للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ السِّرَايَةَ لَمْ تَحْصُلْ فِي الرِّقِّ حَتَّى تُعْتَبَرَ فِي حَقِّ السَّيِّدِ قَاعِدَةٌ كُلُّ جُرْحٍ أَوَّلُهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ لَا يَنْقَلِبُ مَضْمُونًا بِتَغَيُّرِ الْحَالِ فِي الِانْتِهَاءِ وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا فِي الْحَالَيْنِ اُعْتُبِرَ فِي قَدْرِ الضَّمَانِ الِانْتِهَاءُ وَفِي الْقَوَدِ الْكَفَاءَةُ مِنْ الْفِعْلِ إلَى الِانْتِهَاءِ.

(فَصْلٌ) فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي قَوَدِ الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي مَعَ مَا يَأْتِي (كَالنَّفْسِ فِيمَا مَرَّ) مِمَّا يُعْتَبَرُ لِوُجُوبِ الْقَوَدِ وَمِنْ أَنَّهُ يُقَادُ مِنْ جَمْعٍ بِوَاحِدٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ (غَيْرُهَا) مِنْ طَرَفٍ وَغَيْرِهِ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (فَيُقْطَعُ بِالشُّرُوطِ) السَّابِقَةِ (جَمْعٌ) أَيْ أَيْدِيهِمْ (بِيَدٍ تَحَامَلُوا عَلَيْهَا) دُفْعَةً بِمُحَدَّدٍ (فَأَبَانُوهَا) فَإِنْ لَمْ يَتَحَامَلُوا بِأَنْ تَمَيَّزَ فِعْلُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ كَأَنْ قَطَعَ وَاحِدٌ مِنْ جَانِبٍ وَآخَرُ مِنْ جَانِبٍ حَتَّى الْتَقَتْ الْحَدِيدَتَانِ

ــ

[حاشية الجمل]

حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِ مَوْتِهِ رَقِيقًا فَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ كَامِلَةً كَمَا عَلَّلَ بِهِ الْوَجْهَ الْمَذْكُورَ

وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ لَا الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ إلَخْ هُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ فِي الْأَصْلِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ قِيَاسًا عَلَى الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا، وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ لَا يُفِيدُ الْفَرْقَ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ السِّرَايَةَ لَمْ تَحْصُلْ فِي الرِّقِّ) اُنْظُرْ هَذَا التَّعْلِيلَ مَعَ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَلَوْ جَرَحَ عَبْدًا فَعَتَقَ وَمَاتَ سِرَايَةً مَعَ أَنَّ السِّرَايَةَ لَمْ تَحْصُلُ فِي الرِّقِّ أَيْضًا اهـ ح ل وَمَا قَالَهُ مُسَلَّمٌ وَلَكِنْ تِلْكَ فِي جُرْحٍ لَيْسَ لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ فَلَمْ يَتَأَتَّ فِيهَا الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْأَقَلِّ مِنْ الدِّيَةِ وَالْأَرْشِ إذْ لَا أَرْشَ بِخِلَافِ هَذِهِ كَمَا هُوَ سِيَاقُ كَلَامِهِ فَتَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ حَتَّى تُعْتَبَرَ فِي حَقِّ السَّيِّدِ) هَذَا فِي حَيِّزِ النَّفْيِ ثُمَّ الضَّمِيرُ فِي تُعْتَبَرَ إنْ كَانَ رَاجِعُهُ لِلسِّرَايَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ حَجّ وَرَدَ عَلَيْهَا أَنَّهَا قَدْ اُعْتُبِرَتْ عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ حَيْثُ وَجَبَ الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ وَالْأَرْشِ، فَإِذَا كَانَتْ الدِّيَةُ هِيَ الْأَقَلُّ فَقَدْ اُعْتُبِرَتْ السِّرَايَةُ فِي حَقِّهِ، وَإِلَّا فَلَوْ لَمْ تُعْتَبَرْ لَكَانَ الْوَاجِبُ الْأَرْشَ لَا غَيْرُ فَالْأَظْهَرُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ لَا يَنْقَلِبُ مَضْمُونًا بِتَغَيُّرِ الْحَالِ فِي الِانْتِهَاءِ) وَكَذَا عَكْسُهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ ارْتَدَّ جَرِيحٌ وَمَاتَ إلَخْ فَيُزَادُ فِي الْقَاعِدَةِ وَكُلُّ جُرْحٍ وَقَعَ مَضْمُونًا لَا يَنْقَلِبُ غَيْرَ مَضْمُونٍ اهـ رَشِيدِيٌّ وَأَوْضَحُ مِنْ هَذَا عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَنَصُّهَا وَكُلُّ جُرْحٍ أَوَّلُهُ مَضْمُونٌ ثُمَّ هُدِرَ الْمَضْمُونُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْجَارِحِ إلَّا ضَمَانُ الْجُرْحِ كَأَنْ جَرَحَ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ اهـ (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ فِي قَدْرِ الضَّمَانِ الِانْتِهَاءُ) كَأَنْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ لِغَيْرِهِ فَعَتَقَ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ لَا نِصْفُ الْقِيمَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ اعْتِبَارِ الِانْتِهَاءِ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ يَدَ ذِمِّيٍّ فَأَسْلَمَ وَمَاتَ سِرَايَةً وَجَبَتْ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ، وَقَدْ أَفَادَ ذَلِكَ قَوْلُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَإِنْ مَاتَ الْمَجْرُوحُ مِنْ الذِّمِّيِّ وَالْعَبْدِ بِالسِّرَايَةِ فَلَا قِصَاصَ بَلْ تَجِبُ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ إلَخْ اهـ وَقَوْلُهُ مَاتَ الْمَجْرُوحُ أَيْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَالْعِتْقِ اهـ سم (قَوْلُهُ مِنْ الْفِعْلِ) أَيْ ابْتِدَائِهِ إلَى الِانْتِهَاءِ أَيْ انْتِهَاءِ الْفِعْلِ اهـ ح ل وَفِي ع ش قَوْلُهُ إلَى الِانْتِهَاءِ أَيْ لِلْفِعْلِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ الْجَارِحُ وَمَاتَ الْمَجْرُوحُ عَلَى كُفْرِهِ قُتِلَ فِيهِ الْمُسْلِمُ اهـ ع ش.

