للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَأَنْ لَا يَطُولَ فَصْلٌ) عُرْفًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ قِرَاءَةِ الْآيَةِ كَمُحْدِثٍ تَطَهَّرَ بَعْدَ قِرَاءَتِهَا عَنْ قُرْبٍ فَيَسْجُدُ (وَهِيَ كَسَجْدَتِهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ فِي الْفُرُوضِ وَالسُّنَنِ وَمِنْهَا «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ إلَّا وَصُوَرُهُ فَالْبَيْهَقِيُّ وَإِلَّا فَتَبَارَكَ إلَخْ فَهُوَ وَالْحَاكِمُ وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ أَيْضًا اللَّهُمَّ اُكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَك أَجْرًا وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَك ذُخْرًا وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا وَاقْبَلْهَا مِنِّي كَمَا قَبِلْتهَا مِنْ عَبْدِك دَاوُد رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (وَتُكَرَّرُ) أَيْ: السَّجْدَةُ مِمَّنْ ذُكِرَ (بِتَكْرِيرِ الْآيَةِ) وَلَوْ بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ رَكْعَةٍ لِوُجُودِ مُقْتَضِيهَا نَعَمْ إنْ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى كَرَّرَ الْآيَةَ كَفَاهُ سَجْدَةٌ.

(وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ لَا تَدْخُلُ صَلَاةً) فَلَوْ فَعَلَهَا فِيهَا عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ (وَتُسَنُّ لِهُجُومِ نِعْمَةٍ)

ــ

[حاشية الجمل]

أَيْ: كُلِّهَا فَلَا يَجُوزُ قَبْلَ تَمَامِهَا وَلَوْ بِحَرْفٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ عُرْفًا) أَيْ: بِأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى قَدْرِ رَكْعَتَيْنِ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ مِنْ الْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ اهـ ع ش فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ فَاتَتْ وَلَا تُقْضَى وَلَوْ أَعْرَضَ عَنْهَا ثُمَّ عَنَّ لَهُ فِعْلُهَا مَعَ عَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ اهـ ح ل وَتَفُوتُ سَجْدَةُ الشُّكْرِ أَيْضًا بِطُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَبَبِهَا اهـ شَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَسَكَتَ عَنْ فَوَاتِهَا بِالْإِعْرَاضِ مَعَ قِصَرِ الْفَصْلِ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ سم عَنْ شَيْخِنَا م ر عَدَمُ الْفَوَاتِ فَلَهُ الْعَوْدُ وَاَلَّذِي قَالَهُ شَيْخُنَا أَنَّهَا تَفُوتُ بِهِ كَمَا فِي التَّحِيَّةِ.

(قَوْلُهُ وَمِنْهَا سَجَدَ وَجْهِي إلَخْ) إنَّمَا نُبِّهَ عَلَى هَذَا بِخُصُوصِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ ذِكْرُهُ هُنَا فَرُبَّمَا يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ أَغْفَلَهُ فِي الْمَتْنِ فَبَيَّنَ أَنَّهُ مَذْكُورٌ فِيهِ فِي ضِمْنِ هَذَا التَّشْبِيهِ وَقَوْلُهُ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَوَاهُ هُنَا بِالْفَاءِ وَفِيمَا مَرَّ فِي الْأَرْكَانِ بِدُونِهَا فَلَعَلَّهُمَا رِوَايَتَانِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَمِنْهَا سَجَدَ وَجْهِي إلَخْ) وَهَذَا أَفْضَلُ مَا وَرَدَ فِيهَا وَالدُّعَاءُ فِيهَا لِمُنَاسَبَةِ الْآيَةِ حَسَنٌ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ إلَخْ) أَيْ: فِي كُلٍّ مِنْ سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَإِنْ كَانَ السِّيَاقُ فِي الْأُولَى وَقَوْلِهِ كَمَا قَبِلْتهَا أَيْ: قَبِلْت نَوْعَهَا وَإِلَّا فَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ دَاوُد هِيَ خُصُوصُ سَجْدَةِ الشُّكْرِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ ذُخْرًا) هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بِالنِّسْبَةِ لِأُمُورِ الْآخِرَةِ كَمَا هُنَا، وَأَمَّا فِي أُمُورِ الدُّنْيَا فَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ ح ل عَلَى مِعْرَاجِ الْغَيْطِيِّ قَوْلُهُ ذُخْرًا هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْمَضْمُومَةِ مِنْ ذَخَرْت الشَّيْءَ أَيْ: ادَّخَرْته وَاِتَّخَذْته وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ وَالذَّخِيرَةُ وَاحِدَةُ الذَّخَائِرِ وَأَمَّا الدَّخَرُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ فَهُوَ الصَّغَارُ وَالذُّلُّ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ كَفَاهُ سَجْدَةٌ) أَيْ لِجَمِيعِ الْمُكَرَّرِ وَهَذَا إنْ نَوَى ذَلِكَ أَيْ: نَوَى كُلَّ مَرَّةٍ أَوْ أَطْلَقَ، وَأَمَّا لَوْ نَوَى بَعْضَهُ كَانَ تَارِكًا لِلْبَاقِي قِيَاسًا عَلَى مَا سَبَقَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ بَلْ أَوْلَى وَقَوْلُهُ كَفَاهُ سَجْدَةٌ يُفِيدُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُكَرِّرَ السُّجُودَ بِعَدَدِ مَا كَرَّرَهُ فَيُوَالِي بَيْنَ السَّجَدَاتِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا قَالُوهُ لَوْ طَافَ أَسَابِيعَ وَلَمْ يُصَلِّ عَقِبَ كُلٍّ سُنَّتَهُ سُنَّ فَضْلًا عَنْ الْجَوَازِ أَنْ يُوَالِيَ رَكَعَاتِهَا وَهَذَا وَاضِحٌ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَسْجُدَ لَهَا وَالسُّجُودِ اهـ ح ل

