للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالشُّبْهَةِ فِي الْجَمِيعِ وَلِعَدَمِ الْإِثْمِ فِيمَا عَدَا ظَنِّ دُخُولِ اللَّيْلِ بِلَا تَحَرٍّ أَوْ الشَّكِّ فِيهِ (وَ) لَا عَلَى (مُسَافِرٍ وَطِئَ زِنًا أَوْ لَمْ يَنْوِ تَرَخُّصًا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ بِهِ لِلصَّوْمِ بَلْ لِلزِّنَا أَوْ لِلصَّوْمِ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ وَلِأَنَّ الْإِفْطَارَ مُبَاحٌ لَهُ فَيَصِيرُ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْكَفَّارَةِ وَذِكْرُ الشَّكِّ الْمُفَرَّعِ عَلَى قَوْلِي وَلَا شُبْهَةَ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَتَتَكَرَّرُ) الْكَفَّارَةُ (بِتَكَرُّرِ الْإِفْسَادِ) فَلَوْ وَطِئَ فِي يَوْمَيْنِ لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ سَوَاءٌ أَكَفَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ قَبْلَ الثَّانِي أَمْ لَا؛ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَا تَتَدَاخَلُ كَفَّارَتَاهُمَا كَحَجَّتَيْنِ وَطِئَ فِيهِمَا بِخِلَافِ مَنْ وَطِئَ مَرَّتَيْنِ فِي يَوْمٍ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ لِلْوَطْءِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يُفْسِدْ صَوْمًا.

(وَحُدُوثُ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ) أَوْ رِدَّةٍ (بَعْدَ وَطْءٍ لَا يُسْقِطُهَا) أَيْ الْكَفَّارَةَ؛ لِأَنَّهُ هَتَكَ حُرْمَةَ الصَّوْمِ بِمَا فَعَلَ.

(بَابٌ صَوْمِ التَّطَوُّعِ) الْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» .

ــ

[حاشية الجمل]

جَزْمًا وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الَّذِي ظَنَّ الْفِطْرَ فِي مَسْأَلَتِنَا فَجَامَعَ إنْ عَلِمَ وُجُوبَ الْإِمْسَاكِ عَنْ الْجِمَاعِ وَغَيْرِهِ فَإِثْمُهُ لَا بِسَبَبِ الصَّوْمِ فَيَخْرُجُ بِالْقَيْدِ الْأَخِيرِ وَإِنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ خَرَجَ بِقَوْلِهِ أَثِمَ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِالشُّبْهَةِ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الصَّبِيِّ إذْ السُّقُوطُ فِيهَا لِعَدَمِ الْإِثْمِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مُسَافِرٍ. . . إلَخْ) ، وَالْمَرِيضُ فِي ذَلِكَ كَالْمُسَافِرِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَطِئَ زِنًا) أَيْ مَعَ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ وَقَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَنْوِ تَرَخُّصًا أَيْ مَعَ زِنًا أَوْ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ: بَلْ لِلزِّنَا أَيْ فَقَطْ وَقَوْلُهُ: مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ أَيْ مَعَ زِنًا أَوْ لَا وَكَتَبَ أَيْضًا وَأَمَّا لَوْ زَنَى مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ فَكَذَلِكَ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي كَلَامِهِ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَطِئَ زِنًا) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِلصَّوْمِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ بِهِ لِلصَّوْمِ وَقَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَنْوِ تَرَخُّصًا مُحْتَرَزُ قَيْدٍ مُلَاحَظٍ فِي قَوْلِهِ لِلصَّوْمِ أَيْ لِلصَّوْمِ وَحْدَهُ وَهُوَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَثِمَ بِهِ لِسَبَبَيْنِ الصَّوْمِ وَعَدَمِ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ هَذَا مُقْتَضَى عِبَارَتِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يَأْثَمْ بِهِ إلَّا لِعَدَمِ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ فَقَطْ لَا لِلصَّوْمِ أَيْضًا إذْ الْفِطْرُ مِنْ حَيْثُ هُوَ جَائِزٌ لِلْمُسَافِرِ فَلَمْ يَأْثَمْ فِي الصُّورَتَيْنِ إلَّا لِغَيْرِ الصَّوْمِ وَهُوَ الزِّنَا فِي الْأُولَى وَعَدَمُ النِّيَّةِ فِي الثَّانِيَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَنْوِ تَرَخُّصًا) وَبِالْأُولَى مَا لَوْ نَوَاهُ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَا عَلَى صَائِمٍ مُسَافِرٍ جَامَعَ بِنِيَّةِ التَّرَخُّصِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ لِوُجُودِ الْقَصْدِ مَعَ الْإِبَاحَةِ انْتَهَتْ

