للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَالْأَصْلُ فِيهَا (صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ) الْأَخْبَارُ الْآتِيَةُ (صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ) عِيدُ الْفِطْرِ وَعِيدُ الْأَضْحَى وَالْعِيدُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعَوْدِ لِتَكَرُّرِهِ كُلَّ عَامٍ (سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّهَا ذَاتُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ لَا أَذَانَ لَهَا كَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَحَمَلُوا

ــ

[حاشية الجمل]

مِنْ جِنْسِ الزُّنُوطِ إلَى أَنْ قَالَ قَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ أَبِي عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ سَأَلْت ابْنَ عُمَرَ كَيْفَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتَمُّ قَالَ كَانَ يُدِيرُ الْعِمَامَةَ عَلَى رَأْسِهِ وَيَغْرِزُهَا مِنْ وَرَائِهِ وَيُرْسِلُ لَهَا مِنْ وَرَائِهِ ذُؤَابَةً بَيْنَ كَتِفَيْهِ» وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا عِدَّةُ أَذْرُعٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَانَتْ نَحْوَ الْعَشَرَةِ أَوْ فَوْقَهَا بِيَسِيرٍ وَأَمَّا الْفَرُّوجُ فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبِسَهُ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ «أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرِيرٌ فَلَبِسَهُ فَصَلَّى فِيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا كَإِنْكَارِهِ لَهُ وَقَالَ لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ» قَالَ الْعُلَمَاءُ الْفَرُّوجُ هُوَ الْبَقَاءُ الْمُفْرَجُ مِنْ خَلْفٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي لُبْسِ الْخُلَفَاءِ لَهُ وَإِنَّمَا نَزَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكَوْنِهِ كَانَ حَرِيرًا وَكَانَ لُبْسُهُ لَهُ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْحَرِيرِ فَنَزَعَهُ لَمَّا حُرِّمَ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ حِينَ نَزَعَهَا نَهَانِي عَنْهُ جِبْرِيلُ انْتَهَى اهـ. سم عَلَيْهِ

[بَابٌ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

(بَابٌ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ) الْمُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا كَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَاتِ وَإِنْ تَوَالَى وَالْمَطْلُوبُ فِيهَا مَا لَا يُطْلَبُ فِي غَيْرِهَا وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَسُنَّ خُطْبَتَانِ بَعْدَهُمَا إلَى آخِرِ الْبَابِ اهـ. شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ عِيدُ الْفِطْرِ وَعِيدُ الْأَضْحَى) مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ صَلَاةَ الْأَضْحَى أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفِطْرِ لِثُبُوتِهَا بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: ٢] فَسَّرَهُ الْجُمْهُورُ بِصَلَاةِ عِيدِ النَّحْرِ وَإِنَّمَا قَدَّمَ الشَّارِحُ عِيدَ الْفِطْرِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ عِيدٍ صَلَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ. شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ عِيدُ الْفِطْرِ قَدَّمَهُ «لِأَنَّهُ أَوَّلُ عِيدٍ صَلَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ» وَهِيَ الَّتِي فُرِضَ رَمَضَانُ فِي شَعْبَانِهَا وَزَكَاةُ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانِهَا وَأَمَّا صَلَاةُ عِيدِ الْأَضْحَى فَنَقَلَ النَّجْمُ الْغَيْطِيُّ أَنَّهَا شُرِعَتْ أَيْضًا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَإِنَّمَا كَانَ يَوْمُ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عِيدًا لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ لِكَثْرَةِ الْعِتْقِ قَبْلَهُ كَمَا أَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ هُوَ الْعِيدُ الْأَكْبَرُ لِكَثْرَةِ الْعِتْقِ يَوْمَ عَرَفَةَ قَبْلَهُ إذْ لَا يَوْمَ يَرَى أَكْثَرَ عِتْقًا مِنْهُ فَمَنْ أُعْتِقَ فِي أَحَدِ الْيَوْمَيْنِ فَهُوَ الَّذِي بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ عِيدٌ وَمَنْ لَا فَهُوَ فِي غَايَةِ الْإِبْعَادِ وَالْوَعِيدِ وَالْأَصَحُّ تَفْضِيلُ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ انْتَهَتْ. وَالْأَضْحَى الَّذِي أُضِيفَ لَهُ الْعِيدُ اسْمٌ لِلضَّحَايَا لِأَنَّهُ جَمْعُ أَضْحَاةٍ الَّتِي هِيَ مِنْ لُغَاتِ الضَّحِيَّةِ كَأَرْطَاةٍ وَأَرْطَى وَسُمِّيَتْ بِهَذَا الِاسْمِ لِأَنَّهَا تُفْعَلُ فِي الضَّحْوَةِ الَّتِي هِيَ أَوَّلُ زَمَانِ فِعْلِهَا فَسُمِّيَتْ بِاسْمِ أَوَّلِ زَمَانِهَا وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الضَّحِيَّةِ أَنَّ الضَّحْوَةَ تُجْمَعُ عَلَى ضُحًى كَقَرْيَةٍ وَقُرًى

(قَوْلُهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعَوْدِ) وَجَمْعُهُ أَعْيَادٌ وَإِنَّمَا جُمِعَ بِالْيَاءِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ الْوَاوَ لِلُزُومِهَا لِلْوَاحِدِ وَقِيلَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَعْوَادِ الْخَشَبِ اهـ. شَرْحُ م ر يَعْنِي أَنَّ لُزُومَهَا فِي الْوَاحِدِ حِكْمَةُ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ مُوجِبٌ لَهُ فَلَا يَرِدُ نَحْوُ مَوَازِينُ وَمَوَاقِيتُ جَمْعُ مِيزَانٍ وَمِيقَاتٍ اهـ. ع ش عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ لِتَكَرُّرِهِ كُلَّ عَامٍ) وَقِيلَ لِكَثْرَةِ عَوَائِدِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ أَفْضَالِهِ عَلَى عِبَادِهِ وَقِيلَ لِعَوْدِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ عَلَى عِبَادِهِ بِالْخَيْرِ وَالسُّرُورِ وَلِذَلِكَ طُلِبَ عَقِبَ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ الْمُوجِبَيْنِ لِمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ الَّتِي هِيَ مُعْظَمُ أَنْوَاعِ السُّرُورِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ أَيْضًا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) أَيْ فَلَا إثْمَ وَلَا قِتَالَ فِي تَرِكَتِهَا وَهَذَا عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَوَالَى فِيهَا التَّكْبِيرُ فَأَشْبَهَتْ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ فَإِنْ تَرَكَهَا أَهْلُ بَلَدٍ أَثِمُوا وَقُوتِلُوا عَلَى هَذَا وَقَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى نَفْيِ كَوْنِهَا فَرْضَ عَيْنٍ وَتُسَنُّ جَمَاعَةً وَفُرَادَى وَيُسْتَحَبُّ الِاجْتِمَاعُ لَهَا فِي مَكَان وَاحِدٍ

وَيُكْرَهُ تَعَدُّدُهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَلِلْإِمَامِ الْمَنْعُ مِنْهُ وَلَهُ الْأَمْرُ بِهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ أَيْ الْأَمْرُ بِهَا عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْ لِأَنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَقِيلَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مَتَى أَمَرَهُمْ بِهَا وَجَبَ الِامْتِثَالُ اهـ. شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى السُّنِّيَّةِ لَا بِقَيْدِ التَّأَكُّدِ اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر وَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّلِيلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لَا يُنْتِجَانِ التَّأْكِيدَ كَمَا لَا يَخْفَى.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ أَيْ الْمَنْقُولِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعِيدِ لِأَنَّهُ وَاظَبَ عَلَيْهَا فَفِيهِ دَلَالَةٌ لِلسُّنِّيَّةِ وَالتَّأْكِيدِ انْتَهَتْ

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّهَا ذَاتُ رُكُوعٍ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا الِاسْتِدْلَال عَلَى السُّنِّيَّةِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الِاسْتِسْقَاءِ فَقَوْلُهُ ذَاتُ رُكُوعٍ إلَخْ إشَارَةٌ لِلْجَامِعِ فَأَصْلُ الْكَلَامِ وَلِأَنَّهَا كَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ فِي أَنَّهَا ذَاتُ رُكُوعٍ إلَخْ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ إشَارَةٌ لِلدَّلِيلِ وَقَوْلُهُ كَصَلَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>