(قَوْلُهُ وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ مُكَرَّرٍ مَعَ قَوْلِهِ تُسَنُّ أَيْ سَجْدَةُ ص فِي غَيْرِ صَلَاةٍ اهـ ح ل أَيْ: لِأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ وَذَا عَامٌّ لِسَجْدَةِ ص وَغَيْرِهَا اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ لَا تَدْخُلُ صَلَاةً أَيْ: لِأَنَّ سَبَبَهَا غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِهَا اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ بَطَلَتْ) أَيْ: بِمُجَرَّدِ وَضْعِ جَبْهَتِهِ وَلَوْ فَعَلَهَا إمَامُهُ الْحَنَفِيُّ لَمْ يُتَابِعْهُ بَلْ يُفَارِقُهُ أَوْ يَنْتَظِرُهُ قَائِمًا وَالِانْتِظَارُ أَفْضَلُ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَتُسَنُّ لِهُجُومِ نِعْمَةٍ) أَيْ: لَهُ أَوْ لِنَحْوِ وَلَدِهِ أَوْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ ظَاهِرَةٌ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ كَوَلَدٍ أَوْ جَاهٍ أَوْ مَالٍ أَوْ نَصْرٍ عَلَى عَدُوٍّ أَوْ قُدُومِ غَائِبٍ أَوْ شِفَاءِ مَرِيضٍ بِشَرْطِ كَوْنِ ذَلِكَ حَلَالًا فِيمَا يَظْهَرُ وَمِنْ حُدُوثِ الْمَالِ حُدُوثُ وَظِيفَةٍ دِينِيَّةٍ أَيْ: وَهُوَ أَهْلٌ لَهَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ وَهَلْ الْهُجُومُ مُغْنٍ عَنْ الْقَيْدَيْنِ بَعْدَهُ أَوْ لَا؟ إلَّا وَجْهَ الثَّانِي وَلَا يُنَافِيهِ تَمْثِيلُهُمْ بِالْوَلَدِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ بِشَرْطِ كَوْنِ ذَلِكَ أَيْ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى الْمَالِ وَصُورَتُهُ فِي الْوَلَدِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ شُبْهَةٌ وَفِي الْجَاهِ أَنْ يَكُونَ بِسَبَبِ مَنْصِبِ ظُلْمٍ وَفِي النَّصْرِ عَلَى الْعَدُوِّ أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ مُحِقًّا وَفِي قُدُومِ الْغَائِبِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَى قُدُومِهِ مَفْسَدَةٌ وَفِي شِفَاءِ الْمَرِيضِ أَنْ يَكُونَ نَحْوَ ظَالِمٍ اهـ رَشِيدِيٌّ وَقَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ انْدِفَاعُ نِقْمَةٍ أَيْ: عَنْهُ أَوْ عَمَّنْ ذُكِرَ ظَاهِرَةٌ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ كَنَجَاةٍ مِنْ غَرَقٍ أَوْ حَرِيقٍ وَخَرَجَ بِالظَّاهِرَتَيْنِ الْمَعْرِفَةُ وَسَتْرُ الْمَسَاوِئِ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ السُّجُودَ لِحُدُوثِ الْمَعْرِفَةِ وَانْدِفَاعِ الْمَسَاوِئِ أَوْلَى مِنْ السُّجُودِ لِكَثِيرٍ مِنْ النِّعَمِ هَذَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَا وَقْعَ لَهُ عَادَةً كَحُدُوثِ دِرْهَمٍ وَعَدَمِ رُؤْيَةِ عَدُوٍّ لَا ضَرَرَ فِيهَا وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ اشْتَرِطْ فِي النِّعْمَةِ أَنْ يَكُونَ لَهَا بَالٌ أَيْ: وَقْعٌ وَخَطَرٌ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ أَيْ: مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي تَبَعًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ مَا لَوْ تَسَبَّبَ فِيهِمَا تَسَبُّبًا تَقْضِي الْعَادَةُ بِحُصُولِهِمَا عَادَةً وَنِسْبَتُهُمَا لَهُ فَلَا سُجُودَ حِينَئِذٍ كَرِبْحٍ مُتَعَارَفٍ لِتَاجِرٍ يَحْصُلُ عَادَةً عَقِبَ أَسْبَابِهِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ اعْتِبَارِ نِسْبَتِهِ فِي حُصُولِ الْوَلَدِ بِالْوَطْءِ وَالْعَافِيَةِ بِالدَّوَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْسَبُ فِي الْعَادَةِ إلَى فِعْلِهِ وَلَا يُعَدُّ فِيهَا نِعْمَةً ظَاهِرَةً وَلَوْ ضَمَّ لِسُجُودٍ صَدَقَةً أَوْ صَلَاةً بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ لَا بِنِيَّةِ الشُّكْرِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا صَلَاةٌ سَبَبُهَا الشُّكْرُ فَهُوَ أَوْلَى فَاَلَّذِي فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ الذَّاكِرِ لِسُنِّيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>