للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحُجَّةِ (كَمَا لَوْ رَجَعَ شُهُودُ إحْصَانٍ أَوْ صِفَةٍ) وَلَوْ مَعَ شُهُودِ زِنًا أَوْ شُهُودِ تَعْلِيقِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ فَإِنَّهُمْ لَا يَغْرَمُونَ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ شَهَادَتُهُمْ عَنْ شَهَادَةِ الزِّنَا وَالتَّعْلِيقِ إذْ لَمْ يَشْهَدُوا فِي الْإِحْصَانِ بِمَا يُوجِبُ عُقُوبَةً عَلَى الزَّانِي وَإِنَّمَا وَصَفُوهُ بِصِفَةِ كَمَالٍ وَشَهَادَتُهُمْ فِي الصِّفَةِ شَرْطٌ لَا سَبَبٌ، وَالْحُكْمُ إنَّمَا يُضَافُ لِلسَّبَبِ لَا لِلشَّرْطِ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُمْ يَغْرَمُونَ وَعَزَاهُ لِجَمْعٍ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْأَرْجَحُ كَالْمُزَكِّينَ.

(كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ) الدَّعْوَى لُغَةً: الطَّلَبُ وَشَرْعًا: إخْبَارٌ عَنْ وُجُوبِ حَقٍّ لِلْمُخْبِرِ عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ، وَالْبَيِّنَةُ الشُّهُودُ سُمُّوا بِهَا لِأَنَّ بِهِمْ يَتَبَيَّنُ الْحَقُّ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ

ــ

[حاشية الجمل]

امْرَأَتَيْنِ السُّدُسَ وَلَوْ رَجَعَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ وَاحِدَةٍ إلَى سِتٍّ أَوْ رَجَعَ ثَمَانِ نِسْوَةٍ فَلَا غُرْمَ لِبَقَاءِ الْحُجَّةِ وَإِنْ رَجَعَ مِنْهُنَّ ثَمَانٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ الْغُرْمِ أَوْ مَعَ تِسْعٍ فَعَلَيْهِمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ اهـ سم (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ رَجَعَ شُهُودُ إحْصَانٍ أَوْ صِفَةٍ) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ زِنَاهُ قَدْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ ثُمَّ شُهِدَ بِأَنَّهُ مُحْصَنٌ قَدْ غَيَّبَ حَشَفَتَهُ فِي قُبُلٍ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ ثُمَّ رُجِمَ فَمَاتَ ثُمَّ رَجَعَ شُهُودُ الْإِحْصَانِ عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَغْرَمُونَ دِيَتَهُ وَلَا يُقْتَلُونَ فِيهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ صِفَةٍ وَصُورَتُهَا أَنْ يَثْبُتَ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ تَعْلِيقُ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ أَوْ عِتْقِ عَبْدِهِ بِدُخُولِ الدَّارِ ثُمَّ يَشْهَدُ اثْنَانِ بِالدُّخُولِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ، وَالْعِتْقُ ثُمَّ يَرْجِعُ اللَّذَانِ شَهِدَا بِالصِّفَةِ فَلَا يَغْرَمَانِ الْمَهْرَ وَلَا قِيمَةَ الْعَبْدِ اهـ شَيْخُنَا.

وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى آخَرَ بِأَرْبَعِمِائَةٍ فَرَجَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَنْ مِائَةٍ، وَالْآخَرُ عَنْ مِائَتَيْنِ، وَالثَّالِثُ عَنْ ثَلَثِمِائَةٍ، وَالرَّابِعُ عَنْ الْجَمِيعِ فَيَغْرَمُ الْكُلُّ مِائَةً أَرْبَاعًا لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى الرُّجُوعِ عَنْهَا وَيَغْرَمُ أَيْضًا الثَّلَاثَةُ نِصْفَ الْمِائَةِ لِبَقَاءِ نِصْفِ الْحُجَّةِ بِشَهَادَةِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا الْمِائَتَانِ الْبَاقِيَتَانِ فَلَا غُرْمَ فِيهِمَا لِبَقَاءِ الْحُجَّةِ فِيهِمَا اهـ شَرْحُ شَيْخِنَا اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ بَعْدَ أَنْ سَاقَ مَا تَقَدَّمَ بِالْحَرْفِ مَا نَصُّهُ " قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِهِ وَفِيهِ بَحْثٌ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ لَا غُرْمَ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ وَيَغْرَمُ الثَّالِثُ نِصْفَ الْأَرْبَعِمِائَةِ وَحْدَهُ وَيَغْرَمُ هُوَ، وَالرَّابِعُ نِصْفَهَا الْآخَرَ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ شُهُودِ زِنًا. . . إلَخْ) بِأَنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِزِنَاهُ وَادَّعَى أَنَّهُ غَيْرُ مُحْصَنٍ فَشَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّهُ مُحْصَنٌ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ رَجْمِهِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمْ لَا يَغْرَمُونَ) أَيْ شُهُودُ الْإِحْصَانِ، وَالصِّفَةِ سَوَاءٌ رَجَعُوا فَقَطْ أَوْ مَعَ غَيْرِهِمْ وَسَوَاءٌ شَهِدُوا قَبْلَ شُهُودِ الزِّنَا، وَالتَّعْلِيقِ أَوْ بَعْدَهُمْ، وَالضَّمَانُ يَتَعَلَّقُ بِشُهُودِ الزِّنَا، وَالتَّعْلِيقِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وُقُوعُ الطَّلَاقِ، وَالْعِتْقِ فِي رُجُوعِ شُهُودِ الصِّفَةِ فَقَطْ وَفِي عَدَمِ غُرْمِهِمْ فِي هَذِهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ هَذِهِ مَنْشَأُ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ الْمَعْرُوفُ أَنَّهُمْ يَغْرَمُونَ وَقَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ إنَّهُ الْأَرْجَحُ وَيُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي شُهُودِ الْإِحْصَانِ فَرَاجِعْهُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا فَإِنَّهُمْ لَا يَغْرَمُونَ) أَيْ لَا يَغْرَمُونَ الْمَهْرَ وَقِيمَةَ الْعَبْدِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّعْلِيقِ، وَالدِّيَةَ بِالنِّسْبَةِ لِشُهُودِ لْإِحْصَانِ (قَوْلُهُ: كَالْمُزَكِّينَ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الزِّنَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْإِحْصَانِ صَالِحٌ لِإِلْجَاءِ الْقَاضِي إلَى الْحُكْمِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْحَدُّ، وَالشَّهَادَةُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ التَّزْكِيَةِ غَيْرُ صَالِحَةٍ لِلْإِلْجَاءِ أَصْلًا فَكَانَ الْمُلْجِئُ هُوَ التَّزْكِيَةُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ شَرْحُ م ر.

