للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَوْفِ مَا ذُكِرَ قَوْلُ عَدْلٍ فِي الرِّوَايَةِ.

السَّبَبُ الثَّالِثُ: حَاجَتُهُ إلَيْهِ لِعَطَشِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ وَلَوْ كَانَتْ حَاجَتُهُ إلَيْهِ لِذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبِلِ صَوْنًا لِلرُّوحِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ التَّلَفِ، فَيَتَيَمَّمُ مَعَ وُجُودِهِ وَلَا يُكَلَّفُ الطُّهْرَ بِهِ، ثُمَّ جَمْعَهُ وَشُرْبَهُ لِغَيْرِ دَابَّةٍ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ عَادَةً، وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَا عَدَا الظَّاهِرَ الْمَذْكُورَ، وَلَوْ فِي أَمَةٍ حَسْنَاءَ تَنْقُصُ قِيمَتُهَا بِذَلِكَ نَقْصًا فَاحِشًا، لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ السَّيِّدِ بِدَلِيلِ قَتْلِهَا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ. اهـ. ح ل.

قَوْلُهُ: (عَدْلٌ فِي الرِّوَايَةِ) وَهُوَ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الَّذِي لَمْ يَرْتَكِبْ كَبِيرَةً وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ، وَلَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً، وَلَا تَكْفِي التَّجْرِبَةُ وَكَذَا فِي الْعَطَشِ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ وَتَكْفِي مَعْرِفَةُ نَفْسِهِ إنْ كَانَ عَارِفًا، وَيَكْفِي تَصْدِيقُ غَيْرِ الْعَدْلِ كَالْفَاسِقِ وَالْكَافِرِ إذَا وَقَعَ فِي قَلْبٍ صِدْقُهُ، فَالْمَدَارُ عَلَى التَّصْدِيقِ لَا الْعَدَالَةِ، وَلَوْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى بِدُونِ ذَلِكَ لَزِمَهُ الْإِعَادَةُ، وَإِنْ وُجِدَ الطَّبِيبُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَخْبَرَهُ بِجَوَازِهِ قَبِلَهَا، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إخْبَارِ الطَّبِيبِ فِي كُلِّ وُضُوءٍ مَثَلًا مَا لَمْ يَحْتَمِلْ فِيهِ عَدَمَ الضَّرَرِ فَيَجِبُ سُؤَالُهُ، فَلَوْ تَعَارَضَ طَبِيبَانِ فَأَكْثَرُ قُدِّمَ الْأَوْثَقُ، فَإِنْ تَسَاوَوْا تَسَاقَطُوا كَمَا فِي الْإِخْبَارِ بِتَنْجِيسِ الْمَاءِ. اهـ. سم عَلَى الْبَهْجَةِ، وَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ طَبِيبًا إنْ جَرَّبَ نَفْسَهُ لِاخْتِلَافِ الْمِزَاجِ بِالْأَزْمِنَةِ، وَبِهَذَا يَرُدُّ عَلَى مَنْ اكْتَفَى بِالتَّجْرِبَةِ كَابْنِ حَجَرٍ وَفَارَقَ الْمُضْطَرَّ حَيْثُ يَسْتَقِلُّ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ أَيْ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى قَوْلِ طَبِيبٍ لِأَجْلِ وِقَايَةِ النَّفْسِ عَنْ التَّلَفِ بِأَنَّهُ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِدُخُولِ الْوَقْتِ لِلطُّهْرِ بِهِ بِدَلِيلِ عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِ بِخِلَافِ الطَّعَامِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِأَكْلِهِ لِلْمُضْطَرِّ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الِاضْطِرَارِ فَهِيَ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ، فَانْدَفَعَ قِيَاسُ الْإِسْنَوِيِّ عَلَيْهِ. اهـ. ابْنُ شَرَفٍ.

