للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُشْتَرٍ وَلَا رِضَاهُ كَالرَّدِّ بِعَيْبٍ. وَشَرْطٌ فِي تَمَلُّكٍ بِهَا رُؤْيَةُ شَفِيعِ الشِّقْصِ وَعِلْمُهُ بِالثَّمَنِ كَالْمُشْتَرِي، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي مَنْعُهُ مِنْ رُؤْيَتِهِ. وَشَرْطٌ فِيهِ أَيْضًا لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالتَّمَلُّكِ وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ كَتَمَلَّكْت أَوْ أَخَذْت بِالشُّفْعَةِ مَعَ قَبْضِ مُشْتَرٍ الثَّمَنَ، أَوْ مَعَ رِضَاهُ بِكَوْنِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّةِ الشَّفِيعِ وَلَا رِبًا أَوْ مَعَ حُكْمٍ لَهُ بِالشُّفْعَةِ إذَا حَضَرَ مَجْلِسَهُ وَأَثْبَتَ حَقَّهُ فِيهَا وَطَلَبَهُ.

فَصْلٌ: فِي الْقِرَاضِ

وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَرْضِ وَهُوَ الْقَطْعُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالِكَ قَطَعَ لِلْعَامِلِ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا وَقِطْعَةً مِنْ الرِّبْحِ وَيُسَمَّى أَيْضًا مُضَارَبَةً وَمُقَارَضَةً. وَالْأَصْلُ فِيهِ الْإِجْمَاعُ وَالْحَاجَةُ وَاحْتَجَّ لَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ١٩٨] «وَبِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَارَبَ لِخَدِيجَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - بِمَالِهَا إلَى الشَّامِ، وَأَنْفَذَتْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

شَفِيعِ الشِّقْصِ) لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ شَرِيكًا أَنْ يَرَاهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ وَكَّلَ فِي شِرَائِهِ أَوْ وَرِثَهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ. اهـ. م د، أَيْ وَقَبِلَ لَهُ وَكِيلُهُ وَقَبَضَ.

قَوْلُهُ: (وَشَرْطٌ فِيهِ) أَيْ التَّمَلُّكِ، أَيْ مِلْكِ الشَّفِيعِ لِلشِّقْصِ وَهُوَ بَعْدَ الْأَخْذِ السَّابِقِ، أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: أَنَا طَالِبٌ لِلشُّفْعَةِ.

قَوْلُهُ: (مَعَ قَبْضِ مُشْتَرٍ الثَّمَنَ) حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ قَبْضِهِ خَلَّى الشَّفِيعُ بَيْنَهُمَا أَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى حَاكِمٍ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا رِبًا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ بِالْمَبِيعِ صَفَائِحُ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَالثَّمَنُ مِنْ الْآخَرِ لَمْ يَكْفِ الرِّضَا بِكَوْنِ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ، بَلْ يُعْتَبَرُ التَّقَابُضُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ بَابِ الرِّبَا شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ مَعَ حُكْمٍ لَهُ إلَخْ) أَيْ وَلَا رِبًا أَيْضًا فِي الْعِوَضِ، فَقَوْلُهُ " وَلَا رِبًا " رَاجِعٌ لَهُ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَيْدَ الْمُتَوَسِّطَ يَرْجِعُ لِمَا بَعْدَهُ أَيْضًا، وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ حُذِفَ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ.

قَوْلُهُ: (إذَا حَضَرَ مَجْلِسَهُ) أَيْ مَجْلِسَ الْحُكْمِ. قَوْلُهُ: (حَقَّهُ فِيهَا) لَا مَعْنَى لِهَذِهِ الظَّرْفِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ هُوَ الشُّفْعَةُ فَيَلْزَمُ ظَرْفِيَّةُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ، فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهَا أَوْ يَأْتِي بِالضَّمِيرِ مُذَكَّرًا وَيَقُولُ فِيهِ وَيَكُونُ عَائِدًا عَلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ.

[فَصْلٌ فِي الْقِرَاضِ]

ِ ذَكَرَهُ عَقِبَ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى جَوَازِ كُلٍّ مِنْهُمَا، لَكِنَّ الْحَاجَةَ فِي الشُّفْعَةِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَهُنَا لِنَفْعِ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ. وَذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ عَقِبَ الْوَدِيعَةِ لِاشْتِمَالِهِمَا عَلَى دَفْعِ الْمَالِكِ عَيْنَ مَالِهِ لِغَيْرِهِ وَعَلَى تَصْدِيقِ الْآخِذِ فِيهِمَا فِي الرَّدِّ وَالتَّلَفِ. وَالْقِرَاضُ بِكَسْرِ الْقَافِ مَصْدَرُ قَارَضَ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ لِفَاعِلِ الْفِعَالِ وَالْمُفَاعَلَةِ وَهُوَ وَالْمُقَارَضَةُ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَالْمُضَارَبَةُ لُغَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ الضَّرْبِ وَهُوَ السَّفَرُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهِ غَالِبًا كَمَا قَالَهُ م ر، أَيْ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ: قَارَضَ بَدَلَ ضَارَبَ.

قَوْلُهُ: (مُشْتَقٌّ إلَخْ) وَإِنَّمَا جَازَ اشْتِقَاقُهُ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَصْدَرٌ وَالْمَصْدَرُ لَا يُشْتَقُّ مِنْ الْمَصْدَرِ؛ لِأَنَّ الْمَزِيدَ يُشْتَقُّ مِنْ الْمُجَرَّدِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاشْتِقَاقِ الْأَخْذُ.

قَوْلُهُ: (سُمِّيَ) أَيْ الْقِرَاضُ الشَّرْعِيُّ بِذَلِكَ، أَيْ لَفْظِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّ إلَخْ. وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ قَوْلِهِ وَحَقِيقَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ.

قَوْلُهُ: (أَنْ تَبْتَغُوا) أَيْ تَطْلُبُوا فَضْلًا، أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَالِكُمْ أَوْ مَالِ غَيْرِكُمْ وَهِيَ الرِّبْحُ، فَصَحَّ الِاحْتِجَاجُ بِالْآيَةِ مِنْ حَيْثُ عُمُومُهَا. وَأَسْنَدَ الِاحْتِجَاجَ إلَى الْمَاوَرْدِيُّ لِمَا فِي الْآيَةِ مِنْ الْخَفَاءِ فِي خُصُوصِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ تَحْتَمِلُ الدُّعَاءَ وَغَيْرَهُ، أَيْ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ بِالدُّعَاءِ؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>