(خَاتِمَةٌ) لَوْ تَوَقَّفَ فِي حُكْمٍ لِإِشْكَالِهِ فَرَوَى لَهُ غَيْرُهُ حَدِيثًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَتَلَ الْقَاضِي رَجُلًا مُعْتَمِدًا عَلَى مَا رَوَى ثُمَّ رَجَعَ الرَّاوِي وَأَقَرَّ بِالْكَذِبِ عَمْدًا فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ اهـ عب قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا دِيَةَ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْوَاقِعَةِ فَلَمْ يَقْصِدْ الرَّاوِي الْقَتْلَ اهـ سم.

[كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ]

(كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ) أَلِفُهَا لِلتَّأْنِيثِ وَجَمْعُهُمَا دَعَاوَى كَفَتْوَى وَفَتَاوَى بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا قِيلَ سُمِّيَتْ دَعْوَى لِأَنَّ الْمُدَّعِي يَدْعُو صَاحِبَهُ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ لِيَخْرُجَ مِنْ دَعْوَاهُ اهـ عَبْدُ الْبَرِّ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمَدَارُ الْخُصُومَةِ عَلَى خَمْسَةٍ الدَّعْوَى، وَالْجَوَابِ، وَالْيَمِينِ، وَالنُّكُولِ، وَالْبَيِّنَةِ وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ كَذَلِكَ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ فَفِي جَانِبِ الْمُدَّعِي اثْنَانِ مِنْهَا وَهُمَا الدَّعْوَى، وَالْبَيِّنَةُ وَفِي جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ الْجَوَابُ، وَالْيَمِينُ، وَالنُّكُولُ اهـ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ وَادَّعَيْت الشَّيْءَ تَمَنَّيْته وَادَّعَيْته طَلَبْته لِنَفْسِي، وَالِاسْمُ الدَّعْوَى وَدَعْوَى فُلَانٍ كَذَا أَيْ قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ فَارِسٍ الدَّعْوَةُ الْمَرَّةُ وَبَعْضُ الْعَرَبِ يُؤَنِّثُ بِالْأَلِفِ فَيَقُولُ الدَّعْوَى وَقَدْ يَتَضَمَّنُ الِادِّعَاءُ مَعْنَى الْإِخْبَارِ فَتَدْخُلُ الْبَاءُ جَوَازًا فَيُقَالُ فُلَانٌ يَدَّعِي بِكَرْمِ فِعَالِهِ أَيْ يُخْبِرُ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ وَجَمْعُ الدَّعْوَى الدَّعَاوَى بِكَسْرِ الْوَاوِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ كَمَا سَيَأْتِي وَبِفَتْحِهَا مُحَافَظَةً عَلَى أَلْفِ التَّأْنِيثِ قَالَ بَعْضُهُمْ الْفَتْحُ أَوْلَى لِأَنَّ الْعَرَبَ آثَرَتْ التَّخْفِيفَ فَفَتَحَتْ وَحَافَظَتْ عَلَى أَلِفِ التَّأْنِيثِ الَّتِي بُنِيَ عَلَيْهَا الْمُفْرَدُ

(قَوْلُهُ: وَالْبَيِّنَاتِ) جَمَعَهَا لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا وَأَفْرَدَ الدَّعْوَى لِعَدَمِ اخْتِلَافِهَا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لُغَةً: الطَّلَبُ) وَمِنْهُ {وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ} [يس: ٥٧] وَقَوْلُهُ إخْبَارٌ بِحَقٍّ أَيْ وَيَلْزَمُهُ الطَّلَبُ وَقَوْلُهُ لِلْمُخْبِرِ الْمُرَادُ بِهِ مَالَهُ فِي الْحَقِّ تَعَلُّقٌ فَيَشْمَلُ الْوَلِيَّ وَنَاظِرَ الْوَقْفِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: عِنْدَ حَاكِمٍ) سَيَأْتِي أَنَّ مِثْلَهُ الْمُحَكَّمُ وَذُو الشَّوْكَةِ اهـ (قَوْلُهُ: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ» . . . إلَخْ) لَمْ يَظْهَرْ الِاسْتِدْلَال بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ نَقِيضِ الْمُقَدَّمِ لَا يُنْتِجُ

<<  <  ج: ص:  >  >>