للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ وَهِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ لُغَةً الضَّمُّ مَأْخُوذَةٌ مِنْ أَحْضَنَ بِكَسْرِهَا

وَهُوَ الْجَنْبُ لِضَمِّ الْحَاضِنَةِ الطِّفْلَ إلَيْهَا وَشَرْعًا تَرْبِيَةُ مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ بِأُمُورِهِ بِمَا يُصْلِحُهُ وَيَقِيهِ عَمَّا يَضُرُّهُ وَلَوْ كَبِيرًا مَجْنُونًا كَأَنْ يَتَعَهَّدَهُ بِغَسْلِ جَسَدِهِ وَثِيَابِهِ وَدَهْنِهِ وَكَحْلِهِ وَرَبْطِ الصَّغِيرِ فِي الْمَهْدِ وَتَحْرِيكِهِ لِيَنَامَ

وَهِيَ نَوْعُ وِلَايَةٍ وَسَلْطَنَةٍ

لَكِنَّ الْإِنَاثَ أَلْيَقُ بِهَا لِأَنَّهُنَّ أَشْفَقُ وَأَهْدَى إلَى التَّرْبِيَةِ وَأَصْبَرُ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا وَأَوْلَاهُنَّ أُمٌّ كَمَا قَالَ وَإِذَا فَارَقَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ لِعَانٍ وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ لَا يُمَيِّزُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى فَهِيَ أَحَقُّ بِحَضَانَتِهِ لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا ثُمَّ بَعْدَ الْأُمِّ أُمَّهَاتٌ لَهَا وَارِثَاتٌ وَإِنْ عَلَتْ الْأُمُّ تُقَدَّمُ الْقُرْبَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَتَأَتَّى فِي الصَّبَاحِيَّةِ لِمَا قَرَّرْته فِيهَا كَالصُّلْحَةِ لِأَنَّهُ إنْ تَلَفَّظَ بِالْإِهْدَاءِ أَوْ قَصَدَ مَلَكَتْهُ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الزَّوْجِيَّةِ وَإِلَّا فَهُوَ مِلْكُهُ.

وَأَمَّا مَصْرُوفُ الْعُرْسِ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فَإِذَا صَرَفَتْهُ بِإِذْنِهِ ضَاعَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الدَّفْعُ أَيْ الْمَهْرُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يُسْتَرَدَّ وَإِلَّا فَلَا لِتَقَرُّرِهِ بِهِ فَلَا يُسْتَرَدُّ بِالنُّشُوزِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ ع ش عَلَى م ر.

[فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ]

ِ وَتُسَمَّى كَفَالَةً وَتَنْتَهِي بِالْبُلُوغِ، أَوْ الْإِفَاقَةِ ق ل.

وَقَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَتَنْتَهِي فِي الصَّغِيرِ بِالتَّمْيِيزِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ إلَى الْبُلُوغِ فَتُسَمَّى كَفَالَةً قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.

وَمُؤْنَتُهَا عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ، وَمِنْ ثَمَّ ذُكِرَتْ هُنَا، لِأَنَّ الْحَضَانَة قَدْ تُوجَدُ مَعَ الْإِرْضَاعِ وَالنَّفَقَةِ وَبِدُونِهِمَا وَبِدُونِ أَحَدِهِمَا فَلِذَلِكَ أُخِّرَتْ عَنْهُمَا وَيَأْتِي هُنَا فِي إنْفَاقِ الْحَاضِنَةِ مَعَ الْإِشْهَادِ وَقَصْدِ الرُّجُوعِ مَا مَرَّ آنِفًا، وَيَكْفِي قَوْلُ الْحَاكِمِ لَهَا: أَرْضِعِيهِ وَاحْضُنِيهِ وَلَكِ عَلَى الْأَبِ الرُّجُوعُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْجِرْهَا، فَإِنْ احْتَاجَ الْمَحْضُونُ خِدْمَةً فَعَلَى وَالِدِهِ إخْدَامُهُ بِلَائِقٍ بِهِ عُرْفًا وَلَا يَلْزَمُهُ خِدْمَتُهُ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْجَنْبُ) وَهُوَ مِنْ الْإِبِطِ إلَى الْكَشْحِ، وَالْكَشْحُ مِنْ آخِرِ الضِّلْعِ إلَى الْخَاصِرَةِ.

قَوْلُهُ: (تَرْبِيَةُ) عَبَّرَ بِالْمَصَادِرِ، لِأَنَّ الْأَعْيَانَ اللَّازِمَةَ خَارِجَةٌ عَنْهَا وَحُكْمُهَا مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا.

قَوْلُهُ: (بِمَا يُصْلِحُهُ) فَالْمُرَادُ بِالتَّرْبِيَةِ الْإِصْلَاحُ لَا مَعْنَاهَا الْمُتَعَارَفُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّارِحُ: وَلَوْ كَبِيرًا مَجْنُونًا، لِأَنَّ التَّرْبِيَةَ لَهُ بِمَعْنَى الْإِصْلَاحِ لَا بُلُوغِهِ سِنَّ الْكَمَالِ. اهـ. ح ل.

