للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ) أَيْ بَيَانُ مَا يَحِلُّ مِنْهَا وَمَا يَحْرُمُ وَالْأَصْلُ فِيهَا آيَةُ {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: ١٤٥] وقَوْله تَعَالَى {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] (حَلَّ دُودُ طَعَامٍ) كَخَلٍّ (لَمْ يَنْفَرِدْ) عَنْهُ لِعُسْرِ تَمْيِيزِهِ بِخِلَافِهِ إنْ انْفَرَدَ عَنْهُ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَلَوْ مَعَهُ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ

ــ

[حاشية الجمل]

[كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ]

ِ) جَمْعُ طَعَامٍ بِمَعْنَى مَطْعُومٍ وَذُكِرَ عَقِبَ الصَّيْدِ لِبَيَانِ مَا يَحِلُّ مِنْهُ وَمَا لَا يَحِلُّ كَمَا أَنَّهُ ذُكِرَ عَقِبَ الْأُضْحِيَّةِ لِبَيَانِ مَا يُجْزِئُ فِيهَا وَمَا لَا يُجْزِئُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِطَلَبِهَا وَغَلَبَ فِي التَّرْجَمَةِ غَيْرُ الْحَيَوَانِ عَلَيْهِ إذْ أَنَّهُ طَعَامٌ حَالًّا وَالْحَيَوَانُ طَعَامٌ بِحَسَبِ الْمَآلِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَقَوْلُهُ وَغَلَبَ فِي التَّرْجَمَةِ إلَخْ أَيْ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْأَطْعِمَةِ وَمُرَادُهُ بِهَا الْحَيَوَانُ وَغَيْرُهُ مَعَ أَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يُسَمَّى طَعَامًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ اهـ (قَوْلُهُ أَيْ بَيَانِ مَا يَحِلُّ مِنْهَا وَمَا يَحْرُمُ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّ اهـ ع ش وَالْمُرَادُ مَا يَحِلُّ وَمَا يَحْرُمُ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَلِلْإِنْسَانِ حَالَةُ اخْتِيَارٍ وَحَالَةُ اضْطِرَارٍ فَعُقِدَ لِذَلِكَ هَذَا الْكِتَابُ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَمَعْرِفَةُ مَا يَحِلُّ وَمَا يَحْرُمُ مِنْ آكَدِ مُهِمَّاتِ الدِّينِ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَرْضُ عَيْنٍ فَقَدْ وَرَدَ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ عَلَى آكِلِ الْحَرَامِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ حَرَامٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ» اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ) أَيْ فِي الْقُرْآنِ الَّذِي أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا أَيْ شَيْئًا مِنْ الْمَطْعُومَاتِ مُحَرَّمًا عَلَى مَنْ يَتَنَاوَلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً مُسْتَثْنًى مِنْ مُحَرَّمًا الْمَنْفِيِّ أَوْ فِسْقًا أَيْ أَوْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ أَيْ ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمٌ غَيْرُ اللَّهِ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لَفِسْقًا مُوَضِّحَةٌ وَالْمُرَادُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا فِسْقٍ أَيْ مَعْصِيَةٍ فَإِنَّ الْفِسْقَ الْمَعْصِيَةُ وَسُمِّيَ فِسْقًا لِتَوَغُّلِهِ فِي الْفِسْقِ وَيَلْحَقُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ بِالسُّنَّةِ كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَمِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ اهـ مِنْ الْجَلَالَيْنِ وَحَوَاشِيهِ وَقَوْلُهُ وَيُحِلُّ أَيْ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ الَّذِي هُوَ مُحَمَّدٌ لَهُمْ أَيْ لِأُمَّتِهِ الطَّيِّبَاتِ أَيْ الَّتِي حُرِّمَتْ عَلَى الْيَهُودِ الَّتِي هِيَ لُحُومُ الْإِبِلِ وَشَحْمُ الْبَقَرِ وَالضَّأْنِ وَالْمَعَزِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَالْخِنْزِيرِ اهـ مِنْ الْجَلَالَيْنِ وَحَوَاشِيهِ.

