للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ اعْتَرَفَتْ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَأَنْكَرَهُ سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الطَّلَبِ عَمَلًا بِاعْتِرَافِهَا وَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهَا عَنْهُ لِاعْتِرَافِهَا بِوُصُولِ حَقِّهَا إلَيْهَا. وَلَوْ كَرَّرَ يَمِينَ الْإِيلَاءِ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَأَرَادَ بِغَيْرِ الْأُولَى التَّأْكِيدَ لَهَا وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ وَطَالَ الْفَصْلُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَنَظِيرِهِ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَفَرْقٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ، بِأَنَّ التَّنْجِيزَ: إنْشَاءٌ وَإِيقَاعٌ. وَالْإِيلَاءُ وَالتَّعْلِيقُ مُتَعَلِّقَانِ بِأَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ فَالتَّأْكِيدُ بِهِمَا أَلْيَقُ أَوْ أَرَادَ الِاسْتِئْنَافَ تَعَدَّدَتْ الْأَيْمَانُ وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُرِدْ تَأْكِيدًا وَلَا اسْتِئْنَافًا فَوَاحِدَةٌ إنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ حَمْلًا عَلَى التَّأْكِيدِ، وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ لِبُعْدِ التَّأْكِيدِ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَجْلِسِ.

فَصْلٌ: فِي الظِّهَارِ

هُوَ لُغَةً مَأْخُوذٌ مِنْ الظَّهْرِ لِأَنَّ صُورَتَهُ الْأَصْلِيَّةُ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَخَصُّوا الظَّهْرَ دُونَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِطَاهِرٍ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فَقَالَ وَطِئْت فِي هَذَا الطُّهْرِ، فَلَا طَلَاقَ حَالًّا فَقَالَتْ: لَمْ تَطَأْ فَوَقَعَ حَالًّا صُدِّقَ لِأَصْلِ بَقَاءِ الْعِصْمَةِ، وَلَوْ شُرِطَتْ بَكَارَتُهَا فَوُجِدَتْ ثَيِّبًا فَقَالَتْ افْتَضَّنِي وَأَنْكَرَ صُدِّقَتْ لِدَفْعِ الْفَسْخِ وَهُوَ لِدَفْعِ كَمَالِ الْمَهْرِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ لَوْ شُرِطَتْ الْبَكَارَةُ فِي الزَّوْجَةِ فَوُجِدَتْ ثَيِّبًا وَادَّعَتْ ذَهَابَهَا عِنْدَهُ فَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا لِدَفْعِ الْفَسْخِ، أَوْ ادَّعَتْ افْتِضَاضَهُ لَهَا فَأَنْكَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ لِتَشْطِيرِ الْمَهْرِ إنْ كَانَ شَطْرُهُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ ثَيِّبٍ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا لِدَفْعِ الْفَسْخِ، وَعِبَارَةُ ق ل قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ عَلَى خِلَافِ قَاعِدَةِ تَصْدِيقِ مُدَّعِي النَّفْيِ نَظَرًا لِبَقَاءِ الْعَقْدِ اهـ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي الْإِيلَاءِ لَا فِي انْقِضَائِهِ إذْ هُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى الْإِيلَاءِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ الْأَصْلُ عَدَمَهُ وَإِنَّمَا عِلَّةُ تَصْدِيقِهِ، أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الزَّوْجَةِ الطَّلَبَ بِمَا ذُكِرَ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِ الشَّارِحِ مُدَّتِهِ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، أَيْ فَإِنَّهَا لَا تُطَالِبُهُ إلَّا بَعْدَ انْقِضَائِهَا، وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ قَوْلُهُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْإِيلَاءِ فِي الْأَوَّلِ وَالِانْقِضَاءِ فِي الثَّانِي فَسَقَطَ مَا قِيلَ هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْأُولَى أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى الْإِيلَاءِ فَلَيْسَ الْأَصْلُ عَدَمَهُ قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْمُدَّةِ) : أَيْ مُدَّةِ الْإِمْهَالِ. قَوْلُهُ: (وَبَيْنَ تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ) : أَيْ فِيمَا إذَا تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ، فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِيهِ التَّأْكِيدُ. قَوْلُهُ: (إنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ) : ظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَ، وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ ح ف.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ) : وَيَكْفِيه لِانْحِلَالِهَا وَطْأَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَتَخَلَّصُ بِالطَّلَاقِ عَنْ الْأَيْمَانِ كُلِّهَا، وَكَذَا يَكْفِيه كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ شَرْحُ الرَّوْضِ.

[فَصْلٌ فِي الظِّهَارِ]

ِ مَصْدَرُ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ كَقَاتَلَ قِتَالًا. وَاعْلَمْ: أَنَّ فِيهِ شَبَهًا بِالطَّلَاقِ مِنْ حَيْثُ مَا يُوجِبُهُ مِنْ التَّحْرِيمِ، وَشَبَهًا بِالْأَيْمَانِ مِنْ حَيْثُ إيجَابُ الْكَفَّارَةِ وَالْمُغَلَّبُ فِيهِ مَعْنَى الْيَمِينِ وَقِيلَ مَعْنَى الطَّلَاقِ. وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَقِبَ الْإِيلَاءِ لِمُنَاسِبَتِهِ لَهُ فِي أَنَّ كُلًّا حَرَامٌ وَكُلًّا مِنْهُمَا كَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكُلًّا مِنْهُمَا يَصِحُّ مِنْ الرَّجْعِيَّةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الظَّهْرِ) : أَيْ الْمُقَابِلِ لِلْبَطْنِ وَيُطْلَقُ الظَّهْرُ عَلَى الْعُلُوِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} [الكهف: ٩٧] أَيْ يُعْلُوهُ كَأَنَّهُ يَقُولُ: عُلُوِّي عَلَى ظَهْرِك كَعُلُوِّي عَلَى ظَهْرِ أُمِّي قَوْلُهُ: (لِأَنَّ صُورَتَهُ إلَخْ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا لِلْأَخْذِ مِنْ الظَّهْرِ. وَالْأَوْلَى جَعْلُهُ تَعْلِيلًا لِلْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ الْآتِي أَيْ لِتَسْمِيَتِهِ ظِهَارًا أَيْ وَسُمِّيَ ظِهَارًا لِأَنَّ إلَخْ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ صُورَتَهُ أَيْ صِيغَتَهُ وَقَوْلُهُ: الْأَصْلِيَّةُ أَيْ الْمُتَعَارَفَةُ عِنْدَ الْجَاهِلِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَخُصُّوا) أَيْ الْمُظَاهِرُونَ وَهَذَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا ثَانِيًا لِلْأَخْذِ مِنْ الظَّهْرِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ، وَإِنَّمَا أُخِذَ مِنْ الظَّهْرِ، لِأَنَّ صُورَتَهُ إلَخْ وَلِأَنَّ الظَّهْرَ مَوْضِعُ الرُّكُوبِ أَيْ وَالْمَرْأَةُ مَرْكُوبُ الزَّوْجِ أَيْ وَقْتَ الْجِمَاعِ، فَفِي قَوْلِ الْمُظَاهِرِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كِنَايَةٌ تَلْوِيحِيَّةٌ لِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ مِنْ الظَّهْرِ إلَى الْمَرْكُوبِ وَمِنْ الْمَرْكُوبِ إلَى الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا مَرْكُوبُ الزَّوْجِ فَكَأَنَّ الْمُظَاهِرَ يَقُولُ: أَنْتِ عَلَيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>