قَوْلُهُ: (بِغَسْلِ) أَشَارَ بِذِكْرِ الْمَصْدَرِ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْحَاضِنَةِ الْأَفْعَالُ، وَأَمَّا الْأَعْيَانُ فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَكَحْلِهِ) بِفَتْحِ الْكَافِ.

قَوْلُهُ: (فِي الْمَهْدِ) : كَالْمُرْجِيحَةِ، وَجَمْعُهُ مِهَادٌ كَسَهْمٍ وَسِهَامٍ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمَهْدُ وَالْمِهَادُ الْفِرَاشُ وَجَمْعُ الْأَوَّلِ مُهُودٌ كَفَلْسٍ وَفُلُوسٍ وَجَمْعُ الثَّانِي مُهُدٌ كَكِتَابٍ وَكُتُبٍ.

قَوْلُهُ: (لَكِنَّ الْإِنَاثَ أَلْيَقُ بِهَا) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ تَقْدِيمِ الْأَبِ عَلَى غَيْرِ الْأُمِّ وَأُمَّهَاتِهَا ع ش.

وَقَالَ م د: هَذَا تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ لَهُنَّ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: تَثْبُتُ الْحَضَانَةُ لِلنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ وَيُقَدَّمُ النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ وَيُقَدَّمُ مِنْ النِّسَاءِ أُمٌّ إلَخْ وَالْمُرَادُ الْإِنَاثُ وَالذُّكُورُ مِنْ النَّسَبِ، إذْ لَا حَقَّ فِيهَا لِمَحْرَمِ رَضَاعٍ وَلَا مُصَاهَرَةٍ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (وَأَوْلَاهُنَّ) : أَيْ أَحَقُّهُنَّ بِمَعْنَى الْمُسْتَحِقِّ مِنْهُنَّ أُمٌّ فَلَا يُقَدَّمُ غَيْرُهَا عَلَيْهَا إلَّا بِإِعْرَاضِهَا وَتَرْكِهَا لِلْحَضَانَةِ فَيُسَلَّمُ لِغَيْرِهَا مَا دَامَتْ مُمْتَنِعَةً. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا فَارَقَ) وَمِثْلُ الْفِرَاقِ الْمَوْتُ وَاحْتَرَزَ بِقَيْدِ الْمُفَارَقَةِ عَمَّا إذَا كَانَ الْأَبَوَانِ عَلَى النِّكَاحِ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ مَعَهُمَا يَقُومَانِ بِكِفَايَتِهِ؛ الْأَبُ بِالْإِنْفَاقِ وَالْأُمُّ بِالْحَضَانَةِ وَالتَّرْبِيَةِ إنْ كَانَ عَلَى دِينِهَا.

قَوْلُهُ: (فَهِيَ أَحَقُّ) أَيْ مُسْتَحِقَّةٌ بِحَضَانَتِهِ أَيْ إلَى سَبْعِ سِنِينَ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ: ثُمَّ الْمُمَيِّزُ يُخَيَّرُ إلَخْ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَحْضُونِ زَوْجٌ، أَوْ زَوْجَةٌ يُمْكِنُ تَمَتُّعُ كُلٍّ بِالْآخَرِ، وَإِلَّا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ كُلِّ الْأَقَارِبِ، وَمُؤْنَةُ الْحَضَانَةِ فِي مَالِهِ، ثُمَّ عَلَى الْأَبِ، لِأَنَّهَا مِنْ أَسْبَابِ الْكِفَايَةِ كَالنَّفَقَةِ وَلَهَا أَنْ تَطْلُبَ عَلَيْهَا أُجْرَةً كَمَا لَهَا أَنْ تَطْلُبَهَا لِلْإِرْضَاعِ، فَإِذَا حَضَنَتْ مُدَّةً أَوْ أَرْضَعَتْ مُدَّةً مِنْ غَيْرِ طَلَبِ أُجْرَةٍ لَمْ تَسْتَحِقَّ لِعَدَمِ الْتِزَامِهَا.

قَوْلُهُ: (لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا) أَيْ تَمَامِهَا قَالَ الْقَاضِي: وَلِأَنَّ جِهَاتِ التَّقْدِيمِ ثَلَاثَةٌ:

الْوِلَادَةُ، وَالْوِرَاثَةُ، وَالْقَرَابَةُ، وَالْجَمِيعُ مَوْجُودَةٌ فِيهَا فَإِنْ امْتَنَعَتْ الْأُمُّ مِنْهَا لَمْ تُجْبَرْ عَلَيْهَا، وَانْتَقَلَتْ لِأُمَّهَاتِهَا، وَإِذَا تَوَزَّعَتْ فِي أَهْلِيَّتِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا عِنْدَ حَاكِمٍ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ.

وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْحَجْرِ: إذَا كَانَ النِّزَاعُ فِي الْأَهْلِيَّةِ بَعْدَ تَسْلِيمِهَا الْوَلَدَ لَمْ يُنْزَعْ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>