للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إلَّا بِوِلَادَةٍ مِنْ آخَرَ فَاللَّبَنُ بَعْدَهَا لَهُ) أَيْ لِلْآخَرِ فَعُلِمَ أَنَّهُ قَبِلَهَا لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ دَخَلَ وَقْتَ ظُهُورِ لَبَنِ حَمْلِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ غِذَاءٌ لِلْوَلَدِ لَا لِلْحَمْلِ فَيَتْبَعُ الْمُنْفَصِلَ سَوَاءٌ أَزَادَ اللَّبَنُ عَلَى مَا كَانَ أَمْ لَا، وَيُقَالُ: إنَّ أَقَلَّ مُدَّةٍ يَحْدُثُ فِيهَا اللَّبَنُ لِلْحَمْلِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ.

(فَصْلٌ) فِي طُرُوُّ الرَّضَاعِ عَلَى النِّكَاحِ مَعَ الْغُرْمِ بِسَبَبِ قَطْعِهِ النِّكَاحَ لَوْ كَانَ (تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ، فَأَرْضَعَتْهَا مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنْتُهَا) كَأُخْتِهِ وَأُمِّهِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ بِلَبَنِهِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ وَزَوْجَةٍ أُخْرَى لَهُ بِلَبَنِهِ أَوْ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ لَهُ وَلَوْ بِلَبَنِ غَيْرِهِ (انْفَسَخَ نِكَاحُهُ) مِنْهَا لِصَيْرُورَتِهَا مَحْرَمًا لَهُ كَمَا صَارَتْ فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ بِنْتَ أُخْتِهِ أَوْ أُخْتَهُ أَوْ بِنْتَ مَوْطُوءَتِهِ، وَمِنْ زَوْجَتِهِ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى (وَلَهَا) أَيْ لِلصَّغِيرَةِ عَلَيْهِ (نِصْفُ مَهْرِهَا) الْمُسَمَّى إنْ كَانَ صَحِيحًا، وَإِلَّا نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ فِرَاقٌ قَبْلَ الْوَطْءِ (وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ لَمْ يَأْذَنْ) فِي إرْضَاعِهَا (نِصْفُ مَهْرِ مِثْلٍ)

ــ

[حاشية الجمل]

