للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَفْضَلُ مِنْ تَعْجِيلِ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ فَضِيلَةَ الصَّلَاةِ بِالْوُضُوءِ، وَلَوْ آخِرَ الْوَقْتِ أَبْلُغُ مِنْهَا بِالتَّيَمُّمِ أَوَّلَهُ، وَإِنْ ظَنَّهُ أَوْ ظَنَّ أَوْ تَيَقَّنَ عَدَمَهُ، أَوْ شَكَّ فِيهِ آخِرَ الْوَقْتِ، فَتَعْجِيلُ التَّيَمُّمِ أَفْضَلُ لِتَحَقُّقِ فَضِيلَتِهِ دُونَ فَضِيلَةِ الْوُضُوءِ.

السَّبَبُ الثَّانِي: خَوْفُ مَحْذُورٍ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ بِسَبَبِ بُطْءِ بُرْءٍ (أَوْ مَرَضٍ) أَوْ زِيَادَةِ أَلَمٍ أَوْ شَيْنٍ فَاحِشٍ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ لِلْعُذْرِ، وَلِلْآيَةِ السَّابِقَةِ. وَالشَّيْنُ الْأَثَرُ الْمُسْتَكْرَهُ مِنْ تَغَيُّرِ لَوْنٍ أَوْ نُحُولٍ وَاسْتِحْشَافٍ وَثُغْرَةٍ تَبْقَى وَلَحْمَةٍ تَزِيدُ، وَالظَّاهِرُ: مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ غَالِبًا كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ ذَكَرَ ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ، وَذَكَرَ فِي الْجِنَايَاتِ مَا حَاصِلُهُ؛ أَنَّهُ مَا لَا يُعَدُّ كَشْفُهُ هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ، وَيُمْكِنُ رَدُّهُ إلَى الْأَوَّلِ، وَخَرَجَ بِالْفَاحِشِ الْيَسِيرُ كَقَلِيلِ سَوَادٍ، وَبِالظَّاهِرِ الْفَاحِشُ فِي الْبَاطِنِ فَلَا أَثَرَ لِخَوْفِ ذَلِكَ، وَيُعْتَمَدُ فِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

إحْرَازِ الْفَضِيلَةِ.

وَقَوْلُهُمْ: الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ لَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا بِالْوُضُوءِ مَحَلُّهُ فِيمَنْ لَا يَرْجُو الْمَاءَ بَعْدُ بِقَرِينَةِ سِيَاقِ كَلَامِهِمْ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْفَرْضَ الْأَوْلَى، وَلَمْ تَشْمَلْهَا فَضِيلَةُ الْوُضُوءِ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمَّا كَانَتْ عَيْنَ الْأُولَى كَانَتْ جَابِرَةً لِنَقْصِهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ يَرْجُو، وَمَنْ لَا يَرْجُو أَنَّ تَعَاطِيَ الصَّلَاةِ مَعَ رَجَاءِ الْمَاءِ، وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ فِيهِ نَقْصٌ، فَنُدِبَتْ الْإِعَادَةُ بِخِلَافِ تَعَاطِيهَا مَعَ عَدَمِ رَجَاءِ الْمَاءِ أَصْلًا فَلَا نَقْصَ فِيهِ فَلَمْ يُطْلَبْ لَهُ إعَادَةٌ وَتَلَخَّصَ أَنَّ مَحَلَّ أَفْضَلِيَّةِ التَّأْخِيرِ مَشْرُوطٌ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ: أَنْ يَتَيَقَّنَ الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ بِحَيْثُ يَسَعُ الطُّهْرَ وَالصَّلَاةَ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَحَلُّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ، أَوْ يَسْتَوِي الْأَمْرَانِ، وَأَنْ يُرِيدَ الِاقْتِصَارَ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنْ لَا يَقْتَرِنَ التَّقْدِيمُ بِنَحْوِ جَمَاعَةٍ. قَوْلُهُ: (فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ) وَلَا يَجِبُ، وَإِنْ تَيَقَّنَهُ فِي مَنْزِلِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ م ر خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. قَوْلُهُ: (أَبْلَغُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ أَوَّلَهُ أَيْ أَكْثَرُ ثَوَابًا؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ جَائِزٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَدَائِهَا أَوَّلَهُ. وَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوُضُوءِ شَرْحُ الْبَهْجَةِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ ظَنَّهُ) أَيْ وُجُودَ الْمَاءِ.

