للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهَادَتُهُ (كَقَوْلِهِ) فِي الْقَذْفِ (قَذْفِي بَاطِلٌ وَأَنَا نَادِمٌ) عَلَيْهِ وَلَا أَعُودُ إلَيْهِ (وَ) بِشَرْطِ (اسْتِبْرَاءِ سَنَةٍ فِي) مَحْذُورٍ (فِعْلِيٍّ وَشَهَادَةِ زُورٍ وَقَذْفِ إيذَاءٍ) ؛ لِأَنَّ لِمُضِيِّهَا الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ أَثَرًا بَيِّنًا فِي تَهْيِيجِ النُّفُوسِ لِمَا تَشْتَهِيهِ فَإِذَا مَضَتْ عَلَى السَّلَامَةِ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِحُسْنِ السَّرِيرَةِ وَمَحَلُّهُ فِي الْفَاسِقِ إذَا أَظْهَرَ فِسْقَهُ فَلَوْ كَانَ يُسِرُّهُ وَأَقَرَّ بِهِ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عَقِبَ تَوْبَتِهِ، فَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ، وَبِمَا ذَكَرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ فِي قَذْفٍ لَا إيذَاءَ بِهِ كَشَهَادَةِ الزِّنَا إذَا وَجَبَ بِهَا الْحَدُّ لِنَقْصِ الْعَدَدِ ثُمَّ تَابَ الشَّاهِدُ وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْأُمِّ مِنْ أَنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ عَلَى قَاذِفٍ غَيْرِ الْمُحْصَنِ مَحْمُولٌ عَلَى قَذْفٍ لَا إيذَاءَ بِهِ وَلَا يَخْفَى عَلَيْك حُسْنُ مَا سَلَكْته فِي بَيَانِ التَّوْبَةِ وَشَرْطِهَا عَلَى مَا سَلَكَهُ الْأَصْلُ.

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ شَهَادَةُ الرِّجَالِ وَتَعَدُّدُ الشُّهُودِ وَمَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ ذَلِكَ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا (لَا يَكْفِي لِغَيْرِ هِلَالِ رَمَضَانَ) وَلَوْ لِلصَّوْمِ (شَاهِدٌ) وَاحِدٌ أَمَّا لَهُ فَيَكْفِي لِلصَّوْمِ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِهِ.

(وَشُرِطَ لِنَحْوِ زِنًا)

ــ

[حاشية الجمل]

وَلَوْ فَسَقَ نَاظِرُ الْوَقْفِ ثُمَّ تَابَ عَادَتْ وِلَايَتُهُ فِي الْحَالِ وَكَذَا لَوْ عَصَى الْوَلِيُّ بِالْعَضْلِ ثُمَّ تَابَ يُزَوَّجُ فِي الْحَالِ وَقَيَّدَ الزَّرْكَشِيُّ عَوْدَ وِلَايَةِ نَاظِرِ الْوَقْفِ بِمَا إذَا كَانَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ اهـ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ قَذْفِي بَاطِلٌ) وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِكَذِبِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا، فَإِنْ قُلْت قَدْ تَعَرَّضَ لَهُ بِقَوْلِهِ قَذْفِي بَاطِلٌ وَلِذَا قِيلَ الْأَوْلَى قَوْلُهُ أَصْلُهُ كَالْجُمْهُورِ الْقَذْفُ بَاطِلٌ قُلْت الْمَحْذُورُ إلْزَامُهُ بِالتَّصْرِيحِ بِكَذِبِهِ لَا بِالتَّعْرِيضِ بِهِ، وَهَذَا فِيهِ تَعْرِيضٌ لَا تَصْرِيحٌ أَلَا تَرَى أَنَّك تَقُولُ لِمُجَاوِرِك هَذَا بَاطِلٌ وَلَا يَجْزَعُ، وَلَوْ قُلْت لَهُ كَذَبْت حَصَلَ لَهُ غَايَةُ الْجَزَعِ وَأَحْنَقَ وَسِرُّهُ أَنَّ الْبُطْلَانَ قَدْ يَكُونُ لِاخْتِلَالِ بَعْضِ الْمُقَدِّمَاتِ فَلَا يُنَافِي مُطْلَقَ الصِّدْقِ بِخِلَافِ الْكَذِبِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمَتْنِ، وَأَنَّ عِبَارَتَهُ مُسَاوِيَةٌ لِعِبَارَةِ أَصْلِهِ وَالْجُمْهُورِ ثُمَّ إنْ اتَّصَلَ ذَلِكَ بِالْقَاضِي بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِحَضْرَتِهِ وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْأَوْجَهِ قِيلَ فِي جَوَازِ إعْلَامِهِ بِهِ نَظَرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَإِشَاعَةِ الْفَاحِشَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَهُ بِحَضْرَةِ مَنْ ذَكَرَهُ بِحَضْرَتِهِ أَوْ لَا وَلَيْسَ كَالْقَذْفِ فِيمَا ذَكَرَ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَوْلُهُ لِغَيْرِهِ يَا مَلْعُونُ أَوْ يَا خِنْزِيرُ وَنَحْوَهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوْبَةِ مِنْهُ قَوْلٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إيهَامُ أَنَّهُ مُحِقٌّ فِيهِ حَتَّى يُبْطِلَهُ بِخِلَافِ الْقَذْفِ اهـ حَجّ وم ر

