للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابٌ) فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ (تُسَنُّ سَجَدَاتُ تِلَاوَةٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (لِقَارِئٍ)

ــ

[حاشية الجمل]

[بَابٌ فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ]

(بَابٌ فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ) إضَافَةُ السُّجُودِ إلَى التِّلَاوَةِ مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ إلَى السَّبَبِ وَإِلَى الشُّكْرِ بَيَانِيَّةٌ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ نَفْسَهُ شُكْرٌ أَوْ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْئِيِّ إلَى كُلِّيِّهِ اهـ شَيْخُنَا وَذِكْرُهُمَا هُنَا اسْتِطْرَادٌ؛ إذْ مَحَلُّهُمَا بَعْدَ صَلَاةِ النَّفْلِ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ تُسَنُّ سَجَدَاتُ تِلَاوَةٍ إلَخْ) مَحَلُّ السُّنِّيَّةِ إنْ قَرَأَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَلَوْ بِقَصْدِ السُّجُودِ أَوْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ لَا بِقَصْدِ السُّجُودِ أَوْ فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَوْ بِقَصْدِ السُّجُودِ وَقَيَّدَهُ الْعَلَّامَةُ م ر بِسَجْدَةِ أَلَمْ تَنْزِيلُ وَعَمَّمَهُ الْعَلَّامَةُ ز ي كحج فِي كُلِّ آيَةِ سَجْدَةٍ وَمَا عَدَا ذَلِكَ لَا يُسَنُّ فَإِنْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ بِقَصْدِ السُّجُودِ وَسَجَدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ قَرَأَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لَا بِقَصْدِ السُّجُودِ لَمْ تُكْرَهْ الْقِرَاءَةُ وَلَا يُسَنُّ السُّجُودُ وَلَا يَبْطُلُ وَإِنْ قَرَأَ فِيهِ لِيَسْجُدَ بَعْدَهُ فَكَذَلِكَ مَعَ كَرَاهَةِ الْقِرَاءَةِ وَإِنْ قَرَأَ فِيهِ أَوْ قَبْلَهُ بِقَصْدِ السُّجُودِ فِيهِ فِيهِمَا حَرُمَتْ الْقِرَاءَةُ وَالسُّجُودُ وَكَانَ بَاطِلًا وَلَوْ تَعَارَضَ مَعَ التَّحِيَّةِ قُدِّمَ عَلَيْهَا لِقَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِوُجُوبِهِ وَلَا يَفُوتُ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ وَيَقُومُ مَقَامَ السُّجُودِ لِلتِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ مَا يَقُومُ مَقَامَ التَّحِيَّةِ لِمَنْ لَمْ يُرِدْ فِعْلَهَا وَلَوْ مُتَطَهِّرًا وَهُوَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ زَادَ بَعْضُهُمْ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَلَا يُقَالُ كَانَ قِيَاسُ التَّحِيَّةِ أَنْ يَقُولَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ هُنَا سَجْدَةً وَاحِدَةً وَفِي التَّحِيَّةِ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذِهِ السَّجْدَةُ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَمَا أَنَّ الْأَرْبَعَ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَإِلَّا يَلْزَمْ عَلَيْهِ إذَا نَوَى التَّحِيَّةَ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَرْبَعٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(تَنْبِيهٌ) قَدْ سُئِلَ الْعَلَّامَةُ حَجّ عَنْ قَوْلِ الشَّخْصِ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَك رَبَّنَا وَإِلَيْك الْمَصِيرُ عِنْدَ تَرْكِ السُّجُودِ لِآيَةِ السَّجْدَةِ لِحَدَثٍ أَوْ عَجْزٍ عَنْ السُّجُودِ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ عِنْدَنَا هَلْ يَقُومُ الْإِتْيَانُ بِهَا مَقَامَ السُّجُودِ كَمَا قَالُوا بِذَلِكَ فِي دَاخِلِ الْمَسْجِدِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ إنَّهُ يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ رَكْعَتَيْنِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْإِحْيَاءِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ إنَّ ذَلِكَ لَا أَصْلَ لَهُ فَلَا يَقُومُ مَقَامَ السَّجْدَةِ بَلْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ إنْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ التَّطْهِيرِ أَوْ مِنْ فِعْلِهَا لِشُغْلٍ قَالَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ سَنِّ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِحَدَثٍ أَوْ شُغْلٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي سَجْدَةِ الشُّكْرِ أَيْضًا اهـ ع ش عَلَى م ر.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُتَوَسِّطِ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ صَحَّ أَوْ فِيهَا لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ وَفِي صِحَّةِ النَّذْرِ وَجْهَانِ الْأَقْرَبُ عَدَمُ صِحَّةِ النَّذْرِ كَنَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يَتَّضِحْ التَّشْبِيهُ اهـ وَوَجْهُ عَدَمِ إيضَاحِهِ حُرْمَةُ الصَّوْمِ دُونَ السُّجُودِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ سَجْدَةُ الشُّكْرِ بِدَلِيلِ التَّشْبِيهِ اهـ شَرْحُ الْعُبَابِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ) وَيَجُوزُ تَسْكِينُهَا تَخْفِيفًا أَيْ؛ لِأَنَّ السَّجْدَةَ عَلَى وَزْنِ فَعْلَةٍ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ يُجْمَعُ عَلَى فَعَلَاتٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ يُجْمَعُ عَلَى فَعْلَاتٍ بِالسُّكُونِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ لِقَارِئٍ) أَيْ: لَا بِقَصْدِ السُّجُودِ فَإِنْ قَصَدَهُ بِهَا لَمْ يَسْجُدْ وَقَوْلُهُ وَسَامِعٍ أَيْ: وَلَوْ سَمِعَ بِقَصْدِ السُّجُودِ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ وَسَامِعٍ أَيْ: وَإِنْ كَانَ سَمَاعُهُ بِقَصْدِ أَنْ يَسْجُدَ فِيمَا يَظْهَرُ بِخِلَافِ الْقَارِئِ بِهَذَا الْقَصْدِ انْتَهَتْ وَتَقَدَّمَ عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ بِقَصْدِ السُّجُودِ يُسَنُّ السُّجُودُ وَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ مَنْقُولٌ عَنْ حَاشِيَةِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ بِالْحَرْفِ تَأَمَّلْ وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ.

