للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غُصِبَ أَوْ تَرَكَهُ الْعَامِلُ أَوْ هَرَبَ وَلَوْ فِي دَارِ الْمَالِكِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لَهُ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ وَإِنْ حَضَرَ الْآبِقُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اكْتَرَى مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ. فَأَتَى بِبَعْضِ الْأَعْمَالِ وَمَاتَ، حِينَئِذٍ يَسْتَحِقُّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ. وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْحَجِّ الثَّوَابُ، وَقَدْ حَصَلَ بِبَعْضِ الْعَمَلِ وَهُنَا لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ الْمَقْصُودِ، وَإِذَا رَدَّ الْآبِقَ عَلَى سَيِّدِهِ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِقَبْضِ الْجُعْلِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالتَّسْلِيمِ، وَلَا حَبْسَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ وَكَذَا لَا يَحْبِسُهُ لِاسْتِيفَاءِ مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ إذَا أَنْكَرَ شَرْطَ الْجُعْلِ لِلْعَامِلِ بِأَنْ اخْتَلَفَا فِيهِ فَقَالَ الْعَامِلُ: شَرَطْتَ لِي جُعْلًا وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ أَوْ أَنْكَرَ سَعْيَ الْعَامِلِ فِي رَدِّ الْآبِقِ بِأَنْ قَالَ: لَمْ تَرُدَّهُ، وَإِنَّمَا رَجَعَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الشَّرْطِ وَالرَّدِّ، فَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُلْتَزِمُ مِنْ مَالِكٍ أَوْ غَيْرِهِ وَالْعَامِلُ فِي قَدْرِ الْجُعْلِ بَعْدَ فَرَاغِ الْعَمَلِ تَحَالَفَا وَفُسِخَ الْعَقْدُ، وَوَجَبَ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِجَارَةِ

فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُخَابَرَةِ وَكِرَاءِ الْأَرْضِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِأَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ إحْيَاءُ الْمَحَلِّ وَهُوَ حَاصِلٌ بِحُضُورِ غَيْرِ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ. وَقَوْلُهُ: " وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الِانْتِصَابُ " هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ الْمَعْلُومَ مَشْرُوطٌ بِحُضُورِهِ، وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ فِي الْمُدَرِّسِ بِخِلَافِ الْإِمَامِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ حُضُورَ الْإِمَامِ بِدُونِ الْمُقْتَدِينَ يَحْصُلُ بِهِ إحْيَاءُ الْبُقْعَةِ بِالصَّلَاةِ فِيهَا وَلَا كَذَلِكَ الْمُدَرِّسُ فَإِنَّ حُضُورَهُ بِدُونِ مُتَعَلِّمٍ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَحُضُورُهُ يُعَدُّ عَبَثًا.

وَقَوْلُهُ: " بِعَدَمِ سُقُوطِ حَقِّهِ بِغَيْبَتِهِ " أَيْ وَإِنْ طَالَتْ مَا دَامَ الْعُذْرُ قَائِمًا، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ اسْتَنَابَ أَوْ عَجَزَ عَنْ الِاسْتِنَابَةِ، أَمَّا لَوْ غَابَ لِعُذْرٍ وَقَدَرَ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ فَلَمْ يَفْعَلْ فَيَنْبَغِي سُقُوطُ حَقِّهِ لِتَقْصِيرِهِ. وَقَوْلُهُ: " بِحِلِّ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ " وَمِنْ ذَلِكَ الْجَوَامِكُ الْمُقَرَّرُ فِيهَا فَيَجُوزُ لِمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ مِنْ غَيْرِ جِهَةٍ بِبَيْتِ الْمَالِ النُّزُولُ عَنْهُ، وَيَصِيرُ الْحَالُ فِي تَقْرِيرِ مَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ لَهُ مَوْكُولًا إلَى نَظَرِ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّقْرِيرِ فِيهِ كَالْبَاشَا، فَيُقَرِّرُ مَنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي تَقْرِيرِهِ مِنْ الْمَفْرُوغِ لَهُ أَوْ غَيْرِهِ. وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يُقْرَأَ فِي مَدْرَسَتِهِ كِتَابٌ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَجِدْ الْمُدَرِّسُ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ لِسَمَاعِ ذَلِكَ الْكِتَابِ وَالِانْتِفَاعِ مِنْهُ قَرَأَ غَيْرَهُ، لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ شَرْطُ الْوَاقِفِ سَقَطَ اعْتِبَارُهُ وَفُعِلَ مَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَا يَقْصِدُ تَعْطِيلَ وَقْفِهِ؛ شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (يَسْتَحِقُّ) عِبَارَةُ م ر: فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ. وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ إبْدَالُ " حِينَئِذٍ " بِقَوْلِهِ: حَيْثُ يَسْتَحِقُّ إلَخْ. فَلَعَلَّهُ تَحْرِيفٌ مِنْ النَّاسِخِ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ الْمَقْصُودِ) الْأَوْلَى لَمْ يَحْصُلْ الْمَقْصُودُ بِحَذْفِ شَيْءٌ وَمِنْ كَمَا قَالَهُ ق ل.

