للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ الصَّيْدِ) أَصْلُهُ مَصْدَرٌ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَصِيدِ (وَالذَّبَائِحِ) جَمْعُ ذَبِيحَةٍ بِمَعْنَى مَذْبُوحَةٍ وَالْأَصْلُ فِيهِمَا قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢] وَقَوْلِهِ {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] (أَرْكَانُ الذَّبْحِ) بِالْمَعْنَى الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ أَرْبَعَةٌ (ذَبْحٌ وَذَابِحٌ وَذَبِيحٌ وَآلَةٌ فَالذَّبْحُ) الشَّامِلُ لِلنَّحْرِ وَقَتْلِ غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ بِمَا يَأْتِي (قَطْعُ حُلْقُومٍ) وَهُوَ مَجْرَى النَّفْسِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْمُعَاهَدِ مِنْهُ وَتَمَلُّكُهُ لَا سَبْيُهُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَمَانِ أَبِيهِ اهـ وَيُجَابُ بِأَنَّ إرَادَتَهُ لِبَيْعِهِ مُتَضَمِّنَةٌ لِقَطْعِ تَبَعِيَّتِهِ لِأَمَانِهِ إنْ قُلْنَا إنَّ الْمَتْبُوعَ يَمْلِكُ قَطْعَ أَمَانِ التَّابِعِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ بِانْقِطَاعِهَا يَمْلِكُهُ مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَبِتَسْلِيمِهِ فَالْمُشْتَرِي لَمْ يَمْلِكْهُ بِشِرَاءٍ صَحِيحٍ بَلْ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ فَمَا بَذَلَهُ إنَّمَا هُوَ فِي مُقَابَلَةِ تَمْكِينِهِ مِنْهُ لَا غَيْرُ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى مِنْ حَرْبِيٍّ وَلَدَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالشِّرَاءِ لِأَنَّهُ حُرٌّ إذْ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ عِنْدَ قَصْدِهِ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بَلْ بِالِاسْتِيلَاءِ فَيَلْزَمُهُ تَخْمِيسُهُ أَوْ تَخْمِيسُ فِدَائِهِ إنْ اخْتَارَهُ الْإِمَامُ بِخِلَافِ شِرَاءِ نَحْوِ أَخِيهِ مِمَّنْ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مِنْهُ وَمُسْتَوْلَدَتِهِ إذَا قَصَدَ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ فَيَمْلِكُهُمَا الْمُشْتَرِي وَلَا يَلْزَمُهُ تَخْمِيسُهُمَا اهـ.

[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

(كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ) وَجْهُ مُنَاسَبَتِهِ بَعْدَ الْجِهَادِ أَنَّ الْجِهَادَ تَارَةً يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَتَارَةً يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ وَطَلَبُ الْحَلَالِ فَرْضُ عَيْنٍ فَنَاسَبَ ضَمَّ فَرْضِ الْعَيْنِ إلَى فَرْضِ الْعَيْنِ اهـ ز ي.

وَعِبَارَةُ سم ثُمَّ وَجْهُ ذِكْرِ هَذَا الْبَابِ هُنَا اتِّبَاعُ الْمُزَنِيّ وَأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَكَأَنَّ الْمُنَاسَبَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَذْكُرُ مَنْ تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ وَمَنْ لَا تَحِلُّ فَكَانَ مِنْ الْمُلَائِمِ اتِّبَاعُهُ لِأَحْكَامِ الْكُفَّارِ السَّالِفَةِ اهـ.

وَعِبَارَةُ حَجّ ذِكْرُ هَذَا الْكِتَابِ وَمَا بَعْدَهُ هُنَا هُوَ مَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ فِي أَكْثَرِهَا نَوْعًا مِنْ الْجِنَايَةِ وَخَالَفَ فِي الرَّوْضَةِ فَذَكَرهَا آخِرَ رُبْعِ الْعِبَادَاتِ لِأَنَّ فِيهَا شَوْبًا تَامًّا مِنْهَا انْتَهَتْ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ ذَكَرَ الصَّيْدَ هُنَا عَقِبَ الْجِهَادِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاكْتِسَابِ بِالِاصْطِيَادِ الْمُشَابِهِ لِلِاكْتِسَابِ بِالْغَزْوِ وَذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا عَقِبَ رُبْعِ الْعِبَادَاتِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ ذَكَرَهُ هُنَا وَهُنَاكَ نَظَرًا لِكَوْنِهِ فَرْضًا فِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ اهـ (قَوْلُهُ أَصْلُهُ مَصْدَرٌ) وَهُوَ السَّبَبُ فِي إفْرَادِهِ اهـ عَنَانِيٌّ وَجَمَعَ الذَّبَائِحَ لِأَنَّهَا تَكُونُ بِالسِّكِّينِ وَبِالسَّهْمِ وَبِالْجَوَارِحِ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَجَمَعَهَا لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا إمَّا بِذَاتِهَا كَغَنَمٍ وَبَقَرٍ وَصَيْدٍ وَطَيْرٍ أَوْ بِهَيْئَةِ ذَبْحِهَا كَكَوْنِهِ فِي حَلْقِهِ أَوْ لَبَّتِهِ أَوْ غَيْرِهَا كَرَمْيٍ بِسَهْمٍ أَوْ بِمَحِلِّ ذَبْحِهَا كَالْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ وَغَيْرِهَا أَوْ بِآلَةِ ذَبْحِهَا كَسِكِّينٍ وَسَهْمٍ وَكَلْبٍ وَجَارِحَةٍ وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِمْ وَأَفْرَدَ الصَّيْدَ لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ وَهُوَ هُنَا بِمَعْنَى الْمَصِيدِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى فَاعِلٍ وَمَفْعُولٍ وَفِعْلٍ وَآلَةٍ فَهِيَ أَرْكَانٌ أَرْبَعَةٌ انْتَهَى

