للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(صَلَّى عَلَيْهِ) بَعْدَ غَسْلِهِ وَسَتْرِهِ بِخِرْقَةٍ وَدُفِنَ كَالْمَيِّتِ الْحَاضِرِ وَإِنْ كَانَ الْجُزْءُ ظُفُرًا أَوْ شَعْرًا فَقَدْ صَلَّى الصَّحَابَةُ عَلَى يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ وَقَدْ أَلْقَاهَا طَائِرُ نَسْرٍ بِمَكَّةَ فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ وَقَدْ عَرَفُوهَا بِخَاتَمِهِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا لَكِنْ قَالَ فِي الْعُدَّةِ لَا يُصَلَّى عَلَى الشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ (بِقَصْدِ الْجُمْلَةِ) مِنْ زِيَادَتِي فَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إلَّا بِقَصْدِ الْجُمْلَةِ

ــ

[حاشية الجمل]

حَالَةَ الْكُفْرِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ أَقُولُ وَالظَّاهِرُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهَا تَعُودُ وَتُنَعَّمُ فِيمَا لَوْ قُطِعَتْ فِي الْكُفْرِ وَتُعَذَّبُ فِيمَا لَوْ قُطِعَتْ قَبْلَ الرِّدَّةِ لَا يُقَالُ تَعْذِيبُ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ فِي الْإِسْلَامِ وَتَنْعِيمُ الْمَقْطُوعَةِ فِي الْكُفْرِ تَعْذِيبٌ لِلْأُولَى وَهِيَ قُطِعَتْ مُتَّصِفَةً بِالْإِسْلَامِ وَتَنْعِيمٌ لِلثَّانِيَةِ وَقَدْ قُطِعَتْ فِي الْكُفْرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَقْطُوعَةُ فِي الْإِسْلَامِ سُلِبَتْ الْأَعْمَالُ الصَّادِرَةَ مِنْهَا بِارْتِدَادِ صَاحِبِهَا وَالْمَقْطُوعَةُ فِي الْكُفْرِ سَقَطَتْ عَنْهَا الْمُؤَاخَذَةُ بِمَا صَدَرَ مِنْهَا بِإِسْلَامِ صَاحِبِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ صَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ وُجُوبًا إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى الْجُمْلَةِ وَنَدْبًا إنْ عَلِمَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ بِقَصْدِ الْجُمْلَةِ أَيْ إنْ عَلِمَ أَنَّ الْبَاقِيَ غُسِّلَ وَإِلَّا فَيَنْوِي الصَّلَاةَ عَلَى هَذَا بِخُصُوصِهِ فَإِذَا قَطَعَ رَأْسَ إنْسَانٍ وَغَسَلَ جَسَدَهُ وَرَأْسُهُ غَائِبَةٌ مَعَ الْجَلَّادِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ رَأْسَهُ غُسِلَتْ صَلَّى بِقَصْدِ الْجُمْلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا غُسِلَتْ صَلَّى عَلَى الْجُثَّةِ بِقَصْدِهَا وَحْدَهَا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَجِبُ لِلرَّأْسِ صَلَاةٌ أُخْرَى إذَا غُسِلَتْ.

اهـ. شَيْخُنَا وَبِهَذَا مَعَ كَلَامِ ح ل هُنَا اتَّضَحَ الْمَقَامُ وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ بِقَصْدِ الْجُمْلَةِ فَيَقُولُ نَوَيْت أُصَلِّي عَلَى جُمْلَةِ مَا انْفَصَلَ مِنْهُ هَذَا الْجُزْءُ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جُمْلَةِ الْمَيِّتِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا هَذَا الْجُزْءُ فَمَحَلُّ وُجُوبِ هَذِهِ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَمْ يُصَلِّ عَلَى جُمْلَةِ الْمَيِّتِ بَعْدَ طُهْرِ هَذَا الْجُزْءِ وَإِلَّا فَلَا تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَى هَذَا الْجُزْءِ وَهَذَا مَحْمَلُ قَوْلِ الْكَافِي لَوْ قُطِعَ رَأْسُ إنْسَانٍ وَحُمِلَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ صُلِّيَ عَلَيْهِ حَيْثُ هُوَ وَعَلَى الْجُثَّةِ حَيْثُ هِيَ وَلَا يُكْتَفَى بِالصَّلَاةِ عَلَى أَحَدِهِمَا أَيْ حَيْثُ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ لَا بِقَصْدِ الْجُمْلَةِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ غُسْلِهِ) أَيْ أَوْ تَيَمُّمِهِ إنْ كَانَ مَحَلَّ تَيَمُّمٍ كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَإِلَّا فَلَا صَلَاةَ عَلَيْهِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ وَسَتَرَهُ بِخِرْقَةٍ) أَيْ إنْ كُفِّنَ مِنْ غَيْرِ مَالِهِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ وُجُودِ جُزْءٍ لَا يُعْرَفُ صَاحِبُهُ غَالِبًا أَمَّا لَوْ عُرِفَ صَاحِبُهُ فَيُكَفَّنُ مِنْ مَالِهِ بِثَلَاثِ لَفَائِفَ وُجُوبًا اهـ. ح ل بِنَوْعِ تَصَرُّفٍ.

