للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابُ أَوْقَاتِهَا) التَّرْجَمَةُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَلَمَّا كَانَ الظُّهْرُ أَوَّلَ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ وَقَدْ بَدَأَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا فِي قَوْلِهِ {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨] وَكَانَتْ أَوَّلَ صَلَاةٍ عَلَّمَهَا جِبْرِيلُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدَأْتُ كَغَيْرِي بِوَقْتِهَا فَقُلْت (وَقْتُ ظُهْرٍ بَيْنَ) وَقْتَيْ (زَوَالٍ

ــ

[حاشية الجمل]

بِخِلَافِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ وَقْتَهُ غَيْرُ مَحْدُودٍ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ لَا يُقَالُ شَرْطُ جَوَازِ التَّأْخِيرِ سَلَامَةُ الْعَاقِبَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْعَاقِبَةُ مَسْتُورَةٌ عَنْهُ وَيُفَارِقُ الْحَجَّ بِأَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا مَعْلُومٌ بِخِلَافِ آخِرِ وَقْتِ الْحَجِّ فَأُبِيحَ لَهُ تَأْخِيرُهُ بِشَرْطِ أَنْ يُبَادِرَ الْمَوْتُ، فَإِذَا لَمْ يُبَادِرْهُ كَانَ مُقَصِّرًا وَلِأَنَّ الْمَوْتَ بِالنَّظَرِ إلَى الزَّمَنِ الطَّوِيلِ لَا يَنْدُرُ نُدْرَتَهُ بِالنَّظَرِ إلَى الْقَصِيرِ ثُمَّ جَوَازُ تَأْخِيرِهَا مَشْرُوطٌ بِظَنِّ إمْكَانِ الْفِعْلِ وَبِالْعَزْمِ عَلَى فِعْلِهَا فِي وَقْتِهَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهَذَا لَا يُنَافِي اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مِنْ أَحْكَامِ الْإِيمَانِ الْعَزْمُ عَلَى فِعْلِ الْوَاجِبَاتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الِاتِّفَاقِ فِي الْعَزْمِ الْعَامِّ فِي جَمِيعِ التَّكَالِيفِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَمَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الْخَاصِّ بِالْفَرْضِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ فَمَنْ لَمْ يُوجِبْهُ اكْتَفَى بِالْعَامِّ وَمَنْ أَوْجَبَهُ فَلِتَعَلُّقِ الْفَرْضِ بِالْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ فَيَكُونُ وُجُوبُهُ رَاجِعًا إلَى إيقَاعِهِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ اهـ ح ل (فَائِدَةٌ)

فِي شَرْحِ الْمُنْفَرِجَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ الْعِبَادَةُ مَا تُعُبِّدَ بِهِ بِشَرْطِ النِّيَّةِ وَمَعْرِفَةِ الْمَعْبُودِ وَالْقُرْبَةُ مَا تُقُرِّبَ بِهِ بِشَرْطِ مَعْرِفَةِ الْمُتَقَرَّبِ إلَيْهِ وَالطَّاعَةُ غَيْرُهُمَا؛ لِأَنَّهَا امْتِثَالُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ قَالَ وَالطَّاعَةُ تُوجَدُ بِدُونِهِمَا فِي النَّظَرِ الْمُؤَدِّي إلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ إذْ مَعْرِفَتُهُ إنَّمَا تَحْصُلُ بِالنَّظَرِ وَالْقُرْبَةُ تُوجَدُ بِدُونِ الْعِبَادَةِ فِي الْقُرَبِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ كَالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ انْتَهَى وَوُجِدَ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ بَعْدَ نَقْلِهِ لِكَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْمَذْكُورِ مَا نَصُّهُ فَظَهَرَ أَنَّ بَيْنَ الثَّلَاثِ تَبَايُنًا بِحَسَبِ الْمَفْهُومِ، وَأَمَّا بِحَسَبِ التَّحَقُّقِ فَبَيْنَ الطَّاعَةِ وَكُلٍّ مِنْ الْعِبَادَةِ وَالْقُرْبَةِ عُمُومٌ مُطْلَقٌ فَكُلُّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عِبَادَةٌ أَوْ قُرْبَةٌ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ طَاعَةٌ وَلَا عَكْسَ فَالطَّاعَةُ أَعَمُّ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَالْعِبَادَةُ أَخَصُّهَا وَالْقُرْبَةُ أَعَمُّ مِنْ الْعِبَادَةِ وَأَخَصُّ مِنْ الطَّاعَةِ فَهِيَ أَوْسَطُهَا اهـ فَتَدَبَّرْ.