(فَرْعٌ) لَوْ قَصَدَ سَمَاعَ الْآيَةِ لِغَرَضِ السُّجُودِ فَقَطْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَقِرَاءَتِهَا لِغَرَضِ السُّجُودِ فَقَطْ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ فِي قَارِئٍ وَسَامِعٍ وَمُسْتَمِعٍ لَهَا قَبْلَ صَلَاتِهِ التَّحِيَّةَ أَنَّهُ يَسْجُدُ ثُمَّ يُصَلِّيهَا؛ لِأَنَّهُ جُلُوسٌ قَصِيرٌ لِعُذْرٍ فَلَا تَفُوتُ بِهِ فَإِنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَالسُّجُودُ أَفْضَلُ لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ قَرَأَ آيَةً بَيْنَ يَدَيْ مُدَرِّسٍ لِيُفَسِّرَ لَهُ مَعْنَاهَا فَيَسْجُدَ لِذَلِكَ كُلٌّ مِنْ الْقَارِئِ وَمَنْ سَمِعَهُ؛ لِأَنَّهَا قِرَاءَةٌ مَشْرُوعَةٌ بَلْ هِيَ أَوْلَى مِنْ قِرَاءَةِ الْكَافِرِ لَا يُقَالُ إنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التِّلَاوَةَ فَلَا سُجُودَ لَهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ قَصَدَ تِلَاوَتَهَا لِتَقْرِيرِ مَعْنَاهَا اهـ شَرْحُ م ر وَبِبَعْضِ نُسَخِهِ فِي الْهَامِشِ مَعْزِيًّا لَهُ أَمَّا لَوْ قَرَأَهَا الْمُفَسِّرُ لِأَجْلِ تَقْرِيرِ الْمَعْنَى فَلَا سُجُودَ؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ صَرَفَتْهَا عَنْ التِّلَاوَةِ اهـ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ جُلُوسٌ قَصِيرٌ وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَكَرَّرَ سَمَاعُهُ لِآيَةِ السَّجْدَةِ مِنْ قَارِئٍ أَوْ أَكْثَرَ اُحْتُمِلَ أَنْ يَسْجُدَ لِمَا لَا تَفُوتُ مَعَهُ التَّحِيَّةُ وَيَتْرُكُ لِمَا زَادَ وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>