(قَوْلُهُ وَبِشَرْطِ اسْتِبْرَاءِ) وَجْهُ ذَلِكَ التَّحْذِيرِ مِنْ أَنْ يَتَّخِذَ الْفُسَّاقُ مُجَرَّدَ التَّوْبَةِ ذَرِيعَةً إلَى تَرْوِيجِ أَقْوَالِهِمْ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ رِوَايَتِهِ الِاسْتِبْرَاءُ كَمَا فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ أَوْ يُفَرَّقُ بِضِيقِ بَابِ الشَّهَادَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا قَالَهُ الشَّيْخُ أَقُولُ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَكَذَا الْفَاسِقُ يَتَحَمَّلُ فَيَتُوبُ فَيُؤَدِّي تُقْبَلُ اهـ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الِاسْتِبْرَاءُ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ سَنَةٍ فِي مَحْذُورٍ) أَيْ مَا يَمْنَعُ مِنْ الشَّهَادَةِ كَأَنْ فَعَلَ مَا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ وَمِثْلُ الْفِعْلِ الْعَدَاوَةُ اهـ ح ل أَيْ فَلَا بُدَّ لِخَارِمِ الْمُرُوءَةِ مِنْ اسْتِبْرَاءِ سَنَةٍ أَيْضًا كَمَا فِي م ر وَشَرْحِ الرَّوْضِ وَفِي شَرْحِ م ر وَالْأَصَحُّ أَنَّ السَّنَةَ تَقْرِيبِيَّةٌ لَا تَحْدِيدِيَّةٌ فَيُغْتَفَرُ مِثْلُ خَمْسَةِ أَيَّامٍ لَا مَا زَادَ عَلَيْهَا وَتُعْتَبَرُ أَيْضًا فِي مُرْتَكِبِ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ إذَا أَقْلَعَ عَنْهُ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ وَكَذَا مِنْ الْعَدَاوَةِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ اهـ (قَوْلُهُ وَشَهَادَةِ زُورٍ وَقَذْفِ إيذَاءٍ) أَيْ زِيَادَةٌ عَلَى قَوْلِهِ شَهَادَتِي بَاطِلَةٌ وَقَذْفِي بَاطِلٌ وَفِيهِ أَنَّ الْمُوجِبَ لِلْحَدِّ يَكْتَفِي فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ وَالْمُوجِبَ لِلتَّعْزِيرِ لَا بُدَّ أَنْ يَنْضَمَّ لِلْقَوْلِ اسْتِبْرَاءٌ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى عَلَيْك حُسْنُ مَا سَلَكْته) مِنْهُ إفَادَةُ أَنَّ الْإِقْلَاعَ وَمَا بَعْدَهُ شُرُوطٌ فِي التَّوْبَةِ الْقَوْلِيَّةِ أَيْضًا وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ اهـ سم (فَرْعٌ) .

