للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِزِيَادَتِهِ عَلَى الْمَمْلُوكِ، وَقِيلَ: لَا يَقَعُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الْمُنَجَّزُ لَوَقَعَ الْمُعَلَّقُ قَبْلَهُ بِحُكْمِ التَّعْلِيقِ، وَلَوْ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ، وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ؛ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُسَمَّى السُّرَيْجِيَّةُ مَنْسُوبَةً لِابْنِ سُرَيْجٍ وَجَرَى عَلَيْهَا كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: لَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ، وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَدِدْت لَوْ مُحِيَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَابْنُ سُرَيْجٍ بَرِيءٌ مِمَّا نُسِبَ إلَيْهِ فِيهَا.

وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا كَصُعُودِ السَّمَاءِ وَالطَّيَرَانِ أَوْ عَقْلًا كَالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ أَوْ شَرْعًا كَنَسْخِ صَوْمِ رَمَضَانَ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنَجِّزْ الطَّلَاقَ، وَإِنَّمَا عَلَّقَهُ عَلَى صِفَةٍ لَمْ تُوجَدْ. وَالْيَمِينُ فِيمَا ذُكِرَ مُنْعَقِدَةٌ حَتَّى يَحْنَثَ بِهَا الْمُعَلِّقُ عَلَى الْحَلِفِ.

وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَلَّمَتْ حَائِطًا مَثَلًا وَهُوَ يَسْمَعُ لَمْ يَحْنَثْ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُكَلِّمْهُ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمَسْأَلَةُ وَابْنُ سُرَيْجٍ بَرِيءٌ مِمَّا نُسِبَ إلَيْهِ فِيهَا اهـ بِحُرُوفِهِ. قَوْلُهُ: (لِزِيَادَتِهِ عَلَى الْمَمْلُوكِ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِلدَّوْرِ كَمَا فِي الَّذِي بَعْدَهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لِزِيَادَتِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَزِدْ وَقَعَ أَيْ الْمُنَجَّزُ وَالْمُعَلَّقُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ وَقَعَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ فِي وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ دَوْرًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الْمُنَجَّزُ إلَخْ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَقَعُ الْمُنَجَّزِ لِلدَّوْرِ، وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ بِحُكْمِ التَّعْلِيقِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَقَعُ هَذَا وَلَا هَذَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ) ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ اسْتَوْفَى عَدَدَ الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ) أَيْ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) نَعَمْ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ ق ل.

فَرْعٌ: سُئِلَ ع ش عَمَّنْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَشْتَكِي فُلَانًا إلَّا لِلْكَاشِفِ هَلْ يَحْنَثُ إذَا لَمْ يَشْتَكِهِ لِلْكَاشِفِ؟ فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ إنْ اشْتَكَى لِغَيْرِ الْكَاشِفِ حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَكِهِ لَا لِلْكَاشِفِ وَلَا لِغَيْرِهِ فَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ حَصَلَ مِنِّي شَكْوَى لَا تَكُونُ إلَّا لِلْكَاشِفِ، فَإِذَا تَرَكَ الشَّكْوَى مُطْلَقًا فَلَا حِنْثَ اهـ أج. قَوْلُهُ: (مِمَّا نُسِبَ إلَيْهِ فِيهَا) أَيْ مِنْ الدَّوْرِ الْمُقْتَضِي عَدَمَ وُقُوعِ شَيْءٍ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ) أَيْ فِي الثُّبُوتِ وَأَمَّا فِي النَّفْيِ فَإِنَّهُ يَقَعُ حَالًا كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَحَوَاشِيهِ، وَمَا نَقَلَهُ زي فِي حَاشِيَتِهِ عَنْ عَمِيرَةَ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ حَالًا ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ: (كَصُعُودِ السَّمَاءِ) أَيْ كَقَوْلِهِ إنْ صَعِدْت السَّمَاءَ، أَمَّا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَصْعَدِي السَّمَاءَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ حَالًا لِتَحَقُّقِ الْحِنْثِ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ، وَاَلَّذِي قَالَهُ ز ي أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ فِي الثَّانِيَةِ إلَّا بِالْيَأْسِ فَيُرَاجَعُ؛ قَالَهُ م د. وَهُوَ مُقْتَضَى قَاعِدَةِ الْأَدَوَاتِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي النَّفْيِ لِلْفَوْرِ سِوَى إنْ وَالْأَوَّلُ يَخُصُّهَا بِغَيْرِ الْمُسْتَحِيلِ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَطْلُقْ) وَهَذَا إذَا عَلَّقَ إثْبَاتًا كَمَا عَلِمْتَ، فَإِنْ عَلَّقَ نَفْيًا كَإِنْ لَمْ تَصْعَدِي السَّمَاءَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ نَحْوَهُ وَقَعَ حَالًا لِلْيَأْسِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُمْ إنَّ إنْ فِي النَّفْيِ لِلتَّرَاخِي أَيْ فِي الْمُمْكِنِ أَمَّا الْمُسْتَحِيلُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ إنْ وَغَيْرِهَا.