(قَوْلُهُ حَلَّ دُودُ طَعَامٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ عَطْفًا عَلَى مَا يَحِلُّ وَكَذَا الدُّودُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ طَعَامٍ إلَخْ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ غَيْرَ الْمُتَوَلِّدِ يَحْرُمُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَمِنْهُ النَّمْلُ فِي الْعَسَلِ قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ إلَّا إذَا وَقَعَتْ نَمْلَةٌ أَوْ ذُبَابَةٌ وَتَهَرَّتْ أَجْزَاؤُهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ اهـ، وَلَوْ أَخْرَجَ الدُّودَ وَأَكَلَهُ مَعَ طَعَامٍ آخَرَ حَرُمَ وَلَا فَرْقَ فِي الْجَوَازِ بَيْنَ الَّذِي يَسْهُلُ تَمْيِيزُهُ أَوْ يَعْسُرُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ اهـ بُرُلُّسِيٌّ وَاعْتَمَدَهُ م ر قَالَ وَلَا فَرْقَ أَيْضًا بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ وَمَشَى الطَّبَلَاوِيُّ عَلَى الْجَوَازِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ انْفَصَلَ الدُّودُ ثُمَّ عَادَ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ مَيِّتًا، وَكَذَا لَوْ عَادَ بِفِعْلٍ حَيًّا إنْ عَسُرَ تَمْيِيزُهُ وَتَوَقَّفَ فِيمَا إذَا سَهُلَ، وَأَمَّا لَوْ عَادَ بِفِعْلٍ مَيِّتًا فَإِنْ قَلَّ فَلَا يُنَجِّسُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَوَّلَ الطَّهَارَةِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ الطَّبَلَاوِيُّ فِيمَا اعْتَمَدَهُ لِمَا فِي شَرْحِ الدِّمْيَاطِيِّ مِمَّا نَصُّهُ بِخِلَافِ أَكْلِهِ مُنْفَرِدًا فَيَحْرُمُ، وَكَذَا لَوْ نَحَّاهُ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ تَنَحَّى بِنَفْسِهِ ثُمَّ عَادَ بَعْدَ إمْكَانِ صَوْنِهِ عَنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ وَاعْتَمَدَ م ر مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ.

(فَرْعٌ)

وَافَقَ م ر عَلَى جَوَازِ أَكْلِ الْفُولِ وَالتَّمْرِ الْمُسَوَّسِ مَعَ سُوسِهِ سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا.

(فُرُوعٌ)

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَوْ حَصَلَ فِي اللَّحْمِ دُودٌ فَالظَّاهِرُ الْتِحَاقُهُ بِالْفَاكِهَةِ وَلِهَذَا قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ فِي اللَّحْمِ الْمُدَوِّدِ إذَا جُعِلَ فِي الْقِدْرِ فَمَاتَ فِيهِ لَا يُنَجِّسُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَيُقَاسُ بِهِ التَّمْرُ الْمُسَوَّسُ وَالْفُولُ الْمُسَوَّسُ إذَا طُبِخَا فَمَاتَ فِيهِ، وَلَوْ فُرِّقَ بَيْنَ التَّمْرِ وَالْفُولِ؛ لِأَنَّ التَّمْرَ يُشَقُّ عَادَةً وَيُزَالُ مَا فِيهِ بِخِلَافِ الْفُولِ لَكَانَ مُتَّجَهًا نَعَمْ لَوْ أَخَذَ عَسَلًا فِيهِ نَحْلٌ وَطَبَخَهُ جَاءَ فِيهِ خِلَافُ اللَّحْمِ فِي الطَّهَارَةِ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ الدُّودَ مُتَوَلِّدٌ فِي اللَّحْمِ إذْ الْمَأْخَذُ الْمَشَقَّةُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ النَّاشِئِ وَالطَّارِئِ، وَأَمَّا أَكْلُهُ فَلَا يَحِلُّ قَطْعًا إلَّا إذَا كَانَ نَحْلَةٌ وَاحِدَةٌ وَاسْتُهْلِكَتْ فَفِي الْإِحْيَاءِ فِي كِتَابِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَتْ نَحْلَةٌ أَوْ ذُبَابَةٌ فِي قِدْرِ طَبِيخٍ وَتَهَرَّتْ أَجْزَاؤُهَا لَا يَحْرُمُ أَكْلُ ذَلِكَ الطَّبِيخِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ أَكْلِ الذُّبَابِ وَنَحْوِهِ إنَّمَا كَانَ لِلِاسْتِقْذَارِ وَلَا يُعَدُّ هَذَا مُسْتَقْذَرًا قَالَ، وَلَوْ وَقَعَ فِيهِ جُزْءٌ مِنْ لَحْمِ آدَمِيٍّ مَيِّتٍ لَمْ يَحِلَّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الطَّبِيخِ وَإِنْ قَلَّ لَا لِنَجَاسَتِهِ بَلْ لِحُرْمَتِهِ وَخَالَفَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا وَقَالَ الْمُخْتَارُ لَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلَكًا اهـ سم.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ حَلَّ دُودُ طَعَامٍ إلَخْ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ لَكِنَّ قِيَاسَ مَا مَرَّ فِيمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً إذَا كَثُرَ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ إذَا كَثُرَ هُنَا وَغَيَّرَ امْتَنَعَ أَكْلُهُ مَعَ مَا هُوَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُنَجِّسُهُ. كَذَا قِيلَ وَفِيهِ وَقْفَةٌ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَاكَ يُمْكِنُ الصَّوْنُ عَمَّا وَقَعَ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُسْتَقْذَرْ جَازَ أَكْلُهُ مَعَهُ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَلَا اهـ إيعَابٌ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ لِعُسْرِ تَمْيِيزِهِ) أَيْ مَنْ شَأْنُهُ ذَلِكَ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>