للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّادِقِ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ الْمُوَافِقِ لِلْأَصْلِ وَرَجَّحُوهُ عَلَى الْوُجُوبِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ (وَالرَّدُّ) لَهُ يَحْصُلُ (بِتَخْلِيَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَالِبِهِ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ (وَلَا يَلْزَمُهُ رُجُوعٌ) إلَيْهِ (وَلَهُ قَتْلُ طَالِبِهِ) دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ وَدِينِهِ وَلِذَلِكَ «لَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَبِي بَصِيرٍ امْتِنَاعَهُ وَقَتْلَهُ طَالِبَهُ» (وَلَنَا تَعْرِيضٌ) لَهُ (بِهِ) أَيْ بِقَتْلِهِ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي جَنْدَلٍ حِينَ رَدَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو إنَّ «دَمَ الْكَافِرِ عِنْدَ اللَّهِ كَدَمِ الْكَلْبِ» يُعَرِّضُ لَهُ بِقَتْلِ أَبِيهِ وَخَرَجَ بِالتَّعْرِيضِ التَّصْرِيحُ فَيَمْتَنِعُ.

(وَلَوْ شَرَطَ) عَلَيْهِمْ فِي الْهُدْنَةِ (رَدَّ مُرْتَدٍّ) جَاءَهُمْ مِنَّا (لَزِمَهُمْ الْوَفَاءُ) بِهِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ سَوَاءٌ أَكَانَ رَجُلًا أَمْ امْرَأَةً حُرًّا أَوْ رَقِيقًا (فَإِنْ أَبَوْا فَنَاقِضُونَ) الْعَهْدَ لِمُخَالَفَتِهِمْ الشَّرْطَ (وَجَازَ شَرْطُ عَدَمِ رَدِّهِ) أَيْ مُرْتَدٍّ جَاءَهُمْ مِنَّا وَلَوْ امْرَأَةً وَرَقِيقًا فَلَا يَلْزَمُهُمْ رَدُّهُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرَطَ ذَلِكَ فِي مُهَادَنَةِ قُرَيْشٍ وَيَغْرَمُونَ مَهْرَ الْمَرْأَةِ وَقِيمَةَ الرَّقِيقِ فَإِنْ عَادَ إلَيْنَا رَدَدْنَا لَهُمْ قِيمَةَ الرَّقِيقِ دُونَ مَهْرِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الرَّقِيقَ بِدَفْعِ قِيمَتِهِ يَصِيرُ مِلْكًا لَهُمْ وَالْمَرْأَةُ لَا تَصِيرُ زَوْجَةً كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا.

(فَرْعٌ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يَجُوزُ شِرَاءُ أَوْلَادِ الْمُعَاهَدِينَ مِنْهُمْ لَا سَبْيُهُمْ.

ــ

[حاشية الجمل]

لِلْآحَادِ فَلَعَلَّ هَذَا فِي زَوْجَةٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يُشْرَطْ دُخُولُهَا اهـ سم.

(قَوْلُهُ الصَّادِقِ) وَصْفٌ لِلنَّدْبِ وَفِيهِ أَنَّ النَّدْبَ أَخَصُّ مِنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ وَالْخَاصُّ لَا يَصْدُقُ بِالْعَامِّ بَلْ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ.

وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ الصَّادِقُ بِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَهِيَ أَظْهَرُ وَقَوْلُهُ الْمُوَافِقِ صِفَةٌ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ وَالْأَصْلُ هُوَ الْبَرَاءَةُ الْأَصْلِيَّةُ وَقَوْلُهُ وَرَجَّحُوهُ أَيْ النَّدْبَ وَقَوْلُهُ لِمَا قَامَ أَيْ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْبَرَاءَةُ الْأَصْلِيَّةُ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ الصَّادِقِ إلَخْ أَيْ الْأَمْرُ مُحْتَمِلٌ لِلْوُجُوبِ وَلِعَدَمِهِ وَهَذَا الْعَدَمُ مُوَافِقٌ لِلْأَصْلِ الَّذِي هُوَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِالنَّدْبِ وَرَجَّحُوا هَذَا النَّدْبَ لِمَا ذَكَرَهُ فَالصَّادِقِ نَعْتٌ لِلنَّدْبِ وَضَمِيرُ بِهِ عَائِدٌ إلَيْهِ وَعَدَمُ فَاعِلٌ بِصَادِقٍ وَالْمُوَافِقِ نَعْتٌ لِعَدَمِ وَالضَّمِيرُ فِي رَجَّحُوهُ عَائِدٌ لِلنَّدْبِ فَتَأَمَّلْ انْتَهَى.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ الصَّادِقِ أَيْ الْمُحْتَمِلِ وَقَوْلُهُ الْمُوَافِقِ أَيْ الْوُجُوبِ لِلْأَصْلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي صِيغَةِ افْعَلْ الْوُجُوبُ وَقَوْلُهُ وَرَجَّحُوهُ أَيْ لِعَدَمِ وَقَوْلُهُ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ أَوْ لِأَنَّ حَمْلَهُ عَلَى وُجُوبِ الْكُلِّ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ وَعَلَى الْمُسَمَّى مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ وَعَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ يَقُولُ بِهِ مُقَابِلُ الْأَظْهَرِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ) أَيْ مِنْ إعْزَازِ الْإِسْلَامِ وَإِذْلَالِ الْكُفْرِ طب وَتَقَدَّمَ لَهُ نَظِيرُ هَذَا فِي رَفْعِ الْمِسْبَحَةِ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَتَخْصِيصِ الْأُولَتَيْنِ مِنْ الرَّكَعَاتِ بِالْقِرَاءَةِ وَسَيَأْتِي مَحَلٌّ رَابِعٌ فِي الشَّهَادَاتِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ بِتَخْلِيَةٍ) فَإِنْ شُرِطَ بَعْثُ الْإِمَامِ بِهِ بَطَلَ الْعَقْدُ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْبَعْثِ الرَّدُّ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَصِحُّ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ سم

(قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ رُجُوعٌ إلَيْهِ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ لَكِنْ فِي الْبَيَانِ أَنَّ عَلَيْهِ فِي الْبَاطِنِ أَنْ يَهْرُبَ مِنْ الْبَلَدِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ مَنْ يَطْلُبُهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا سِيَّمَا إذَا خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الْفِتْنَةَ بِالرُّجُوعِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ إلَخْ) جَعَلَهُ م ر عِلَّةً لِلثَّانِي وَعَلَّلَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إجْبَارُ الْمُسْلِمِ عَلَى الِانْتِقَالِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَكَيْفَ يُجْبَرُ عَلَى دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ وَعُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ مَا يَقَعُ مِنْ الْمُلْتَزِمِينَ فِي زَمَنِنَا مِنْ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ فَلَّاحٌ مِنْ قَرْيَةٍ وَأَرَادَ اسْتِيطَانَ غَيْرَهَا أَجْبَرُوهُ عَلَى الْعَوْدِ غَيْرُ جَائِزٍ وَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِزَرْعِهِ وَأُصُولِهِ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ أَنَّ عُمَرَ قَالَ إلَخْ) وَلَعَلَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَهُ وَأَقَرَّهُ أَوْ عَلِمَ بِهِ كَذَلِكَ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ يَعْرِضُ لَهُ بِقَتْلِ أَبِيهِ) أَيْ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَسُنَ إسْلَامُهُ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَيَغْرَمُونَ مَهْرَ الْمَرْأَةِ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ لِمَ غَرِمُوا مَهْرَهَا وَلَمْ نَغْرَمْ نَحْنُ مَهْرَ الْمُسْلِمَةِ أُجِيبَ بِأَنَّهُمْ فَوَّتُوا عَلَيْهِ الِاسْتِتَابَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْنَا وَأَيْضًا الْمَانِعُ جَاءَ مِنْ جِهَتِهَا وَالزَّوْجُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْهَا بِخِلَافِ الْمُسْلِمَةِ الزَّوْجُ مُتَمَكِّنٌ مِنْهَا بِالْإِسْلَامِ اهـ س ل (قَوْلُهُ وَيَغْرَمُونَ مَهْرَ الْمَرْأَةِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ عَجِيبٌ لِأَنَّ الرِّدَّةَ تَقْتَضِي انْفِسَاخَ النِّكَاحِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَتُوقِفَهُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بَعْدَهُ فَإِلْزَامُهُمْ الْمَهْرَ مَعَ انْفِسَاخِ النِّكَاحِ أَوْ إشْرَافِهِ عَلَى الِانْفِسَاخِ لَا وَجْهَ لَهُ اهـ سم وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ اسْتِيلَاءَهُمْ عَلَى الْمَرْأَةِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الشَّهَادَةِ بِمَا يَفْسَخُ النِّكَاحَ مِنْ نَحْوِ رَضَاعٍ بِجَامِعِ الْحَيْلُولَةِ اهـ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الرَّقِيقَ إلَخْ) هَذَا بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ بَيْعِ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ مِنْ الْكَافِرِ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَقَالَ ش ل لَا يُقَالُ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْمُرْتَدِّ لِلْكَافِرِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا لَيْسَ بَيْعًا حَقِيقَةً وَاغْتُفِرَ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْمَصْلَحَةِ فَلَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ اهـ.

[فَرْعٌ شِرَاءُ أَوْلَادِ الْمُعَاهَدِينَ مِنْهُمْ لَا سَبْيُهُمْ]

(قَوْلُهُ فَرْعٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) ارْتَضَاهُ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ وَيُقَدَّرُ الرِّقُّ قُبَيْلَ الشِّرَاءِ كَمَا يُقَدَّرُ الْمِلْكُ قُبَيْلَهُ فِي اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِكَذَا إلَخْ اهـ سم بِخَطِّ الشَّيْخِ خَضِرٍ الشَّوْبَرِيِّ وَبَعْضُهُمْ صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِأَنْ يَسْتَوْلِيَ بَعْضُهُمْ عَلَى أَوْلَادِ غَيْرِهِ لَكِنْ عَلَى هَذَا يَكُونُ الرِّقُّ حَقِيقِيًّا لَا تَقْدِيرِيًّا.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ يَجُوزُ شِرَاءُ أَوْلَادِ إلَخْ هَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَسْتَوْلِيَ بَعْضُهُمْ عَلَى أَوْلَادِ بَعْضٍ آخَرَ ثُمَّ يَبِيعُ مَنْ اسْتَوْلَى مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ اسْتِيلَاؤُهُ عَلَى أَوْلَادِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُمْ يَعْتِقُونَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ عَقْدَ الْهُدْنَةِ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا مَنَعَنَا مِنْ سَبْيِهِمْ ثُمَّ رَأَيْته فِي التُّحْفَةِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْبَيْعِ أَفْصَحَ عَنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ بِمَا يَتَعَيَّنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ وَكَذَا شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَتْ وَنَصُّ عِبَارَةِ التُّحْفَةِ.

(تَنْبِيهٌ) يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ وَشَارِحِيهِ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ يَجُوزُ شِرَاءُ وَلَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>