قَوْلُهُ: (عَدَمَهُ) تَنَازَعَهُ ظَنَّ وَتَيَقَّنَ.

قَوْلُهُ: (بِسَبَبِ بُطْءِ بُرْءٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَبُطْءِ بُرْءٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمَنْهَجِ، لِأَنَّهُ مَحْذُورٌ لَا سَبَبَ لَهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، أَوْ أَنْ يُعَبِّرَ بِمِنْ بَدَلَ سَبَبٍ وَتَكُونُ بَيَانًا لِلْمَحْذُورِ فَتَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: بُطْءِ هُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا فِيهِمَا. فَائِدَةٌ: تَقُولُ بَرَأَ بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ بُرْءًا بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا وَمَفْتُوحُ الْبَاءِ هُنَا أَفْصَحُ وَهُوَ مَصْدَرٌ لِمَفْتُوحِ الرَّاءِ أَيْضًا وَأَمَّا الْمَضْمُومُ فَمَصْدَرٌ لِلْمَضْمُومِ وَالْمَكْسُورُ شَوْبَرِيٌّ، وَبُطْءُ الْبُرْءِ هُوَ طُولُ مُدَّتِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ قَدْرُ وَقْتِ صَلَاةٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَقَلُّهُ ذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَقَلُّهُ وَقْتُ الْمَغْرِبِ كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (أَوْ زِيَادَةِ أَلَمٍ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً بِخِلَافِ الْيَسِيرِ فَلَا أَثَرَ لَهُ. اهـ. ابْنُ حَجَرٍ.

قَوْلُهُ: (فِي عُضْوٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَتَحَتَّمْ قَطْعُهُ فِي السَّرِقَةِ أَوْ الْمُحَارَبَةِ بِخِلَافِ مَا اُسْتُحِقَّ قَطْعُهُ قَوَدًا لِرَجَاءِ الْعَفْوِ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (لِلْعُذْرِ) إنَّمَا قَدَّمَ الْعُذْرَ عَلَى الْآيَةِ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ خَاصَّةٌ وَالْعُذْرُ عَامٌّ. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (مِنْ تَغَيُّرِ لَوْنٍ) كَصُفْرَتِهِ أَوْ سَوَادِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ نُحُولٍ) النُّحُولُ هُزَالٌ مَعَ رُطُوبَةٍ فِي الْبَدَنِ، وَالِاسْتِحْشَافُ هُوَ هُزَالٌ مَعَ يُبُوسَةٍ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَثُغْرَةٍ) أَيْ نُقْرَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَلَحْمَةٍ تَزِيدُ) كَسِلْعَةٍ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ صَغُرَ كُلٌّ مِنْ اللَّحْمَةِ وَالثُّغْرَةِ وَلَا مَانِعَ مِنْ تَسْمِيَتِهِ شَيْنًا؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ وُجُودِهِمَا فِي الْعُضْوِ يُورِثُ شَيْنًا، وَلَكِنَّهُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، بَلْ إنْ كَانَ فَاحِشًا تَيَمَّمَ أَوْ يَسِيرًا فَلَا. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (الْمَهِنَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَوَّلَهُ مَعَ كَسْرِ ثَانِيَةٍ وَحُكِيَ كَسْرُهَا مَعَ سُكُونِ الْهَاءِ وَهِيَ الْخِدْمَةُ. قَوْلُهُ: (لِلْمُرُوءَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا وَهِيَ صِفَةٌ يُمْدَحُ الْمُتَخَلِّقُ بِهَا وَهِيَ التَّخَلُّقُ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ وَهِيَ الْآنُ إمَّا قَلِيلَةٌ جِدًّا أَوْ مَعْدُومَةٌ قَالَ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ

مَرَرْت عَلَى الْمُرُوءَةِ وَهِيَ تَبْكِي ... فَقُلْت عَلَامَ تَنْتَحِبُ الْفَتَاةُ

فَقَالَتْ كَيْفَ لَا أَبْكِي وَأَهْلِي ... جَمِيعًا دُونَ خَلْقِ اللَّهِ مَاتُوا

قَوْلُهُ: (رَدَّهُ إلَى الْأَوَّلِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ مَا لَا يُعَدُّ كَشْفُهُ هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ هُوَ مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمَهِنَةِ.

قَوْلُهُ: (فِي الْبَاطِنِ) وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>