للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ هُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِفَصْلٍ لِمَا مَرَّ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ (صَحَّ تَعْجِيلُهَا) فِي مَالٍ حَوْلِيٍّ (لِعَامٍ فِيمَا انْعَقَدَ حَوْلُهُ) بِأَنْ مَلَكَ نِصَابًا أَوْ ابْتَاعَ عَرْضَ تِجَارَةٍ وَلَوْ بِدُونِ نِصَابٍ كَأَنْ ابْتَاعَ عَرْضًا لَهَا لَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ فَعَجَّلَ زَكَاتَهُمَا وَحَالَ الْحَوْلُ وَهُوَ يُسَاوِيهِمَا أَوْ ابْتَاعَ عَرْضًا يُسَاوِيهِمَا فَعَجَّلَ زَكَاةَ أَرْبَعَمِائَةٍ وَحَالَ الْحَوْلُ، وَهُوَ يُسَاوِيهَا فَيُجْزِئُهُ الْمُعَجَّلُ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ الْمَالُ فِي صُورَةِ التِّجَارَةِ الْأُولَى نِصَابًا عِنْدَ الِابْتِيَاعِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ اعْتِبَارَ النِّصَابِ فِيهَا بِآخِرِ الْحَوْلِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا وَخَرَجَ بِالْعَامِ مَا فَوْقَهُ فَلَا يَصِحُّ تَعْجِيلُهَا لَهُ؛ لِأَنَّ زَكَاتَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ حَوْلُهَا، وَالتَّعْجِيلُ قَبْلَ انْعِقَادِ الْحَوْلِ لَا يَجُوزُ كَالتَّعْجِيلِ قَبْلَ كَمَالِ النِّصَابِ فِي الزَّكَاةِ الْعَيْنِيَّةِ فَمَا عُجِّلَ لِعَامَيْنِ يُجْزِئُ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ وَأَمَّا خَبَرُ الْبَيْهَقِيّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسَلَّفَ مِنْ الْعَبَّاسِ

ــ

[حاشية الجمل]

غَيْرَ مُمْتَنِعٍ فَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ وَلَا الْمَأْخُوذُ مِنْهُ لَمْ يَبْرَأْ مِنْهَا لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا وَيَجِبُ رَدُّ الْمَأْخُوذِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلِهِ إنْ كَانَ تَالِفًا اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى كَفَى أَيْ نَوَى عِنْدَ الْأَخْذِ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ نَوَى بَعْدَ أَخْذِ السُّلْطَانِ، وَقَبْلَ صَرْفِهِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ بَعْدَ أَخْذِهِمْ حَيْثُ مَضَى بَعْدَ نِيَّتِهِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ وَقَوْلُهُ: وَيَجِبُ رَدُّ الْمَأْخُوذِ أَيْ عَلَى مَنْ الْمَالُ فِي يَدِهِ مِنْ إمَامٍ أَوْ مُسْتَحِقٍّ لَكِنْ لِلْإِمَامِ طَرِيقٌ إلَى إسْقَاطِ الْوُجُوبِ بِأَنْ يَنْوِيَ قَبْلَ التَّفْرِقَةِ قَالَهُ حَجّ.

(تَنْبِيهٌ)

أَفْتَى شَارِحُ الْإِرْشَادِ الْكَمَالُ الرَّدَّادُ فِيمَنْ يُعْطِي الْإِمَامَ أَوْ نَائِبُهُ الْمَكْسَ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ فَقَالَ: لَا يُجْزِئُ ذَلِكَ أَبَدًا، وَلَا يَبْرَأُ عَنْ الزَّكَاةِ بَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ بِحَالِهَا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْهُمْ فِي مُقَابَلَةِ قِيَامِهِ بِسَدِّ الثُّغُورِ وَقَمْعِ الْقُطَّاعِ، وَالْمُتَلَصَّصِينَ عَنْهُمْ وَعَنْ أَمْوَالِهِمْ، وَقَدْ أَوْقَعَ جَمْعٌ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى الْفِقْهِ وَهُوَ بِاسْمِ الْجَهْلِ أَحَقُّ أَهْلَ الزَّكَوَاتِ وَرَخَّصُوا لَهُمْ فِي ذَلِكَ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا اهـ.

وَمَرَّ ذَلِكَ بِزِيَادَةٍ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ، فَإِنَّهُ نَفِيسٌ وَنُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ الْإِجْزَاءُ إذَا كَانَ الْآخِذُ مُسْلِمًا وَنُقِلَ مِثْلُهُ أَيْضًا بِالدَّرْسِ عَنْ الزِّيَادِيِّ لِبَعْضِ الْهَوَامِشِ اهـ. ع ش

[بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ]

(بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ) أَيْ بَابُ بَيَانِ جَوَازِهِ وَعَدَمِهِ وَقَدْ مَنَعَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صِحَّةَ التَّعْجِيلِ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَدَلِيلُنَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ لِلْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي تَعْجِيلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ حِينَ سَأَلَهُ فِي ذَلِكَ» وَلِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ عُجِّلَ رِفْقًا فَجَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَجَلِهِ كَالدَّيْنِ وَأَيْضًا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ وَجَبَ بِسَبَبَيْنِ فَجَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا كَتَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ وَقَدْ وَافَقَ الْمُخَالِفُ عَلَيْهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَالزَّكَاةُ تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: صَحَّ تَعْجِيلُهَا لِعَامٍ. . . إلَخْ) مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْوَلِيِّ أَمَّا هُوَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّعْجِيلُ عَنْ مُوَلِّيهِ سَوَاءٌ الْفِطْرَةُ وَغَيْرُهَا نَعَمْ إنْ عَجَّلَ مِنْ مَالِهِ جَازَ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ شَرْحُ م ر اهـ. شَوْبَرِيٌّ قَالَ ع ش وَلَا يَرْجِعُ الْوَلِيُّ عَلَى الْمُولَى عَلَيْهِ وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ بِمَا يَصْرِفُهُ عَنْهُ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ وَلَا حَاجَةَ لَهُ فِي هَذَا التَّعْجِيلِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِعَامٍ) أَيْ عَنْ عَامٍ أَيْ عَنْ زَكَاةِ عَامٍ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَعَجَّلَ زَكَاتَهُمَا) أَيْ الْمِائَتَيْنِ وَهَذَا لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ أَرْبَعِمِائَةٍ جَازَ اهـ. ع ش وَقِيَاسُهُ أَنْ يُقَالَ فِي قَوْلِهِ فَعَجَّلَ زَكَاةَ أَرْبَعِمِائَةٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ عَجَّلَ زَكَاةً أَكْثَرَ مِنْهَا جَازَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُسَاوِيهِمَا) أَيْ وَلَوْ بِالْقَدْرِ الْمُخْرَجِ؛ لِأَنَّهُ كَالْبَاقِي فِي مِلْكِهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَيُجْزِئُهُ الْمُعَجَّلُ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ. . . إلَخْ) وَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا لَهُ تَرَدُّدَ النِّيَّةِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الزِّيَادَةِ لِضَرُورَةِ التَّعْجِيلِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ تَعْجِيلٌ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا حَالُهُ عِنْدَ آخِرِ الْحَوْلِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا لِلسُّبْكِيِّ هُنَا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ الْمَالُ. . . إلَخْ) هَذَا الْغَايَةُ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لَا وَلَوْ بِدُونِ نِصَابٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَكَرَهَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ " بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ. . . إلَخْ " وَلِقَوْلِهِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ. . . إلَخْ تَأَمَّلْ اهـ. إطْفِيحِيٌّ.

(قَوْلُهُ: يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ عَلَى مِلْكِ النِّصَابِ وَقَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُرَادًا أَيْ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ مَفْرُوضٌ فِي الزَّكَاةِ الْعَيْنِيَّةِ لَا فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهَا بِآخِرِ الْحَوْلِ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كَالتَّعْجِيلِ قَبْلَ كَمَالِ النِّصَابِ. . . إلَخْ) تَنْظِيرٌ لِقَوْلِهِ وَخَرَجَ بِالْعَامِ. . . إلَخْ. اهـ شَيْخُنَا وَمِثَالُهُ مَا لَوْ مَلَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَعَجَّلَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ لِتَكُونَ زَكَاةً إذَا تَمَّ النِّصَابُ وَحَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ وَاتَّفَقَ ذَلِكَ فَلَا يَجْزِيهِ إذْ لَمْ يُوجَدْ سَبَبُ وُجُوبِهَا لِعَدَمِ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ فَأَشْبَهَ أَدَاءَ الثَّمَنِ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَالدِّيَةِ قَبْلَ الْقَتْلِ، وَالْكَفَّارَةِ عَلَى الْيَمِينِ وَلَوْ مَلَكَ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ فَعَجَّلَ شَاتَيْنِ فَبَلَغَتْ بِالتَّوَالُدِ عَشْرًا لَمْ يُجْزِهِ مَا عَجَّلَهُ عَنْ النِّصَابِ الَّذِي كَمُلَ الْآنَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْدِيمِ زَكَاةِ الْعَيْنِ عَلَى النِّصَابِ فَهُوَ شَبِيهٌ بِمَا لَوْ أَخْرَجَ زَكَاةً أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَا يَمْلِكُ إلَّا مِائَتَيْنِ وَلَوْ عَجَّلَ شَاةً عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً ثُمَّ وَلَدَتْ أَرْبَعِينَ ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ لَمْ يُجْزِهِ الْمُعَجَّلُ عَنْ السِّخَالِ؛ لِأَنَّهُ عَجَّلَ الزَّكَاةَ عَنْ غَيْرِهَا فَلَمْ يُجْزِهِ عَنْهَا وَلَوْ مَلَكَ مِائَةً وَعِشْرِينَ شَاةً فَعَجَّلَ عَنْهَا شَاتَيْنِ فَحَدَثَتْ سَخْلَةٌ قَبْلَ الْحَوْلِ لَمْ يُجْزِهِ مَا عَجَّلَهُ عَنْ النِّصَابِ الَّذِي كَمُلَ الْآنَ كَمَا نَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ تَصْرِيحِ الْأَكْثَرِينَ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْكَبِيرِ خِلَافًا لِمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: يُجْزِئُ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ حِصَّةَ كُلِّ عَامٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ مَنْ عَلَيْهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>