للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُطَالِبُهُ بِقِيمَتِهِ، وَإِنْ امْتَنَعَ الْمُسَلِّمُ مِنْ قَبُولِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِهِ لِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِ إنْ كَانَ لِلْمُؤَدِّي غَرَضٌ صَحِيحٌ كَتَحْصِيلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَلَوْ اتَّفَقَ كَوْنُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بِصِفَةِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فَأَحْضَرَهُ وَجَبَ قَبُولُهُ.

فَصْلٌ: فِي الرَّهْنِ وَهُوَ لُغَةً الثُّبُوتُ وَمِنْهُ الْحَالَةُ الرَّاهِنَةُ وَشَرْعًا جَعْلُ عَيْنٍ مَالِيَّةٍ وَثِيقَةٍ بِدَيْنٍ يَسْتَوْفِي مِنْهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ وَفَائِهِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ) لِتَضَرُّرِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ كَيَسِيرِ نَقْدٍ وَمَالُهُ مُؤْنَةٌ وَتَحَمُّلُهَا بِالْمُسَلِّمِ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ حِينَئِذٍ م ر. وَقَالَ س ل: لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ أَشَارَ بِنَفْيِ الْأَدَاءِ خَاصَّةً إلَى أَنَّ لَهُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَإِلْزَامُهُ بِالسَّفَرِ مَعَهُ إلَى مَكَانِ التَّسْلِيمِ أَوْ بِالتَّوْكِيلِ وَلَا يُحْبَسُ اهـ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُطَالِبُهُ بِقِيمَتِهِ) وَلَوْ لِلْحَيْلُولَةِ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ كَمَا مَرَّ، فَلَهُ الْفَسْخُ وَاسْتِرْدَادُ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا لَوْ انْقَطَعَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ تَحَمَّلَهَا الْمُسَلِّمُ فَيَلْزَمُ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ الْأَدَاءُ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (لِغَرَضٍ صَحِيحٍ) كَأَنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مِنْهُ إلَى مَحِلِّ التَّسْلِيمِ مُؤْنَةٌ وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ، أَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ أَوْ الطَّرِيقُ مَخُوفًا؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. فَإِنْ رَضِيَ بِأَخْذِهِ لَمْ يَجِبْ لَهُ مُؤْنَةُ النَّقْلِ، بَلْ لَوْ بَذَلَهَا لَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ قَبُولُهَا لِأَنَّهُ كَالِاعْتِيَاضِ. اهـ. م ر. فَإِنْ اسْتَأْجَرَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ لِمَنْ يَحْمِلُهُ فَلَا اعْتِيَاضَ فَحِينَئِذٍ لِلْمُسَلِّمِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ أَخْذِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ، وَيَقُولَ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ: أَرْسِلْهُ إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ.

قَوْلُهُ: (أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِ) أَيْ عَيْنًا نَظِيرَ مَا مَرَّ لِكَوْنِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ.

قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ لِلْمُؤَدِّي إلَخْ) لَيْسَ بِقَيْدٍ.

قَوْلُهُ: (بِصِفَةِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ) كَأَنْ أَسْلَمَ إلَيْهِ جَارِيَةً صَغِيرَةً فِي جَارِيَةٍ كَبِيرَةٍ مَوْصُوفَةٍ بِأَوْصَافٍ فَكَبِرَتْ عِنْدَهُ مُتَّصِفَةً بِالصِّفَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا حَتَّى صَارَتْ كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ، وَإِنْ وَطِئَهَا مَا لَمْ تَحْبَلْ مِنْهُ. اهـ. ز ي وَم د.

