للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا إسْكَانُهَا فَتَقَدَّمَ فِي الْعِدَدِ أَنَّهُ وَاجِبٌ (وَمُؤْنَةُ عِدَّةٍ كَمُؤْنَةِ زَوْجَةٍ) فِي تَقْدِيرِهَا وَوُجُوبِهَا يَوْمًا فَيَوْمًا وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ النِّكَاحِ وَلِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ مُؤْنَةٌ لِلزَّوْجَةِ لَا لِلْحَمْلِ كَمَا مَرَّ (وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا) لَهَا (إلَّا بِظُهُورِ حَمْلٍ) لِيَظْهَرَ سَبَبُ الْوُجُوبِ وَمِثْلُهُ اعْتِرَافُ الْمُفَارِقِ بِالْحَمْلِ، وَتَعْبِيرِي بِالْمُؤْنَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالنَّفَقَةِ.

(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤْنَةِ الزَّوْجَةِ لَوْ (أَعْسَرَ) الزَّوْجُ (مَالًا وَكَسْبًا لَائِقًا بِهِ بِأَقَلِّ نَفَقَةٍ أَوْ كِسْوَةٍ أَوْ بِمَسْكَنٍ) لِزَوْجَتِهِ (أَوْ مَهْرٍ وَاجِبٍ

ــ

[حاشية الجمل]

وَأَمَّا إسْكَانُهَا إلَخْ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَلَا مُؤْنَةَ لِحَائِلٍ بَائِنٍ أَيْ مُؤْنَةً غَيْرَ السُّكْنَى أَمَّا هِيَ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا تَجِبُ لِكُلِّ مُعْتَدَّةٍ عَنْ فُرْقَةٍ وَأَشَارَ لِهَذَا التَّقْيِيدِ هُنَاكَ بِقَوْلِهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا لَهَا إلَّا بِظُهُورِ حَمْلٍ) وَيَكْفِي فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَلَوْ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَوْ أَنْفَقَ بِظَنِّ الْحَمْلِ فَبَانَ خِلَافُهُ رَجَعَ عَلَيْهَا، وَالْقَوْلُ فِي تَأَخُّرِ تَارِيخِ الْوَضْعِ قَوْلُ مُدَّعِيهِ فَلَوْ قَالَتْ: وَضَعْتُ الْيَوْمَ فَلِي نَفَقَةُ شَهْرٍ قَبْلَهُ، وَقَالَ: بَلْ وَضَعْتِ مِنْ شَهْرٍ قَبْلَهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَضْعِ، وَبَقَاءُ النَّفَقَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً لَكِنْ إنْ ادَّعَتْ الْإِنْفَاقَ عَلَى وَلَدِهَا مِنْ مَالِهَا لَمْ تَرْجِعْ بِمَا أَنْفَقَتْهُ حَتَّى تُشْهِدَ أَيْ تُثْبِتَ أَنَّهَا أَنْفَقَتْ أَوْ أَنَّ الْحَاكِمَ أَذِنَ لَهَا أَنْ تُنْفِقَ لِتَرْجِعَ عَلَيْهِ اهـ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِظُهُورِ حَمْلٍ) أَيْ وَقَبْلَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُهَا لَهَا وَإِذَا ثَبَتَ وُجُودُ الْحَمْلِ لَزِمَهُ الدَّفْعُ مِنْ أَوَّلِ الْعِدَّةِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: إلَّا بِظُهُورِ حَمْلٍ) أَيْ وَلَوْ بِقَوْلِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَيَجِبُ دَفْعُهَا لِمَا مَضَى مِنْ حِينِ الْعُلُوقِ اهـ حَجّ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤْنَةِ الزَّوْجَةِ]

أَيْ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا فَسْخَ بِامْتِنَاعِ غَيْرِهِ إلَى قَوْلِهِ وَلَا فِي غَيْرِ مَهْرٍ لِسَيِّدِ أَمَةٍ اهـ (قَوْلُهُ: لَوْ أَعْسَرَ الزَّوْجُ، وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا) نَعَمْ إنْ كَانَ لِلزَّوْجِ ضَامِنٌ بِالْإِذْنِ، وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَا فَسْخَ أَوْ ضَمِنَهَا أَبٌ عَنْ مَحْجُورِهِ، وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَا فَسْخَ أَيْضًا، وَيَثْبُتُ إعْسَارُ الصَّغِيرِ بِالْبَيِّنَةِ كَغَيْرِهِ، وَإِعْسَارُ غَيْرِهِ بِهَا إنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا كَفَى الْيَمِينُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: أَعْسَرَ مَالًا وَكَسْبًا) وَلَا يَمْنَعُ إعْسَارَهُ عَقَارٌ أَوْ عَرَضٌ لَا يَتَيَسَّرُ بَيْعُهُمَا اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وَلَعَلَّ الْمُرَادَ لَا يَتَيَسَّرُ بَيْعُهُمَا بَعْدَ مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ فَيَكُونَ كَالْمَالِ الْغَائِبِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَسْبًا لَائِقًا) فَلَا تَفْسَخُ امْرَأَةُ رَجُلٍ مُكْتَسِبٍ مَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ بِالْكَسْبِ كَهِيَ بِالْمَالِ فَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ النَّفَقَةِ لَمْ تَفْسَخْ؛ لِأَنَّهَا هَكَذَا تَجِبُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدَّخِرَ لِلْمُسْتَقْبَلِ فَلَوْ بَطَلَ مَنْ كَانَ يَكْتَسِبُ فِي بَعْضِ الْأُسْبُوعِ نَفَقَةَ جَمِيعِهِ الْكَسْبَ أُسْبُوعًا لِعَارِضٍ فَسَخَتْ لِتَضَرُّرِهَا، وَتَكُونُ قُدْرَتُهُ عَلَى الْكَسْبِ بِمَنْزِلَةِ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ تَحْصُلُ الْبَطَالَةُ عَلَى الْجُعَلَاءِ أَيْ الْعَمَلَةِ بِأَنْ لَمْ يَجِدُوا مَنْ يَسْتَعْمِلُهَا وَتَعَذَّرَتْ النَّفَقَةُ لِذَلِكَ، وَكَانَ ذَلِكَ يَقَعُ غَالِبًا لَا نَادِرًا جَازَ لَهَا الْفَسْخُ لِتَضَرُّرِهَا اهـ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا أَثَرَ لِعَجْزِهِ إنْ رُجِيَ بُرْؤُهُ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: لَائِقًا بِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُ اللَّائِقِ إذَا أَرَادَ تَحَمُّلَ الْمَشَقَّةِ بِمُبَاشَرَتِهِ اهـ شَرْحُ م ر وحج فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ بَدَلَ هَذَا الْقَيْدِ التَّقْيِيدَ بِالْحَلَالِ؛ إذْ هُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ كَمَا فِي شَرْحِ م ر

