للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا دَيْنَ فَظَهَرَ دَيْنٌ بِنَحْوِ رَدِّ مَبِيعٍ بِعَيْبٍ تَلِفَ ثَمَنُهُ. وَلَمْ يَسْقُطْ الدَّيْنُ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ فُسِخَ التَّصَرُّفُ لِأَنَّهُ كَانَ سَائِغًا لَهُ فِي الظَّاهِرِ.

فَصْلٌ: فِي الْحَجْرِ وَهُوَ لُغَةً الْمَنْعُ وَشَرْعًا الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: ٦] الْآيَةَ. وقَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا} [البقرة: ٢٨٢] الْآيَةَ (وَالْحَجْرُ) يُضْرَبُ (عَلَى) جَمَاعَةٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

التَّرِكَةُ عَلَى جِنْسِ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لَهُ إمْسَاكُهَا وَقَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْأَخْذِ،. اهـ. ز ي بِالْمَعْنَى. أَقُولُ: يُتَأَمَّلُ وَجْهُ ذَلِكَ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ اسْتِقْلَالِ صَاحِبِ الدَّيْنِ بِأَخْذِهِ مِنْ التَّرِكَةِ لَا يَقْتَضِي مَنْعَ الْوَارِثِ مِنْ أَخْذِ التَّرِكَةِ وَدَفْعِ جِنْسِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِهَا، فَإِنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّهُ بِالتَّرِكَةِ تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِهَا تَعَلُّقَ رَهْنٍ وَالرَّاهِنُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَوْفِيَةُ الدَّيْنِ مِنْ عَيْنِ الرَّهْنِ، اهـ. ثُمَّ رَأَيْته فِي حَجّ. فَرْعٌ: لَوْ طَلَبَ صَاحِبُ الدَّيْنِ بَيْعَ مَالٍ مَخْصُوصٍ مِنْ أَمْوَالِ الْمَدِينِ الْمُمْتَنِعِ لَمْ يَتَعَيَّنْ إجَابَتُهُ وَلِلْقَاضِي بَيْعُ غَيْرِهِ

بِالْمَصْلَحَةِ

، وَكَذَا لَوْ طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ بَيْعَ الْمَرْهُونِ لِلْقَاضِي بِيعَ غَيْرُهُ مِنْ أَمْوَالِ الرَّاهِنِ

بِالْمَصْلَحَةِ

، اهـ م ر سم عَنْ الْعُبَابِ اهـ. قَوْلُهُ: (فَظَهَرَ دَيْنٌ) الصَّوَابُ: " فَطَرَأَ " كَمَا فِي نُسْخَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَفِيًّا ثُمَّ ظَهَرَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ خَفِيًّا ثُمَّ ظَهَرَ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ التَّصَرُّفِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَعِبَارَتُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ ثَمَّ دَيْنٌ خَفِيٌّ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ تَصَرُّفِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْبَيْعَ إذَا كَانَ فَاسِدًا تَكُونُ فَوَائِدُ الْمَبِيعِ لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُمْ، وَإِذَا كَانَ صَحِيحًا ثُمَّ فُسِخَ تَكُونُ فَوَائِدُهُ قَبْلَ الْفَسْخِ لِلْمُشْتَرِي.

قَوْلُهُ: (بِنَحْوِ رَدِّ مَبِيعٍ) وَكَأَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي حَيَاتِهِ عُدْوَانًا ثُمَّ تَرَدَّى فِيهَا شَخْصٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا عَاقِلَةَ، فَإِنَّ الدِّيَةَ دَيْنٌ عَلَى التَّرِكَةِ م ر.

قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوِهِ) كَحَوَالَةٍ. قَوْلُهُ: (فُسِخَ التَّصَرُّفُ) . أَيْ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ فَسَادُهُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ كَانَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فُسِخَ التَّصَرُّفُ الْمُقْتَضِي صِحَّتَهُ، أَيْ فَلَمْ يَكُنْ التَّصَرُّفُ بَاطِلًا لِأَنَّهُ كَانَ سَائِغًا لَهُ ظَاهِرًا. وَجَعَلَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ عِلَّةً لِمَحْذُوفٍ، حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ " فُسِخَ ": فَعُلِمَ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ " فُسِخَ " أَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ فَسَادُهُ لِأَنَّهُ كَانَ جَائِزًا لَهُ ظَاهِرًا، وَقَوْلُهُ " لَمْ يَتَبَيَّنْ فَسَادُهُ " وَحِينَئِذٍ فَالزَّوَائِدُ قَبْلَ طُرُوُّ الدَّيْنِ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ.

قَوْلُهُ: (فِي الظَّاهِرِ) أَيْ وَفِي الْبَاطِنِ كَمَا قَالَهُ حَجّ، فَفِي كَلَامِهِ اكْتِفَاءٌ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: لِأَنَّهُ كَانَ سَائِغًا لَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.

[فَصْلٌ فِي الْحَجْرِ]

ِ ذَكَرَهُ بَعْدَ الرَّهْنِ لِأَنَّ الرَّاهِنَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ كَمَا يَأْتِي. وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ أَقْسَامَ الْحَجْرِ فِي قَوْلِهِ:

ثَمَانِيَةٌ لَا يَشْمَلُ الْحَجْرُ غَيْرَهُمْ ... تَضَمَّنَهُمْ بَيْتٌ وَفِيهِ مَحَاسِنُ

صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ سَفِيهٌ وَمُفْلِسُ ... رَقِيقٌ وَمُرْتَدٌّ مَرِيضٌ وَرَاهِنُ

قَوْلُهُ (مِنْ التَّصَرُّفَاتِ) أَيْ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا كَالْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا. . . إلَخْ) فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>