للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إدْرَاكُ قَدْرِ وَقْتِهِ لِإِمْكَانِ تَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا لَمْ يُدْرِكْ قَدْرَ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ فِعْلِهِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ حَاضَتْ أَوْ جُنَّ وَالتَّقْيِيدُ بِطُهْرٍ لَا يُقَدَّمُ، مِنْ زِيَادَتِي.

(بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْقَدْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ ع ش وَشَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَأَدْرَكَ قَدْرَهُ) لَا يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى إدْرَاكِ قَدْرِ الْفَرْضِ الثَّانِي مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِإِدْرَاكِهِ فِي وَقْتِ نَفْسِهِ إذْ الْفَرْضُ أَنَّ الْمَانِعَ إنَّمَا طَرَأَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَيَلْزَمُ الْخُلُوُّ مِنْهُ فِي وَقْتِ الْأُولَى؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَانِعُ قَائِمًا بِهِ فِي وَقْتِ الْأُولَى كُلِّهِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ مَثَلًا ثُمَّ جُنَّ أَوْ حَاضَتْ فِيهِ اهـ ع ش عَلَى م ر قَالَ الشَّوْبَرِيُّ بَعْدَ تَقْرِيرِ هَذَا الْكَلَامِ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا أَوْرَدَ عَلَيْهِ اهـ وَالْإِيرَادُ لسم وَصُورَتُهُ قَوْلُهُ مَعَ فَرْضِ فِعْلِهَا ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَمْ تَدْخُلْ فِيمَا سَبَقَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا سَبَقَ وَلَوْ زَالَتْ الْمَوَانِعُ، وَقَدْ بَقِيَ قَدْرُ تَحَرُّمٍ فَأَكْثَرَ لَزِمَتْ مَعَ فَرْضٍ قَبْلَهَا نُصَّ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ تَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ) فِيهِ إنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَانِعَ يَسْتَغْرِقُ وَقْتَ الْأُولَى إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ إمْكَانَ تَقْدِيمِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ خُصُوصِ هَذِهِ الصُّورَةِ اهـ شَيْخُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمْ.

[بَابُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

(بَابٌ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) وَحُكْمُهُمَا وَمَا يُطْلَبُ فِيهِمَا وَعَبَّرَ بِالْبَابِ لِعَدَمِ انْدِرَاجِهِ فِي بَابِ الْمَوَاقِيتِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْأَصْلَ بِالْفَصْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُتَرْجَمْ بِالْبَابِ فِيمَا سَبَقَ فَهُوَ مُنْدَرِجٌ تَحْتَ الْكِتَابِ اهـ ع ش وَالْأَذَانُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ لُغَةً الْإِعْلَامُ يُقَالُ آذَنَ بِالشَّيْءِ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الذَّالِ أَوْ أَذَّنَ بِتَشْدِيدِهَا أَذَانًا وَتَأْذِينًا وَأُذَيْنًا بِمَعْنَى أَعْلَمْ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: ٣] وَقَوْلُهُ {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج: ٢٧] وَشَرْعًا أَلْفَاظٌ مَخْصُوصَةٌ يُعْرَفُ بِهَا دُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالْإِقَامَةُ مَصْدَرُ أَقَامَ بِالْمَكَانِ يُقِيمُ إقَامَةً وَأَقَامَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ وَأَقَامَ الشَّيْءَ أَيْ أَدَامَهُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ} [البقرة: ٣] وَهِيَ لُغَةً كَالْأَذَانِ وَشَرْعًا أَلْفَاظًا مَخْصُوصَةً تُقَالُ لِاسْتِنْهَاضِ الْحَاضِرِينَ لِفِعْلِ الصَّلَاةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُقِيمُ إلَى الصَّلَاةِ وَنَقَلَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ أَنَّ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَأَوَّلُ مَشْرُوعِيَّتِهِمَا بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ بِالْمَدِينَةِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ بَعْدَ بِنَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسْجِدَهُ وَقِيلَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَالرِّوَايَاتُ الْمُصَرِّحَةُ بِأَنَّ الْأَذَانَ فُرِضَ بِمَكَّةَ لَمْ يَصِحَّ مِنْهَا شَيْءٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ

وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَأَوَّلُ ظُهُورِ مَشْرُوعِيَّتِهِمَا فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ فِي الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ فَلَا يُنَافِي مَا قِيلَ: إنَّ جِبْرِيلَ أَذَّنَ وَأَقَامَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِصَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَنْ فِيهِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ اهـ وَفِي الْمَوَاهِبِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَّامَةِ الزَّرْقَانِيُّ مَا نَصُّهُ وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ شُرِعَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ لَكِنْ لَمْ يَصِحَّ مِنْهَا شَيْءٌ وَقَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْأَذَانِ بِمَكَّةَ، وَقَدْ جَزَمَ ابْنُ الْمُنْذِرِ بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُصَلِّي بِغَيْرِ أَذَانٍ مُنْذُ فُرِضَتْ الصَّلَاةُ بِمَكَّةَ إلَى أَنْ هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ إلَى أَنْ وَقَعَ التَّشَاوُرُ فِي ذَلِكَ فَأَمَرَ بِهِ بَعْدَ رُؤْيَا ابْنِ زَيْدٍ فِي السَّنَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فَجَزْمُهُ بِذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ عِنْدَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِي حَاشِيَةِ ع ش عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ.

وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا ح ل وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَيْ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا أَنَّ مِنْ خَصَائِصِهَا الرُّكُوعُ وَالْجَمَاعَةُ وَافْتِتَاحُ الصَّلَاةِ بِالتَّكْبِيرِ، فَإِنَّ صَلَاةَ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ كَانَتْ لَا رُكُوعَ فِيهَا وَلَا جَمَاعَةَ وَكَانَتْ الْأَنْبِيَاءُ كُلُّهُمْ يَسْتَفْتِحُونَ الصَّلَاةَ بِالتَّوْحِيدِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَكَانَ دَأْبُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إحْرَامِهِ لَفْظُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ سِوَاهَا أَيْ كَالنِّيَّةِ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى الرُّكُوعِ قَوْله تَعَالَى لِمَرْيَمَ {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: ٤٣] ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي ذَلِكَ الْخُضُوعُ وَالصَّلَاةُ لَا الرُّكُوعُ الْمَعْهُودُ كَمَا قِيلَ لَكِنْ فِي الْبَغَوِيّ قِيلَ إنَّمَا قُدِّمَ السُّجُودُ عَلَى الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ فِي شَرِيعَتِهِمْ وَقِيلَ: كَانَ الرُّكُوعُ قَبْلَ السُّجُودِ فِي الشَّرَائِعِ كُلِّهَا وَلَيْسَتْ الْوَاوُ لِلتَّرْتِيبِ بَلْ لِلْجَمْعِ هَذَا كَلَامُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ الزَّرْقَانِيُّ وَهُوَ كَالْإِقَامَةِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ عَسَاكِرَ وَأَبُو نُعَيْمٍ بِإِسْنَادٍ فِيهِ مَجَاهِيلُ «أَنَّ آدَمَ لَمَّا نَزَلَ الْهِنْدَ اسْتَوْحَشَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَنَادَى بِالْأَذَانِ» وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَشْرُوعِيَّتَهُ لِلصَّلَاةِ هُوَ الْخُصُوصِيَّةُ انْتَهَتْ.

(فَائِدَةٌ) أَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ فِي السَّمَاءِ جِبْرِيلُ وَأَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ فِي الْإِسْلَامِ بِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ وَأَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ بِمَكَّةَ حَبِيبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَوَّلُ مَنْ زَادَ الْأَذَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>