للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ خُلِقَتْ بِلَا بَكَارَةٍ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأَبْكَارِ كَمَا حَكَاهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ وَأَقَرَّهُ. وَتُصَدَّقُ الْمُكَلَّفَةُ فِي دَعْوَى الْبَكَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ فَاسِقَةً قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي: بِلَا يَمِينٍ، وَكَذَا فِي دَعْوَى الثُّيُوبَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ وَلَا تُسْأَلُ الْوَطْءَ، فَإِنْ ادَّعَتْ الثُّيُوبَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَدْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بِغَيْرِ إذْنِهَا نُطْقًا فَهُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِمَا فِي تَصْدِيقِهَا مِنْ إبْطَالِ النِّكَاحِ، بَلْ لَوْ شَهِدَتْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ عِنْدَ الْعَقْدِ بِثُيُوبَتِهَا لَمْ يَبْطُلْ لِجَوَازِ إزَالَتِهَا بِأُصْبُعٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ أَنَّهَا خُلِقَتْ بِدُونِهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِخِلَافِهِ.

فَصْلٌ: فِي مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ وَمُثْبِتَاتِ الْخِيَارِ فِيهِ (وَالْمُحَرَّمَاتُ) عَلَى قِسْمَيْنِ: تَحْرِيمٌ مُؤَبَّدٌ وَتَحْرِيمٌ غَيْرُ مُؤَبَّدٍ، وَمِنْ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخَانِ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ، فَلَا يَجُوزُ لِلْآدَمِيِّ نِكَاحُ الْجِنِّيَّةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا لِلْقَمُولِيِّ قَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الأعراف: ١٨٩] .

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِلَا إذْنٍ.

قَوْلُهُ: (كَمَا أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِمْ) وَهُوَ التَّعْلِيلُ بِمُمَارَسَةِ الرِّجَالِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: كَمَا أَنَّ قَضِيَّتَهُ كَذَلِكَ إذَا زَالَتْ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: " كَذَلِكَ " أَيْ أَنَّهَا كَسَائِرِ الْأَبْكَارِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ خُلِقَتْ بِلَا بَكَارَةٍ إلَخْ) مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَوْ وُطِئَتْ إلَخْ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (عَنْ الصَّيْمَرِيِّ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا نِسْبَةً إلَى صَيْمَرَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الْعَجَمِ.

قَوْلُهُ: (فِي دَعْوَى الْبَكَارَةِ) أَيْ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ بِدَلِيلِ التَّقْيِيدِ فِيمَا بَعْدُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا، أَيْ إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهَا ثَيِّبٌ وَأَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ وَهِيَ تَقُولُ أَنَا بِكْرٌ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا فِي دَعْوَى الثُّيُوبَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ فَالتَّشْبِيهُ فِي أَصْلِ التَّصْدِيقِ لَا فِي كَوْنِهِ بِلَا يَمِينٍ. وَعِبَارَةُ الرَّحْمَانِيِّ: وَتُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الثُّيُوبَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ بِيَمِينٍ لِاقْتِضَاءِ دَعْوَاهَا إبْطَالَ حَقِّ الْوَلِيِّ مِنْ تَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ إذْنٍ نُطْقًا.

قَوْلُهُ: (وَلَا تُسْأَلُ عَنْ الْوَطْءِ) وَلَا يُكْشَفُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا أَعْلَمُ بِحَالِهَا.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ ادَّعَتْ الثُّيُوبَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ) أَيْ ادَّعَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهَا كَانَتْ ثَيِّبًا قَبْلَهُ ق ل. قَوْلُهُ: (بَلْ لَوْ شَهِدَتْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ عِنْدَ الْعَقْدِ) أَيْ بِثُيُوبَتِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ إلَخْ؛ أَيْ شَهِدَتْ بِأَنَّهَا كَانَتْ ثَيِّبًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَوَقَعَتْ تِلْكَ الشَّهَادَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ بِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَمُتَعَلِّقُ شَهِدَتْ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ شَهِدَتْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهَا كَانَتْ ثَيِّبًا عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ.

حَادِثَةٌ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا: وَهِيَ أَنَّ بِكْرًا وُجِدَتْ حَامِلًا وَكَشَفَ عَلَيْهَا الْقَوَابِلُ فَرَأَيْنَهَا بِكْرًا هَلْ يَجُوزُ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا بِالْإِجْبَارِ مَعَ كَوْنِهَا حَامِلًا أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لِوَلِيِّهَا تَزْوِيجُهَا بِالْإِجْبَارِ وَهِيَ حَامِلٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّ شَخْصًا حَكَّ ذَكَرَهُ عَلَى فَرْجِهَا. فَأَمْنَى وَدَخَلَ مَنِيُّهُ فِي فَرْجِهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ زَوَالِ الْبَكَارَةِ فَهُوَ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ فَيَصِحُّ نِكَاحُهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَعَ وُجُودِ الْحَمْلِ، وَاحْتِمَالُ كَوْنِهَا زَنَتْ وَأَنَّ الْبَكَارَةَ عَادَتْ وَالْتَحَمَتْ فِيهِ إسَاءَةُ ظَنٍّ بِهَا، فَعَمِلْنَا بِالظَّاهِرِ مِنْ أَنَّهَا بِكْرٌ مُجْبَرَةٌ وَأَنَّ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا بِالْإِجْبَارِ أَيْ وَلَا تُحَدُّ أَيْضًا. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

[فَصْلٌ فِي مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ]

ِ أَيْ اللَّاتِي يَحْرُمُ نِكَاحُهُنَّ وَلَا يَصِحُّ وَالْمُرَادُ التَّحْرِيمُ الذَّاتِيُّ؛ لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُ هُنَا لَا الْعَارِضِيُّ بِسَبَبٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ رِدَّةٍ.

قَوْلُهُ: (وَمُثْبِتَاتٌ) بِكَسْرِ الْبَاءِ، أَيْ فِي الْأُمُورِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ كَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ، وَأَمَّا قَوْلُ م د عَنْ ق ل بِفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ النِّسَاءُ اللَّاتِي يَثْبُتُ لَهُنَّ الْخِيَارُ فِيهِ فَلَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ.

قَوْلُهُ: (تَحْرِيمٌ مُؤَبَّدٌ) أَيْ ذَوَاتُ تَحْرِيمٍ مُؤَبَّدٍ، وَكَذَا يُقَدَّرُ فِي الثَّانِي لِيَصِحَّ الْإِبْدَالُ وَلِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ لَا فِي التَّحْرِيمِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّرَ مُضَافٌ قَبْلَ النِّسَاءِ أَيْ وَتَحْرِيمُ النِّسَاءِ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (اخْتِلَافُ الْجِنْسِ) هَذَا سَبَبٌ لِلتَّحْرِيمِ وَلَيْسَ تَحْرِيمًا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَدَّرَ مُضَافٌ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ الْأَوَّلِ أَيْ وَمِنْ سَبَبِ الْأَوَّلِ تَأَمَّلْ. وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ صِحَّةُ مُنَاكَحَةِ كُلٍّ لِلْآخَرِ. وَعِبَارَةُ م د فِي حَاشِيَةِ التَّحْرِيرِ: الْمُعْتَمَدُ حِلُّ نِكَاحِنَا لَهُمْ وَعَكْسُهُ وَلَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ مِنْهُمْ وَلَوْ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>