(قَوْلُهُ: وَحُدُوثُ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ. . . إلَخْ) بِخِلَافِ حُدُوثِ الْجُنُونِ وَالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِهِمَا زَوَالُ أَهْلِيَّةِ الْوُجُوبِ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ حَالَةَ الْجِمَاعِ اهـ. شَرْحُ م ر وحج وَقَالَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ لَا يُسْقِطُهَا قَتْلُهُ نَفْسَهُ فَرَاجِعْهُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لَا يُسْقِطُهَا) أَيْ مَا لَمْ يَصِلْ إلَى بَلَدٍ وَجَدَ أَهْلَهَا مُعَيِّدِينَ وَمَطْلَعُهَا مُخَالِفٌ لِمَطْلَعِ بَلَدِهِ وَإِلَّا فَلَا كَفَّارَةَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي عَكْسِهِ لَا كَفَّارَةَ أَيْضًا لِعَدَمِ الْإِثْمِ اهـ. ح ل وَلَا تَعُودُ بِعَوْدِهِ لِبَلَدِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يُخَالِفُهُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ: " فَلَوْ عَادَ لِمَحِلِّهِ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا كَانَتْ سَقَطَتْ لِصَيْرُورَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَحِلِّ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ بِوُصُولِهِ إلَيْهِ وَقَدْ لَغَا ذَلِكَ بِعَوْدِهِ إلَى مَحِلِّهِ فِي يَوْمِهِ إذْ قَدْ تَبَيَّنَّ بِعَوْدِهِ إلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حُكْمِهِ وَمُجَرَّدُ الْوُصُولِ إلَى الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ مَعَ عَدَمِ اسْتِكْمَالِهِ ذَلِكَ الْيَوْمِ فِيهِ لَا يَصْلُحُ شُبْهَةً لِسُقُوطِ الْكَفَّارَةِ مَعَ تَعَدِّيهِ بِالْإِفْسَادِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلُ، وَلَوْ بَيَّتَ النِّيَّةَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ هِلَالِ شَوَّالٍ وَأَصْبَحَ صَائِمًا فَثَبَتَ شَوَّالٌ نَهَارًا ثُمَّ انْتَقَلَ لِمَحَلٍّ آخَرَ مُخَالِفًا لِلْأَوَّلِ فِي الْمَطْلَعِ أَهْلُهُ صِيَامٌ مِنْ غَيْرِ تَنَاوُلِ مُفْطِرٍ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ فَهَلْ يُحْسَبُ لَهُ صَوْمُ هَذَا الْيَوْمِ؛ لِأَنَّهُ بِانْتِقَالِهِ إلَيْهِ صَارَ وَاجِبُهُ الصَّوْمَ وَقَدْ شَرَعَ فِيهِ بِنِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ وَثُبُوتُ شَوَّالٍ قَبْلَ انْتِقَالِهِ لَا يُفْسِدُ نِيَّتَهُ وَصَوْمَهُ لِزَوَالِ أَثَرِ الثُّبُوتِ فِي حَقِّهِ بِانْتِقَالِهِ أَوَّلًا فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ اهـ. سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ اهـ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ هَتَكَ حُرْمَةَ الصَّوْمِ. . . إلَخْ) أَيْ مَعَ بَقَاءِ أَهْلِيَّةِ التَّكْلِيفِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِيمَنْ مَاتَ أَوْ جُنَّ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّكْلِيفِ فَالْعِلَّةُ نَاقِصَةٌ. اهـ شَيْخُنَا.

[بَابٌ صَوْمِ التَّطَوُّعِ]

(بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ) التَّطَوُّعُ: التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَيْسَ بِفَرْضٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ اهـ. شَرْحُ م ر وَفِي الْحَدِيثِ «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى تَخْصِيصِهِ بِكَوْنِهِ لَهُ عَلَى أَقْوَالٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ مِنْهَا: كَمَا قَالَ م ر كَوْنُهُ أَبْعَدَ مِنْ الرِّيَاءِ عَنْ غَيْرِهِ وَمِنْهَا مَا نُقِلَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ: أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَتَعَلَّقُ خُصَمَاءُ الْمَرْءِ بِجَمِيعِ أَعْمَالِهِ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا الصَّوْمُ يَتَحَمَّلُ اللَّهُ تَعَالَى مَا بَقِيَ مِنْ الْمَظَالِمِ وَيُدْخِلُهُ بِالصَّوْمِ الْجَنَّةَ قَالَ م ر وَهَذَا مَرْدُودٌ، وَالصَّحِيحُ تَعَلُّقُ الْغُرَمَاءِ بِهِ كَسَائِرِ الْأَعْمَالِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ: مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ الْجِهَادِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا، وَالْخَرِيفُ السَّنَةُ قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ فَضِيلَةُ الصِّيَامِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ وَلَا يُخِلُّ قِتَالَهُ وَلَا غَيَرُهُ مِنْ مُهِمَّاتِ غَزْوِهِ اهـ. ز ي وَأَقُولُ يُمْكِنُ حَمْلُ سَبِيلُ اللَّهِ عَلَى الطَّرِيقِ الْمُوَصِّلِ إلَيْهِ بِأَنْ يُخْلِصَ فِي صَوْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي جِهَادٍ وَهَذَا الْمَعْنَى يُطْلَقُ عَلَيْهِ سَبِيلُ اللَّهِ كَثِيرًا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْغَالِبِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: سَبْعِينَ خَرِيفًا) أَيْ سَنَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>