قَوْلُهُ: (بِإِذْنِ الْمَالِكِ) فَإِنْ تَعَذَّرَ فَبِإِذْنِ الْحَاكِمِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَبِالْإِشْهَادِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ لَمْ يَرْجِعْ وَإِنْ قَصَدَ الرُّجُوعَ ق ل. تَنْبِيهٌ: حَاصِلُ مَا هُنَا كَالْإِجَارَةِ أَنَّهُ إنْ سَلِمَ الْعَامِلُ وَوَصَلَ مَا عَمِلَ فِيهِ إلَى الْمَالِكِ اسْتَحَقَّ جَمِيعَ الْجُعْلِ، وَإِنْ سَلِمَ الْعَامِلُ وَحْدَهُ وَتَلِفَ مَعْمُولُهُ قَبْلَ تَمَامِ عَمَلِهِ، فَإِنْ وَقَعَ مُسَلَّمًا لِلْمَالِكِ كَأَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ أَوْ فِي مِلْكِهِ وَظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ وَأَمْكَنَ الْإِتْمَامُ عَلَيْهِ كَخِيَاطَةِ بَعْضِ الثَّوْبِ وَتَعْلِيمِ بَعْضِ مَا جُوعِلَ عَلَيْهِ وَبَعْضِ الْبِنَاءِ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَقَعْ مُسَلَّمًا لِلْمَالِكِ بِمَا مَرَّ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ كَجَرَّةٍ انْكَسَرَتْ أَوْ لَمْ يُمْكِنُ الْإِتْمَامُ عَلَيْهِ كَثَوْبٍ احْتَرَقَ بَعْدَ خِيَاطَةِ بَعْضِهِ وَمُتَعَلِّمٍ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ تَعَلُّمِهِ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. اهـ. ق ل

[فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُخَابَرَةِ]

ِ ذَكَرَهُمَا عَقِبَ الْجِعَالَةِ؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ عَمَلًا مَجْهُولًا. وَالْمُخَابَرَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْخَبْرِ أَيْ الزَّرْعُ، قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: خَبَرْت الْأَرْضَ شَقَقْتهَا لِلزِّرَاعَةِ فَأَنَا خَبِيرٌ وَمِنْهُ الْمُخَابَرَةُ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ الْمَكَاسِبِ الزِّرَاعَةُ ثُمَّ الصِّنَاعَةُ ثُمَّ التِّجَارَةُ حَيْثُ خَلَتْ مِنْ الْغِشِّ وَالْخِيَانَةِ وَالْأَيْمَانِ الْفَاجِرَةِ، قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: يَنْبَغِي لِلصَّانِعِ وَالتَّاجِرِ أَنْ يَقْصِدَ بِصَنْعَتِهِ أَوْ تِجَارَتَهُ الْقِيَامَ بِفَرْضٍ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>