للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مِنْ بَيْتٍ مُغْلَقٍ إلَى صَحْنِ دَارٍ أَوْ) صَحْنِ (نَحْوِ خَانٍ) كَرِبَاطٍ (بَابُهُمَا مَفْتُوحٌ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (لَا بِفِعْلِهِ) فَيُقْطَعُ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ إلَى مَحَلِّ الضَّيَاعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بَابُ الْبَيْتِ مَفْتُوحًا وَبَابُ الدَّارِ مَثَلًا مُغْلَقًا أَوْ كَانَا مُغْلَقَيْنِ فَفَتَحَهُمَا أَوْ مَفْتُوحَيْنِ فَلَا قَطْعَ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَيَيْنِ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ، وَالْمَالُ فِي الثَّالِثَةِ غَيْرُ مُحْرَزٍ نَعَمْ إنْ كَانَ السَّارِقُ فِي صُورَةٍ غَلَّقَ الْبَابَيْنِ أَحَدُ السُّكَّانِ الْمُنْفَرِدُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِبَيْتٍ قُطِعَ لِأَنَّ مَا فِي الصَّحْنِ لَيْسَ مُحْرَزًا عَنْهُ وَمَا ذُكِرَ فِي نَحْوِ الْخَانِ هُوَ مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ، وَالشَّرْحُ الصَّغِيرُ وَحَكَاهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ قَطْعِ الْبَغَوِيّ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَالْقَطْعُ مُطْلَقًا عَنْ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الصَّحْنَ لَيْسَ حِرْزًا لِصَاحِبِ الْبَيْتِ بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ كَسِكَّةٍ مُنْسَدَّةٍ وَحَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ، وَالْمُخْتَصَرِ وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَتْبَاعِهِ وَحَكَاهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَبَعْضِ الْخُرَاسَانِيِّينَ قَالَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ كَنَحْوِ الْخَانِ فِي الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ " وَنَحْوِ " مِنْ زِيَادَتِي.

(فَصْلٌ) فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ وَمَا يُقْطَعُ بِهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا (تَثْبُتُ السَّرِقَةُ بِيَمِينٍ رُدَّ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي لِأَنَّهَا كَالْبَيِّنَةِ أَوْ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُقْطَعُ بِهَا وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا لَكِنَّهُمَا جَزَمَا فِي الدَّعَاوَى فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِهَا لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِهَا وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَاحْتَجَّ لَهُ بِنَصٍّ لِلشَّافِعِيِّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَبَعْضُ الْخُرَاسَانِيِّينَ (وَبِرَجُلَيْنِ) كَسَائِرِ الْعُقُوبَاتِ غَيْرِ الزِّنَا (وَبِإِقْرَارٍ) مِنْ سَارِقٍ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ (بِتَفْصِيلٍ فِيهِمَا) أَيْ فِي

ــ

[حاشية الجمل]

مِنْ بَيْتٍ مُغْلَقٍ. . . إلَخْ) يَنْتَظِمُ فِي هَذَا الْمَقَامِ تِسْعُ صُوَرٍ لِأَنَّ الْبَيْتَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُغْلَقًا أَوْ مَفْتُوحًا بِفِعْلِهِ أَوْ لَا بِفِعْلِهِ وَمِثْلُهَا يَأْتِي فِي بَابِ الدَّارِ أَوْ الْخَانِ وَذَكَرَ مِنْهَا فِي الْمَنْطُوقِ صُورَةً وَاحِدَةً وَانْظُرْ الْبَقِيَّةَ فَإِنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَسْتَوْفِهَا وَغَايَةُ مَا ذُكِرَ فِي الْمَفْهُومِ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ لَكِنَّ الَّذِي ظَهَرَ بَعْدَ التَّأَمُّلِ السَّدِيدِ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمَفْهُومِ سَبْعَ صُوَرٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بَابُ الْبَيْتِ مَفْتُوحًا. . . إلَخْ فِيهِ صُورَتَانِ

وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَا مُغْلَقَيْنِ صُورَةً وَقَوْلُهُ: أَوْ مَفْتُوحَيْنِ فِيهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ لِأَنَّهُمَا إمَّا بِفِعْلِهِ أَوْ لَا بِفِعْلِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا كَذَا، وَالْآخَرُ كَذَا وَتَرْكُ صُورَةٍ وَاحِدَةٍ مُحْتَرَزُ الْقَيْدِ الثَّالِثِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْتُ مُغْلَقًا وَبَابُ الْخَانِ مَفْتُوحًا بِفِعْلِهِ فَهَذِهِ لَمْ يَذْكُرْهَا الشَّارِحُ لَكِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ أَوْ كَانَا مُغْلَقَيْنِ عَنْ قَوْلِهِ أَوْ مَفْتُوحَيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ مُحْتَرِزِ الْقَيْدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ: مُغْلَقٌ لِأَنَّ مُحْتَرِزَهُ يَصْدُقُ بِسِتِّ صُوَرٍ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَفْتُوحًا إمَّا بِفِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ بَابُ الْخَانِ مُغْلَقًا أَوْ مَفْتُوحًا بِفِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بَابُ الْبَيْتِ مَفْتُوحًا وَبَابُ الدَّارِ مُغْلَقًا أَوْ مَفْتُوحًا أَوْ كَانَا مُغْلَقَيْنِ أَوْ كَانَ الْأَوَّلُ مُغْلَقًا، وَالثَّانِي مَفْتُوحًا لَكِنْ بِفِعْلِهِ لَكَانَ أَسْلَسَ وَأَوْفَى بِالصُّوَرِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ. . . إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ قَدْ يُخَالِفُ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَلَوْ إلَى حِرْزٍ آخَرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مُخَصِّصًا لِذَاكَ وَأَنْ يُفْرَضَ ذَاكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحِرْزُ الْمُخْرَجُ مِنْهُ دَاخِلًا فِي الْحِرْزِ الْآخَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَيُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّ دُخُولَ أَحَدِ الْحِرْزَيْنِ فِي الْآخَرِ يَجْعَلُهُمَا كَالْحِرْزِ الْوَاحِدِ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ التَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ بَابُهُمَا مَفْتُوحٌ لَا بِفِعْلِهِ وَبِقَوْلِهِ نَعَمْ. . . إلَخْ فَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَفْتُوحًا أَوْ مُغْلَقًا وَإِنْ كَانَ مَفْتُوحًا سَوَاءٌ أَفَتَحَهُ هُوَ أَمْ غَيْرُهُ وَسَوَاءٌ أَكَانَ النَّاقِلُ لَهُ مِنْ الْبَيْتِ إلَى الصَّحْنِ أَحَدَ السُّكَّانِ أَمْ أَجْنَبِيًّا هَذَا كُلُّهُ مُرَادٌ مِنْ الْإِطْلَاقِ.

وَقَوْلُهُ: وَالْقَطْعُ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي حَكَاهُ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الصَّحْنَ لَيْسَ حِرْزًا لِصَاحِبِ الْبَيْتِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِ السُّكَّانِ أَوْ غَيْرِهِمْ فَمَتَى أَخْرَجَهُ لِغَيْرِ الْحِرْزِ قُطِعَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا بِفِعْلِهِ أَوْ بِفِعْلِ غَيْرِهِ أَوْ مُغْلَقًا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الصَّحْنَ لَيْسَ حِرْزًا. . . إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حِرْزًا لَهُ لَمْ يُقْطَعْ، وَهُوَ وَاضِحٌ حَيْثُ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا غَيْرُ حِرْزٍ اهـ ح ل.