(فَرْعٌ) : لَوْ كَانَ الْجُزْءُ الْمَوْجُودُ شَعْرًا فَهَلْ يَجِبُ أَنْ يُدْفَنَ فِيمَا يَمْنَعُ الرَّائِحَةَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ لَا رَائِحَةَ لَهُ فَيُكْتَفَى بِمَا يَصُونُهُ عَنْ الِانْتِهَاكِ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الرَّائِحَةَ لَوْ كَانَ هُنَاكَ رَائِحَةٌ فِيهِ نَظَرٌ وَمَالَ م ر لِلثَّانِي وَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ جَفَّ الْمَيِّتُ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لَهُ رَائِحَةُ الْمَيْتَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي قَبْرِهِ مَا يَمْنَعُ الرَّائِحَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُشْتَرَطَ ذَلِكَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ مُسَمَّى الدَّفْنِ شَرْعًا وَمَا دُونَ ذَلِكَ لَيْسَ دَفْنًا شَرْعِيًّا فَلْيَتَأَمَّلْ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْمَيِّتِ الَّذِي جَفَّ دُونَ الشَّعْرِ وَهَلْ يَجِبُ تَوْجِيهُ الْجُزْءِ لِلْقِبْلَةِ بِأَنْ يُجْعَلَ عَلَى الْوَضْعِ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ مُتَّصِلًا بِالْجُمْلَةِ وَوَجَبَتْ لِلْقِبْلَةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْوُجُوبُ.

(فَرْعٌ) آخَرُ هَلْ الْمَشِيمَةُ جُزْءٌ مِنْ الْأُمِّ أَمْ مِنْ الْمَوْلُودِ حَتَّى إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا عَقِبَ انْفِصَالِهَا كَانَ لَهُ حُكْمُ الْجُزْءِ الْمُنْفَصِلِ مِنْ الْمَيِّتِ فَيَجِبُ دَفْنُهَا، وَلَوْ وُجِدَتْ وَحْدَهَا وَجَبَ تَجْهِيزُهَا وَالصَّلَاةُ عَلَيْهَا كَبَقِيَّةِ الْأَجْزَاءِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مِنْ أَجْزَاءِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خُصُوصًا الْمَوْلُودَ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.

اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَأَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ أَمَّا الْمَشِيمَةُ الْمُسَمَّاةُ بِالْخَلَاصِ فَكَالْجُزْءِ؛ لِأَنَّهَا تُقْطَعُ مِنْ الْوَلَدِ فَهِيَ جُزْءٌ مِنْهُ وَأَمَّا الْمَشِيمَةُ الَّتِي فِيهَا الْوَلَدُ، فَلَيْسَتْ جُزْءًا مِنْ الْأُمِّ وَلَا مِنْ الْوَلَدِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَتَّابِ ابْنِ أَسِيدٍ) هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنِ عَتَّابٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ ابْنُ أَسِيدٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْقُرَشِيُّ الْأُمَوِيُّ الصَّحَابِيُّ كَانَ مَعَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ وَقُتِلَ هُنَاكَ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ يَعْسُوبُ قُرَيْشٍ أَيْ أَمِيرُهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ نَسْرٌ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَجَمْعُهُ نُسُورٌ وَأَنْسُرٌ وَكُنْيَتُهُ أَبُو يَحْيَى سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَنْسُرُ الشَّيْءَ وَيَبْتَلِعُهُ وَيَقُولُ فِي صِيَاحِهِ ابْنَ آدَمَ عِشْ مَا شِئْت، فَإِنَّ الْمَوْتَ مُلَاقِيك وَيَعِيشُ نَحْوَ الْأَلْفِ سَنَةٍ وَلَيْسَ لَهُ مِخْلَبٌ وَالْأُنْثَى مِنْهُ تَبِيضُ مِنْ نَظَرِ الذَّكَرِ إلَيْهَا، وَهُوَ حَدِيدُ الْبَصَرِ وَالشَّمِّ وَإِذَا شَمَّ الرَّائِحَةَ الطَّيِّبَةَ مَاتَ لِوَقْتِهِ، وَهُوَ سَيِّدُ الطُّيُورِ وَعَرِّيفُهُمْ وَأَشَدُّهُمْ طَيَرَانًا وَأَكْثَرُهُمْ حُزْنًا عَلَى فِرَاقِ إلْفِهِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ) وَكَانَتْ فِي جُمَادَى سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ اهـ شَرْحُ م ر وَكَانَتْ بَيْنَ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - اهـ. ح ل (قَوْلُهُ وَعَرَفُوهَا بِخَاتَمِهِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ كَانُوا عَرَفُوا مَوْتَهُ بِنَحْوِ اسْتِفَاضَةٍ اهـ. حَجّ وَيَبْعُدُ كَوْنُ خَاتَمِهِ أَخَذَهُ آخَرُ وَلَبِسَهُ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْعُدَّةِ لَا يُصَلَّى عَلَى الشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ) مُعْتَمَدٌ أَيْ وَلَا تُغْسَلُ كَمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ التَّكْفِينُ وَالدَّفْنُ فَلَا يَجِبُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا اهـ. ح ل.

وَعِبَارَةُ ع ش وَلَا يُصَلَّى عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>