للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ الْجِنَايَةِ) الشَّامِلَةِ لِلْجِنَايَةِ بِالْجَارِحِ وَبِغَيْرِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

[كِتَابُ الْجِنَايَةِ]

(كِتَابُ الْجِنَايَاتِ) أَيْ بَيَانُ أَحْكَامِهَا، وَالْمُرَادُ الْجِنَايَةُ عَلَى الْبَدَنِ بِقَرِينَةِ تَقْسِيمِهَا إلَى الْأَقْسَامِ الْآتِيَةِ إذْ هِيَ الَّتِي تَنْقَسِمُ إلَيْهَا وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ هِيَ أَيْ الْجِنَايَةُ عَلَى الْبَدَنِ عَمْدٌ إلَخْ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَتْلَ ظُلْمًا أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْكُفْرِ، وَمُوجِبٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْعُقُوبَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَا يَتَحَتَّمُ دُخُولُهُ فِي النَّارِ وَلَا يَخْلُدُ وَأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَتُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَبِالْقَوَدِ أَوْ الْعَفْوِ أَوْ أَخْذِ الدِّيَةِ لَا تَبْقَى مُطَالَبَةٌ أُخْرَوِيَّةٌ وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَالرَّوْضَةِ مِنْ بَقَائِهَا مَحْمُولٌ عَلَى حَقِّهِ تَعَالَى إذْ لَا يُسْقِطُهُ إلَّا تَوْبَةٌ صَحِيحَةٌ، وَمُجَرَّدُ التَّمْكِينِ مِنْ الْقَوَدِ لَا يُفِيدُ إلَّا إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ نَدَمٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْصِيَةُ وَعَزْمٌ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ، وَالْقَتْلُ لَا يَقْطَعُ الْأَجَلَ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وَقَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَتْلَ ظُلْمًا أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ أَيْ الْقَتْلُ ظُلْمًا مِنْ حَيْثُ الْقَتْلُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ مُعَاهِدًا أَوْ مُؤَمَّنًا، وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ أَفْرَادَهُ مُتَفَاوِتَةٌ فَقَتْلُ الْمُسْلِمِ أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ قَتْلِ الْكَافِرِ وَقَتْلُ الذِّمِّيِّ أَعْظَمُ مِنْ قَتْلِ الْمُعَاهَدِ وَالْمُؤَمَّنِ، وَقَدْ يَشْهَدُ لِأَصْلِ التَّفَاوُتِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَقَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» أَمَّا الظُّلْمُ مِنْ حَيْثُ الِافْتِيَاتُ عَلَى الْإِمَامِ كَقَتْلِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ لَهُ بِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ كَبِيرَةً فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ، وَقَوْلُهُ وَبِالْقَوَدِ أَوْ الْعَفْوِ شَامِلٌ لِلْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَخْذِ الدِّيَةِ أَيْ فِي قَتْلٍ لَا يُوجِبُ قَوَدًا وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَفَا عَنْ الْقِصَاصِ مَجَّانًا أَوْ عَلَى الدِّيَةِ سَقَطَ الطَّلَبُ عَنْ الْقَاتِلِ فِي الْآخِرَةِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الْوَارِثُ مِنْهُ الدِّيَةَ،

وَقَوْلُهُ لَا تَبْقَى مُطَالَبَةٌ أُخْرَوِيَّةٌ ظَاهِرُهُ لَا لِلْوَارِثِ وَلَا لِلْمَقْتُولِ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْقَاتِلَ يَتَعَلَّقُ بِهِ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَحَقٌّ لِلْمَقْتُولِ وَحَقٌّ لِلْوَلِيِّ فَإِذَا سَلَّمَ الْقَاتِلُ نَفْسَهُ طَوْعًا وَاخْتِيَارًا إلَى الْوَلِيِّ نَدَمًا عَلَى مَا فَعَلَ خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَتَوْبَةً نَصُوحًا سَقَطَ

<<  <  ج: ص:  >  >>