تَجِبُ التَّوْبَةُ فَوْرًا مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، وَلَوْ صَغِيرَةً، وَإِنْ أَتَى بِمُكَفِّرٍ؛ لِأَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْآخِرَةِ وَتَصِحُّ مِنْ ذَنْبٍ دُونَ آخَرَ وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ لَا بِتَذَكُّرِهِ وَإِذَا تَابَ فِي قَتْلٍ قَبْلَ تَسْلِيمِ نَفْسِهِ صَحَّتْ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَإِسْلَامُ الْمُرْتَدِّ أَوْ الْكَافِرِ تَوْبَةٌ مِنْ الْكُفْرِ بِشَرْطِ النَّدَمِ عَلَيْهِ وَكَذَا صَلَاةُ تَارِكِهَا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ شَهَادَةُ الرِّجَالِ وَتَعَدُّدُ الشُّهُودِ]

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ شَهَادَةُ الرِّجَالِ إلَخْ)

عِبَارَةُ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَتَعَدُّدِ الشُّهُودِ وَحَاصِلُ كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ لِأَنَّ الشُّهُودَ إمَّا أَرْبَعَةٌ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ رَجُلَانِ فَقَطْ أَوْ رَجُلٌ فَقَطْ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَالْيَمِينُ مَعَ الرَّجُلِ مُؤَكَّدٌ، وَالْأَوَّلُ فِي نَحْوِ الزِّنَا، وَالثَّانِي فِيمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ، وَالثَّالِثُ فِي نَحْوِ هِلَالِ رَمَضَانَ، وَالرَّابِعُ فِيمَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ، وَالْخَامِسُ فِيمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ النِّسَاءُ غَالِبًا كَمَا سَيَأْتِي انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَتَعَدُّدُ الشُّهُودِ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى شَهَادَةُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَيَذْكُرُ فِي حَلِفِهِ صِدْقَ شَاهِدِهِ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ اِ هـ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِلصَّوْمِ) أَيْ صَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ مِنْ نَذْرٍ وَغَيْرِهِ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لِلْمُصَنِّفِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ فِي أَنَّهُ يَكْفِي فِيهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ اهـ ع ش فَمِثْلُ رَمَضَانَ الْحَجَّةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُقُوفِ وَشَوَّالٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، وَالشَّهْرُ الْمَنْذُورُ صَوْمُهُ إذَا شَهِدَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ وَاحِدٌ خِلَافًا لِلشَّارِحِ اهـ ز ي وَكَذَا يَكْفِي شَاهِدٌ وَاحِدٌ فِي أَشْيَاءَ كَذِمِّيٍّ مَاتَ وَشَهِدَ عَدْلٌ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيَثْبُتُ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَتَوَابِعِهَا لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْإِرْثِ، وَالْحِرْمَانِ وَكَاللَّوْثِ يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ وَكَإِخْبَارِ الْعَوْنِ الثِّقَةِ بِامْتِنَاعِ الْخَصْمِ الْمُتَعَزِّزِ فَيُعَزِّرَهُ بِقَوْلِهِ وَمَرَّ الِاكْتِفَاءُ فِي الْقِسْمَةِ بِوَاحِدٍ وَفِي الْخَرْصِ بِوَاحِدٍ اهـ شَرْحُ م ر، وَالْعَوْنُ مُفْرَدُ الْأَعْوَانِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُمْ فِي قَوْلِهِ

وَلَوْ اسْتَعْدَى عَلَى حَاضِرٍ أُحْضِرَ بِدَفْعِ خَتْمٍ فَبِمُرَتَّبٍ لِذَلِكَ فَبِأَعْوَانِ السُّلْطَانِ وَيُعَزِّرُهُ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>