(قَوْلُهُ {فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢] أَيْ وَالْأَمْرُ بِالِاصْطِيَادِ يَقْتَضِي حِلَّ الْمَصِيدِ وَقَوْلُهُ {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] مُسْتَثْنًى مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فَيُفِيدُ حِلَّ الْمُذَكَّيَاتِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَطْلَقَ) أَيْ مَجَازًا وَلَكِنَّهُ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً اهـ ع ش وَفِي الْمِصْبَاحِ صَادَ الرَّجُلُ الطَّيْرَ وَغَيْرَهُ يَصِيدُهُ صَيْدًا فَالطَّيْرُ مَصِيدٌ وَالرَّجُلُ صَائِدٌ وَصَيَّادٌ وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ يُقَالُ صَادَ يُصَادُ وَبَاتَ يَبَاتُ وَعَافَ يَعَافُ وَخَالَ الْغَيْثَ يَخَالُ لُغَةً فِي الْكُلِّ أَيْ مِنْ بَابِ خَافَ يَخَافُ وَسُمِّيَ مَا يُصَادُ صَيْدًا إمَّا فِعْلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَإِمَّا تَسْمِيَةٌ بِالْمَصْدَرِ وَالْجَمْعُ صُيُودٌ وَاصْطَادَهُ مِثْلَ صَادَهُ وَالْمِصْيَدَةُ مِثْلُ كَرِيمَةٍ وَالْمِصْيَدَةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الصَّادِ وَالْمِصْيَدُ بِحَذْفِ الْهَاءِ أَيْضًا آلَةُ الصَّيْدِ وَالْجَمْعُ مَصَايِدُ بِغَيْرِ هَمْزٍ اهـ (قَوْلُهُ أَرْكَانُ الذَّبْحِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِكَوْنِ هَذِهِ الْأُمُورِ أَرْكَانًا لَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِتَحَقُّقِهِ مِنْهَا وَإِلَّا فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهَا جُزْءًا مِنْهُ اع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ بِالْمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ) وَهُوَ الِانْذِبَاحُ وَاحْتَاجَ لِهَذَا التَّأْوِيلِ لِدَفْعِ الرَّكَّةِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْمَتْنِ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ وَإِنَّمَا فَسَّرَهُ بِهَذَا لِيُغَايِرَ الذَّبْحَ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْأَرْكَانِ وَإِلَّا لَزِمَ اتِّحَادُ الْكُلِّ وَالْجُزْءِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ فَالذَّبْحُ قَطْعُ حُلْقُومٍ) أَيْ كُلِّهِ حَتَّى لَوْ بَقِيَ مِنْهُ جُزْءٌ مَا لَمْ يَحِلَّ وَيُقَالُ مِثْلُ هَذَا فِي قَطْعِ الْمَرِيءِ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَخَرَجَ بِكُلِّ الْحُلْقُومِ مَا لَوْ قَطَعَ الْبَعْضَ وَانْتَهَى إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ ثُمَّ قَطَعَ الْبَاقِي فَلَا يَحِلُّ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ التَّذْفِيفِ مُتَمَحِّضًا لِذَلِكَ فَلَوْ أَخَذَ فِي قَطْعِهَا وَآخَرُ فِي نَزْعِ الْحَشْوَةِ أَوْ نَخْسِ الْخَاصِرَةِ لَمْ يَحِلَّ انْتَهَتْ

وَقَوْلُهُ ثُمَّ قَطَعَ الْبَاقِي إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ قَطَعَ الْبَعْضَ الْأَوَّلَ ثُمَّ تَرَاخَى قَطْعُهُ لِلثَّانِي بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ يَدَهُ بِالسِّكِّينِ وَأَعَادَهَا فَوْرًا أَوْ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ فَأَخَذَهَا وَتَمَّمَ الذَّبْحَ فَإِنَّهُ يَحِلُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ وَقَوْلُهُ وَأَعَادَهَا فَوْرًا مِنْ ذَلِكَ قَلْبُهُ السِّكِّينَ لِقَطْعِ بَاقِي الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ أَوْ تَرَكَهَا وَأَخَذَ غَيْرَهَا فَوْرًا لِعَدَمِ حِدَّتِهَا فَلَا يَضُرُّ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قَطْعُ حُلْقُومٍ وَمَرِيءٍ) وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَالْوَدَجَيْنِ قِيلَ بِحُرْمَتِهَا لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي التَّعْذِيبِ وَالرَّاجِحُ الْجَوَازُ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>