وَلَوْ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً فَكُلُّ مَنْ ارْتَضَعَ مِنْ لَبَنِهَا قَبْلَ وِلَادَتِهَا صَارَ ابْنًا لَهُ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: إلَّا بِوِلَادَةٍ مِنْ آخَرَ) أَيْ وَلَوْ مِنْ زِنًا فَقَدْ قَالَ الزِّيَادِيُّ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ نَقَلَهُ عَنْ حَجّ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَمْلِ الزِّنَا وَغَيْرِهِ فَإِذَا وَضَعَتْ مِنْ الزِّنَا انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ لِلْأَوَّلِ، وَصَارَ لِلزِّنَا اهـ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَأَمَّا مَا حَدَثَ بِوَلَدِ الزِّنَا فَالْأَوْجَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمَا انْقِطَاعُ نِسْبَةِ اللَّبَنِ لِلْأَوَّلِ بِهِ وَإِحَالَتُهُ عَلَى وَلَدِ الزِّنَا انْتَهَتْ، وَتَسْتَمِرُّ الْإِحَالَةُ الْمَذْكُورَةُ إلَى حُدُوثِ وَلَدٍ مِنْ غَيْرِ زِنًا كَمَا انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ عَنْ الْأَوَّلِ لَا تَثْبُتُ لِلزَّانِي لِعَدَمِ احْتِرَامِ مَائِهِ فَلَوْ رَضَعَ مِنْهُ طِفْلٌ ثَبَتَتْ لَهُ الْأُمُومَةُ دُونَ الْأُبُوَّةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِوِلَادَةٍ مِنْ آخَرَ) هَلْ تَشْمَلُ الْوِلَادَةُ الْعَلَقَةَ وَالْمُضْغَةَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَعْنِي م ر بِأَنْ تَمَّ انْفِصَالُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ لَا يُسَمَّى وَلَدًا فَلْيُرَاجَعْ وَيُفَرَّقُ مَا هُنَا وَمَا فِي الْعَدَدِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِوَضْعِ الْمُضْغَةِ بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بِوَضْعِهَا فَاكْتُفِيَ بِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ دَخَلَ وَقْتُ ظُهُورِ لَبَنِ حَمْلِ الْآخَرِ) رَدٌّ عَلَى قَوْلَيْنِ ضَعِيفَيْنِ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَفِي قَوْلٍ هُوَ فِيمَا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ ذَلِكَ لِلثَّانِي إنْ انْقَطَعَ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ عَادَ إلْحَاقًا لِلْحَمْلِ بِالْوِلَادَةِ وَفِي قَوْلِهِ هُوَ لَهُمَا لِتَعَارُضِ تَرْجِيحِهَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: يَحْدُثُ فِيهَا اللَّبَنُ لِلْحَمْلِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا) أَيْ مِنْ الْعُلُوقِ اهـ ع ش وَالْمُشَاهَدُ أَنَّ اللَّبَنَ إنَّمَا يَحْدُثُ فِي الْحَامِلِ قُبَيْلَ الْوَضْعِ وَدَعَاهُ لِذِكْرِ هَذِهِ قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَزَادَ اللَّبَنُ أَمْ لَا الْمُقْتَضِي أَنَّ اللَّبَنَ يَتَجَدَّدُ بِسَبَبِ الْحَمْلِ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ أَنَّ اللَّبَنَ وَلَوْ حَدَثَ وَتَجَدَّدَ قَبْلَ الْوَضْعِ مَنْسُوبٌ لِلْأَوَّلِ اهـ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَوَّلُ حُدُوثِهِ عِنْدَ اسْتِكْمَالِ خَلْقِ الْحَمْلِ وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ يُرْجَعُ إلَى قَوْلِ الْقَوَابِلِ وَانْظُرْ هَلْ الْأَرْبَعُونَ يَوْمًا مِنْ أَوَّلِ الْحَمْلِ أَوْ قَبْلَ الْوِلَادَةِ رَاجِعْهُ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ الْمُتَقَدِّمُ يُعَضِّدُ الثَّانِيَ اهـ.

[فَصْلٌ فِي طُرُوُّ الرَّضَاعِ عَلَى النِّكَاحِ مَعَ الْغُرْمِ بِسَبَبِ قَطْعِهِ النِّكَاحَ]

(فَصْلٌ فِي طُرُوُّ الرَّضَاعِ عَلَى النِّكَاحِ)

أَيْ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى طُرُوِّهِ عَلَيْهِ مِنْ انْفِسَاخِ النِّكَاحِ وَالتَّحْرِيمِ تَارَةً وَعَدَمِهِ أُخْرَى (قَوْلُهُ: تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ) أَيْ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَزَوْجَةُ أَبِيهِ بِلَبَنِهِ) أَيْ أَوْ زَوْجَةُ ابْنِهِ أَوْ أَخِيهِ بِلَبَنِهِمَا اهـ شَرْحُ م ر، وَهَذَا هُوَ الَّذِي بَقِيَ لِلْكَافِ (قَوْلُهُ: وَزَوْجَةٌ أُخْرَى لَهُ بِلَبَنِهِ) فِي التَّقْيِيدِ بِلَبَنِهِ نَظَرٌ فَإِنَّ لَبَنَ غَيْرِهِ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلِانْفِسَاخِ وَكَذَا لِحُرْمَةِ الصَّغِيرَةِ إنْ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ.