وَقَالَ فِي مُحْتَرَزِهِ: وَخَرَجَ بِالْحَلَالِ الْحَرَامُ فَلَا أَثَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فَلَهَا الْفَسْخُ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ: الْكَسْبُ بِنَحْوِ بَيْعِ خَمْرٍ كَالْعَدَمِ وَبِنَحْوِ صَنْعَةِ آلَةِ لَهْوٍ مُحَرَّمَةٍ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَلَا فَسْخَ لِزَوْجَتِهِ، وَكَذَا مَا يُعْطَاهُ مُنَجِّمٌ وَكَاهِنٌ؛ لِأَنَّهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ فَهُوَ كَالْهِبَةِ مَرْدُودٌ؛ إذْ الْوَجْهُ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِصَانِعِ مُحَرَّمَ لِإِطْبَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِآنِيَةِ نَقْدٍ وَنَحْوِهَا وَمَا يُعْطَاهُ نَحْوُ الْمُنَجِّمِ إنَّمَا يُعْطَاهُ أُجْرَةً لَا هِبَةً فَلَا وَجْهَ لِكَلَامِهِمَا اهـ وَقَوْلُهُ: وَمَا يُعْطَاهُ نَحْوُ الْمُنَجِّمِ، وَمِنْ نَحْوِ الْمُنَجِّمِ الطَّبِيبُ الَّذِي لَا يُحْسِنُ الطِّبَّ، وَلَا يَعْرِفُ الْأَمْرَاضَ، وَلَكِنْ يُطَالِعُ كُتُبَ الطِّبِّ، وَيَأْخُذُ مِنْهَا مَا يَصِفُهُ لِلْمَرِيضِ فَإِنَّ مَا أَخَذَهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَا يُعْطَاهُ أُجْرَةٌ عَلَى ظَنِّ الْمَعْرِفَةِ، وَهُوَ عَارٍ مِنْهَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَيْضًا وَصْفُ الدَّوَاءِ حَيْثُ كَانَ مُسْتَنَدُهُ مُجَرَّدَ ذَلِكَ اهـ فَتَاوَى حَجّ الْحَدِيثِيَّةِ بِالْمَعْنَى اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَسْبًا لَائِقًا بِهِ) وَمِنْهُ السُّؤَالُ؛ إذْ لَا مِنَّةَ عَلَيْهَا فِيمَا يَصْرِفُهُ عَلَيْهَا مِمَّا يَتَحَصَّلُ لَهُ بِالسُّؤَالِ، وَهُوَ يَمْلِكُ مَا قَبَضَهُ بِهِ فَلَيْسَ كَاَلَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُنَجِّمُ وَالْمُحْتَرِفُ بِآلَةِ لَهْوٍ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُكَلَّفُ السُّؤَالَ بَلْ إنْ سَأَلَ وَأَحْضَرَ لَهَا مَا تُنْفِقُ امْتَنَعَ عَلَيْهَا الْفَسْخُ، وَإِلَّا فَلَا اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ كِسْوَةٍ) عَطْفٌ عَلَى نَفَقَةٍ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ بِأَقَلِّ كِسْوَةٍ وَيُرَادُ بِأَقَلِّ الْكِسْوَةِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ بِخِلَافِ نَحْوِ السَّرَاوِيلِ وَالْمُكَعَّبِ فَإِنَّهُ لَا فَسْخَ بِذَلِكَ اهـ ح ل

(قَوْلُهُ: أَوْ بِمَسْكَنٍ) عَطْفٌ عَلَى بِأَقَلَّ فَلَا فَسْخَ إذَا وَجَدَ مَسْكَنًا، وَلَوْ غَيْرَ لَائِقٍ بِهَا خِلَافًا لِمَا قَدْ يُفْهَمُ مِنْ الْعُبَابِ أَنَّ لَهَا أَنْ تَفْسَخَ مَعَ وُجُودِ غَيْرِ اللَّائِقِ اهـ ح ل، وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ أَعْسَرَ بِمَسْكَنٍ أَيْ أَيِّ مَسْكَنٍ كَانَ لَائِقًا أَوْ لَا مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَيْسَرَ بِأَيِّ مَسْكَنٍ كَانَ فَلَا تَفْسَخُ، وَهَذَا الْمَعْنَى تُفْهِمُهُ الْعِبَارَةُ أَيْضًا لَوْ جُعِلَ مَعْطُوفًا عَلَى نَفَقَةٍ فَيَكُونُ الْمَعْنَى إذَا أَعْسَرَ بِأَقَلِّ الْمَسَاكِنِ تَفْسَخُ وَيَلْزَمُ مِنْ الْإِعْسَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>