[بَابُ أَوْقَاتِ الصَّلَاة]

(بَابُ أَوْقَاتِهَا) صَدَّرَ الْكِتَابَ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِينَ بِبَحْثِ الْمَوَاقِيتِ؛ لِأَنَّهَا أَهَمُّ شُرُوطِهَا إذْ بِدُخُولِهَا تَجِبُ وَبِخُرُوجِهَا تَفُوتُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوَّلَ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ) أَيْ فِي الْوُجُودِ بَلْ وَأَوَّلُ صَلَاةٍ فُرِضَتْ إمَّا بِإِخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ أَوْ بِتَوَقُّفِ الْوُجُوبِ عَلَى التَّعْلِيمِ بِالْفِعْلِ لَا بِالْقَوْلِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ ذَلِكَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمَا مَرَّ أَوْ لِظُهُورِهَا فِي وَسَطِ النَّهَارِ أَوْ لِفِعْلِهَا فِي وَقْتِ الظَّهِيرَةِ وَهُوَ شِدَّةُ الْحَرِّ أَوْ لِأَنَّ وَقْتَهَا أَظْهَرُ الْأَوْقَاتِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حِكْمَةِ الْأَوَّلِيَّةِ احْتِيَاجُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى تَعْلِيمِ كَيْفِيَّتِهَا وَالتَّعْلِيمُ فِي أَظْهَرِ الْأَوْقَاتِ أَبْلَغُ وَصَرِيحُ هَذَا وَمَا يَأْتِي أَنَّهُ صَلَّاهَا بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ فَمَا قِيلَ إنَّهُ صَلَّاهَا أَوَّلَ يَوْمٍ بِغَيْرِ رُكُوعٍ وَفِي عَصْرِ الثَّانِي رَكَعَ فَسَأَلَهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَقَالَ بِهَذَا أُمِرْت غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَدَأَ اللَّهُ بِهَا) قَدْ بَدَأَ اللَّهُ أَيْضًا بِالصُّبْحِ فِي الْآيَةِ الْآتِيَةِ فَهَذَا لَا يَتِمُّ إلَّا إنْ ثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ سَابِقَةٌ عَلَى تِلْكَ فِي النُّزُولِ اهـ شَيْخُنَا وَيُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ قَوْلَهُ، وَقَدْ بَدَأَ اللَّهُ بِهَا إلَخْ بَعْضُ الْحِكْمَةِ وَتَمَامُهَا هُوَ مَجْمُوعُ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ فَلَا تَرِدُ الصُّبْحُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨] أَيْ زَوَالِهَا وَاللَّامُ بِمَعْنَى عِنْدَ أَيْ عِنْدَ زَوَالِهَا اهـ شَيْخُنَا.

وَفِي الْمِصْبَاحِ دَلَكْت الشَّيْءَ دَلْكًا مِنْ بَابِ قَتَلَ مَرَسْته بِيَدِك وَدَلَكْت النَّعْلَ بِالْأَرْضِ مَسَحْتهَا بِهَا وَدَلَكَتْ الشَّمْسُ وَالنُّجُومُ دُلُوكًا مِنْ بَابِ قَعَدَ زَالَتْ عَنْ الِاسْتِوَاءِ يُسْتَعْمَلُ فِي الْغُرُوبِ أَيْضًا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَكَانَتْ أَوَّلَ صَلَاةٍ عَلَّمَهَا إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلَ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ عَطْفَ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بَدَأْت كَغَيْرِي بِوَقْتِهَا فَقُلْت) : وَإِنَّمَا بَدَءُوا بِهَا، وَإِنْ كَانَ أَوَّلُ صَلَاةٍ حَضَرَتْ بَعْدَ الْإِيجَابِ فِي لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ الصُّبْحَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ حَصَلَ لَهُ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ أَوَّلَ وُجُوبِ الْخَمْسِ مِنْ الظُّهْرِ وَأَنَّ الْإِتْيَانَ بِالصَّلَاةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى بَيَانِهَا وَلَمْ يَتَبَيَّنْ إلَّا وَقْتُ الظُّهْرِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَقْتُ ظُهْرٍ) بِضَمِّ الظَّاءِ الْمُشَالَةِ أَيْ وَقْتُ صَلَاتِهِ وَهُوَ لُغَةً اسْمٌ لِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَمِنْهُ صَلَاةُ الظَّهِيرَةِ وَشَرْعًا اسْمٌ لِلصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَحِكْمَةُ اخْتِصَاصِ الْخَمْسِ بِهَذِهِ الْأَوْقَاتِ تَعَبُّدِيٌّ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ وَكَذَا خُصُوصُ كُلِّ عَدَدٍ مِنْهَا وَمَجْمُوعُ عَدَدِهَا مِنْ كَوْنِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَأَبْدَى بَعْضُهُمْ لِذَلِكَ حِكَمًا مِنْهَا تَذَكُّرُ الْإِنْسَانِ بِهَا نَشْأَتَهُ إذْ وِلَادَتُهُ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَنَشْؤُهُ كَارْتِفَاعِهَا وَشَبَابُهُ كَوُقُوفِهَا عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ وَكُهُولَتُهُ كَمَيْلِهَا وَشَيْخُوخَتُهُ كَقُرْبِهَا مِنْ الْغُرُوبِ وَمَوْتُهُ كَغُرُوبِهَا وَزَادَ بَعْضُهُمْ وَفَنَاءُ جِسْمِهِ كَانْمِحَاقِ أَثَرِهَا وَهُوَ الشَّفَقُ الْأَحْمَرُ فَوَجَبَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>