(فَرْعٌ) لَوْ أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكَبِيرَةُ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ انْفَسَخَ لِصَيْرُورَةِ الصَّغِيرَةِ بِنْتًا لِلْكَبِيرَةِ وَاجْتِمَاعُ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ فِي النِّكَاحِ مُمْتَنِعٌ وَحَرُمَتْ الْكَبِيرَةُ عَلَيْهِ أَبَدًا؛ لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِ وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ أَرْضَعَتْهَا الْكَبِيرَةُ بِلَبَنِهِ؛ لِأَنَّهَا بِنْتُهُ، وَإِلَّا بِأَنْ أَرْضَعَتْهَا الْكَبِيرَةُ بِلَبَنِ غَيْرِهِ فَهِيَ رَبِيبَةٌ لَهُ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالْكَبِيرَةِ، وَإِلَّا حَرُمَتْ عَلَيْهِ اهـ وَسَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَرْضَعَتْهَا الْكَبِيرَةُ إلَخْ تَأَمَّلْ اهـ سم.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: بِلَبَنِهِ أَيْ الزَّوْجِ اُنْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا التَّقْيِيدِ فَإِنَّ كَلَامَهُ فِي انْفِسَاخِ النِّكَاحِ، وَهُوَ يَنْفَسِخُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ التَّحْرِيمِ فَسَيَأْتِي، وَقَدْ يُقَالُ قَيَّدَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنْتُهَا؛ لِأَنَّ بِنْتَهَا لَا تَحْرُمُ إلَّا حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ أَرْضَعَتْ بِلَبَنِهِ الْمُسْتَلْزِمِ وَطْأَهُ لَهَا، وَلَوْ بِالْإِمْكَانِ وَإِلَّا بِأَنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ غَيْرِهِ كَانَتْ رَبِيبَةً، وَلَا تَحْرُمُ إلَّا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ مَوْطُوءَةً انْتَهَتْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي مَفْهُومِ هَذَا الْقَيْدِ تَفْصِيلًا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَأَلَّا فَرَبِيبَةٌ، وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ يَنْفَسِخُ مُطْلَقًا كَمَا قَالَ هُنَاكَ وَتَنْفَسِخُ، وَإِنْ لَمْ تَحْرُمْ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى التَّقْيِيدِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: كَمَا صَارَتْ) الْكَافُ لِلتَّعْلِيلِ بِنْتَ أُخْتِهِ أَيْ فِي الْأُولَى أَوْ أُخْتَهُ أَيْ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ أَوْ بِنْتَ مَوْطُوءَتِهِ أَيْ فِي الرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ) أَيْ إنْ كَانَ حُرًّا وَإِلَّا فَلِسَيِّدِهِ، وَإِنْ كَانَ الْفَوَاتُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الزَّوْجِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ: وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ أَيْ، وَإِنْ لَزِمَهَا الْإِرْضَاعُ لِتَعَيُّنِهَا عِنْدَ خَوْفِ تَلَفِ الصَّغِيرَةِ اهـ ز ي وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ نِصْفُ مَهْرٍ أَيْ وَلَوْ مُكْرَهَةً أَوْ لَزِمَهَا الْإِرْضَاعُ أَوْ مَمْلُوكَةً لِغَيْرِهِ وَلَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُبَعَّضَةً وَالْغُرْمُ عَلَى الْمَمْلُوكَةِ فِي رَقَبَتِهَا وَفِي الْمُبَعَّضَةِ بِالْقِسْطِ، وَقَرَارُ الضَّمَانِ فِي الْمُكْرَهَةِ عَلَى مَنْ أَكْرَهَهَا وَلَوْ حَلَبَتْ لَبَنَهَا وَأَمَرَتْ غَيْرَهَا بِإِيجَارِهِ فَإِنْ اعْتَقَدَ وُجُوبَ الطَّاعَةِ فَعَلَيْهَا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلٍ) الْمُرْضِعَةُ هُنَا شَامِلَةٌ لِزَوْجَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>