للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ حَدَثٍ، وَإِذَا اعْتَبَرْنَا هُنَاكَ الْجَفَافَ اعْتَبَرْنَاهُ هُنَا أَيْضًا بِتَقْدِيرِهِ مَاءً، وَمِنْ سُنَنِهِ أَيْضًا الْمُوَالَاةُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا، وَتَجِبُ الْمُوَالَاةُ بِقِسْمَيْهَا فِي تَيَمُّمٍ دَائِمِ الْحَدَثِ كَمَا تَجِبُ فِي وُضُوئِهِ تَخْفِيفًا لِلْمَانِعِ. وَمِنْ سُنَنِهِ الْبُدَاءَةُ بِأَعْلَى وَجْهِهِ، وَتَخْفِيفُ الْغُبَارِ مِنْ كَفَّيْهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا، وَتَفْرِيقُ أَصَابِعِهِ فِي أَوَّلِ الضَّرْبَتَيْنِ، وَتَخْلِيلُ أَصَابِعِهِ بَعْدَ مَسْحِ الْيَدَيْنِ، وَأَنْ لَا يَرْفَعَ الْيَدَ عَنْ الْعُضْوِ قَبْلَ تَمَامِ مَسْحِهِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي مُبْطِلَاتِ التَّيَمُّمِ فَقَالَ: (وَاَلَّذِي يُبْطِلُ التَّيَمُّمَ) بَعْدَ صِحَّتِهِ (ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ) الْأَوَّلُ (مَا) أَيْ الَّذِي (أَبْطَلَ الْوُضُوءَ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ (وَ) الثَّانِي (رُؤْيَةُ الْمَاءِ) الطَّهُورِ (فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ) وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَسْحِ وَجْهِهِ، وَجَازَ مَسْحُ ذِرَاعِهِ بِتُرَابِهِمَا لِعَدَمِ انْفِصَالِهِ مَعَ الْحَاجَةِ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ مَسْحُ الذِّرَاعِ بِكَفِّهَا فِصَالٌ كَنَقْلِ الْمَاءِ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ الْيَدَيْنِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (وَالْمُوَالَاةُ) هَذَا مَحَلُّهُ فِي السَّلِيمِ، أَمَّا صَاحِبُ الضَّرُورَةِ فَتَجِبُ الْمُوَالَاةُ فِي طُهْرِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ.

قَوْلُهُ: (بِتَقْدِيرِهِ) أَيْ التُّرَابِ مَاءً.

قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ الْمُوَالَاةُ إلَخْ) وَتَجِبُ أَيْضًا فِي وُضُوءِ السَّلِيمِ وَتَيَمُّمِهِ وَغُسْلِهِ إذَا ضَاقَ وَقْتُ الْفَرِيضَةِ.

قَوْلُهُ: (بِقِسْمَيْهَا) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ، وَهُوَ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، وَالْمَذْكُورُ فِي الشَّرْحِ، وَهُوَ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ.

