للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ (التَّوَجُّهُ) لِلْقِبْلَةِ بِالصَّدْرِ لَا بِالْوَجْهِ (شَرْطٌ لِصَلَاةِ قَادِرٍ) عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٤٤] أَيْ جِهَتَهُ

ــ

[حاشية الجمل]

[بَابٌ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ بِالصَّدْرِ لَا بِالْوَجْهِ شَرْطٌ لِصَلَاةِ قَادِرٍ عَلَيْهِ]

بَابٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاةِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ) وَتَعْبِيرُهُ هُنَا بِالْبَابِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْفَصْلِ لِكَوْنِهِ أَجْنَبِيًّا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَذَانِ وَلِمَا تَقَدَّمَ أَيْضًا فِي بَابِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْبَابِ مِنْ قَوْلِهِ وَمَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ إلَخْ، وَأَمَّا كَوْنُهُ شَرْطًا وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ فَمَذْكُورٌ بِالتَّبَعِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا يَأْتِي اهـ شَيْخُنَا قَالَ السُّيُوطِيّ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ نَسَخَ اللَّهُ الْقِبْلَةَ مَرَّتَيْنِ وَنَسَخَ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ مَرَّتَيْنِ وَلُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ مَرَّتَيْنِ وَلَا أَحْفَظُ رَابِعًا وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْعَوْفِيُّ فِي رَابِعِهَا الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ قُلْت وَقَدْ نَظَمْت ذَلِكَ فَقُلْت

وَأَرْبَعٌ تَكَرَّرَ النَّسْخُ لَهَا ... جَاءَتْ بِهِ النُّصُوصُ وَالْآثَارُ

لِقِبْلَةٍ وَمُتْعَةٍ تُحْسَبُ ... كَذَا الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ

انْتَهَى اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِالتَّنْوِينِ) أَيْ لِقَطْعِهِ عَنْ الْإِضَافَةِ كَمَا فِي سَابِعِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ بَعْدَهُ جُمْلَةٌ قُرِئَ بِالتَّنْوِينِ أَوْ مُفْرَدٌ قُرِئَ بِالْإِضَافَةِ مِثْلُ بَابِ الْوُضُوءِ وَنَحْوِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِالصَّدْرِ) الْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ عَرْضِ الْبَدَنِ فَلَوْ اسْتَقْبَلَ طَرَفَهَا فَخَرَجَ شَيْءٌ مِنْ الْعَرْضِ عَنْ مُحَاذَاتِهِ لَمْ يَصِحَّ اهـ حَجّ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا بِالصَّدْرِ) أَيْ إذَا كَانَ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا أَوْ بِجُمْلَتِهِ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ وَلَوْ صَلَّى مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا فَالِاسْتِقْبَالُ بِمُقَدَّمِ الْبَدَنِ أَيْ بِالصَّدْرِ وَالْوَجْهِ كَمَا سَيَأْتِي وَفِي الْمُسْتَلْقِي لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ أَخْمَصَاهُ لِلْقِبْلَةِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: أَيْ وَالِاسْتِقْبَالُ بِالْوَجْهِ أَيْضًا) بِأَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ كَمَا سَيَأْتِي فَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ بِالصَّدْرِ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ وَكَذَا قَوْلُهُ لَا بِالْوَجْهِ اهـ شَيْخُنَا ح ف.

وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ إنَّمَا قَيَّدَ بِالصَّدْرِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي صَلَاةِ الْقَادِرِ فِي الْفَرْضِ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمَتْنِ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ قَدْ يَجِبُ بِالْوَجْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَلْقِي؛ لِأَنَّ تِلْكَ حَالَةُ عَجْزٍ وَسَيَأْتِي لَهَا حُكْمٌ يَخُصُّهَا فَانْدَفَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ اهـ.

وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ أَعْنِي ع ش عَلَى الشَّارِحِ قَوْلُهُ بِالصَّدْرِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْقَائِمِ وَالْقَاعِدِ وَالْمُسْتَلْقِي وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا يَأْتِي أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ فِي حَقِّ الْمُسْتَلْقِي بِالْوَجْهِ وَفِي حَقِّ الْمُضْطَجِعِ بِمُقَدَّمِ بَدَنِهِ ثُمَّ قَوْلُهُ لَا بِالْوَجْهِ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ نَفْيًا لِمَا قَدْ يَقْتَضِيه التَّعْبِيرُ بِالتَّوَجُّهِ، فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْمُقَابَلَةِ بِالْوَجْهِ فَلَا يُقَالُ نَحْوُ الْيَدِ تَنَازَعَ فِيهَا الْمَفْهُومَانِ، فَإِنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ بِالصَّدْرِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ خُرُوجُ نَحْوِ الْيَدِ عَنْ الْقِبْلَةِ وَقَوْلُهُ لَا بِالْوَجْهِ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ هَذَا وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ بِالصَّدْرِ أَنَّ خُرُوجَ الْقَدَمَيْنِ عَنْ الْقِبْلَةِ لَا يَضُرُّ وَشَمِلَهُ قَوْلُ حَجّ فِيمَا لَا يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ بِهِ وَلَا بِنَحْوِ الْيَدِ أَيْ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ بِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ وَلَا بِنَحْوِ الْيَدِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْقَدَمَانِ وَعَلَيْهِ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ قَدَمَيْهِ خَارِجَ مُحَاذَاتِهَا مَعَ اسْتِقْبَالِهَا بِصَدْرِهِ وَبَقِيَّةِ بَدَنِهِ أَجْزَأَ وَهُوَ مُسْتَبْعَدٌ فَلْيُرَاجَعْ أَقُولُ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ وَهُوَ عَدَمُ الضَّرَرِ بِخُرُوجِ الْقَدَمَيْنِ عَنْ الْقِبْلَةِ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ اهـ وَعِبَارَتُهُ عَلَى شَرْحِ م ر قَوْلُهُ لَا بِوَجْهِهِ أَيْ وَلَا بِقَدَمَيْهِ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ سم عَلَى حَجّ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَجْهَ لَا يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ بِهِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِقْبَالِ بِالْوَجْهِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اسْتِقْبَالِهِ بِمَا ذُكِرَ كَذَا بِهَامِشِ عَنْ الشَّيْخِ سُلَيْمَانَ الْبَابِلِيِّ أَقُولُ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الصَّدْرِ هُنَا، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى التَّعْمِيمُ؛ لِأَنَّ الْأَدِلَّةَ الْوَارِدَةَ مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ إنَّمَا تُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ الْقَائِمِ وَالْقَاعِدِ وَمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَيْهِمَا لِلْأَدِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَمَّا التَّوَجُّهُ بِالْوَجْهِ فَهُوَ بِدَلِيلٍ آخَرَ كَمَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: التَّوَجُّهُ شَرْطٌ) أَيْ فَلَا يَسْقُطُ بِجَهْلٍ وَلَا غَفْلَةٍ وَلَا إكْرَاهٍ وَلَا نِسْيَانٍ فَلَوْ اسْتَدْبَرَ نَاسِيًا وَعَادَ عَنْ قُرْبٍ لَمْ يَصِحَّ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لِصَلَاةِ قَادِرٍ) أَيْ حِسًّا فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: {فَوَلِّ وَجْهَكَ} [البقرة: ١٤٤] الْمُرَادُ بِالْوَجْهِ الذَّاتُ وَالْمُرَادُ بِالذَّاتِ بَعْضُهَا وَهُوَ الصَّدْرُ فَهُوَ مَجَازٌ مَبْنِيٌّ عَلَى مَجَازٍ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَيْ جِهَتَهُ) لَا يَرِدُ أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ لَا يُوَافِقُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ مِنْ اشْتِرَاطِ اسْتِقْبَالِ الْعَيْنِ وَعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْجِهَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا بَيَانُ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ فِي الْجُمْلَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ إجْمَاعًا، وَأَمَّا تَعَيُّنُ الْعَيْنِ فَمَسْأَلَةٌ أُخْرَى لَهَا طَرِيقٌ آخَرُ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ الْجِهَةَ الْمُفَسَّرَ بِهَا الشَّطْرُ فِي الْآيَةِ مُقَابِلَةٌ لِلْعَيْنِ فَقَدْ قَالَ جَدّ شَيْخِنَا الشَّرِيفُ عِيسَى فِي مُصَنَّفٍ لَهُ فِي وُجُوبِ إصَابَةِ عَيْنِ الْقِبْلَةِ مَا نَصُّهُ بَلْ التَّحْقِيقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>