قَوْلُهُ: (لِعَطَشِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ) وَلَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا أَوْ مُعَاهَدًا أَوْ بَهِيمَةً، فَخَرَجَ الْمُرْتَدُّ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَالْحَرْبِيُّ وَالْخِنْزِيرُ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُ الْمَاءِ إلَيْهِمْ. وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ جَوَازَ صَرْفِهِ إلَى غَيْرِ الْمُحْتَرَمِ إنْ احْتَاجَ الْمُحْتَرَمُ إلَيْهِ كَأَنْ يَكُونَ خَادِمُهُ، وَلَمْ يَسْتَغْنِ عَنْهُ. وَقَوْلُهُ: مُحْتَرَمٌ الْمُرَادُ بِالْمُحْتَرَمِ مَا يَحْرُمُ قَتْلُهُ وَبِغَيْرِ الْمُحْتَرَمِ مَا لَا يَحْرُمُ قَتْلُهُ كَمُرْتَدٍّ وَزَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ. قَالَ شَيْخُنَا: لَوْ كَانَ غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ هُوَ الَّذِي مَعَهُ الْمَاءُ مُحْتَاجًا إلَى شُرْبِهِ، فَهَلْ يَكُونُ كَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ الْمُحْتَرَمِينَ فِي أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ فِي الطَّهَارَةِ، وَإِنْ مَاتَ عَطَشًا أَوْ يَشْرَبُهُ وَيَتَيَمَّمُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِمُبَاشَرَةِ قَتْلِ نَفْسِهِ، الْمُتَّجَهُ الثَّانِي شَرْحُ م ر. وَالْكَلْبُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ عَقُورٌ: هَذَا لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ احْتِرَامِهِ، وَالثَّانِي مُحْتَرَمٌ بِلَا خِلَافٍ، وَهُوَ مَا فِيهِ نَفْعٌ مِنْ صَيْدٍ أَوْ حِرَاسَةٍ، وَالثَّالِثُ: مَا فِيهِ خِلَافٌ، وَهُوَ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ، وَلَا ضَرَرَ، وَقَدْ تَنَاقَضَ فِيهِ كَلَامُ النَّوَوِيِّ وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر أَنَّهُ مُحْتَرَمٌ يَحْرُمُ قَتْلُهُ اهـ خ ض. وَفِي ق ل: نَعَمْ لَوْ احْتَاجَهُ الزَّانِي الْمُحْصَنُ لِعَطَشِ نَفْسِهِ شَرِبَهُ؛ لِأَنَّ نَفْسَهُ مُحْتَرَمَةٌ عَلَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ.

قَوْلُهُ: (مُحْتَرَمٍ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ صَاحِبُ الْمَاءِ وَلَا يَتَيَمَّمُ لِعَطَشِ عَاصٍ بِسَفَرِهِ حَتَّى يَتُوبَ. وَقَوْلُهُ: حَيَوَانٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ، وَمِثْلُ الْمَاءِ الْأَكْلُ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَطْعِمَةَ أَنَّ لَهُ ذَبْحَ شَاةِ الْغَيْرِ الَّتِي لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا لِكَلْبِهِ الْمُحْتَرَمِ الْمُحْتَاجِ لِلْإِطْعَامِ، وَعَلَى الْمَالِكِ بَذْلُهَا. اهـ. ح ل.

قَوْلُهُ: (فِي الْمُسْتَقْبَلِ) فَلَهُ أَنْ يَدَّخِرَهُ: بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ، وَيَحْرُمُ الْوُضُوءُ بِهِ، سَوَاءٌ ظَنَّ وُجُودَهُ فِي غَدِهِ أَمْ لَا. حَيْثُ لَمْ يَتَحَقَّقْهُ. وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ وَإِنْ رَجَا الْمَاءَ فِي غَدِهِ، فَلَوْ وَصَلُوا إلَى الْمَاءِ، وَفَضَلَتْ مَعَهُمْ فَضْلَةٌ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي مَعَهُمْ لِلشُّرْبِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْقَضَاءُ أَوْ لَا؟ يُنْظَرُ إنْ قَتَّرُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَأَسْرَعُوا السَّيْرَ، وَلَوْ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ لَمْ يَقْضُوا، وَإِلَّا بِأَنْ سَارُوا عَلَى الْعَادَةِ، وَلَمْ يُقَتِّرُوا قَضَوْا أَيْ الصَّلَاةَ الْأَخِيرَةَ بِنَاءً عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ م ر، لَكِنْ قَالَ ق ل: وَالْوَجْهُ الْوَجِيهُ أَنَّهُ يَقْضِي كُلَّ صَلَاةٍ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَيَمَّمَ لَهَا مَعَ وُجُودِ مَاءٍ، هَذَا إذَا كَانَ الْمَاءُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ، وَإِلَّا قَضَى صَاحِبُ الْمَاءِ فَقَطْ اهـ م د. قَوْلُهُ: (صَوْنًا لِلرُّوحِ) عِلَّةٌ لِكَوْنِ الِاحْتِيَاجِ سَبَبًا لِلْعَجْزِ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ خَوْفِ تَلَفِ النَّفْسِ وَالْعُضْوِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ الْآتِي: وَالْعَطَشُ الْمُبِيحُ لِلتَّيَمُّمِ يُعْتَبَرُ بِالْخَوْفِ إلَخْ: أَيْ لِأَنَّ هَذَا أَعَمُّ مِنْ تَلَفِ النَّفْسِ. وَيُجَابُ: بِأَنَّ قَوْلَهُ صَوْنًا لِلرُّوحِ أَوْ غَيْرِهَا عَنْ التَّلَفِ أَيْ مَثَلًا. اهـ. ح ف.

قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهَا) كَالْعُضْوِ وَالْمَنْفَعَةِ. قَوْلُهُ: (فَيَتَيَمَّمُ مَعَ وُجُودِهِ) أَيْ الْمَاءِ وَسَكَتَ عَنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ: وَيَحْرُمُ تَطْهِيرُهُ إلَخْ. وَهُوَ شَامِلٌ لِلِاسْتِنْجَاءِ بِهِ فَيُعَيَّنُ الْحَجْرُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْ الْبَدَنِ أَوْ الثَّوْبِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَحْرُمُ أَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>