[فَصْلٌ فِي الرَّهْنِ]

ِ قَوْلُهُ وَهُوَ لُغَةً الثُّبُوتُ هَذَا ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرُ رَهَنَ لَازِمًا بِمَعْنَى دَامَ وَثَبَتَ لَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلُهُ الْآتِي مَعْنَاهُ فَارْهَنُوا أَمَّا إذَا جُعِلَ مَصْدَرًا لِرَهَنَ مُتَعَدِّيًا فَإِنَّمَا يُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ هُوَ لُغَةً الْإِثْبَاتُ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَطْلَقَ الثُّبُوتَ الَّذِي هُوَ أَثَرُ الْإِثْبَاتِ وَأَرَادَ الْإِثْبَاتَ نَفْسَهُ لَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ وَمِنْهُ الْحَالَةُ الرَّاهِنَةُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ رَهَنَ بِمَعْنَى ثَبَتَ وَدَامَ لِأَنَّ الْأَرْكَانَ الْآتِيَةَ لَا تُنَاسِبُهُ. اهـ. ع ش وَرَهَنَ أَفْصَحُ مِنْ أَرْهَنَ بَلْ مَنَعَ الْأَزْهَرِيُّ الثَّانِيَةَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّوْبَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (جَعْلُ عَيْنٍ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ بَعْدَ حَذْفِ الْفَاعِلِ، تَقْدِيرُهُ: حَمْلُ الْمَالِكِ أَوْ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ عَيْنًا وَثِيقَةً إلَخْ. وَدَخَلَ تَحْتَهُ الْعَقْدُ وَالصِّيغَةُ. وَقَوْلُهُ " عَيْنٍ مَالِيَّةٍ "، هِيَ الْمَرْهُونُ، وَقَوْلُهُ " وَثِيقَةٍ بِدَيْنٍ " هُوَ الْمَرْهُونُ بِهِ، فَاشْتَمَلَ التَّعْرِيفُ عَلَى الْأَرْكَانِ. وَقَوْلُهُ " يَسْتَوْفِي " تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ " وَثِيقَةٍ " وَخَرَجَ بِهَذَا الْقَيْدِ غَيْرُ الْمَمْلُوكِ كَالْمَوْقُوفِ وَالْمَغْصُوبِ.

قَوْلُهُ: (يَسْتَوْفِي) أَيْ الدَّيْنَ أَوْ بَعْضَهُ مِنْهَا. فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَرْهُونِ قَدْرَ الدَّيْنِ، فَلَوْ رَهَنَ عِنْدَهُ حُجَّةَ بَيْتٍ مَثَلًا كَانَتْ تِلْكَ الْوَرَقَةُ وَحْدَهَا مَرْهُونَةً، وَأَمَّا الْبَيْتُ فَلَا يَحْصُلُ قَبْضُهُ إلَّا بِالتَّخْلِيَةِ وَهَذَا، أَعْنِي قَوْلَهُ " يَسْتَوْفِي مِنْهُ " لَيْسَ مِنْ التَّعْرِيفِ بَلْ بَيَانٌ لِغَايَتِهِ، وَقِيلَ: إنَّهُ مِنْهُ لِإِخْرَاجِ مَا لَا يَصِحُّ الِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ كَالْمَوْقُوفِ. قَوْلُهُ: (مِنْهَا) مِنْ ابْتِدَائِيَّةٍ فَيَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ مُسَاوِيَةً لَهُ. وَجَعْلُهَا تَبْعِيضِيَّةً يَقْتَضِي أَنَّ الرَّهْنَ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْهَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. وَقَالَ ق ل: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ كَوْنُ الْمَرْهُونِ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ إلَّا فِي رَهْنِ وَلِيٍّ عَلَى مَالِ مَحْجُورٍ اهـ. وَقَوْلُهُ " عِنْدَ تَعَذُّرِ " لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَقَوْلُهُ " وَفَائِهِ " قَالَ الرَّمْلِيُّ: لِلْحَاكِمِ تَعْزِيرُ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ بَعْدَ طَلَبِ مُسْتَحِقِّهِ مِنْهُ بِحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ وَإِنْ زَادَ عَلَى التَّعْزِيرِ بَلْ وَإِنْ أَدَّى إلَى مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ بِحَقٍّ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ، ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>