للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إتْلَافٌ وَلَا قَصْدٌ (وَالْمَيِّتُ مُعْسِرٌ) فَلَوْ أَوْصَى أَحَدُ شَرِيكَيْنِ بِإِعْتَاقِ نَصِيبِهِ لَمْ يَسْرِ إعْتَاقُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَإِنْ خَرَجَ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ لِانْتِقَالِ الْمَالِ غَيْرِ الْمُوصَى بِهِ بِالْمَوْتِ إلَى الْوَارِثِ (وَكَذَا الْمَرِيضُ) مُعْسِرٌ (إلَّا فِي ثُلُثِ مَالِهِ) فَلَوْ أَعْتَقَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَمْ يُخْرِجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا نَصِيبَهُ عَتَقَ وَلَا سِرَايَةَ عَلَيْهِ.

(فَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ لَوْ (مَلَكَ حُرٌّ) وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ وَإِنْ أَفْهَمَ خِلَافَهُ وَأَنَّ الْمُبَعَّضَ كَالْحُرِّ قَوْلُ الْأَصْلِ إذَا مَلَكَ أَهْلَ تَبَرُّعٍ (بَعْضُهُ) مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (عَتَقَ) عَلَيْهِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ» أَيْ بِالشِّرَاءِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَالَ تَعَالَى {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء: ٢٦] دَلَّ عَلَى نَفْيِ اجْتِمَاعِ الْوَلَدِيَّةِ وَالْعَبْدِيَّةِ

ــ

[حاشية الجمل]

بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ كَأَنْ وَهَبَ لِقِنٍّ بَعْضُ قَرِيبِ سَيِّدِهِ فَقَبِلَهُ فَيُعْتَقُ وَيَسْرِي كَمَا يَأْتِي وَعَلَى سَيِّدِهِ قِيمَةُ بَاقِيهِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ فِعْلَ عَبْدِهِ كَفِعْلِهِ كَمَا مَرَّ فِي الدَّعْوَى عَلَيْهِ اهـ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إتْلَافٌ) أَيْ كَالْإِيلَادِ وَقَوْلُهُ وَلَا قَصْدٌ أَيْ كَالْإِعْتَاقِ وَشِرَاءُ جُزْءِ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْمَرِيضُ مُعْسِرٌ) أَيْ فِي عِتْقِ التَّبَرُّعِ أَمَّا غَيْرُ التَّبَرُّعِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ بَعْضَ رَقِيقِهِ عَنْ كَفَّارَةٍ مُرَتَّبَةٍ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ فَيَسْرِي وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الثُّلُثِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ عَنْ كَفَّارَةٍ مُرَتَّبَةٍ قَضِيَّتُهُ عَدَمُ السِّرَايَةِ فِي الْمُخَيَّرَةِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُخَاطَبْ بِخُصُوصِ الْعِتْقِ بَلْ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ الْحَاصِلُ فِي كُلٍّ مِنْ الْخِصَالِ كَانَ اخْتِيَارُهُ لِخُصُوصِ الْعِتْقِ كَالتَّبَرُّعِ وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ خَصْلَةٌ غَيْرَ الْعِتْقِ لِأَنَّ بَعْضَ الرَّقَبَةِ لَا يَكُونُ كَفَّارَةً فَلْيُرَاجَعْ اهـ ع ش عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ التَّحْقِيقُ أَنَّ الْمَرِيضَ كَالصَّحِيحِ فَإِنْ شُفِيَ سَرَى وَإِنْ مَاتَ نُظِرَ لِثُلُثِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِنْ خَرَجَ بَدَلُ السِّرَايَةِ مِنْ الثُّلُثِ نَفَذَ وَإِلَّا رَدَّ الزَّائِدَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُفْلِسِ تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ هَذَا عِنْدَ التَّأَمُّلِ لَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْمَاتِنِ فِي الْحُكْمِ لِمَا قَرَّرَهُ فِيهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ بَعْضُ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْ الثُّلُثِ مَعَ حِصَّتِهِ عَتَقَ مَا خَرَجَ وَبَقِيَ الزَّائِدُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ جَمِيعُهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

[فَصْلٌ فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ]

(فَصْلٌ فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ) (قَوْلُهُ لَوْ مَلَكَ حُرٌّ) أَيْ كُلُّهُ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ أَيْ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ كَأَنْ وَرِثَ بَعْضَهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ وَلَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ لِكَوْنِهِ مُعْسِرًا أَوْ لِكَوْنِ فَرْعِهِ كَسُوبًا كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ) ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ إلَى تَعَدِّي ذَلِكَ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ اهـ عَمِيرَةُ.

