للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصُورَتُهُ فِي الْمَيِّتِ أَنْ يُوصِيَ بِهَا وَاسْتَثْنَى مِنْ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ ذَبْحَ أَجْنَبِيٍّ مُعَيَّنَةً بِالنَّذْرِ بِغَيْرِ إذْنِ النَّاذِرِ فَيَصِحُّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُفَرِّقُ صَاحِبُهَا لَحْمَهَا لِأَنَّ ذَبْحَهَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ كَمَا مَرَّ وَتَضْحِيَةُ الْوَلِيِّ مِنْ مَالِهِ عَنْ مَحَاجِيرِهِ فَيَصِحُّ كَمَا أَفْهَمَهُ تَقْيِيدُهُمْ الْمَنْعَ بِمَالِهِمْ وَتَضْحِيَةُ الْإِمَامِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَيْتٍ الْمَالِ فَيَصِحُّ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّاهُ.

(وَلَا) تَضْحِيَةَ (لِرَقِيقٍ) وَلَوْ مُكَاتَبًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا أَوْ مِلْكُهُ ضَعِيفٌ (فَإِنْ أَذِنَ) لَهُ (سَيِّدُهُ) فِيهَا وَضَحَّى فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَاتَبٍ (وَقَعَتْ لِسَيِّدِهِ) لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِهِ (أَوْ) مُكَاتَبًا وَقَعَتْ (لِلْمُكَاتَبِ) لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ سَيِّدُهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي أَمَّا الْمُبَعَّضُ فَيُضَحِّي بِمَا يَمْلِكُهُ بِحُرِّيَّتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ سَيِّدِهِ كَمَا لَوْ تَصَدَّقَ بِهِ.

(فَصْلٌ)

فِي الْعَقِيقَةِ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ قَالَ أَصْحَابُنَا يُسْتَحَبُّ تَسْمِيَتُهَا نَسِيكَةً أَوْ ذَبِيحَةً وَيُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا عَقِيقَةً كَمَا يُكْرَهُ تَسْمِيَةُ الْعِشَاءِ عَتَمَةً، وَهِيَ لُغَةً الشَّعْرُ الَّذِي عَلَى رَأْسِ الْوَلَدِ حِينَ وِلَادَتِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

أَوْ كَيْفَ الْحَالُ يُحَرَّرُ، وَإِذَا ضَحَّى عَنْ حَيٍّ بِإِذْنِهِ فَهَلْ يَنُوبُ عَنْهُ فِي التَّفْرِقَةِ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي التَّضْحِيَةِ إذْنٌ فِيهَا أَوْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوَّلُ غَيْرُ بَعِيدٍ اهـ حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَصُورَتُهُ فِي الْمَيِّتِ أَنْ يُوصِيَ بِهَا) وَيَجِبُ عَلَى مُضَحٍّ عَنْ مَيِّتٍ بِإِذْنِهِ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِهَا لِأَنَّهُ نَائِبُهُ فِي التَّفْرِقَةِ لَا عَلَى نَفْسِهِ وَمُمَوِّنِهِ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُضَحِّي وَارِثًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ مَالٍ عَيَّنَهُ سَوَاءٌ مَالُهُ وَمَالُ مَأْذُونِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مَالًا يُضَحِّي مِنْهُ احْتَمَلَ صِحَّةَ تَبَرُّعِ الْوَصِيِّ عَنْهُ بِالذَّبْحِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا فِي ثُلُثِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ نَائِبُهُ فِي التَّفْرِقَةِ أَنَّهُ لَا تَصَرُّفَ هُنَا لِلْوَارِثِ غَيْرِ الْوَصِيِّ فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ بِأَنَّ الْمُوَرِّثَ عَزَلَهُ هُنَا بِتَفْوِيضِ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَيُتَّجَهُ أَخْذًا مِنْ هَذَا أَنَّ لِلْوَصِيِّ إطْعَامَ الْوَارِثِ مِنْهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ مُعَيَّنَةً بِالنَّذْرِ) أَيْ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ الْمُعَيَّنَةِ بِالْجَعْلِ أَوْ بِالنَّذْرِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فَلَا تُجْزِي لِوُجُوبِ النِّيَّةِ وَوَقَعَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَتَنَبَّهْ لَهُ اهـ شَوْبَرِيُّ وَلَكِنْ يُفْهَمُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ ذَبْحَهَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً بِالْجَعْلِ أَوْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ وَنَوَى الْمَالِكُ عِنْدَ التَّعْيِينِ صِحَّةُ ذَبْحِ الْأَجْنَبِيِّ لَهَا حِينَئِذٍ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَجِبُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَقْتَ الذَّبْحِ اسْتِغْنَاءً عَنْهَا بِالنِّيَّةِ الْحَاصِلَةِ عِنْدَ التَّعْيِينِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَنِيَّةٌ عِنْدَ ذَبْحٍ أَوْ تَعْيِينٍ اهـ

