تَزَوُّجِهِ بِهَا بَعْدَ فِرَاقِهَا وَنَسْخِ وُجُوبِ التَّهَجُّدِ عَلَيْهِ إلَّا الْوِتْرَ الثَّانِي الْمُحَرَّمَاتُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَصَدَقَةٍ وَتَعَلُّمِ خَطٍّ وَشِعْرٍ لَا أَكْلِهِ نَحْوَ ثُومٍ أَوْ مُتَّكِئًا وَيَحْرُمُ نَزْعُ لَامَتِهِ قَبْلَ قِتَالِ عَدُوٍّ دَعَتْ لَهُ حَاجَةٌ وَمَدُّ الْعَيْنِ إلَى مَتَاعِ النَّاسِ وَخَائِنَةُ الْأَعْيُنِ وَهِيَ الْإِيمَاءُ بِمَا يُظْهِرُ خِلَافَهُ مِنْ مُبَاحٍ دُونَ الْخَدِيعَةِ فِي الْحَرْبِ وَإِمْسَاكُ مَنْ كَرِهَتْ نِكَاحَهُ وَنِكَاحُ كِتَابِيَّةٍ لَا التَّسَرِّي بِهَا وَنِكَاحُ الْأَمَةِ وَلَوْ مُسْلِمَةً وَالْمَنُّ لِيَسْتَكْثِرَ الثَّالِثُ التَّخْفِيفَاتُ وَالْمُبَاحَاتُ لَهُ وَهِيَ نِكَاحُ تِسْعٍ وَحَرُمَ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِنَّ ثُمَّ نُسِخَ وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُهُ مُحْرِمًا وَعَلَى مُحْرِمَةٍ وَلَوْ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ إيجَابًا لَا قَبُولًا وَلَا مَهْرَ لِلْوَاهِبَةِ لَهُ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا وَتَجِبُ إجَابَتُهُ عَلَى امْرَأَةٍ رَغِبَ فِيهَا وَعَلَى زَوْجِهَا طَلَاقُهَا.

وَلَهُ تَزْوِيجُ مَنْ شَاءَ لِمَنْ شَاءَ وَلَوْ لِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ مُتَوَلِّيًا لِلطَّرَفَيْنِ وَيُزَوِّجُهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأُبِيحَ لَهُ الْوِصَالُ أَيْ فِي الصَّوْمِ وَصَفِيُّ الْمَغْنَمِ وَخُمْسُ الْخُمْسِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ وَيَقْضِي بِعِلْمِهِ وَيَحْكُمُ وَيَشْهَدُ لِنَفْسِهِ وَفَرْعِهِ وَعَلَى عُدُوِّهِ وَيَحْمِي لِنَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ لَهُ وَتَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ بِمَا ادَّعَاهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ شَهِدَ لَهُ وَلَهُ أَخْذُ طَعَامِ غَيْرِهِ إنْ احْتَاجَهُ وَيَجِبُ إعْطَاؤُهُ لَهُ وَبَذْلُ النَّفْسِ دُونَهُ وَلَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ بِالنَّوْمِ وَمَنْ شَتَمَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لَعَنَهُ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ قُرْبَةً، وَمُعْظَمُ هَذِهِ الْمُبَاحَاتِ لَمْ يَفْعَلْهُ. الرَّابِعُ: الْفَضَائِلُ وَالْإِكْرَامُ وَهِيَ تَحْرِيمُ زَوْجَاتِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ مُطَلَّقَاتٍ وَمُخْتَارَاتٍ فِرَاقَهَ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَسَرَارِيهِ وَتَفْضِيلُ نِسَائِهِ عَلَى سَائِرِ النِّسَاءِ وَثَوَابُهُنَّ وَعِقَابُهُنَّ مُضَاعَفٌ وَهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ إكْرَامًا فَقَطْ كَهُوَ فِي الْأُبُوَّةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَتَحْرِيمُ سُؤَالِهِنَّ إلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَفْضَلُ نِسَاءِ الْعَالَمِ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ثُمَّ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ خَدِيجَةُ وَمَنْ فَضَّلَهَا عَلَى ابْنَتِهَا فَمِنْ حَيْثُ الْأُمُومَةُ ثُمَّ عَائِشَةُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَسَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ وَأَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ، وَأُمَّتُهُ خَيْرُ الْأُمَمِ مَعْصُومَةٌ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ وَصُفُوفُهُمْ كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ وَشَرِيعَتُهُ مُؤَبَّدَةٌ نَاسِخَةٌ لِغَيْرِهَا وَمُعْجِزَتُهُ بَاقِيَةٌ وَهِيَ الْقُرْآنُ وَنُصِرَ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَجُعِلَتْ لَهُ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرَابُهَا طَهُورًا وَأُحِلَّتْ لَهُ الْغَنَائِمُ وَلَمْ يُوَرَّثْ وَتَرِكَتُهُ صَدَقَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَأُكْرِمَ بِالشَّفَاعَاتِ الْخَمْسِ وَخُصَّ بِالْعُظْمَى وَدُخُولِ خَلْقٍ مِنْ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَأُرْسِلَ إلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ اتِّبَاعًا وَكَانَ لَا يَنَامُ قَلْبُهُ وَيَرَى مِنْ خَلْفَهُ وَتَطَوُّعُهُ قَاعِدًا كَقَائِمٍ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ خَاطَبَهُ بِالسَّلَامِ.

وَيَحْرُمُ رَفْعُ الصَّوْتِ فَوْقَ صَوْتِهِ وَنِدَاؤُهُ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ وَبِاسْمِهِ وَالتَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ مُطْلَقًا عَلَى الْمَذْهَبِ وَتَجِبُ إجَابَتُهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا تَبْطُلُ بِهَا وَلَوْ فِعْلًا كَثِيرًا كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَشَمَلَهُ كَلَامُهُمَا وَكَانَ يُتَبَرَّكُ وَيُسْتَشْفَى بِبَوْلِهِ وَدَمِهِ وَمَنْ زَنَى بِحَضْرَتِهِ أَوْ اسْتَخَفَّ بِهِ كَفَرَ، وَإِنْ نَظَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّنَا وَأَوْلَادُ بَنَاتِهِ يُنْسَبُونَ إلَيْهِ وَتَحِلُّ لَهُ الْهَدِيَّةُ مُطْلَقًا وَأُعْطِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَكَانَ يُؤْخَذُ عَنْ الدُّنْيَا عِنْدَ الْوَحْيِ مَعَ بَقَاءِ التَّكْلِيفِ وَلَا يَجُوزُ الْجُنُونُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ وَلَا الِاحْتِلَامُ وَرُؤْيَتُهُ فِي النَّوْمِ حَقٌّ وَلَا يُعْمَلُ بِهَا فِي الْأَحْكَامِ لِعَدَمِ ضَبْطِ النَّائِمِ وَلَا تَأْكُلُ الْأَرْضُ لُحُومَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْكَذِبُ عَلَيْهِ عَمْدًا كَبِيرَةٌ وَنَبَعَ الْمَاءُ الطَّهُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ وَصَلَّى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْأَنْبِيَاءِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَكَانَ أَبْيَضَ الْإِبِطِ وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ وَيَبْلُغُهُ سَلَامُ النَّاسِ بَعْدَ مَوْتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>