للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِقِتَالِهِمْ الضَّمَانُ فَلَوْ أَتْلَفُوا عَلَيْنَا نَفْسًا أَوْ مَالًا ضَمِنُوهُ.

فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، وَفِي بَيَانِ طُرُقِ انْعِقَادِ الْإِمَامَةِ وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَالْقَضَاءِ (شَرْطُ الْإِمَامِ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلْقَضَاءِ) بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا حُرًّا مُكَلَّفًا عَدْلًا ذَكَرًا مُجْتَهِدًا ذَا رَأَى وَسَمْعٍ وَبَصَرٍ وَنُطْقٍ لِمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْقَضَاءِ، وَفِي عِبَارَتِي زِيَادَةُ الْعَدْلِ (قُرَشِيًّا) لِخَبَرِ النَّسَائِيّ «الْأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ» ، فَإِنْ فُقِدَ فَكِنَانِيٌّ، ثُمَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إسْمَاعِيلَ، ثُمَّ عَجَمِيٌّ عَلَى مَا فِي التَّهْذِيبِ أَوْ جُرْهُمِيٌّ عَلَى مَا فِي التَّتِمَّةِ، ثُمَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ (شُجَاعًا) لِيَغْزُوَ بِنَفْسِهِ وَيُعَالِجَ الْجُيُوشَ وَيَقْوَى عَلَى فَتْحِ الْبِلَادِ وَيَحْمِي الْبَيْضَةَ وَتُعْتَبَرُ سَلَامَتُهُ مِنْ نَقْصٍ يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ الْحَرَكَةِ وَسُرْعَةَ النُّهُوضِ كَمَا دَخَلَ فِي الشَّجَاعَةِ (وَتَنْعَقِدُ الْإِمَامَةُ) بِثَلَاثَةِ طُرُقٍ أَحَدُهَا (بِبَيْعَةُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَوُجُوهِ النَّاسِ الْمُتَيَسِّرِ اجْتِمَاعُهُمْ) فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا عَدَدٌ بَلْ لَوْ تَعَلَّقَ الْحَلُّ وَالْعَقْدُ بِوَاحِدٍ مُطَاعٍ كَفَتْ بَيْعَتُهُ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ وَلَا تَكْفِي بَيْعَةُ الْعَامَّةِ وَيُعْتَبَرُ اتِّصَافُ الْمُبَايِعِ (بِصِفَةِ الشُّهُودِ) مِنْ عَدَالَةٍ وَغَيْرِهَا لَا اجْتِهَادٍ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُجْتَهِدًا إنْ اتَّحَدَ وَأَنْ يَكُونَ فِيهِ مُجْتَهِدَانِ

ــ

[حاشية الجمل]

(قَوْلُهُ وَبِقِتَالِهِمْ) أَيْ وَخَرَجَ بِقِتَالِهِمْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ وَيُقَاتَلُونَ كَبُغَاةِ الَّذِي هُوَ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ وَقِتَالُهُمْ كَقِتَالِ الْبُغَاةِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ لِوَجْهِ الشَّبَهِ بِقَوْلِهِ فَلَا يَتْبَعُ مُدْبِرَهُمْ إلَخْ فَخَرَجَ بِهَذَا الضَّمَانُ فَحُكْمُهُ فِيهِمْ لَيْسَ كَحُكْمِهِ فِي الْبُغَاةِ بَلْ هُمْ يَضْمَنُونَ وَالْبُغَاةُ لَا يَضْمَنُونَ اهـ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ وَبِقِتَالِهِمْ أَيْ وَبِتَشْبِيهِ قِتَالِهِمْ بِقِتَالِ الْبُغَاةِ، وَالظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي الصُّورَةِ فَيَخْرُجُ الضَّمَانُ اهـ. (قَوْلُهُ فَلَوْ أَتْلَفُوا عَلَيْنَا نَفْسًا أَوْ مَالًا ضَمِنُوهُ) وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْقِصَاصُ وَجْهَانِ بِلَا تَرْجِيحٍ وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ ضَمِنُوهُ عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ وَيُقَاتَلُونَ أَيْ الَّذِينَ لَمْ يُنْتَقَضْ عَهْدُهُمْ كَالْبُغَاةِ لَكِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ مَا أَتْلَفُوهُ عَلَيْنَا مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ أَتْلَفُوهُ فِي الْحَرْبِ أَمْ لَا، ثُمَّ قَالَ وَهَلْ يُقْتَصُّ مِنْهُمْ إذَا قَتَلُوا نَفْسًا فِي الْحَرْبِ وَجْهَانِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْمَشْهُورُ الْقَطْعُ بِالْوُجُوبِ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ انْتَهَتْ.

[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَفِي بَيَانِ طُرُقِ انْعِقَادِ الْإِمَامَةِ]

(فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ)

