للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ الطَّلَاقِ) هُوَ لُغَةً حَلُّ الْقَيْدِ وَشَرْعًا حَلُّ عَقْدِ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْكِتَابُ

ــ

[حاشية الجمل]

جَمِيعِهِ فَيَقَعُ بَائِنًا بِأَنْ تَكُونَ رَشِيدَةً وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَعْلَمُ قَدْرَهُ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ زَكَاةٌ خِلَافًا لِمَا أَطَالَ بِهِ الرِّيمِيُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَعَلُّقِهَا وَدُونَهُ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر.

(فَرْعٌ) يَقَعُ كَثِيرًا أَنْ تَقَعَ مُشَاجَرَةٌ بَيْنَ الرَّجُلِ وَزَوْجَتِهِ فَتَقُولُ لَهُ أَبْرَأْتُك فَيَقُولُ لَهَا إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك فَأَنْت طَالِقٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ أَنَّهَا إنْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ مَعْلُومٍ وَهِيَ رَشِيدَةٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِتَعْلِيقِهِ عَلَى مُجَرَّدِ صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ وَقَدْ وُجِدَتْ لَا بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ عِوَضًا فِي مُقَابَلَةِ الطَّلَاقِ لِصِحَّةِ الْبَرَاءَةِ قَبْلَ وُقُوعِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُبَرَّأُ مِنْهُ مَجْهُولًا فَلَا بَرَاءَةَ وَلَا وُقُوعَ فَتَنَبَّهْ لَهُ، فَإِنَّهُ دَقِيقٌ كَثِيرُ الْوُقُوعِ اهـ ع ش عَلَيْهِ بِحُرُوفِهِ

[كِتَابُ الطَّلَاقِ]

(كِتَابُ الطَّلَاقِ) أَيْ بَيَانُ أَحْكَامِهِ وَمِنْهَا بَيَانُ صَرَائِحِهِ وَكِنَايَاتِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَهُوَ جَاهِلِيٌّ جَاءَ الشَّرْعُ بِتَقْرِيرِهِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَهُوَ لَفْظٌ جَاهِلِيٌّ جَاءَ الشَّرْعُ بِتَقْرِيرِهِ فَلَيْسَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً حَلُّ الْقَيْدِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَيْدِ الْأَعَمُّ مِنْ الْحِسِّيِّ وَالْمَعْنَوِيِّ لِيَكُونَ بَيْنَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ عَلَاقَةٌ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَوِيُّ خِلَافَ ظَاهِرِ التَّعْبِيرِ بِالْحِلِّ.

وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ حِلِّ الْقَيْدِ وَالْإِطْلَاقِ انْتَهَتْ فَحُمِلَ حِلُّ الْقَيْدِ عَلَى الْحِسِّيِّ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ وَعُطِفَ عَلَيْهِ الْإِطْلَاقُ الَّذِي هُوَ أَظْهَرُ فِي أَخْذِ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ مِنْهُ كَمَا تَقَرَّرَ ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ فِي تَفْسِيرِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ حَلُّ الْقَيْدِ أَنَّهُ مَصْدَرٌ فَانْظُرْ هَلْ اُسْتُعْمِلَ الْفِعْلُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ مُجَرَّدًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى التَّطْلِيقِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ رَشِيدِيٌّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقًا فَهُوَ مُطَلِّقٌ، فَإِنْ كَثُرَ تَطْلِيقُهُ لِلنِّسَاءِ قِيلَ مِطْلَاقٌ وَالِاسْمُ الطَّلَاقُ وَطَلُقَتْ هِيَ تَطْلُقُ مِنْ بَابِ قَتَلَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ قَرُبَ فَهِيَ طَالِقٌ بِغَيْرِهَا وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ أَيْضًا امْرَأَةٌ طَالِقٌ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَطَالِقَةٌ غَدًا فَصَرَّحَ بِالْفَرْقِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ غَيْرُ وَاقِعَةٍ وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ إذَا كَانَ النَّعْتُ مُنْفَرِدًا بِهِ الْأُنْثَى دُونَ الذَّكَرِ لَمْ تَدْخُلْهُ الْهَاءُ نَحْوُ طَالِقٍ وَطَامِثٍ وَحَائِضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى فَارِقٍ لِاخْتِصَاصِ الْأُنْثَى بِهِ اهـ لَكِنَّ هَذَا كُلَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا اسْتِعْمَالَ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي حَلِّ الْقَيْدِ الْمَعْنَوِيِّ، وَأَمَّا اسْتِعْمَالُهَا فِي حَلِّ الْقَيْدِ الْحِسِّيِّ فَيُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُخْتَارِ وَنَصُّهَا وَأَطْلَقَ الْأَسِيرُ خَلَاهُ وَأَطْلَقَ النَّاقَةَ مِنْ عِقَالِهَا فَطَلَقَتْ هِيَ بِالْفَتْحِ وَأَطْلَقَ يَدَهُ بِالْخَبَرِ وَطَلَقَهَا أَيْضًا بِالتَّخْفِيفِ وَالطَّلَاقُ أَيْضًا الْأَسِيرُ الَّذِي أَطْلَقَ عَنْهُ أَسَارَهُ وَخَلَى سَبِيلُهُ وَالِانْطِلَاقُ الذَّهَابُ وَاسْتِطْلَاقُ الْبَطْنِ مَشْيُهُ اهـ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ حَلَّ الْمَشْيُ يَحِلُّ بِالْكَسْرِ حِلًّا خِلَافُ حَرُمَ وَحَلَّ الدَّيْنُ يَحِلُّ بِالْكَسْرِ أَيْضًا حُلُولًا انْتَهَى فِي أَجَلِهِ فَهُوَ حَالٌّ وَحَلَّتْ الْمَرْأَةُ لِلزَّوْجِ زَالَ الْمَانِعُ الَّذِي كَانَتْ مُتَّصِفَةً بِهِ كَالْعِدَّةِ وَحَلَّ الْحَقُّ حَلَّا وَحُلُولًا وَجَبَ وَحَلَّ الْمُحْرِمُ حِلًّا بِالْكَسْرِ خَرَجَ مِنْ إحْرَامِهِ وَحَلَّ صَارَ فِي الْحِلِّ وَالْحِلُّ مَا عَدَا الْحَرَمَ وَحَلَّ الْهَدْيُ وَصَلَ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُنْحَرُ فِيهِ وَحَلَّتْ الْيَمِينُ بَرَّتْ وَحَلَّ الْعَذَابُ يَحُلُّ وَيَحِلُّ حُلُولًا هَذِهِ وَحْدَهَا بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ فَالضَّمُّ عَلَى مَعْنَى نَزَلَ بِغَيْرِهِ وَالْكَسْرُ عَلَى مَعْنَى وَجَبَ وَالْبَاقِي بِالْكَسْرِ فَقَطْ وَحَلَلْت بِالْبَلَدِ حُلُولًا مِنْ بَابِ قَعَدَ نَزَلْت بِهِ وَيَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ أَيْضًا فَيُقَالُ حَلَلْت الْبَلَدَ وَالْمَحَلُّ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْكَسْرُ لُغَةٌ حَكَاهَا ابْنُ الْقَطَّاعِ مَوْضِعُ الْحُلُولِ وَالْمَحِلُّ بِالْكَسْرِ الْأَجَلُ وقَوْله تَعَالَى {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] أَيْ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُنْحَرُ فِيهِ وَالْمَحَلَّةُ بِالْفَتْحِ الْمَكَانُ يَنْزِلُهُ الْقَوْمُ وَحَلَلْت الْعُقْدَةَ حَلًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ وَاسْمُ الْفَاعِلِ حَلَالٌ وَمِنْهُ قِيلَ حَلَلْت الْيَمِينَ إذَا فَعَلْت مَا يَخْرُجُ عَنْ الْحِنْثِ فَانْحَلَّتْ هِيَ وَالْحَلِيلُ الزَّوْجُ وَالْحَلِيلَةُ الزَّوْجَةُ وَالْحِلَّةُ بِالْكَسْرِ الْقَوْمُ النَّازِلُونَ وَتُطْلَقُ الْحِلَّةُ عَلَى الْبُيُوتِ مَجَازًا تَسْمِيَةً لِلْمَحَلِّ بِاسْمِ الْحَالِّ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا حَلُّ عَقْدِ النِّكَاحِ) وَعَرَّفَهُ النَّوَوِيُّ بِقَوْلِهِ تَصَرُّفٌ مَمْلُوكٌ لِلزَّوْجِ يُحْدِثُهُ بِلَا سَبَبٍ فَيَقْطَعُ النِّكَاحَ وَتَعْتَرِيه الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ فَوَاجِبٌ كَطَلَاقِ الْمَوْلَى أَوْ الْحَكَمَيْنِ كَمَا مَرَّ وَحَرَامٌ كَطَلَاقِ الْبِدْعَةِ وَمَنْدُوبٌ كَطَلَاقِ عَاجِزٍ عَنْ الْقِيَامِ بِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ مَنْ لَا يَمِيلُ إلَيْهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَبِأَمْرِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ لِغَيْرِ تَعَنُّتٍ وَمَكْرُوهٌ لِمَا خَلَا عَنْ ذَلِكَ وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى الْمُبَاحِ بِمَنْ لَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِمُؤْنَتِهَا لِعَدَمِ مَيْلِهِ إلَيْهَا مَيْلًا كَامِلًا (تَنْبِيهٌ)

مِنْ الْمَنْدُوبِ طَلَاقُ سَيِّئَةِ الْخُلُقِ بِحَيْثُ لَا يَصِيرُ عَلَى عِشْرَتِهَا لَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ عَدَمَ سُوءِ الْخُلُقِ مُحَالٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ «الصَّالِحَةُ فِي النِّسَاءِ كَالْغُرَابِ الْأَعْصَمِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>