(قَوْلُهُ فَيَصِحُّ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمَعَ ذَلِكَ يَلْزَمُ الذَّابِحَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ أَيْ قِيمَتِهَا حَيَّةً وَقِيمَتِهَا مَذْبُوحَةً لِأَنَّ إرَاقَةَ الدَّمِ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ وَقَدْ فَوَّتَهَا اهـ مِنْ التَّحْرِيرِ وَشَرْحُهُ لِلشَّارِحِ وَهَذَا الْمِقْدَارُ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ الذَّابِحِ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ الضَّحَايَا فَيَشْتَرِي بِهِ شَاةً اهـ شَرْحُ التَّنْقِيحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الشَّاةَ يَجِبُ ذَبْحُهَا وَتَفْرِقَةُ جَمِيعِهَا فَإِنْ لَمْ يَفِ الْأَرْشُ الْمَذْكُورُ بِشَاةٍ فَيَشْتَرِي بِهِ شِقْصًا مِنْهَا فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَيَشْتَرِي بِهِ لَحْمًا وَيَتَصَدَّقُ بِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَبْحَهَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ) فَإِنْ فَرَّقَ الْأَجْنَبِيُّ لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاسْتِرْدَادُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ فَيَشْتَرِي بِهَا مِثْلَهَا إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا اشْتَرَى شِقْصًا إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَلَحْمًا إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِالدَّرَاهِمِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَتَضْحِيَةُ الْوَلِيِّ مِنْ مَالِهِ عَنْ مَحَاجِيرِهِ) أَيْ وَكَأَنَّهُ مَلَّكَهُ لَهُمْ وَذَبَحَهُ عَنْهُمْ بِإِذْنِهِمْ فَيَقَعُ ثَوَابُ التَّضْحِيَةِ لِلصَّبِيِّ مَثَلًا وَلِلْأَبِ ثَوَابُ الْهِبَةِ لَكِنْ فِي حَجّ وم ر أَنَّ لِلْوَلِيِّ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ التَّضْحِيَةَ عَنْ مُوَلِّيهِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُقَدَّرُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ فِيهَا لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْوَلِيِّ وَأَمَّا مِنْ مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْوَلِيَّ مَأْمُورٌ بِالِاحْتِيَاطِ لَهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّبَرُّعِ بِهِ وَالْأُضْحِيَّةُ تَبَرُّعٌ اهـ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَتَضْحِيَةُ الْإِمَامِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ وَلَا يَسْقُطُ بِفِعْلِهِ الطَّلَبُ عَنْ الْأَغْنِيَاءِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَقْصُودُ مِنْ الذَّبْحِ عَنْهُمْ مُجَرَّدُ حُصُولِ الثَّوَابِ لَهُمْ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ التَّضْحِيَةِ مِنْ الْإِمَامِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ التَّضْحِيَةُ بِمَا شَرَطَ التَّضْحِيَةَ بِهِ الْوَاقِفُ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِهِ فَإِنَّهُ يَصْرِفُ لِمَنْ شَرَطَ صَرْفَهُ لَهُمْ وَلَا تَسْقُطُ بِهِ التَّضْحِيَةُ عَنْهُمْ وَيَأْكُلُونَ مِنْهُ وَلَوْ أَغْنِيَاءَ وَلَيْسَ هُوَ ضَحِيَّةٌ مِنْ الْوَاقِفِ بَلْ هُوَ صَدَقَةٌ مُجَرَّدَةٌ كَبَقِيَّةِ غَلَّةِ الْوَقْفِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَقَعَتْ لِسَيِّدِهِ) أَيْ وَإِنْ قَالَ لَهُ عَنْ نَفْسِكَ وَيَلْغُو قَوْلُهُ لَهُ عَنْ نَفْسِك لِعَدَمِ إمْكَانِهِ وَلِلْقَاعِدَةِ وَهِيَ أَنَّهُ إذَا بَطَلَ الْخُصُوصُ بَقِيَ الْعُمُومُ إذْ إذْنُهُ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ وُقُوعِهَا عَمَّنْ تَصْلُحُ لَهُ وَلَا صَالِحَ لَهَا غَيْرُهُ فَانْحَصَرَ الْوُقُوعُ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَيْضًا وَقَعَتْ لِسَيِّدِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ السَّيِّدُ قَدْ نَوَى عِنْدَ الذَّبْحِ أَوْ فَوَّضَ إلَيْهِ السَّيِّدُ النِّيَّةَ اهـ ز ي (قَوْلُهُ أَمَّا الْمُبَعَّضُ إلَخْ) مُقَابِلٌ لِقَيْدٍ مُقَدَّرٍ فِيمَا مَرَّ تَقْدِيرُهُ وَلَا لِرَقِيقٍ كُلِّهِ تَأَمَّلْ.

[فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةِ]

أَيْ وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ قَوْلِهِ وَأَنْ يُسَمِّيَ فِيهِ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا إلَخْ) أَيْ لِمَا فِيهَا مِنْ التَّفَاؤُلِ بِالْعُقُوقِ،.

وَفِي الْمِصْبَاحِ، وَفِي حَدِيثٍ «قُولُوا نَسِيكَةٌ وَلَا تَقُولُوا عَقِيقَةٌ» وَكَأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَآهُمْ يَتَطَيَّرُونَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ فَقَالَ قُولُوا نَسِيكَةٌ اهـ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمَّاهَا عَقِيقَةً اهـ س ل وع ش.

(قَوْلُهُ وَهِيَ لُغَةً الشَّرْعُ إلَخْ) نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنْكَارُ هَذَا وَأَنَّهَا نَفْسُ الذَّبْحِ؛ لِأَنَّ عَقَّ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى قَطَعَ، وَفِي الصِّحَاحِ تُقَالُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَتَحَصَّلْنَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ حَقِيقَةٌ فِي الشَّعْرِ مَجَازٌ فِي الذَّبْحِ وَعَكْسُهُ وَمُشْتَرَكٌ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ الشَّعْرُ الَّذِي عَلَى رَأْسِ الْوَلَدِ) أَيْ مِنْ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ فَفِي الْمُخْتَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>