عَقَّبَ الْبُغَاةَ بِهَذَا؛ لِأَنَّ الْبَغْيَ خُرُوجٌ عَلَى الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ الْقَائِمِ بِخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ فِي حِرَاسَةِ الدِّينِ وَسِيَاسَةِ الدُّنْيَا وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ فِيهِ مَا اُشْتُرِطَ فِي الْقَاضِي وَزِيَادَةٌ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَالْقَضَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْأَمَةِ مِنْ إمَامِ يُقِيم الدِّينَ وَيَنْصُرُ السُّنَّةَ وَيُنْصِفُ الْمَظْلُومِينَ وَيَسْتَوْفِي الْحُقُوقَ وَيَضَعُهَا مَوَاضِعَهَا اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ حُرًّا) وَمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعُ الْأَطْرَافِ» مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى اهـ ز ي أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَثِّ فِي بَذْلِ الطَّاعَةِ لِلْإِمَامِ اهـ ق ل. (قَوْلُهُ مُجْتَهِدًا) شَمِلَ قَوْلُهُمْ مُجْتَهِدًا الْمُجْتَهِدَ الْمُطْلَقَ وَمُجْتَهِدَ الْمَذْهَبِ وَمُجْتَهِدَ الْفَتْوَى اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَبَصَرٍ) وَضَعْفُ الْبَصَرِ الْمَانِعِ مِنْ مَعْرِفَةِ الْأَشْخَاصِ مَانِعٌ مِنْ الْإِمَامَةِ وَاسْتِدَامَتِهَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الشُّرُوطِ كَمَا تُعْتَبَرُ ابْتِدَاءً تُعْتَبَرُ دَوَامًا إلَّا الْفِسْقُ وَالْجُنُونُ الْمُتَقَطِّعُ إنْ كَانَ زَمَنُ الْإِفَاقَةِ أَكْثَرَ. وَأَمَّا قَطْعُ إحْدَى الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَلَا يُؤَثِّرُ دَوَامًا وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ هَاشِمِيًّا وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَةَ وَاجِبَةٌ شَرْعًا وَعَقْلًا اهـ ز ي بِاخْتِصَارِ. (قَوْلُهُ أَوْ جُرْهُمِيٌّ) مَنْسُوبٌ لِجُرْهُمٍ قَبِيلَةٌ مِنْ الْعَرَبِ تَزَوَّجَ مِنْهَا سَيِّدُنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهُمْ عَلَى الْعَجَمِ اهـ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ، وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ أَوْ جُرْهُمِيٌّ عَلَى مَا فِي التَّتِمَّةِ لَمْ يُبَيِّنْ الرَّاجِحَ مِنْهُمَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ الْعَرَبِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجُلٍ مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ) فِيهِ أَنَّهُمْ عَجَمٌ فَمَا مَعْنَى التَّرْتِيبِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ شُجَاعًا) الشُّجَاعَةُ قُوَّةٌ فِي الْقَلْبِ عِنْدَ الْبَأْسِ اهـ ز ي وَهُوَ مُثَلَّثُ الشَّيْنِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ وَيَحْمِي الْبَيْضَةَ) الْبَيْضَةُ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ وَالْأَصْلُ وَالْعِزُّ وَالْمِلْكُ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَفِي الْمُخْتَارِ الْبَيْضَةُ وَاحِدَةُ الْبِيضِ مِنْ الْحَدِيدِ، ثُمَّ قَالَ وَبَيْضَةُ كُلِّ شَيْءٍ حَوْزَتُهُ وَبَيْضَةُ الْقَوْمِ سَاحَتُهُمْ فَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ مَعْنًى عُرْفِيٌّ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ كَمَا دَخَلَ فِي الشَّجَاعَةِ) فِي دُخُولِهِ فِيهَا وَقْفَةً وَمِنْ ثَمَّ جَعَلَهُ الشَّيْخُ حَجّ زَائِدًا عَلَيْهَا اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ وَتَنْعَقِدُ الْإِمَامَةُ إلَخْ) وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ بَلْ الشَّرْطُ عَدَمُ الرَّدِّ، فَإِنْ امْتَنَعَ لَمْ يُجْبَرْ إلَّا أَنْ لَا يَصْلُحَ غَيْرُهُ اهـ شَرْحُ م ر وَلَا يَجُوزُ عَقْدُهَا لِإِمَامَيْنِ، فَإِنْ عُقِدَتَا مَعًا بَطَلَتَا؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا النُّبُوَّةُ وَكَمَا لَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِشَرِيعَتَيْنِ لَا يُطَاعُ إمَامَانِ وَلِئَلَّا تَخْتَلِفَ الْكَلِمَةُ لِاخْتِلَافِ الرَّأْيَيْنِ وَخَالَفَ قَاضِيَيْنِ فِي الْبَلَدِ عَلَى الشُّيُوعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي الْأَصَحِّ فَإِنَّ الْإِمَامَ وَرَاءَهُمَا يَفْصِلُ مَا تَنَازَعَا فِيهِ اهـ م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ بِبَيْعَةِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ يَنْتَظِمُ بِهِمْ وَيَتْبَعُهُمْ سَائِرُ النَّاسِ وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ وَالنَّوَاحِي بَلْ إذَا وَصَلَ الْخَبَرُ إلَى أَهْلِ الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ لَزِمَهُمْ الْمُوَافَقَةُ وَالْمُتَابَعَةُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ بِبَيْعَةِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ) أَيْ بِمُعَاقَدَتِهِمْ وَمُوَافَقَتِهِمْ كَأَنْ يَقُولُوا بَايَعْنَاك عَلَى الْخِلَافَةِ فَيَقْبَلُ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ فَيَقْبَلُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر إنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ الرَّدِّ. (قَوْلُهُ وَوُجُوهِ النَّاسِ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ فَإِنَّ وُجُوهَ النَّاسِ عُظَمَاؤُهُمْ بِإِمَارَةٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَفِي الْمُخْتَارِ وَجُهَ الرَّجُلِ صَارَ وَجِيهًا أَيْ ذَا جَاهٍ، وَقَدْرٍ وَبَابُهُ ظَرُفَ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ) هَذَا إنْ عَقَدَهَا وَاحِدٌ كَمَا هُوَ سِيَاقُ كَلَامِهِ لَا أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>