فَرْعٌ: لَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ الثَّلَاثَ لَا أَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ فَعَلَهُ وَلَهُ زَوْجَاتٌ فَعِنْدَ م ر لَهُ أَنْ يَحْصُرَ الطَّلَاقَ فِي وَاحِدَةٍ قَبْلَ الْحِنْثِ لَا بَعْدَهُ وَلَيْسَ لَهُ تَوْزِيعُ الطَّلَاقِ عَلَيْهِنَّ، وَعِنْدَ ابْنِ حَجَرٍ لَهُ أَنْ يَحْصُرَ قَبْلَ الْحِنْثِ وَبَعْدَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ الْبَيْنُونَةِ لِلَّذِي عَيَّنَهَا لَهُ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً وَقْتَ الْحَلِفِ؛ وَهَذَا إنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ زَوْجَاتِي وَإِلَّا وَقَعَ عَلَى الْكُلِّ.

فَرْعٌ: فَعَلَتْ نَاسِيَةً فَظَنَّتْ انْحِلَالَ الْيَمِينِ فَدَخَلَتْ ثَانِيَةً عَامِدَةً لَمْ يَحْنَثْ لِعُذْرِهَا، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ فَأَخْبَرَهَا شَخْصٌ أَنَّهُ أَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ تَبَيَّنَ كَذِبُ الْمُخْبِرِ لِعُذْرِهَا، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ وَأَفْتَاهُ مُفْتٍ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فَفَعَلَ فَتَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْإِفْتَاءِ لِعُذْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ.

قَوْلُهُ: (وَالْيَمِينُ فِيمَا ذُكِرَ مُنْعَقِدَةٌ إلَخْ) أَيْ فَعَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِذَلِكَ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْيَمِينِ حَتَّى يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، أَيْ فَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَحْلِفُ ثُمَّ قَالَ إنْ صَعِدْت السَّمَاءَ فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ يَحْنَثُ وَيَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ اهـ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى يَحْنَثَ بِهَا الْمُعَلِّقُ عَلَى الْحَلِفِ) كَأَنْ قَالَ إنْ حَلَفْتُ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ فَقَالَ مَا ذَكَرَ أَيْ إنْ صَعِدْت السَّمَاءَ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ وَنَحْوُهُ مِمَّا بَعْدَهُ، فَإِنَّ زَوْجَتَهُ تَطْلُقُ بِهَذَا التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ حَلِفٌ أَفَادَهُ شَيْخُنَا

[فَرْعٌ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِنَحْوِ دُخُولِهِ فَحُمِلَ سَاكِتًا قَادِرًا عَلَى الِامْتِنَاعِ وَأُدْخِلَ]

قَوْلُهُ: (فَكَلَّمَتْ حَائِطًا مَثَلًا) أَوْ بَهِيمَةً أَوْ شَخْصًا غَيْرَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>