[فَصْلٌ فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ وَمَا يُقْطَعُ بِهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا]

(فَصْلٌ فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ) وَقَدْ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ تَثْبُتُ السَّرِقَةُ بِيَمِينٍ رُدَّ، وَبِرَجُلَيْنِ، وَبِإِقْرَارٍ وَقَوْلُهُ: وَمَا يُقْطَعُ بِهَا أَيْ وَالْعُضْوُ الَّذِي يُقْطَعُ بِهَا أَيْ بِسَبَبِهَا وَقَدْ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: وَتُقْطَعُ يَدُهُ الْيُمْنَى. . . إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا أَيْ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا فَاَلَّذِي يُذْكَرُ مَعَ الْأَوَّلِ هُوَ قَوْلُهُ: وَقَبْلَ رُجُوعِ مُقِرٍّ لِقَطْعٍ إلَى قَوْلِهِ وَعَلَى السَّارِقِ رَدُّ مَا سَرَقَ أَوْ بَدَلِهِ، وَاَلَّذِي يُذْكَرُ مَعَ الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ: وَسُنَّ غَمْسُ مَحَلِّ قَطْعِهِ بِدُهْنٍ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا كَالْبَيِّنَةِ) أَيْ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ مُسْقِطًا لِلْحَقِّ وَقَوْلُهُ: أَوْ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ فَلَا تُقْبَلُ الدَّعْوَى بِالْمُسْقِطِ (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُثْبِتُ السَّرِقَةَ) أَيْ مَالًا وَقَطْعًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ الْمَالُ فَقَطْ فَيَكُونُ جَارِيًا عَلَى ضَعِيفٍ فِي يَمِينِ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِهَا) أَيْ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ ع ش وَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ لَا كَالْبَيِّنَةِ وَلَا كَالْإِقْرَارِ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ) اعْتَمَدَهُ م ر قَالَ الطَّبَلَاوِيُّ: لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ وَإِنْ كَانَتْ كَالْإِقْرَارِ إلَّا أَنَّ اسْتِمْرَارَهُ عَلَى الْإِنْكَارِ بِمَنْزِلَةِ رُجُوعِهِ عَنْ الْإِقْرَارِ وَرُجُوعُهُ مَقْبُولٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ وَهُوَ حَسَنٌ وَهَذَا الِاحْتِجَاجُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَبِرَجُلَيْنِ. . . إلَخْ) وَمَحَلُّ ثُبُوتِ الْمَالِ إذَا شَهِدُوا بَعْدَ دَعْوَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ فَلَوْ شَهِدُوا حِسْبَةً لَمْ يَثْبُتْ بِشَهَادَتِهِمْ الْمَالُ أَيْضًا لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ مُنْصَبَّةٌ إلَى الْمَالِ وَشَهَادَةُ الْحِسْبَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَالِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ اهـ س ل (قَوْلُهُ: وَبِإِقْرَارٍ مِنْ سَارِقٍ) أَيْ بَعْدَ الدَّعْوَى وَلَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ أَمَّا إقْرَارُهُ قَبْلَ تَقَدُّمِ دَعْوَى فَلَا يُقْطَعُ بِهِ حَتَّى يَدَّعِيَ الْمَالِكُ وَيَثْبُتَ الْمَالُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ شَهِدَا بِسَرِقَةِ مَالِ غَائِبٍ أَوْ حَاضِرِ حَسَبَةٍ قُبِلَا وَلَا قَطْعَ حَتَّى يَدَّعِيَ الْمَالِكُ بِمَالِهِ ثُمَّ تُعَادُ الشَّهَادَةُ لِثُبُوتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْحَسَبَةِ لَا لِلْقَطْعِ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهَا وَإِنَّمَا انْتَظَرَ لِتَوَقُّعِ ظُهُورِ مُسْقِطٍ وَلَمْ يَظْهَرْ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِتَفْصِيلٍ فِيهِمَا) أَيْ وَلَوْ مِنْ فَقِيهٍ مُوَافِقٍ اهـ س ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ قَبُولِ الْإِطْلَاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>