للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ: فِي حَدِّ الْقَذْفِ وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ لُغَةً الرَّمْيُ وَشَرْعًا الرَّمْيُ بِالزِّنَا فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ، وَأَلْفَاظُ الْقَذْفِ ثَلَاثَةٌ: صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ وَتَعْرِيضٌ. وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ: (وَإِذَا قَذَفَ) شَخْصٌ (غَيْرَهُ بِالزِّنَا) كَقَوْلِهِ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ زَنَيْتَ، أَوْ زَنَيْتِ بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا، أَوْ يَا زَانِي، أَوْ يَا زَانِيَةُ (فَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ) لِلْمَقْذُوفِ بِالْإِجْمَاعِ الْمُسْتَنِدِ إلَى قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: ٤] الْآيَةَ «وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ حِينَ قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ: الْبَيِّنَةُ، أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ وَلَمَّا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ ذَلِكَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ فَجَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكَرِّرُ ذَلِكَ فَقَالَ هِلَالٌ: وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا إنِّي لَصَادِقٌ وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنْ الْحَدِّ فَنَزَلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ» .

وَلَوْ قَالَ لِلرَّجُلِ: يَا زَانِيَةُ وَلِلْمَرْأَةِ: يَا زَانِي كَانَ قَذْفًا وَلَا يَضُرُّ اللَّحْنُ بِالتَّذْكِيرِ لِلْمُؤَنَّثِ، وَعَكْسُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ. وَلَوْ خَاطَبَ: خُنْثَى بِزَانِيَةٍ، أَوْ زَانٍ وَجَبَ الْحَدُّ لَكِنَّهُ يَكُونُ صَرِيحًا إنْ أَضَافَ الزِّنَا إلَى فَرْجَيْهِ، فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى أَحَدِهِمَا كَانَ كِنَايَةً،

ــ

[حاشية البجيرمي]

[فَصْلٌ فِي حَدِّ الْقَذْفِ]

ِ وَهُوَ مَعْقُودٌ لِأُمُورٍ أَرْبَعَةٍ الْأَوَّلُ حَقِيقَةُ الْقَذْفِ وَأَنَّهُ يَنْقَسِمُ إلَى صَرِيحٍ وَإِلَى كِنَايَةٍ بِخِلَافِ التَّعْرِيضِ فَلَيْسَ بِقَذْفٍ

الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْقَاذِفِ وَشُرُوطِ الْمَقْذُوفِ

الثَّالِثُ فِي مِقْدَارِ حَدِّ الْقَذْفِ

الرَّابِعُ فِيمَا يَسْقُطُ بِهِ حَدُّ الْقَذْفِ وَهُوَ أَحَدُ أُمُورٍ خَمْسَةٍ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِزِنَا الْمَقْذُوفِ بِالشُّهُودِ الْأَرْبَعَةِ وَبِإِقْرَارِهِ وَبِعَفْوِهِ وَبِاللِّعَانِ فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ وَبِإِرْثِ الْقَاذِفِ الْحَدَّ. اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ سَادِسٌ وَهُوَ زِنَاهُ بَعْدَ قَذْفِهِ وَقَبْلَ الْحَدِّ. اهـ.

قَوْلُهُ لُغَةً الرَّمْيُ يُقَالُ قَذَفَ بِالنَّوَاةِ أَيْ رَمَاهَا قَوْلُهُ فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ أَيْ فِي مَقَامٍ هُوَ التَّعْيِيرُ أَيْ التَّوْبِيخُ أَيْ لَا فِي مَقَامِ الشَّهَادَةِ وَنَحْوِهَا فَخَرَجَ بِهِ طِفْلَةٌ لَا تُوطَأُ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ مَعْرِضٌ كَمَسْجِدٍ أَيْ فِي مَوْضِعِ ظُهُورِ التَّعْيِيرِ وَالْقَصْدِ إلَيْهِ قَوْلُهُ وَأَلْفَاظُ الْقَذْفِ الْمَقَامُ لِلْإِضْمَارِ وَفِي كَلَامِهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الثَّالِثَ تَعَرُّضٌ لَا قَذْفَ فِيهِ لَا صَرِيحٌ وَلَا كِنَايَةٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأَلْفَاظُ التَّعْيِيرِ إلَخْ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى وَالْأَلْفَاظَ الَّتِي يُفْهَمُ مِنْهَا الْقَذْفُ وَتُسْتَعْمَلُ فِيهِ أَيْ سَوَاءٌ فُهِمَ مِنْ ذَوَاتِهَا أَوْ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ فَدَخَلَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ وَهُوَ التَّعْرِيضُ وَالتَّعْرِيضُ لَفْظٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ لِيُلَوِّحَ بِغَيْرِهِ قَوْلُهُ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَلَامَ الْمَتْنِ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ بِالصَّرِيحِ أَوْ الْكِنَايَةِ فَهَذَا مِنْ الشَّارِحِ قَصْرٌ لِلْمَتْنِ عَلَى بَعْضِ مَعْنَاهُ وَلِهَذَا قَالَ ق ل لَوْ قَالَ وَبَدَأَ بِمَا يَدُلُّ أَوْ يَتَضَمَّنُ الْأَوَّلَ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا قَوْلُهُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِدَلِيلِ مَا سَيَذْكُرُهُ قَوْلُهُ وَاَلَّذِينَ إلَى آخِرِ الْآيَةِ كَذَا فِي عِبَارَتِهِ وَالتِّلَاوَةُ {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ} [النور: ٢٣] وَالْآيَةُ الْأُخْرَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦] اهـ قَوْلُهُ سَمْحَاءُ كَذَا فِي خَطِّهِ وَصَوَابُهُ كَمَا فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ سَحْمَاءُ بِتَقْدِيمِ الْحَاءِ عَلَى الْمِيمِ وَهِيَ أُمُّهُ وَأَبُوهُ عَبْدَةُ الْبَلَوِيُّ لِأَنَّهُ مِنْ بَنِي بَلَهٍ وَهُوَ حَلِيفُ الْأَنْصَارِ. اهـ. م د قَوْلُهُ يَنْطَلِقُ أَيْ هَلْ يَنْطَلِقُ وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ إنْكَارِيٌّ. اهـ.

قَوْلُهُ فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ

تَنْبِيهٌ كَانَ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ يَعْنِي كَانَ مِنْ رَبِّهِ وَمِنْ الْخَلْقِ أَشَدَّ حَيَاءً مِنْهَا وَهَذَا أَيْ كَوْنُهُ أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا فِي غَيْرِ أَسْبَابِ الْحُدُودِ أَمَّا فِيهَا فَلَا وَلِهَذَا قَالَ لِلَّذِي اعْتَرَفَ بِالزِّنَا أَنِكْتَهَا لَا تُكَنِّ كَمَا بَيَّنَ فِي الصَّحِيحِ. اهـ. مُنَاوِيٌّ عَلَى الْخَصَائِصِ قَوْله وَلَوْ قَالَ لِلرَّجُلِ يَا زَانِيَةُ هَذَا فِي خِطَابِ الرَّجُلِ قَدْ يَكُونُ أَبْلَغَ مِنْ تَرْكِ التَّاءِ بِأَنْ تُجْعَلَ التَّاءُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ دُونَ التَّأْنِيثِ. اهـ. عَنَانِيٌّ قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ اللَّحْنُ إلَخْ

<<  <  ج: ص:  >  >>