[فَصْلٌ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي قَوَدِ الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي]

(فَصْلٌ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي قَوَدِ الْأَطْرَافِ) (قَوْلُهُ مَعَ مَا يَأْتِي) أَيْ كَعَدَمِ الْقِصَاصِ فِي كَسْرِ الْعِظَامِ وَحُكْمِ مَا لَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَتَأْكُلُ غَيْرَهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ مِمَّا يُعْتَبَرُ لِوُجُوبِ الْقَوَدِ) مِنْ كَوْنِهِ عَمْدًا عُدْوَانًا وَالْجَانِي مُكَلَّفًا مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ، وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَعْصُومًا مُكَافِئًا لِلْجَانِي اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) كَالْجُرْحِ وَالْمَعَانِي اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ) وَهُوَ قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ لِقِصَاصِ الطَّرَفِ وَالْجُرْحِ مَا شُرِطَ لِلنَّفْسِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ تَحَامَلُوا عَلَيْهَا) أَيْ سَوَاءٌ وَضَعُوا الْآلَةَ عَلَيْهَا جَمِيعًا أَوْ بَعْضُهُمْ وَقَوْلُهُ دُفْعَةً بِالضَّمِّ وَفِي الْقَامُوسِ هِيَ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ وَبِالضَّمِّ الدُّفْعَةُ مِنْ الْمَطَرِ وَمَا انْصَبَّ مِنْ سِقَاءٍ أَوْ إنَاءٍ مَرَّةً وَبِهِ عُلِمَ صِحَّةُ كُلٍّ مِنْ الْفَتْحِ وَالضَّمِّ هُنَا اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَبِهِ عُلِمَ صِحَّةُ كُلٍّ مِنْ الْفَتْحِ وَالضَّمِّ يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الضَّمِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَا مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إذْ لَيْسَ ثَمَّ شَيْءٌ مَصْبُوبٌ يُسَمَّى بِالدُّفْعَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ شَبَّهَ السَّيْفَ الْوَاقِعَ فِي مَحَلِّ الْقَطْعِ بِالشَّيْءِ الْمَصْبُوبِ مِنْ سِقَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالدَّفْعَةُ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ وَبِالضَّمِّ اسْمٌ لِمَا يُدْفَعُ بِمَرَّةٍ يُقَالُ دَفَعْت مِنْ الْإِنَاءِ دَفْعَةً بِالْفَتْحِ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ وَجَمْعُهَا دَفَعَاتٌ مِثْلُ سَجْدَةٍ وَسَجَدَاتٍ وَبَقِيَ فِي الْإِنَاءِ دُفْعَةٌ بِالضَّمِّ أَيْ مِقْدَارُ مَا يَدْفَعُ وَالدُّفْعَةُ مِنْ الْمَطَرِ وَالدَّمِ وَغَيْرِهِ مِثْلُ الْغُرْفَةِ وَالْجَمْعُ دُفَعٌ وَدُفُعَاتٌ مِثْلُ غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ وَغُرُفَاتٍ فِي وُجُوهِهَا اهـ. (قَوْلُهُ دُفْعَةً) اُنْظُرْ مُحْتَرَزَهُ وَهُوَ مَا لَوْ قَطَعَ وَاحِدٌ جَزْءًا مِنْ الْيَدِ ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُ وَكَمَّلَ الْقَطْعَ فِي مَحَلِّ الْقَطْعِ الْأَوَّلِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ لَمْ يَتَحَامَلُوا بِأَنْ تَمَيَّزَ فِعْلُ بَعْضِهِمْ إلَخْ (قَوْلُهُ فَأَبَانُوهَا) أَيْ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ كَأَنْ صَارَتْ مُعَلَّقَةً بِالْجِلْدَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَأَبَانُوهَا) بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَكُوا فِي سَرِقَةِ نِصَابٍ لَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ مَحَلُّ الْمُسَاهَلَةِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا لَوْ سَرَقَ نِصَابًا دُفْعَتَيْنِ لَمْ يُقْطَعْ وَلَوْ أَبَانَ الْيَدَ بِدُفْعَتَيْنِ قُطِعَ اهـ شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَتَحَامَلُوا إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ لَا إنْ تَمَيَّزَتْ أَفْعَالُهُمْ كَأَنْ حَزَّ كُلٌّ مِنْهُمْ مِنْ جَانِبٍ وَالْتَقَى الْحَدِيدَتَانِ وَكَذَا لَوْ قَطَعَ اثْنَانِ بِالْمِنْشَارِ فَلَا قَطْعَ عَلَى أَحَدٍ فِي الْأَوْلَى وَلَا فِي الثَّانِيَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ بَلْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ حُكُومَةٌ تَلِيقُ بِجِنَايَتِهِ مَجْمُوعُهَا دِيَةُ يَدٍ أَيْ بِحَيْثُ يَبْلُغُ مَجْمُوعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>