قَوْلُهُ: (وَتَخْفِيفُ الْغُبَارِ) أَيْ بِنَفْضِهِ أَمْ نَفْضِ الْيَدِ إذَا كَانَ كَثِيرًا، وَأَمَّا مَسْحُ التُّرَابِ عَنْ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ فَالْأَحَبُّ كَمَا فِي الْأُمِّ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا) أَيْ الْكَفَّيْنِ مِنْ خِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ ضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ لِلتَّخْفِيفِ وَجِنْسِ الْكَفَّيْنِ، فَالْقَائِمُ مَقَامَ التَّخْفِيفِ النَّفْخُ وَمَقَامَ الْكَفَّيْنِ الْخِرْقَةُ اهـ اج. قَوْلُهُ: (فِي أَوَّلِ الضَّرْبَتَيْنِ) أَيْ فِي أَوَّلِ كُلٍّ مِنْ الضَّرْبَتَيْنِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِزِيَادَةِ إثَارَةِ الْغُبَارِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِيَسْتَغْنِيَ بِالْوَاصِلِ لِمَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ مِنْ التُّرَابِ عَنْ الْمَسْحِ بِمَا عَلَى الْكَفِّ اهـ. م د بِزِيَادَةٍ. قَوْلُهُ: (وَتَخْلِيلُ أَصَابِعِهِ) أَيْ إذَا فَرَّقَ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُفَرِّقْ فِيهِمَا، أَوْ فَرَّقَ فِي الْأُولَى فَإِنَّهُ يَجِبُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَيُسَنُّ نَزْعُ خَاتَمِهِ فِي الْأُولَى لِيَكُونَ مَسْحُ الْوَجْهِ بِجَمِيعِ الْيَدِ، وَيَجِبُ نَزْعُهُ فِي الثَّانِيَةِ لِيَصِلَ التُّرَابُ إلَى مَحَلِّهِ، وَلَا يَكْفِي تَحْرِيكُهُ بِخِلَافِهِ فِي الطُّهْرِ بِالْمَاءِ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِيجَابُ نَزْعِهِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْمَسْحِ لَا عِنْدَ النَّقْلِ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَقَوْلُهُ: (وَلَا يَكْفِي تَحْرِيكُهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَصِلْ وَقَوْلُهُ فَإِيجَابُ نَزْعِهِ إلَخْ. قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَإِيجَابُهُ لَيْسَ لِعَيْنِهِ بَلْ لِإِيصَالِ التُّرَابِ لِمَا تَحْتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى غَالِبًا إلَّا بِالنَّزْعِ، حَتَّى لَوْ حَصَلَ الْفَرْضُ بِتَحْرِيكِهِ أَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِسَعَتِهِ كَفَى، كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ ضَيِّقًا بِحَيْثُ يَعْلَمُ عَدَمَ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهُ فِي الطُّهْرِ بِهِ إلَّا بِتَحْرِيكِهِ أَوْ نَزْعِهِ وَجَبَ اهـ بِاخْتِصَارٍ. قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: وَسَقَطَ فَرْضُ الرَّاحَتَيْنِ، وَمَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ حِينَ ضَرَبَهُمَا. قَالُوا، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَارَ التُّرَابُ مُسْتَعْمَلًا فَكَيْفَ يَمْسَحُ بِهِ الذِّرَاعَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ نَقْلُ الْمَاءِ الَّذِي غُسِلَتْ بِهِ إحْدَى الْيَدَيْنِ إلَى الْأُخْرَى؟ فَالْجَوَابُ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْيَدَيْنِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ، فَلَا يُحْكَمُ بِالِاسْتِعْمَالِ إلَّا بِالِانْفِصَالِ، وَالْمَاءُ يَنْفَصِلُ بِخِلَافِ التُّرَابِ.

الثَّانِي: أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ؛ إذْ لَا يُمْكِنُهُ مَسْحُ الذِّرَاعِ بِكَفِّهَا بَلْ يَفْتَقِرُ إلَى كَفِّ الْأُخْرَى، فَصَارَ كَنَقْلِ الْمَاءِ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ ذَكَرَهُ كُلَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ يَقْتَضِي أَنَّ انْتِقَالَ الْمَاءِ مِنْ إحْدَى الْيَدَيْنِ إلَى الْأُخْرَى مَعَ الِاتِّصَالِ لَا يُصَيِّرُهُ مُسْتَعْمَلًا شَرْحُ التَّنْقِيحِ.

قَوْلُهُ: (مَنْ أَوْجَبَهُ) أَيْ عَدَمَ الرَّفْعِ.

[مُبْطِلَاتِ التَّيَمُّمِ]

قَوْلُهُ: (وَاَلَّذِي يُبْطِلُ التَّيَمُّمَ) أَيْ يَنْتَهِي بِهِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةٌ) الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ جَارِيَانِ فِي التَّيَمُّمِ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَلِغَيْرِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَخَاصٌّ بِمَنْ يَتَيَمَّمُ لِفَقْدِ الْمَاءِ. قَوْلُهُ: (مَا أَبْطَلَ الْوُضُوءَ) أَيْ إنْ كَانَ التَّيَمُّمُ عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ، أَمَّا لَوْ كَانَ التَّيَمُّمُ عَنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ، فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ. وَيُلْغَزُ وَيُقَالُ: لَنَا رَجُلٌ مُتَيَمِّمٌ بَالَ وَتَغَوَّطَ وَنَامَ غَيْرَ مُمَكِّنٍ، وَلَوْ مَسَّ وَجُنَّ وَأُغْمِيَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ، وَصُورَتُهُ مَا ذُكِرَ.

قَوْلُهُ: (رُؤْيَةُ الْمَاءِ) لَيْسَ الْمُرَادُ رُؤْيَةُ الْبَصَرِ فَقَطْ، بَلْ الْمُرَادُ

<<  <  ج: ص:  >  >>