(فَرْعٌ) لَوْ كَانَ الْفَرْعُ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ الْمَنْعُ فَلَوْ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ثَبَتَ الْعِتْقُ اهـ.

(فَرْعٌ) لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الْوَكِيلِ لَمْ يُعْتَقْ وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ ابْتِدَاءً.

(فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى الْقَاضِي لَوْ قَالَ لِمَنْ يَمْلِكُ بَعْضَهُ أَعْتِقْهُ عَنِّي عَلَى أَلْفٍ فَفَعَلَ لَمْ يُعْتَقْ قَالَ الْبَغَوِيّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحْكُمَ بِعِتْقِهِ اهـ بُرُلُّسِيٌّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ قَوِيٌّ وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي فِيمَنْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إذْ لَا يُمْكِنُهُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ وَنَازَعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهَذَا مِثْلُهُ اهـ سم والْمُعْتَمَدُ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ أَنْ لَا يَكُونَ الرَّقِيقُ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَى الطَّالِبِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَا يُعْتَقُ وَتَقَدَّمَ بَسْطُهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ وَلَوْ مُخَالِفًا فِي الدِّينِ اهـ سم (قَوْلُهُ عَتَقَ عَلَيْهِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ ثُمَّ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمِلْكِ وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ الْبَعْضِيَّةَ إذَا فَاقَتْ الْمِلْكَ فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِوُجُودِهِ مَعَ اقْتِرَانِهَا بِسَبَبِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا تَنَافَى دَوَامُهُ وَاسْتِمْرَارُهُ لَا ابْتِدَاءَهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ مِنْ مِلْكِ الْمَرِيضِ لِبَعْضِهِ بِعِوَضٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَيُلْغِزُ بِهَذَا فَيُقَالُ لَنَا مُوسِرٌ اشْتَرَى بَعْضَهُ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ اهـ ز ي (قَوْلُهُ لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يَجْزِيَ بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ لَا يُكَافِئَهُ بِإِحْيَائِهِ وَقَضَاءِ حَقِّهِ إلَّا أَنْ يُعْتِقَهُ ثُمَّ قَالَ وَتَأَوَّلَ الْجُمْهُورُ الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ لَمَّا تَسَبَّبَ فِي شِرَائِهِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ عِتْقُهُ أُضِيفَ الْعِتْقُ إلَيْهِ اهـ وَهُوَ جَارٍ عَلَى رِوَايَةِ نَصْبِ يُعْتِقَهُ

أَمَّا الزَّرْكَشِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ يُعْتِقُهُ بِالرَّفْعِ وَفَاعِلُهُ ضَمِيرُ الشِّرَاءِ لِأَنَّ نَفْسَ الشِّرَاءِ مُحَصِّلٌ لِلْعِتْقِ قَالَ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِعْتَاقِ فِيهِ التَّسَبُّبُ بِالشِّرَاءِ كَمَا فِي حَدِيثِ «كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا» وَاعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ الْعِتْقِ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ فَقِيلَ الْبَعْضِيَّةُ وَضَعَّفَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ بِأَنَّهَا زَالَتْ بِالِانْفِصَالِ بِدَلِيلِ أَنَّ إعْتَاقَ الْأُمِّ لَا يَسْتَتْبِعُ الْوَلَدَ الْمُنْفَصِلَ قَالَ وَإِنَّمَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِالنَّصِّ اهـ سم (قَوْلُهُ أَيْ بِالشِّرَاءِ) هَذَا رُبَّمَا يُفِيدُ أَنْ يُعْتِقَهُ مَنْصُوبٌ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمَالِكِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَكُونُ مُعْتَقًا بِنَفْسِ الشِّرَاءِ لَا بِصِيغَةٍ وَذَكَرَ حَجّ أَنَّ الرِّوَايَةَ بِالرَّفْعِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلشِّرَاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ يَشْتَرِيهِ أَيْ فَيُعْتِقُهُ الشِّرَاءُ اهـ ح ل وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِالشِّرَاءِ سَبَبِيَّةً أَيْ يُعْتِقُهُ الشِّرَاءُ بِسَبَبِهِ لَا بِسَبَبٍ آخَرَ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>